المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الموت...بين واقع الحال ومعسول الأماني...موعظةٌ لنفسي ، و...لإخواني..



أهــل الحـديث
14-02-2013, 12:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الموت...بين واقع الحال ومعسول الأماني...
موعظةٌ لنفسي ، و...لإخواني..

قال فاضلٌ:
كم مِن صاحبِ لي ؛ لو شِئتُ لسمَّيتُه! أَطلقَ نفسَه في شهَواتِها..ووقع أسيرَاللذَّةِ ، وغَفَل عن ذِكر الموتِ والحسابِ..
فلمَّا هداني اللهُ-عزّ وجلّ- لطاعتِه ، وامتثالِ أمرِه ، وتحقيقِ مخافته ؛ فَزِعتُ إلى صاحبي :أَنْصَحُهُ ، وَأُرَغِّبُهُ ، وَأُرَهِّبُهُ ، فما كان منه إلا أن اعتذر بشبابه (!) ، وَغَرَّهُ طولُ الأمل.
فواللهِ.. لقد فاجَأه الموتُ ، فأصبح –اليومَ- في التراب دَفيناً ، وصار بما قَدَّمَ مِن السيئاتِ مُرْتَبِطاً رَهيناً ...
ذَهَبَت عنه اللَّذات ، وفارَقَتْهُ الغانِيات ، وَبَقِيَت في عُنُقِهِ التَّبِعات ، وَأَقْبَلَ على الجبَّار .. بأعمالِ الفَسَقَةِ الفُجَّار ..
أعاذني الله وإيّاك مِن صحيفةٍ كصحيفتهِ ، ومِن خاتمةٍ كخاتمتهِ .
فاتَّقِ الله – يا عبدَ الله- ولا يكن مِثلُكَ كمثلِه ، وأنت تعلمُ أنَّ هذه الدنيا قد ارتحلت مُدْبِرَة ، وأنَّ الآخرةَ قد ارتحلت مُقْبِلَة ...
واذكر ساعةَ الموتِ والانتقالِ ، وما يَتَمَثَّلُ لديك ساعتَها مِن كثرةِ السيِّئاتِ ، وقِلّةِ الحسَناتِ ؛ فما وَدِدْتَ عَمَلَهُ في تلك الساعةِ : فَعَجِّلْ بعملهِ مِن اليومِ ، وما وَدِدْتَ اجتنابَهُ فمِن الآن :

فَلَوْ أَنَّا إذا مِتْنا تُرِكْنا لكانَ الموتُ راحةَ كُلِّ حيِّ
ولكنَّا إذا مِتْنا بُعِثْنا وَنُسْأَلُ بَعْدَهُ عن كُلِّ شيِّ

