المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطر السحرة والمشعوذين على المسلمين



أهــل الحـديث
19-02-2013, 06:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

هذه أيها الأحبة مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي (وفقه الله) وهي بعنوان "خطر السحرة والمشعوذين على المسلمين"، نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بها.


خطر السحرة والمشعوذين على المسلمين

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد وعلى آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إن مما يُحزن كل غيور على الدين أن يرى انتشار الشرك والبدع والمعاصي في بلاد المسلمين،ومن ذلك ما يُروجه شياطين الجن وأولياءهم من الإنس لمحاربة التوحيد ونشر الشرك والبدع،حيث وظفوا لأفكارهم الخبيثة طرقا شتى،من أخطرها وأشدها ضررا وفتكا بعض وسائل الإعلام المرئية والمقروءة،التي تحاول جاهدة التلبيس على الناس وتصوير الباطل لهم في قالب الحق!فهذه الفضائيات الفاسدة وهذه المجلات المفسدة للدين والقيم والأخلاق تسعى جاهدة لتزيين المنكر ومن ذلك السحر!،حيث جعلت من السحرة المشعوذين والكهان الكذابين مرجعا يُرجع إليهم عند حصول همِّ أو تأخر مرغوب!، فصورت للجهلة من الناس أن عند هؤلاء الدَّجالين العلاج من كل ما أصابهم ونزل بهم،فجعلوهم يتعلقون بهم ويتوكلون عليهم من دون الله جل وعلا،وكذبوا والله،فإن الشفاء الحقيقي هو من رب العزة جل جلاله،ثم باتخاذ الأسباب المشروعة لذلك.
إن الناظر في حال الأمة اليوم أيها الأحبة يجد أن استخدام السحر قد فشى وانتشر بين بعض أفرادها،حتى صار بعض الجهلة خاصة من النساء!يُهرولون إليه ظانين أنَّ فيه المخرج مما أصابهم كعدم التوفيق في بعض شؤونهم،أو كثرة الخصومات مع أزواجهم!وما علموا أن ذلك غير مشروع!وما يزيدهم في الحقيقة إلا مرضاً،وهمًّا وغمًّا،يقول الإمام ابن القيم-رحمه الله-: "الغم والهم والحزن أمراض للقلب،وشفاؤها بأضدادها،من الفرح والسرور،فإن كان ذلك بحق اشتفى القلب وصح وبرىء من مرضه،وإن كان بباطل توارى ذلك واستتر ولم يَزُلْ،وأعقب أمراضا هي أصعب وأخطر".إغاثة اللهفان(1/19)
ألم يعلموا!أن ذهابهم إلى السحرة والمشعوذين للبحث عن العلاج! يقدح في توحيدهم،ولذا حذر نبينا صلى الله عليه وسلم من ذلك أشد التحذير،فقال صلى الله عليه وسلم:"مَن أتى كاهناً فصدَّقهُ بما يقول،فقد كفر بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم".رواه أبو داود(3904)من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-،وصححه الشيخ الألباني-رحمه الله-.
قال الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله-:"(كفر بما أنزل على محمد):وجه ذلك: أن ما أنزل على محمد قال الله تعالى فيه :{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ }[النمل:65] وهذا من أقوى طرق الحصر; لأن فيه النفي والإثبات; فالذي يصدق الكاهن في علم الغيب وهو يعلم أنه لا يعلم الغيب إلا الله;فهو كافر كفرا أكبر مخرجا من الملة،وإن كان جاهلا ولا يعتقد أن القرآن فيه كذب;فكفره كفر دون كفر".القول المفيد على كتاب التوحيد(1/539)
ألم يدركوا!أن السحر من أكبر الكبائر،وأشد الجرائم التي تعود على صاحبها بالوبال والهلاك ولهذا جاء ذكره بعد الشرك بالله مباشرة،فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ"قيل
يا رسول الله وما هُنَّ؟قال"الشِّرْكُ بِاللَّهِ،وَالسِّحْرُ،وَق َتْلُ النَّفْسِ التي حَرَّمَ الله إلا بِالْحَقِّ،وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ،وَأَكْلُ الرِّبَا، وَالتَّوَلِّي يوم الزَّحْفِ،وَقَذْفُ الْمُحْصِنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ".رواه البخاري(2615)ومسلم(89)واللفظ له.
قال الإمام النووي-رحمه الله-:"فعمل السحر حرام وهو من الكبائر بالإجماع...قد يكون كفرا وقد لا يكون كفرا،بل معصيته كبيرة،فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر كفر،وإلا فلا وأما تعلمه وتعليمه فحرام،فإن تضمن ما يقتضي الكفر كفر وإلا فلا".الشرح على صحيح مسلم(14/176)
إن هؤلاء السحرة أيها الأفاضل مهما زخرفوا الباطل وزينوه للجهلة من الناس وأظهروا النصح والإحسان لهم،فهم كذبة ومخادعون ولن يفلحوا أبدا حيثما كانوا وأينما حلوا،قال تعالى:(ولا يُفلح الساحرُ حيث أتى)[طه:69]
