المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتابٌ .. خـرجَ ولم يعد ..!



أهــل الحـديث
09-02-2013, 08:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



كتابٌ .. خـرجَ ولم يعد ..!


لكل منكم أخبارٌ وقصص في هذا الموضوع وهذي بعض أخباري

(1)




[الكرمُ ليسَ في الكتب يَا حَبَّة عيني!].




بلا موعدٍ مُسبقٍ!
زارني بعد غياب سنواتٍ وسنهاتٍ، "وما أجمل اللقيا بلا ميعاد!"؛ الاسم هو هو، والابتسامة الصفراء التي رأيتها في وجهه أول ما تعارفنا هي هي، لا تغادر محيَّاه، الشيء الجديد فيه أمران فقط:
كرش بازغٌ بزوغ الهضاب الشامخة.


وطفلٌ مدلَّلٌ آخذٌ بيده، عرفت فيما بعدُ أنه "ابنه"، الذي جاء بعد عامين من زواجه الذي لمْ أسمع به، ولم أُدعَ إليه؛ طفلٌ عليه علامات المشاكسة، ولا يخلو من ملامح مفترسةٍ تذكِّرني ببعض من أحب!

بعد السؤال عن الحال والأحوال "ربَّت" على كتفي بكفِّه التي كادت تخترق أصابعُها ظهري لتخرج من أضلاعي الأمامية، قائلاً: "ما زلت كما أنت لم تتغير، كتومًا، خجولاً" وابتسم!
قلت في نفسي: "وماذا بعد؟!"

ثم أخذ يتحدث عن أعماله وأشغاله، وما فتح اللهُ به عليه من أبواب الرزق؛ ثم أخذ - وهذا بيت القصيد - يحدثني عن سفرياته ورحلاته، وأنه يريد استغلال وقت السفر في الطائرة في القراءة والمطالعة.

قلت له - بلكنةٍ متلهفة -: "جميل جدًّا، أحيِّيك على ذلك".
قال: كنت أعلم أنك ستشجعني؛ ولهذا أتيتك.

قمت وأحضرت ورقة وقلمًا، وبدأت أكتب بعض العناوين، وفي أي مكتبةٍ من المكاتب، ثم دفعتها إليه، حدّق فيها، ثم ابتسم ابتسامة ماكرة، وحرَّك حاجبيه صوب المكتبة قائلاً: "ولكني أريد من هذه المرصوصة في مكتبتك هنا، يا بن الأكارم!".
تغيرت حينها عقاربُ بوصلتي ورددت عليه - بلكنةٍ عفوية -: "كان غيرك أشطر".
قال: "ما حسبتك بخيلاً!".
فقلت: "ليس بُخلاً، لكن الكرم ليس في الكُتُب يا حبةَ عيني".
قال: ما أراه إلا بخلاً.
قلت له: "أمي تقول عن شدة تعلُّقي بكتبي، ومنعها حتى أثناء ترتيب المنزل من المساس بها أو تحريك شيء منها، تقول: "هذه ليست كتبَك يا ولدي، هذه أبناؤك!

• ثم حدقت في ابنه الذي يلهو بين يديه، وابتسمت ابتسامة ماكرة؛ هل تعيرني ابنك أسافر به أيضًا؟!
• نظر إلي، ثم التفت لابنه التفات التائه الضرير: لا والله؛ لا أعيره لك "هذا ما ناقص".
• حينها قلت له: ما أراك إلا بخيلاً.


أنشد بعضهم يقول:



ألا أيها المستعيرُ الكتاب








ألا ارجعْ بغير الذي تطلب




بكفِّك من أخذه أقربُ

فلمسُ السماء وأخْذُ النجوم





فليس يُعارُ ولا يوهَبُ



فدُمْ ما بقيت على اليأسِ منه








♦♦♦♦

(2)




يجوز للشعراء في استعارة الكتب ما لا يجوز لغيرهم!



لا ألتزم بما ذكرت سابقًا مع غيري في تفهم قضية عدم إعارة الكتب، فحين زيارتي لبعض الأحبة؛ فإني لا أرى في مكتباتهم إلا غزوة من الغزوات المباركة اللائي أحرص على "هلت" ما أستطيع من الغنائم الورقية؛ وقلَّ مكتبةٌ من مكتباتهم إلا وناشتها حرابُ يدي، وخرجت بما قسَمه لها الرزاق من فوق سبع سمواتٍ؛ فمن ذا الذي يعترض على رزق الله الذي وهبني إياه!
وكلمة حق تقال: كم يعظم - في نفسي - رجلٌ منهم، يقول لي: "غضَّ طرفك يا زكرياءُ عن كتبي؛ فإنها محارمي".