...وقد قلتُ (أنا)-مُستعيذاً بالله من شرِّ نفسي، وسيِّئات عملي-قبل سنوات-وفي صورةٍ متعاكسة- ولسببٍ عَرَضَ-:
كان شابًّا في زَهْرَةِ عُمُرِهِ-في أوائل العشرينات-..
قويَّ البَدَنِ مَتيناً، عاليَ الهمَّةِ نشيطاً...
صَلَّى صَلاة الفَجْرِ، فكانت هي آخِرَ عَهْدِهِ-هنيئاً له- من هذه الدُّنْيا:
الفانية...
الزائلة...
الذاهبة...
إذْ بَعْدَ ذلك بِسُوَيْعات.. أيقظَهُ أهلُهُ!!!
فلم يستيقظ..
لم يتحرَّك..
لم تَرْمِشْ عيناه...
.....لا إله إلا اللهُ -الحيُّ الذي لا يَموتُ-...
لقد توفّاه الله ، وقبضه إِلَيْهِ ...
أين القوَّة؟!
{أَنَّ الْقُوَّةَ لِله جَمِيعاً }..
أين المتانة؟!
فربُّك -وحده- سبحانه-هو {ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِين}..
وَفَوْرَ وُصُولِ خَبَرِ وفاةِ ذا أُذُنَيَّ –وقد كنتُ أعرفُهُ عن كَثَبٍ- والذي لا يُحلَف إلا به-:
دَمَعَتْ عيناي... وتَأَثَّرَ قَلْبي...
آهٍ آهٍ... أين تخطيطاتُ المستقبلِ؟!
أين ذاك الأَمَلُ الإنسانيُّ الزائفُ؟!
أينَ هاتيكَ الوعودُ النفسيَّةُ المتراكمة (المُتراكِبة! )؟!
ذكَّرْتُ ولدي بالموت..
وذكَّرْتُ نفسي بهذا الفَوْت..
ماذا سَتنفعُ القوةُ؟!
ماذا سَينفعُ الجاهُ؟!
ماذا سَينفعُ الشبابُ؟!
ماذا سينفعُ الولدُ...
الزوجةُ...
المالُ...
الأهلُ...
العشيرةُ...
المُلْك....
... ماذا سينفعُ هؤلاءِ -كلُّهم- مُجتمعين أو مُفترقين-؟!
لمن تَجْمَعُ المالَ -يا ذا المالِ-...
بلا مَيْزٍ بين حُرْمَةٍ وحَلال؟!
هل سَتجمَعُهُ لِنفسِكَ والقبرُ قريب؟!
وكيف؟!!
... مِن ذاك الفِعْلِ الغادِرِ( ! ) المُريب؟!
أم تحسَبُ أنَّك تجمعُهُ لولدِك -وقد يسبقهم الأجَلُ دُونَكَ-؟!
أُفٍّ لكِ أيَّتُها الدنيا-ما أحقرَكِ..وما أذَلَّكِ-!
{فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَق}..
{وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُور}..

تَروحُ لنا الدُّنيا بغير الذي غَدَتْ وَتَحْدُثُ مِن بعدِ الأمورِ أُمورُ
وتجري اللَّيالي باجتماعٍ وفُرقةٍ وتطلُعُ فيها أنْجُمٌ وتَغُورُ
فمَن ظَنَّ أنَّ الدَّهرَ باقٍ سُرورُهُ فقد ظَنَّ عَجْزاً: لا يدومُ سرورُ

أفلا نتذكَّرُ القبرَ؟!
أفلا نتذكَّرُ ظُلْمَتَهُ؟!
أفلا نتذكَّرُ بَلَاءَهُ وشِدَّتَهُ؟!
أفلا نتذكَّرُ ضَغْطَتَهُ؟!
أفلا نتذكَّرُ ضِيقَهُ؟!
حيثُ لا ينفعُ قريبٌ قريبَهُ..
ولا صديقٌ صديقَهُ..
أفلا نتذكَّرُ أنَّ الباقيَ هُوَ ما في القُبُور..
لا ما في الجُيُوبِ أو القُصُور!
{ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً}..
{.... وَخَيْرٌ مَّرَدًّا}..
ولقد صَدَقَ الإمامُ ابنُ الجَوْزِيِّ فيما وَعَظَ -لِمَنْ يَتَّعِظ!-:
(كلامُك -يا ابنَ آدَمَ- مكتوب...
وقولُك محسوب..
وأنتَ -يا هذا- مطلوب..
ولك ذُنُوب..
وما تتوب؟!
وشمسُ الحياة قد أخذت بالغُروب..
فما أقْسَى قلبَك مِن بينِ القُلوب.. )!!!
أم تظنّ نفسَكَ -بِسِحرِ بيانِك، ولحنِ قولِك!-ولو على بعضٍ دون بعضٍ!- الغالبَ لا المغلوب...
هذا -واللـهِ- ظنٌّ منكوسٌ مقلوب...
فرَبُّك -وحدَه- علّامُ الغُيُوب...
ماذا سَتَنْفَعُنَا -أو تَنفعُك- الدَّراهِمُ والأموال؟!
والجاهُ والرجال؟!
هل سَتُغَيِّرُ بنا الحال؟!
أمْ أنَّها -كُلًّا- إلى زَوَال؟!
واضْمِحْلال...
يا مِسْكين.. انفعْ نفسَك..
وَتَذَكَّرْ أمسَك..
واعْمَلْ لغَدِك...
ولا تَجْمَعْ لمنْ بَعْدَك...
فلن ينفعَك إلا صالحُ عَمَلِك...
ولن يُنْجيَك مِن اللـهِ مَحْضُ أمَلِك!!

