المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دموع وآهاات ليلة الزفاف



احلام
22-09-2003, 01:44 PM
لم أكن أعرف حقيقة زوجي إلا ليلة زفافي إليه ..
فبعد أن انسحب المدعوون وهدأ صخب الفرح وتوقف قرع الطبول .. وجدتني أمامه وجهاً لوجه في حجرة واحدة والباب مغلق علينا ..

أطرقت برأسي في حياء وحمرة الخجل تعلو وجنتي .. لم أنظر أبداً تجاهه .. ولم أفتح فمي بكلمة واحدة .. هو الرجل ويجب أن يبدأ هو ..

طال انتظاري دون جدوى .. تمر الدقائق بطيئة مملة .. لا صوت .. ولا حركة .. ازداد خوفي وقلقي .. تحول الحياء إلى رعب شديد .. شلني حتى الصدمة ..

لم لا يتكلم هذا الرجل .. لم لا يقترب .. ما به ؟

تململت في جلستي دون أن أحيد نظراتي المصوبة نحو الأرض ..

ترى هل هو خجول لهذه الدرجة .. أم أنني لم أعجبه .. ؟****

صرخة قوية دوت في أعماقي .. لا .. بالتأكيد أنا أعجبه .. فأنا جميلة .. بل باهرة الجمال .. وهذه ليست المرة الأولى التي يراني فيها فقد رآني أثناء الخطبة مرة واحدة .. ولكنني لم أحاول التحدث معه إطلاقاً .. هو لم يبادر ولم أشأ أن أكون البادئة فيظن بي الظنون .. حتى أمي قالت لي ذات يوم بأن الرجل يفضل المرأة الخجولة ويكره الجريئة الثرثارة ..
بسملت وحوقلت .. قرأت آية "الكرسي" في سري وأنا أحاول طرد الشيطان .. ولكنه أيضاً لم يتكلم .. هل هو أبكم لا ينطق ؟ .. كلا فقد أكد لي أبي بأنه يتكلم بطلاقة لا نظير لها .. أخي حكى لي كيف أن حديثه حلو وحكاياته كثيرة .. إذاً ما به ؟

ربما هو ليس في الحجرة معي .. هنا فقط رفعت رأسي بذعر لتصطدم عيناي به .. أخفضت عيناي بسرعة وصدري يعلو ويهبط .. ولكنه لا ينظر إلي ..

أنا متأكدة من ذلك .. في نظرتي السريعة إليه أدركت هذا .. رفعت نظراتي إليه ببطء


وأنا أغرق في ذهولي ..إنه لا يشعر حتى بوجودي .. فقط ينظر إلى السقف بقلق وعلى وجهه سيماء تفكير عميق ..

تحرك فجأة ولكنني لم أستطع أن أبعد نظرات الدهشة عنه .. لم ينظر إلي كما تبادر إلى ذهني .. فقط نظر إلى الساعة ثم أخذ يقضم أظافره بعصبية شديدة ..
تحولت دهشتي إلى نوع من الحزن .. ممتزج بيأس مر ..

قطرات من الدموع انسابت من عيني لتتحول إلى أنين خافت تقطعه شهقات تكاد تمزق صدري الصغير ..
حانت منه إلتفاتة عابرة لا تدل على شيء .. فارتفع نشيجي عالياً يقطع الصمت من حولي ويحيل الحجرة الهادئة المعدة لعروسين إلى مأتم حزين .

اقترب مني ببطء .. وقف إلى جواري قائلاً بصوت غريب أسمعه لأول مرة :

لماذا تبكين ؟

هززت كتفي بيأس ودموعي لا تزال تنهال بغزارة على وجهي ليصبح كخريطة ألوان ممزقة ..


عاد لي الصوت الغريب مرة أخرى قائلاً .

اسمعي يا ابنة عبد الله بن راشد .. أنت طالق ..

توقفت دموعي فجأة وأنا أنظر إليه فاغرة فاهي من شدة الذهول .. هل هو يهزل .. يمثل .. يسخر ..


أين الحقيقة والواقع في وسط هذه المعمعة .. هل أنا أحلم .. أم أنه كابوس مرعب يقضي على مضجعي ؟..

أفقت في اليوم التالي على بيت أبي .. وأنا مطلقة .. وأمي تنتحب بحرقة .. وأبي يصرخ من بين أسنانه ووجه أسود كالليل :


لقد انتقم مني الجبان .. لن أغفرها له .. لن أغفرها له ..

