المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الردُّ على ابنِ عساكرٍ الدِّمَشْقِي في بَعْضِ دَعَاويه أنَّ فلاناً أَشْعَرِي !!



أهــل الحـديث
19-02-2013, 08:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




الردُّ على ابنِ عساكرٍ الدِّمَشْقِي
في بَعْضِ دَعَاويه أنَّ فلاناً أَشْعَرِي

كتبه
أبو معاوية
مازن بن عبد الرحمن البحصلي البيروتي


الحمد لله الذي أوضح الطريق لأوليائه، وأظلم السُّبُل على معانديه وأعدائه، وأحمده على جزيل نَعْمائه، وأشكره على كثير عطائه.
وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أتوصّل بها إلى نيل رضائه، وأُحَقِّق بها عظيم آلائه.
وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله وسيد أصفيائه وإمام أوليائه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأبنائه وسلّم تسليماً.

أما بعد، فتطالعنا بين الفينة والأخرى مزاعم أهل الكلام عن بعض العلماء أنهم أشاعرة، وما عندهم من البيّنة إلّا ما زعمه ابن عساكر ( ت 571 هـ ) في " تبيينه "، وهذا ليس حجة كافية عند المحققين خاصّة إذا ورد عن أولئك العلماء نصوص تفيد أنهم على عقيدة السلف الصالح في إثبات آيات الصفات وأحاديثها وإمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله، فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير، بل الأمر كما قال الأئمة منهم: نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري، قال: من شبه الله بخلقه كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر ، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه، فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة على الوجه الذي يليق بجلال الله ونفى عن الله النقائص فقد سلك سبيل الهدى.
وهذا ما تجمع عندي حتى الآن عن بعض من زعم ابن عساكر أنهم من الأشاعرة، وليسوا منهم، يسّر الله دراسة باقي تراجم كتاب " التبيين " وإظهار الحق والذب عن عقيدة علمائنا السلفيين، والله من وراء القصد .


1 – الإمام أبو بكر الإسماعيلي، أحمد بن إبراهيم ( 277 - 371 هـ ):
ذكره ابن عساكر في " التبيين "من أعيان مشاهير أصحاب الأشعري، ولم ينقل عنه ما يدل على أشعريته!
قال البيروتي: وإيراده له في " تبيينه " من العجب! فالإمام الإسماعيلي له كتاب " اعتقاد أئمة أهل الحديث " قال فيه ( ص 34 / ط. الفتح – الشارقة ): اعْلَمُوا - رحِمَكُمُ اللهُ - أَنَّ مَذَاهبَ أَهْلِ الحَدِيْثِ الإِقرَارُ بِاللهِ وَملاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَقبولُ مَا نَطَقَ بِهِ كِتَابُ اللهِ، وَمَا صحَّتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، لاَ مَعْدِلَ عَنْ ذَلِكَ.
وَيعتقِدُوْنَ بِأَنَّ اللهَ مدعُوٌّ بِأَسمَائِهِ الحُسْنَى، وَموصوفٌ بِصفَاتِهِ الَّتِي وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ، وَوَصَفَهُ بِهَا نَبِيُّهُ، خَلَقَ آدَمَ بيَدَيْهِ، وَيدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ بِلاَ اعْتِقَادِ كَيْفٍ، وَاسْتوَى عَلَى العِرشِ بِلاَ كَيْفٍ، فإنه انتهى إلى أنه استوى على العرش، ولم يذكر كيف كان استواؤه،
... وَذكرَ سَائِرَ الاعْتِقَادِ.
والنص نقله الذهبي في كتابَيه " سير أعلام النبلاء " و " العلو للعلي العظيم "، والكتاب طُبِعَ بتحقيق د. محمد الخميس في دار الفتح/ الشارقة في الإمارات سنة 1416 هـ / 1995 م، ومطبوع في دار العاصمة/ الرياض .
فعلى ماذا اعتمد ابن عساكر في ادّعائه ؟؟؟

2 - إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم، أبو سعد بن أبي بكر الجرجاني ( 333 - 396 هـ ):
ذكره ابن عساكر في كتابه في الطبقة الثانية، وهم أصحاب أصحاب الأشعري، من غير أن يأتي بدليل يشهد له بالأشعرية.
واعترض ابن عبد الهادي ( ت 909 هـ ) في " جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر " على ابن عساكر لإيراده أبي سعد الجرجاني قائلاً: وهو غير مسلّم له فيه .
قال البيروتي: بل الأصل أن يكون الابن سائراً على العقيدة التي سطّرها والده في كتابه " الاعتقاد "، عقيدة السلف الصالح أصحاب الحديث، ولأنّ والده هو شيخه الأول الذي أخذ عنه العلم.