كم تناسَى القبورَ يا مغرورُ حُفَرٌ ما بها لِعَاصٍ سُرُورُ
وتَعَامَى عنها وأنتَ تراها وَرَحَاهَا على الأَنامِ تدورُ

كم مِن غَنِيٍّ سَبَقَنَا!
كم مِن سُلطانٍ وأميرٍ مضى عنَّا!!
كم مِن شابٍّ للدنيا تَرَكَنا!!
كم مِن عِبْرَةٍ صَدَعَتْ قلوبَنا!
كم مِن عَبْرَةٍ مَلَأَتْ وُجوهَنا!
ولكنْ:
أين المُتَّعِظُون؟!
أين المُوَفَّقون؟!
أين الذين يَحْيَوْنَ وهم مُتذكِّرون أنَّهم سيموتون؟!
أين المُراقِبون ربَّهم فيما يفعلون أو يَذَرُون؟!
فيما يقولون أو يكتبون؟!
فيما ينقلون أو يَحْكُون؟!

فاتَّقِ اللهَ حَقَّ تَقواهُ واحْذَرْ كُلَّ هَوْلٍ يخافُهُ المقبورُ
ودَعِ اللَّهْوَ والبَطَالَةَ واعْمَلْ لِلَّتِي عاجلاً إليها تصيرُ
تلك دارُ البقاءِ فَكُلُّ تَقِيٍّ في رُبَاها مُكرَّمٌ محبورُ

فكيف إذا كان هذا الجامعُ للمال -على كُلِّ حالٍ ولو بالأَوْحال!- ظالماً لغيرِهِ، آخِذاً حقوقَهم، غادِراً بهم؟!
أو كاذَباً عليهم! مدلِّساً!ملبِّساً!؟
اللهُ أكبر...
اللهُ أكبر...
تاللـهِ إنَّ الأمرَ أشدُّ وأنْكَى- إن لم يَتُبْ -ذاك المُريبُ- أو يُنِبْ!

كُنْتَ الصحيحَ وكُنَّا منكَ في سَقَمٍ فإنْ سَقِمْتَ فإنَّا السالمون غدَا
دَعَتْ عليك أَكُفٌّ طالَما ظُلِمَتْ ولن تُرَدَّ يَدٌ مظلومَةٌ أبدَا

رَحِمَ اللهُ ميِّتَنا...
... فباللـهِ العظيمِ.. إنَّ الموتَ لَـمُصيبةٌ تكسِرُ القلبَ...
وتَغُمُّ النفسَ...
وتُؤْذِي كُلَّ ذي بَصَر:
إنِ اعْتَبَر...
إنْ أبصَرَ –حَقًّا- ونَظَر...
إنْ تَأمَّلَ وتَفَكَّر...

يا أيُّها الظالمُ في فِعْلِهِ والظُّلْمُ مردودٌ على مَن ظَلَمْ
إلى متى أنتَ وحتَّى متى تشكو المصيباتِ وتَنسى النِّعَمْ