♦♦♦♦

(3)



[ما غلبني إلا ذلك الرجل!]



أذكر قديمًا أن صديقًا لي - سابقًا - من مدينة أخرى زارني قبل أكثر من 10 سنواتٍ - وكنتُ حينها طالبًا - تناول معي الغداء، وبعد أن ملأ معدته بما لذَّ وطاب طلب مني كتابًا كان لتوِّه قد وصلني من "مصر"، وكانت الكتب لا تكاد تدخل إلا من مصر؛ إذ كانت ممنوعة، مع أنها لم تكن كتبًا في السياسية، ولكن من شقاوة ذاك الطاغية في الدنيا أنه يمنع الكتب الشرعية.
فاستحييت أن أخبره بأني لا أعطي كتبي ولا أعيرها؛ فقلت له: "هذا الكتاب جاءني من مصر ولم أقرأه بعد".
قال لي: "هذا الذي أريد!".
قلت في نفسي حينها: "يا رااااجل ... خلينا حبايب!".
قال لي - وهذه الحجة التي غلبني بها -: "أنا أريد هذا الكتاب حتى أستطيع إعادة الزيارة لك مرة أخرى، فوجود هذا الكتاب معي الآن مع شدة حاجتك إليه، وعدم قراءتك له سيكون دافعًا قويًّا لكي أزورَك من جديدٍ وأعيد لك الكتاب!".
شعرت بصدقٍ في نبرته فقلت له: "هو لك، ولا تتأخر!".
ووالله الذي لا إله غيره، ولا رب سواه، لم أرَه من ذلك اليوم إلى ساعة كتابتي لهذه الكلمات، ولم أسمع حتى صوته، ولا زال نزيف ذاك الجرح يؤلِمُني كلما تذكرت ذلك الكتاب؛ أو مرَّ بي فصلٌ من فصول الشتاء طيلة السنوات التي أعقبتْ عملية الاختطاف تلك.
كان عنوان الكتاب: أحكام الشتاء؛ للشيخ علي حسن الأردني، ط. دار الإيمان.


فاللهم فك أسرانا وأسرى المسلمين يا رب العالمين!



♦♦♦♦



(4)



[صديقٌ بارد جدًّا، وزوجة أبرد منه، وطفلٌ أبرد من أبويه]

هذا الصديق استعار مني أيضًا كتابًا؛ وقال لي: إن حرمه المصون تريد قراءة شيءٍ؛ فقلت له: "أنا لا أعير الكتب!".
فقال لي: إن زوجته حاملٌ، ونفسها متلهفة لكتاب في السيرة، وأخشى أن يكون وحمها على كتاب، ومنعها منه قد يؤثر على طفلها الذي لم يرَ النورَ بعد!
أعطيته الكتاب وكأنه والله قد سحب رُوحي من بين أضلاعي، وضربت له موعدًا زمانيًّا لا يجاوزه أبدًا.
بعد انقضاء المهلة جاءني في الموعد المحدد تمامًا، عبارات: جزاك الله خيرًا لا تغادر شفتيه، دفع إليَّ كتابي؛ ولكن:
إذ بالكتاب غير الكتاب الذي أعرف، لا غلاف ولا ورق.
وإذ بكتابي المسكين: تعلوه رعشة كعصفور بلله القطر!

قلت له: "يا فلان، ما هذا!؟".
قال لي: "هذا كتابك، وجزاك الله خيرًا؛ فقد كانت زوجتي مستمتعة بمطالعته".
قلت له: "أنا فهمت أنها توحمتْ على الكتاب كي تقرأه، لا كي تأكله وتلتهمه بأسنانها!
انفجر البارد ضاحكًا حينها.
وفي صدري من الغضب ما اللهُ به عليم، ثم قلت له: "دفع الله ما كان أعظم، والحمد لله أنها لم تتوحم على أبيك أو أمك، لكنت اليوم في صفوف المعزّين!".



♦♦♦♦

(5)



[تخزين الكتب!]