3 – الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله ( ت 405 هـ ):
ذكر ابنُ عساكر الحاكمَ في كتابه في الطبقة الثانية، وهم أصحاب أصحاب الأشعري، من غير أن يأتي بدليل من كلام الحاكم أو غيره يشهد له بالأشعرية، وهاكم ما قاله الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص139) – عند كلامه على الإمام ابن خزيمة : - "
وأنا أذكر في هذا الموضع من دقيق كلامه الذي أشار إليه إمام فقهاء عصره أبو العبّاس بن سريج ما يستدل به على كثير من علومه, ... سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول : سمعت أبا بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة يقول : من لم يقر بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته فهو كافر بربه, يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه, وألقي على بعض المزابل حيث لا يتأذى المسلمون والمعاهدون بنتن ريح جيفته, وكان ماله فيئا لا يرثه أحد من المسلمين, إذ "المسلم لا يرث الكافر" كما قال صلى الله عليه وسلم".اهـ.
قال البيروتي: يعدُّ الحاكمُ هذا الكلام من "دقيق كلامه" و "ما يستدل به على كثير من علومه" من أنه "من لم يقر بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته فهو كافر بربه, يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه", فلو كان الحاكم كما "زعم" السبكي أشعريا لما أثنى على كلام ابن خزيمة, لأن الأشاعرة ينكرون بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته, ولعدَّ الحاكم هذا الكلام من الضلال المبين بدلا من الثناء على قائله. ولكنه أثنى على قائله, لأنه يوافق عقيدته السلفية, عقيدة السلف الصالح أصحاب الحديث.
وانظر الرابط التالي:
http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=2141 (http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=2141)

4 - محمد بن أحمد بن إبراهيم، أبو نصر بن أبي بكر الجرجاني ( ت 405 هـ ):
ذكره ابن عساكر في كتابه في الطبقة الثانية، وهم أصحاب أصحاب الأشعري، من غير أن يأتي بدليل يشهد له بالأشعرية.
قال البيروتي: بل الأصل أن يكون الابن سائراً على العقيدة التي سطّرها والده في كتابه " الاعتقاد "، عقيدة السلف الصالح أصحاب الحديث، ولأنّ والده هو شيخه الأول الذي أخذ عنه العلم، وجاء في ترجمته في " التبيين ": ترأس في حياة والده أبي بكر الإسماعيلي وبعد وفاته إلى أن توفي، وكان له جاه عظيم وقبول عند الخاص والعام في كثير من البلدان، وأول ما جلس للإملاء في حياة والده أبي بكر الإسماعيلي في سنة ست وستين في مسجد الصفارين إلى أنْ توفي والده، ثم انتقل إلى المسجد الذي كان والده يملي فيه، ويملي كل يوم سبت إلى أن توفي.

5 - أبو نعيم الأصبهاني، أحمد بن عبد الله ( ت 430 هـ ):
ذكره ابن عساكر في الطبقة الثانية، وهم أصحاب أصحاب الأشعري، ولم ينقل عنه ما يدل على أشعريته!
قال البيروتي: ألّف أبو نعيم كتاباً في العقيدة لم يصلنا، لكن نقل منه العلماء بعض النصوص؛
فنقل منها ابن تيمية في " درء تعارض العقل والنقل "، فقال:
قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني المشهور صاحب التصانيف المشهورة كحلية الأولياء وغيرها في عقيدته المشهورة عنه: طريقتنا طريقة المتبعين للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة فما اعتقدوه اعتقدناه فما اعتقدوه أن الأحاديث التي تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في العرش واستواء الله عليه يقولون بها ويثبتونها ومن غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه وأن الله بائن عن خلقه والخلق بائنون منه لا يحل فيهم ولا يمتزج بهم وهو مستو على عرشه في سماواته من دون أرضه.
ومنها ما نقله ابن القيم في " اجتماع الجيوش الإسلامية "، قال:
قال أبو نعيم في " عقيدته " : وإن الله سميع بصير عليم خبير يتكلم ويرضى ويسخط ويضحك ويعجب ويتجلى لعبادة يوم القيامة ضاحكاً، وينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا كيف يشاء فيقول هل من داع فأستجيب له هل من مستغفر فأغفر له هل من تائب فأتوب عليه حتى يطلع الفجر، ونزول الرب تعالى إلى سماء الدنيا بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل، فمن أنكر النزول أو تأوّل فهو مبتدع ضال، وسائر الصفوة العارفين على هذا ...
ثم قال: وإن الله استوى على عرشه بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل، فالاستواء معقول والكيف مجهول، وأنه سبحانه بائن من خلقه وخلقه بائنون منه بلا حلول ولا ممازجة ولا اختلاط ولا ملاصقة لأنه البائن الفرد من الخلق والواحد الغني عن الخلق ...
وقال أيضاً: طريقنا طريق السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة ... وساق ذكر اعتقادهم ثم قال:
ومما اعتقدوه أن الله في سمائه دون أرضه ... وساق بقيته. اهـ.
ونقل منها أيضاً الذهبي أيضاً في كتابه " العلو للعلي العظيم ".