... أَصْلِحْ -يا هذا- شَأْنَك...
وراجِعْ فِعْلَكَ وعَمَلَك..
وحاسِب على قولِك وكلامِك نفسَك...
وأَرْجِعْ لكُلِّ ذي حقٍّ حَقَّهُ –ولو أنه يَسيرٌ حَقير- ..
بلا تأخير..
فالعمرُ -مهما طالَ- قصيرٌ قصير..
{وَإِلَى اللـهِ المَصِير}...
و(الحقّ) ليس مالاً -فقط-!
بل (الحقّ) أجلُّ ، وأَرْحَبُ ، وَأوْسَعُ...
(الحقّ) كلمةُ هدى..والباطل خلافُها..
(الحقّ) جملةٌ صدقٍ..والمنكر ضدّها...
فالَّذي أسرعَ بالموتِ لذاك الشَّابِّ القويِّ المتين..قد يُعَجِّلُ به -أسرَعَ وأسرَعَ- لمن هاجَمَتْهُ الشَّيْخُوخةُ والهَرَم حتَّى غدا كالعُرجون القديم-ولو تَشَبَّب مهما تَشَبَّب!-!؟
مِن جارٍ...
أو قريبٍ...
أو (والدٍ )...
ولن يُغَيِّرَ حقيقةَ حالِ (هذا ) الهَرِم ، أو (ذاك ) الشيخِ –في سِنّه!لا عِلْمِه!!-: تظاهُرُهُ بغير ما هو عليه- وتَمَسْكُنُهُ -مِن جِهةٍ-، أو سوادُ لون لحيتِهِ المُغَطِّي لِثُغامةٍ بيضاءَ بيضاءَ تحتَهُ -مِن جِهةٍ أُخرى-؟!
فالتسنُّن الحقُّ الهادي ينبغي أن يكون-ولا بُدَّ-ظاهراً وباطناً-في المظهر والمَخْبَر-على حدٍّ سواء-..
أم تحسَبُ -يا ذا- أنَّ هذا الخِضاب –أو التدليسَ في الخِطاب!-، يستجلبُ طولَ العُمُرِ، ويُؤَخِّرُ الشَّباب؟!
أمْ أنَّه -في حقيقتِهِ- للقبر باب؟!
أو أنَّه-بالتدليسَ –كذباً وزوراً-يجعلك على أُسِّ الخراب اليَبَاب؟!

عَجِبْتُ للطالبِ الأَمْرَ البصيرِ بما فيهِ مِنَ الغَيِّ إذْ يَسعى له طَلَبَا
وللمُكِبِّ على مالٍ يُثَمِّرُهُ وسوفَ يُصبِحُ منه المالُ مُنْتَهَبَا
فَذَكِّرِ النفسَ هَوْلاً أنت راكِبُهُ وكُرْبَةً سوف تَلْقَى بعدَها كُرَبَا

لئن كنتَ -يا هذا- ابنَ خمسين -أو أكثرَ أو أقلَّ!- هل تحسَبُ –غافِلاً –أو مُتغافلاُ!- أنَّك ستعيشُ قَدْرَها؟!
هل تضمَن نفسَك - بِظَنِّكَ-أن تَحْيَى على مِنْوالها؟!
وتَغْزِلَ على مثالِها؟!!
وتستمرَّ على حالها...
وخيالها؟!
يا مِسْكين.. لا تغترَّ إلا باللـهِ -ذي الجلالِ-؛ غِرَّةً تُدْنيك منه بجميل الخِلال...
فحُسْنُ الظَّنِّ يُوجِبُ مِنكَ حُسْنَ الأعمال...
وصِدْقَ الأقوال...
وإيَّاكَ -إيَّاكَ- وسَيِّئَ الخِصال..
وسوءَ الفِعال...
مهما أخْفَيْتَها.. وخَبَّأْتَها...
فهي عند اللـهِ معلومة..
قسمةٌ مقسومة...
...ولئنْ مَرَّ كذبُك -وَبَهْرَجَتُك- على الصادقين وانْطَلى...
فهل تظنُّه خافِياً على رَبِّك العظيمِ الأعلى؟!
ولقد صَدَق وهبُ بن مُنَبِّه بقولِهِ: «مَن عُرِفَ بالكذبِ لَمْ يَجُزْ صِدقُهُ »..
ومثلُهُ قولُ عبد الله بن المبارك: «مِنْ عقوبةِ الكَذَّاب أن لا يُقْبَلَ صِدقُهُ »..
فاحْذَرْ.. وحاذِرْ...
... باطلٌ.. وظُلمٌ.. وكذبٌ..ومَطلٌ..وخداعٌ..وبَغي ٌ...
ثم مَوْتٌ..
نَعَم.. موتٌ...
نَعَمْ.. إنَّهُ الموتُ...
أفَلا تتَّعِظ؟!
أفلا تعتَبِر؟!
ألا تُغادِر وتعتذِر؟!
سارِع-يا ذا- بالأَوْبَة...
وعَجِّلْ –يا هذا- بالتَّوبة...