إلى وقتٍ قريب في عهد طاغية ليبيا؛ كانت تجارة بيع الكتب الدينية - المعاصرة خاصة - جريمةً لا تغتفر؛ يعاقب عليها القانون بأقصى العقوبات.
لي صديق حُكِم عليه بالمؤبد سنة 2002م تقريبًا؛ بتهمة تهريب كتب، وكانت الكتب عبارة عن كتب فقهية وحديثية وما شابهها.
لهذا كان السماع بدخول الكتب عبر الحدود المصرية ووصولها لبنغازي كالنصر المؤزَّر، وكانت للأسف تباع بأضعاف أضعاف ثمنها.
لم تكن الطبعة والتحقيق شيئًا مهمًّا في حينها؛ الأهم أن الكتاب بأي طبعةٍ من طبعاته الشرعية وغير الشرعية موجود؛ لهذا كان المرء أحيانًا يشتري كتبًا ليس له بها حاجة كبيرة في تلك المرحلة من طلب العلم؛ ولكن كان المرء يشتريها ويخزِّنها لكي يجدها مستقبلاً؛ تمامًا كحال النمل يخزِّن الطعامَ في فصول السنة كي يستعملها في فصل الشتاء؛ أذكر أني اشتريت مجلدات السلسلة الصحيحة والضعيفة للشيخ الألباني - رحمه الله - كاملتين، ولم أقلب صفحة واحدة من تلك الأجزاء إلا بعد مرور أكثرَ من عامين تقريبًا.



♦♦♦♦



(6)



[كتابٌ أمرضني!]



حين كنت طالبًا كنت أتغيب كثيرًا جدًّا، وبالكاد أحضر، وكان المصروف الدراسي يخزن حتى تأتي أخبار قوافل الكتب من مصر، أذكر أني يومًا اشتريت بكل ما أملك رسائلَ وكتبًا صغيرة، ولم يكن المبلغ الذي معي سوى مبلغٍ زهيدٍ؛ وما عسى أن يكون مصروف شابٍّ يافعٍ وطالبٍ لا زال يحبو في دراسته؟! لا سيما مع غلاء أسعار الكتب، قلبت عيوني في تلك العناوين، وأنا كلما أرى عنوانًا جديدًا أقول: "هذه مهلكتي!" حتى أرى عنوانًا آخر فأنسى الأول، وأقول: "هذه مهلكتي!"، وهكذا ثم آتي للثالث فأقول: "هذه هذه!" حتى انتهيت من التحديق فيها كلها.
رجعت للبيت ويعلوني من الهم والغم ما اللهُ به عليم، ألقيت نفسي في فراشي وما بي من نعاس ساعتئذٍ، ولكنه والله الأسى والحزن، وما بي من علةٍ ولا مرضٍ إلا تلك المجلدات والعناوين التي رأيتها مصفوفة كالبنيان المرصوص، ووالدتي تدخل عليَّ غرفتي وتسألني ما بي؟ وأنا لا أرد جوابًا، ولسان حالي:


لا يعرف الشوقَ إلا مَن يكابدُه * ولا الصَّبابةَ إلا مَن يُعانيها

وظللت على ذلك أيامًا؛ حتى والله إنهم قد ظنوا بي الظنون، وما لم يخطر ببالي يومًا؛ فقد ظنوا أني أريد الزواج، أو أني هائمٌ بفتاة قد سلبت لبِّي وقلبي!



♦♦♦♦

(7)



[فائدة غير بريئة!]

يذكر الشيخ صالح آل الشيخ قول القائل: "من أعار الكتاب فهو مجنون، ومن رد من استعار فهو أكثر جنونًا منه".
وذكر عن بعض أهل العلم أن سارقَ الكتب لا تُقطَعُ يده: " .. إذا سرق كتابًا فعند بعض العلماء لا يقطع؛ لأن فيه شبهة أن الحق في الكتاب للجميع؛ فلهذا قد يأخذ بعض طلبة العلم مثلاً أو بعض الزملاء كتابًا، ويرى أن له حقًّا فيه، خاصة إذا كان وَقْفًا، أو كان مُهدًى إليك، أو ما أشبه ذلك".
المصدر/ طالب العلم والكتب.



♦♦♦♦

(8)



[عروس مهوسة .. وإلا فلا .]

كتبي خطٌّ أحمر في البيت، تمر الأسابيع حتى تصدر الموافقة المبدئية مني لكي يتمَّ ترتيبُ غرفتي، وأكون أنا المشرف على ترتيبها، فلا تحرك ورقة من مكان لآخر إلا باطّلاعي، ولا يمس دفترٌ إلا بمعيتي؛ ولهذا - كما سبق ومر قريبًا - كانت والدتي الغالية - التي رضيِتْ بقضاء الله وقدره في ابنها - تقول لي: "هؤلاء أبناؤك وليس كتبك!! وأعان الله زوجتَك على هذا الهوس بالكتب.
فيكون ردي عليها:" اطمئني، لن أتزوج إلا مَن هي أشدُّ مني هوَسًا".




قمتُ بإدراجه في الألوكة
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Culture/0/50200/#ixzz2KQ1sq200