وقتها فقط عرفت الحقيقة .عرفت بأنني مجرد لعبة للانتقام بين شريكين .. أحدهما وهو أبي قرر أن يزوجني لابن شريكه لكي يكتسح غضبه الذي سببته له خلافاتهما التجارية ..


والآخر قرر أن ينتقم من أبي في شخصي .. ولكن ما ذنبي أنا في هذا كله .. لماذا يضيع مستقبلي وأنا لا زلت في شرخ الشباب ؟ .. لماذا أتعرض للعبة قذرة كتلك ؟

لم أبك .. ولم أذرف دمعة واحدة .. واجهت أبي بكل كبرياء .. وأنا أقول له :


أبي .. لا تندم .. لست أنا من تتحطم ..


نظر أبي لي بدهشة وغشاء رقيق يكسو عينيه .. وإمارات الألم والندم تلوح في وجهه ..

أسرعت إلى حجرتي كي لا أرى انكساره .. نظرت إلى صورتي المنعكسة في المرآة فهالني ما أراه .. أبداً لست أنا .. لست أنا تلك الفتاة الحلوة المرحة الواثقة من نفسها .. لقد تحطم كل شيء في ثوان .. تاهت الحلاوة وسط دهاليز المرارة التي تغص بها نفسي .. وسقط المرح في فورة التعاسة الكاسحة .. وتلاشت الثقة كأنها لم تكن .. وأصبحت أنظر لنفسي بمنظار جديد وكأنني مجرد حيوان مريض أجرب ..


أرعبتني عيناي .. أخافتني نظرة الانتقام الرهيبة التي تطل منهما ..
أغمضتهما بشدة قبل أن تسقط دمعة حائرة ضلت الطريق ..


أسرعت إلى الهاتف وشعلة الانتقام تدفعني بقوة لم أعهدها في نفسي .. أدرت أرقام هاتفه بأصابع قوية لا تعرف الخوف .. جاءني الصوت المميز الغريب الذي لن أنساه مدى الدهر ..

يكفي أنه الصوت الذي قتلني ليلة زفافي وذبحني من الوريد إلى الوريد .. قلت له بنعومة أمقتها :

أنا معجبة !
لم أكن أتوقع أبداً سرعة إستجابته و لا تلك الحرارة المزيفة التي أمطرني بها دون أن يعرفني ..


أنهيت المكالمة بعد أن وعدته بأن أحادثه مرة أخرى وفي نفس الوقت من كل يوم ..

بصقت على الهاتف وأنا أودعه كل غضبي وحقدي واحتقاري .. سأحطمه .. سأقتله كما قتلني .. كما دمر كل شيء في حياتي الواعدة ..
استمرت مكالمتي له .. وازداد تلهفه وشوقه لرؤيتي ومعرفة من أكون .. صددته بلطف وأنا أعلن له أنني فتاة مؤدبة وخلوقة .. ولن يسمع مني غير صوتي ..

تدله في حبي حتى الجنون .. وأوغل في متاهاته الشاسعة التي لن تؤدي إلى شيء .. سألني الزواج .. جاوبته بضحكة ساخرة بأنني لا أفكر بالزواج حالياً ..
أجابني بأسى :

أنا مضطر إذن للزواج من أخرى .. فأبي يحاول إقناعي بالزواج من إبنة عمي .. ولكني لن أنساك أبداً يا من عذبتني ..!
قبل أن أودعه طلبت منه صوراً للذكرى موقعة باسمه .. على أن يتركها في مكان متفق عليه لأخذها أنا بعد ذلك .. وصلتني الصور مقرونة بأجمل العبارات وأرق الكلمات وموقعة باسمه دست على الصور بقدمي وأنا أقاوم غثياني الذي يطفح كرهاً وحقداً وإحتقاراً ..
بعد شهور أخبرني عن طريق الهاتف بموعد زواجه .. ثم قال بلهجة يشوبها التردد :


ألن تحضري حفل زواجي .. ألن أراك ولو للحظة واحدة قبل أن أتزوج .. قلت له باشمئزاز :

وزوجتك أليست هي الجديرة بأن تراها ليلة زفافك ..

رد باحتقار :
إنني لا أحبها .. وقد رأيتها عشرات المرات .. ولكن أنت إنك .. أنت الحب الوحيد في حياتي ..

وعدته باللقاء وفي نفس ليلة زواجه !. من جهة أخرى كنت أخطط لتدميره فقد حانت اللحظة الحاسمة لأقتله كما قتلني .. لأحطمه كما حطمني .. كما دمر كل شيء في حياتي البريئة ..

