تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ



أهــل الحـديث
20-02-2013, 12:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


قال الشيخ العثيمين رحمه الله في تفسير الآية

ثم قال تعالى: { {إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ *} } [آل عمران: 177] .
هذه الآية صلتها بما قبلها أنها كالتوكيد لها.
قوله: { {إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ} }:
أي: اختاروا الكفر على الإيمان، وإلا فإن الكفر ليس سلعة يباع ويشترى، فالاشتراء هنا بمعنى الاختيار وترك الطرف الآخر. يقول بعض علماء البلاغة: في هذه الجملة مجاز بالاستعارة المكنية أو الاستعارة التصريحية التبعية، فإنه شبَّه الكفر بالسلعة التي تباع وتشترى، وحذف المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه وهو الشراء، هذا على أنها مكنية، وتصريحية تبعية معناها: أنها تجري مجرى الاستعارة بالفعل أو اسم الفاعل، يعني بالشيء المشتق، فهنا { {اشْتَرَوُا} } بمعنى اختاروا، فشبَّه الاختيار بالشراء ثم اشتق من لفظ الشراء (اشتروا) على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.
وقوله: { {اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ} } فإذا قال قائل: هم لم يؤمنوا؟ قلنا: لكن اختيارهم للكفر أخرجهم من الفطرة التي كانوا عليها، وهي التوحيد فهم اشتروا الكفر بعد الإيمان وقد سبق معنى الكفر.
أما الإيمان فإنه في اللغة قيل: التصديق، واستدلوا لذلك بقوله تعالى: {{وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا}} [يوسف: 17] وقيل: الإقرار، والإقرار أخص من التصديق، واستدل هؤلاء بأن الكلمة إذا كانت بمعنى الكلمة فلا بد أن تتعدى بما تتعدى به، ومن المعلوم أن الإيمان لا يتعدى كما يتعدى التصديق، فإنك تقول: صدقته ولا تقول: آمنته. إذن فليس معناهما واحداً، فمعنى الإيمان الإقرار، هذا في اللغة. أما في الشرع فهو الإقرار المستلزم للقبول والإذعان، فليس مجرد الإقرار إيمان، بل لا بد أن يقبل ما جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ويذعن له، ولهذا لم يكن أبو طالب مؤمناً مع أنه مقر بما جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلّم ولكنه لم يقبله ولم يذعن له فلم يكن مؤمناً، وإذا كان هذا هو الإيمان أي الإقرار المستلزم للقبول والإذعان، فإنه يتضمن جميع شرائع الإسلام كما هو مذهب أهل السنة والجماعة: أن الإيمان شامل للاعتقاد وقول اللسان وعمل الجوارح وعمل القلب، أربعة أشياء كلها من الإيمان.
{ {لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} } كالآية السابقة تماماً.
{ {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} } هنا قال: إنه أليم، وهناك قال: إنه عظيم، فيجتمع في عذابهم ـ والعياذ بالله ـ العظيم والأليم، وأليم هنا بمعنى مؤلم، وليس بمعنى شديد، فهو بمعنى اسم الفاعل من الرباعي آلمه يؤلمه إيلاماً فهو مؤلم، وهل يأتي فَعِيل بمعنى مُفْعِل؟ الجواب: نعم، مثاله:
أمن الريحانة الداعي السميع
يؤرقني وأصحابي هجوع
(الداعي السميع) يعني المسمع.