المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كان بقي بن مخلد يقول : غرست لهم بالأندلس غرسا لا يقلع إلا بخروج الدجال



أهــل الحـديث
11-02-2013, 11:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله أما بعد :
نظرة فيمن أتعبه الأثر وفيمن جهل شيئا فعاداه
موقف فقهاء الأندلس المقتصدين من الحافظ بفي بن مخلد القرطبي
جاء في ترجمة بقي بن مخلد أبي عبد الرحمن الأندلُسيّ القُرْطُبيّ الحافظ
أنه أوّل من كثر الحديث بالأندلس ونشره، وهاجم به شيوخ الأندلس، فثاروا عليه لأنهم كان علمهم المسائل ومذهب مالك، وكان بقيّ يفتي بالأثر، ويشذ عَنْهُمْ شذوذًا عظيمًا، فعقدوا عليه الشهادات وبدَّعوه، ونسبوا إليه الزَّندقة وأشياء نزَّهه الله منها.
وكان بقيّ يقول: لقد غرست لهم بالأندلس غرسًا لا يقلع إلاّ بخروج الدّجّال
وقَالَ أبو الوليد ابن الفرضيّ: ملأ بقيّ بْن مخلد الأندلس حديثًا، فأنكر عليه أصحابه الأندلسيُّون، ابنُ خَالِد، ومحمد بْن الْحَارِث وأبو زيد ما أدخله من كتب الاختلاف وغرائب الحديث، فأغروا به السُّلطان، وأخافوه به. ثُمَّ إنّ الله أظهره عليهم وعصمه منهم؛ فنشر حديثه وقرأ للناس روايته.
ثُمَّ تلاه ابن وضّاح، فصارت الأندلس دار حديث وإسناد. وممّا أنفرد به، ولم يدخله سواه " مصنَّف أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة "، وكتاب " الفقه " للشّافعيّ بكماله، و " تاريخ خليفة "، وكتابه الكبير فِي " الطبقات "، وكتاب " سيرة عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز " للدَّورقيّ؛ وليس لأحدٍ مثل مُسْنَده. وكان ورعًا فاضلًا زاهدًا، قد ظهرت له إجابات الدعوة فِي غير ما شيء.
قَالَ: وكان المشاهير من أصحاب ابنِ وضّاح لا يسمعون منه، للذي بينهما من الوحشة
وقَالَ محمد بن حزم: أقطع أنّه لم يؤلَّف في الإسلام مثل تفسيره، لا تفسير محمد بْن جرير، ولا غيره.
قَالَ: وكان محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الأموي صاحب الأندلس محبّا للعلوم، عارفا، فلمّا دخل بقيّ الأندلس بمصنَّف ابن أبي شيبة، وقرئ عليه، أنكر عليه جماعة من أَهْل الرأي ما فِيهِ من الخلاف واستبشعوه، ونشَّطوا العامة عليه، ومنعوه من قراءته، فاستحضره الأمير محمد المذكور، وأتاهم، وتصفح الكتاب كله جزءًا جزءًا، حَتَّى أتى على آخره، ثُمَّ قَالَ لخازن الكتب: هَذَا كتابٌ لا تستغني خزانتنا عَنْهُ، فانظر فِي نسخه لنا. وقَالَ لبقي: أنشر علمك، وارو ما عندك، ونهاهم أن يتعرَّضوا له
وقَالَ طاهر بْن عَبْد الْعَزِيز: حملت معي جزءا من " مسند بقيّ " إِلَى المشرق، فأريته محمد بْن إِسْمَاعِيل الصائغ، فقال: ما اغترف هَذَا إلّا من بحر، وعجب من كثرة علمه.
الَ أَحْمَد بْن أبي خيثمة: ما كُنَّا نسميه إلّا المكنسة، وهل احتاج بلدٌ فِيهِ بقيُّ إِلَى أن يأتي إِلَى ها هنا منه أحد؟
وقال ابن حزم: مسند بقيّ روى فيه عن ألفٍ وثلاثمائة صاحب ونيف، ورتَّب حديث كل صاحبٍ على أبواب الفقه، فهو مُسْنَد ومصنَّف، وما أعلم هَذِهِ الرُّتبة لأحدٍ قبله مع ثقته وضبطه وإتقانه واحتفاله فِي الحديث، وله مصنَّف فِي فتاوى الصّحابة والتّابعين فمن دونهم، الّذي أربى فِيهِ عليّ مصنف أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة وعلى مصنَّف عَبْد الرّزّاق، ومصنَّف سَعِيد بْن مَنْصُور.
ثُمَّ ذكر تفسيره وقَالَ: فصارت تصانيف هَذَا الْإِمَام الفاضل قواعد الْإِسْلَام لا نظير لها، وكان متخيرًا لا يقلد أحدًا. وكان ذا خاصة من أَحْمَد بْن حنبل، وجاريًا فِي مضمار الْبُخَارِيّ، ومسلم، وأبي عَبْد الرَّحْمَن النَّسائيّ
وَقَالَ أَسْلَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: حدثنا بقيّ قال: لما وضعت مسندي جاءني عبيد الله بن يحيى بْنُ يَحْيَى، وَأَخُوهُ إِسْحَاقُ فَقَالا: بَلَغَنَا أَنَّكَ وَضَعْتَ مُسْنَدًا قدَّمت فِيهِ أَبَا مُصْعَبٍ الزُّهريّ، وَيَحْيَى بْنَ بُكَيْرٍ، وَأَخَّرْتَ أَبَانَا؟ فَقَالَ بَقِيٌّ: أمّا تقديمي أبا مصعب، فَلِقَوْلِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قدِموا قُرَيْشًا وَلا تقدَّموها "، وَأَمَّا تَقْدِيمِي ابْنَ بُكَيْرٍ، فَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَبِّرْ كَبِّرْ "، يُرِيدُ السّنَّ، وَمَعَ أَنَّهُ سَمِعَ الْمُوَطَّأَ مِنْ مَالِكٍ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً، وَأَبُوكُمَا لَمْ يَسْمَعْهُ إِلا مَرَّةً وَاحِدَةً، فَخَرَجَا وَلَمْ يَعُودَا، وَخَرَجَا إِلَى حَدِّ الْعَدَاوَةِ.