اخْتَرْ قرينَك واصْطَفِيه تفاخُراً إنَّ القرينَ إلى المُقارَنِ يُنْسَبُ
وَدَعِ الكَذوبَ فلا يَكُنْ لك صاحِباً إنَّ الكَذوبَ يَشينُ مَن قد يَصْحَبُ!

وفي صحيح السُّنَّةِ الغَرَّاءِ: أنَّ رسولَنا الكريمَ -الصادق المصدوق- صلى الله عليه وسلم-: «كان إذا اطَّلَعَ على أحدٍ من أهلِ بيتِهِ كَذَبَ كِذْبَةً لم يَزَلْ مُعْرِضاً عنه حتى يُحْدِثَ توبةً ».
فما بالُ الذي يكْذِبُ كذباتٍ عِدَّة؟!
ويُصِرُّ عليها أطوَلَ زمنٍ، وأكثرَ مُدَّة!!
ويضُمُّ اليمينَ الغَمُوسَ إلى ذلك -كُلّه -وَيْكَأَنَّهُ -له- عُدَّة!!
فأينَ أينَ أنت -يا ذاك!- يومَ الشِّدَّة؟!
آهٍ آه.....
.. رَحِمَ اللهُ ذاك الشَّابَّ القويَّ..
المتينَ الفَتِيَّ..
رَحِمَ اللهُ ميِّتَنا -هذا-...
الذي كان آخِرَ عهده بالدُّنيا عَمَلٌ صالحٌ..
لعلَّهُ يُنَوِّرُ له قبرَهُ...
ويُوسِّعُ عليه حُفْرَتَهُ...

أمَّا أنا وأنت وذاك -يا هؤلاء-:
فإنْ لم يُصاحِبْ رجاءَنا لِرَحْمَةِ اللـهِ: عَمَلٌ صالحٌ...
وصدقُ توبةٍ...
وتعجيلُ إنابةٍ...
وإصلاحُ خَلَلٍ...
واستقامةُ فِعْلٍ:
فإنَّنا على أنفسِنا نَكْذِب...
ومِن واقِعِنا نهرُب...
ومِن ناصحِنا نغضب...
ومِن آسِن مياهِنا (بأيدينا !) نشرب...
والحقُّ أمامَنا -بِذاكَ- أصعبُ وأصعب...
وهذا كُلُّهُ -واللـهِ- مُتْعِبٌ.. مُتْعِب...
وللهُدَى مُذْهِب...
وكم للهوى يَجْلِب!!

ورحمَ الله الإمامَ ابنَ الجَوْزِيَّ -القائلَ-:
(يا له مِن يومٍ لا كالأيَّام...
تَيَقَّظَ فيه مَن غَفَلَ ونام...
وحَزِنَ فيه كُلُّ مَن أفْرَحَتْهُ الآثام..
وتَيَقَّنَ أنَّ أحلى ما كان فيه: أحلام... )!!!
فلْيَكُن -لنا-جميعاً- موتُ هذا الشَّابّ -أو أولئك الأَحْباب-:
عِظَةً للأَتْراب... وموعظةً للأصحاب... لا فَرْقَ بين شِيبٍ وشَبَاب... وبخاصَّةٍ مَن كان ذا قُرْبٍ واقتراب:
كأَخٍ منه الدمعُ يَنساب...
بانْسِكَاب...أو جارٍ ذي حُزْنٍ واكْتِئَاب...أو (والدٍ ) ثَكْلانَ مصدومٍ مُصاب...

رَحِمَ اللهُ مَيِّتَنا...
وهدى اللهُ حَيَّنا...
وأَصْلَحَ خَلَلَنا...
ورَدَّ إلى الحَقِّ ضالَّنا...

... إنَّ العَيْنَ لَتدمَعُ، وإنَّ القلبَ لَيحْزَنُ، وإنَّا على فِراقِكَ يا ميِّتَنا لمحزونون...
و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعون}...

فالموتُ-مِن قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ-{مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ }...
وسَبَبٌ بين أيديكم...
منقول من أبي الحارث