6 – المفضل بن إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم، أبو معمر بن أبي سعد بن أبي بكر الجرجاني ( ت 431 هـ ):
ذكره ابن عساكر في كتابه في الطبقة الثانية، وهم أصحاب أصحاب الأشعري، من غير أن يأتي بدليل يشهد له بالأشعرية.
واعترض ابن عبد الهادي ( ت 909 هـ ) في " جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر " على ابن عساكر لإيراده أبي معمر الجرجاني قائلاً: وليس بمسلّم له فيه .
قال البيروتي: بل الراجح أن يكون الحفيد سائراً على العقيدة التي سطّرها جدّه الإمام أبو بكر أحمد في كتابه " الاعتقاد "، عقيدة السلف الصالح أصحاب الحديث، وعلى العقيدة التي كان عليها والده إسماعيل، وجاء في ترجمته في " سير أعلام النبلاء " ( 17 / 517 – 518 ):
العَلاَّمَةُ، مُفْتِي جُرْجَان، أَبُو مَعْمر المُفَضَّلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بن العَلاَّمَةِ شَيْخِ الإِسْلاَم أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ الجُرْجَانِيُّ الشَّافِعِيُّ، رَئِيْسُ البَلَدِ وَعَالِمُهُ وَمُحَدِّثُهُ.
رَوَى عَنْ جَدِّهِ كَثِيْراً، وَحفظ القُرْآن، وَجملَةً مِنَ الفِقْه وَهُوَ ابْنُ سَبْعَةِ أَعْوَام، وَرَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ، فَأَكْثَر عَنِ ابْنِ شَاهِيْن، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَيُوْسُفَ بنِ الدَّخِيل، وَالحَافِظ أَبِي زُرْعَةَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ، وَكَانَ مِمَّنْ يُضربُ المَثَلُ بذكَائِه، رَوَى الكَثِيْرَ، وَأَمْلَى وَعَاشَ أَخُوْهُ مسعدة بَعْدَهُ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَتُوُفِّيَ:هُوَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَة إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مئَةٍ، بَعْد مَوْتِ أَخِيْهِ الإِمَام أَبِي العَلاَءِ بِسَنَة.

7 - الخطيب البغدادي، أحمد بن علي بن ثابت ( ت 463 هـ ):
قال ابن عساكر في " تبيينه ": وكان يذهب إلى مذهب أبي الحسن الأشعري رحمه الله.
قال البيروتي: نقل الذهبي في " سير أعلام النبلاء " ( 18 / 284 ) بإسناده إلى الخطيب البغدادي، قال: أَمَّا الكَلاَمُ فِي الصِّفَات، فَإِنَّ مَا رُوِيَ مِنْهَا فِي السُّنَن الصِّحَاح، مَذْهَبُ السَّلَف إِثبَاتُهَا وَإِجرَاؤُهَا عَلَى ظوَاهرهَا، وَنَفْيُ الكَيْفِيَة وَالتَّشبيه عَنْهَا، وَقَدْ نَفَاهَا قَوْمٌ، فَأَبطلُوا مَا أَثبَتَهُ الله، وَحققهَا قَوْمٌ مِنَ المُثْبِتين، فَخَرَجُوا فِي ذَلِكَ إِلَى ضَرْب مِنَ التَّشبيه وَالتَّكييف، وَالقصدُ إِنَّمَا هُوَ سُلُوْك الطّرِيقَة المتوسطَة بَيْنَ الأَمرِيْن، وَدينُ الله تَعَالَى بَيْنَ الغَالِي فِيْهِ وَالمُقصِّر عَنْهُ.
وَالأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الكَلاَم فِي الصِّفَات فَرْعُ الكَلاَم فِي الذَّات، وَيُحتذَى فِي ذَلِكَ حَذْوُهُ وَمثَالُه، فَإِذَا كَانَ معلُوْماً أَن إِثْبَاتَ رَبِّ العَالِمِين إِنَّمَا هُوَ إِثْبَاتُ وَجُوْدٍ لاَ إِثْبَاتُ كَيْفِيَة، فَكَذَلِكَ إِثْبَاتُ صِفَاته إِنَّمَا هُوَ إِثْبَاتُ وَجُوْدٍ لاَ إِثْبَاتُ تحديدٍ وَتَكييف.
فَإِذَا قُلْنَا:للهِ يَد وَسَمْع وَبصر، فَإِنَّمَا هِيَ صِفَاتٌ أَثبتهَا الله لِنَفْسِهِ، وَلاَ نَقُوْل:إِنَّ مَعْنَى اليَد القدرَة، وَلاَ إِنَّ مَعْنَى السَّمْع وَالبصر:العِلْم، وَلاَ نَقُوْل:إِنَّهَا جَوَارح.
وَلاَ نُشَبِّهُهَا بِالأَيدي وَالأَسْمَاع وَالأَبْصَار الَّتِي هِيَ جَوَارح وَأَدوَاتٌ لِلفعل، وَنَقُوْلُ:إِنَّمَا وَجب إِثبَاتُهَا لأَنَّ التَّوقيف وَردَ بِهَا، وَوجب نَفِيُ التَّشبيه عَنْهَا لِقَوْلِهِ:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشُّوْرَى:11]، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَد}[الإِخلاَص:4].

8 -