جمعت صوره الممهورة بأروع توقيعاته في ظرف كبير ..
وقبل دخوله على عروسه بساعة واحدة كان الظرف بين يديها .. وكانت الصور متناثرة بعضها ممزق بغل .. وصور أخرى ترقد هادئة داخل الظرف بخيالي تصورت ما حدث ..

العريس يدخل على عروسه التي من المفترض بأنها هادئة ومرحة وجميلة ..

فيجد كل هذا قد تبدل .. الهدوء حل محله الغضب والراحة اتخذ مكانها الصخب .. والجمال تحول إلى وجه منفر بغيض وهي تصرخ بوجهه قائلة :

طلقني !

لم أخفي فرحتي وأنا أحادثه في نفس الليلة :

مبروك .. الطلاق .


بوغت سأل بمرارة :

من ؟

قلت له بصوت تخلله الضحكات :
أنا المعجبة .. ابنة عبد الله صالح راشد


منقول

طيف الوله
22-09-2003, 10:04 PM
قصه مؤثره

الانتقااام عندما يكون من المرأه يكون اصعب واقوى


سلمت يدااك غاليتي قصه تحمل في طياتها كل العبر لنبتعد عن ظلم بعضنا البعض

قوت القلوب
23-09-2003, 12:53 AM
قصه جدد مؤلمه وحزينه وقويه ومعبره في نفس الوقت
فيها شموخ وانتقام امرأه
من مميزات المراه مهما كانت ضعيفه او قويه خجوله او جرئيه ان ارادة الانتقام تصل له مهما كان الثمن
شكرا اختي احلام على القصه الرائعه
تحياتي

مجروحة الزمن
23-09-2003, 04:00 PM
فعلا قصه مؤثره ومحزنه جدا

يعطيج الف عافيه اختي احلام

تحياتي لكي

لي طب۶ي الخاآاآص
23-09-2003, 07:30 PM
أحداث تشعبها الحزن المدمر والمنتقم لأحداث سابقة
توالت فيها العبرات حرف بعد حرف
سلمتي

أمل عبدالعزيز
23-09-2003, 11:58 PM
سرد قوى للقصة , وبالفعل كان انتقام رهيب..........

لقد أستمتعت بالفعل وأنا أقرأها............

تحياتي لكِ أحلاااااام.............

طلال التريباني
24-09-2003, 07:14 AM
اختي الغاليه احلام العزيزه طيف الوله غاليتي قوت القلوب اختي مجروحة الزمن الغاليه وسن العزيزه الرهيبه من قال ان المرأه ضعيفه المرأه بطبيعتها قويه مهما واجهتها من مشاكل تستطيع التغلب عليها ولكن رد الصاع صاعين ليس مرغوب فيه حتى ولو كانت قد تعرضت لصدمه قويه كلتي تعرضت لها ليلة الدخله والأنتقام من والدها لتكون هي الضحيه ولكن لننظر من جانب اخر وهو الزوجه الأخرى ما ذنبها لماذا لم يراعى لمشاعرها ونظرة الناس لها كمطلقه اليس هذا هو الأنتقام ان اتسبب في دمار حيات شخص آخر ليس له ذنب في كل شيء لماذا لم تخبرها عن الصور قبل الزواج لماذا ليلة الزواج الرجل يستطيع ان يأخذ زوجه غيرها ولكن هذه المطلقه حتى ولو كان طلاقها انها اكتشفت حقيقة زوجها المخزيه , في مجتمعنا الأن لايترك الواحد في حال سبيله كان الأجدر بها بدل الأنتقام التوجه الى الله ودعوته بأن خلصها من شخص لا يستحقها
وان تتضرع الى الله بالدعاء ليأخذ سبحانه حقها من هذا المخادع بدل الأنتقام المر انا اعتبره ليس من الرجل بل من الزوجه الأخرى المسكينه كل ما اقوله ان لايرينا الله مثل هذه المواقف المؤلمه حقا انه على كل شيء قدير
شاكر لك اختي هذا الموضوع المؤلم حقا .
ملاحظه :- هذا الريء مجرد وجهة نظري في الموضوع لكم الحق في قرأتها او رفضها ودمتم احبابي .







تحياتي اخوكم

الـقــنــــــاص
27-09-2003, 01:59 PM
مشكوووووووووووووره اختي احلااااااااااااام على هذا الموضوع الجميل

قصه رائعه و جميله و محزنه في نفس الوقت

انا عندي وجهة نظر :
بس اظم صوتي الى اخوي طلال .

اخوي طلال التريباني ما قصر في شرحه

كان في شرحه ملم و هذا اللي كنت ابغى اقوله

اشكر اخوي طلال على هذه الملاحظه الرائعه .



اخوكم /