قال الشيخ الشنقيطي-رحمه الله-:"أي لا يفوز ولا ينجو حيث أتى من الأرض".أضواء البيان(4/40)
وعملهم الفاسد هذا وإن حصل له رواج بين الجهلة فإنمآله إلى الزوال والاضمحلال بعون الله،ورب العزة سبحانه سيبطله،قال تعالى:(قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين)[يونس:81]
قال الشيخ السعدي –رحمه الله- :"فإنهم يريدون بذلك-أي السحرة-نصر الباطل على الحق،وأي فساد أعظم من هذا؟ وهكذا كل مفسد،عمل عملا،واحتال كيدا،أو أتى بمكر،فإن عمله سَيَبطل ويَضمَحِل،وإن حصل لعمله رواج في وقت ما،فإن مآله الاضمحلال والمحق".تفسير السعدي(ص371)
فعلينا أيها الكرام أن لا نغتر بعملهم ولا نتأثر بباطلهم،ونجعل الضابط في الحكم على أي شخص أن ننظر إلى عمله هل وافق الكتاب والسنة فأخذنا به وامتدحناه،أو خالف فطرحناه وحذرنا منه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:"ولهذا قال الأئمة لو رأيتم الرجل يطير في الهواء أو يمشى على الماء فلا تغتروا به حتى تنظروا وقوفه عند الأمر والنهى ولهذا يوجد كثير من الناس يطير في الهواء وتكون الشياطين هي التي تحمله لا يكون من كرامات أولياء الله المتقين".مجموع الفتاوى(1/83)
وعلى من ولاه الله جل جلاله أمور المسلمين أن يطهر العباد والبلاد من رجس هؤلاء الذي عتوا في المسلمين فسادا،فيقيم عليهم الحد المشروع وهو الضرب بالسيف،فعن عمر-رضي الله عنه-:"أن اقتلوا كل ساحر وساحرة".رواه أبو داود (3042) وصححه الشيخ الألباني-رحمه الله-.
قال الشيخ ابن عثيمين–رحمه الله-:"والقول بقتلهم موافق للقواعد الشرعية; لأنهم يسعون في الأرض فسادا،وفسادهم من أعظم الفساد; فقتلهم واجب على الإمام،ولا يجوز للإمام أن يتخلف عن قتلهم;لأن مثل هؤلاء إذا تركوا وشأنهم انتشر فسادهم في أرض هم وفي أرض غيرهم،وإذ اقتلوا سلم الناس من شرهم،وارتدع الناس عن تعاطي السحر".القول المفيد (1/510)
أما من أصيب بالسحر،فليعلم أنه ابتلاء من الله جل وعلا،فعليه أن يصبر ويحتسب ويخلص في الدعاء الى الله وسلوك الطرق الشرعية النافعة بعون الله كالرقية الشرعية عند من عرف بالتقوى والصلاح والبعد عن الشبهات،وكذلك استعمال الحجامة،فعن سمرة بن جندب-رضي الله عنه-،قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خَيْرُ ما تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ".رواه الطبراني في المعجم الكبير(7/185)وصححه الشيخ الألباني-رحمه الله-في صحيح الجامع(3323)
قال الإمام ابن القيم-رحمه الله-:"واستعمال الحجامة على ذلك المكان الذي تضررت أفعاله بالسحر من أنفع المعالجة إذا استعملت على القانون الذي ينبغي".زاد المعاد(4/126)
وكذلك على من وقاه الله تعالى شر السحر أن يحمد الله جل جلاله على هذه النعمة ويبذل الأسباب المعينة على حفظها كالبعد عن المحرمات بشتى أنوعها،والحرص على الطاعات بالمحافظة على الصلوات في جماعة وكثرة قراءة القرآن والحرص على الإتيان بالأذكار، خاصة أذكار الصباح و المساء،فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من قال:لَا إِلَهَ إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له له الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وهو على كل شَيْءٍ قَدِيرٌ في يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كانت له عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ،وَكُتِبَ له مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عنه مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ له حِرْزًا من الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذلك حتى يُمْسِيَ،ولم يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جاء به إلا رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ منه".رواه البخاري(6040)واللفظ له،ومسلم(2691)
فالله أسأل بأسمائه الحسنى و صفاته العليا أن يكفي المسلمين شر الأشرار و أن يفضح السحرة بالليل والنهار،ويرد كيدهم ويكسر شوكتهم،فهو سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.


وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أبو عبد الله حمزة النايلي