المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في مدينة كَفْرِ الشيخِ الحويني



أهــل الحـديث
28-01-2013, 05:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



في مدينة كَفْر الشيخ الحويني !


الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده ، وبعد :

كتبت تغريداتٍ منثورةً حول زيارتي لمصر في شهر ربيع الأول عام 1434 ، واقترح بعض الأفاضل جمعها ، وتم ذلك مع إضافاتٍ متفرقة ..

فدونكم شيئا مما رأيت وما سمعت في تلك الزيارة القصيرة ، والله ولي التوفيق .

سعدت في رحلة مصر برفقة الصديق الفاضل الشيخ بندر القثامي، وأكرمنا الشيخ الكتبي كامل بلتاجي الشريف بضيافة في منزله بمحلة القصب في كفر الشيخ.

و محلة القصب قرية كبيرة في الريف المصري ، تابعة لمحافظة كفر الشيخ شمال مصر ، ويسكن هذه القرية قرابة اثني عشر ألفا.

الإقامة في الريف المصري بطبيعته الجميلة وهدوئه ـ ولو كانت لياليَ ذواتِ عددٍ لها أثرٌ جميلٌ على النفس لا توصف ، فما أجمل سكون الليل هناك وما أحلى هدوء السحر الذي لا يخترقه سوى نداء المؤذّن الأول ثم الثاني ، وصياح الديكة بينهما .

تفضل الشيخ أبو سفيان كامل بلتاجي الشريف بإضافتنا في منزله،وهو مهتم بالكتب والنشر، وداعية فاضل، وأحد أعيان كفر الشيخ ،

التقينا بعض الأشياخ الأفاضل، وعلى رأسهم الشيخ أبو إسحاق الحويني ، والشيخ أحمد الوكيل ، والشيخ العربي زغلول ، والشيخ محمد فريد وغيرهم.

فأما الشيخ أبو إسحاق فهو علَمٌ جليل ومحدّث فاضل ، وداعية شهير، واسمه : حجازي بن محمد بن يوسف الحويني ( نسبةً إلى قرية حوين في كفر الشيخ) ، وإسحاق كنية استحسنها وليس له ابن بهذا الاسم ، ولد الشيخ عام 1375 هـ ، وتلقى العلم عن أعلام كبار كالشيخ سيد سابق والشيخ محمد نجيب المطيعي والشيخ ناصر الدين الألباني ، وحضر للشيخ ابن باز وابن قعود وغيرهم رحم الله الجميع ، وقد عرفته منذ مؤلّفاته القديمة لا سيّما الأجزاء الحديثية التي صنّفها قديما ، وقرأت بعد ذلك قصة التحاقه بركب طلاب العلم وهي قصة ماتعة أوردها الشيخ في كتابه (تنبيه الهاجد) فاظفر بها غيرَ مأمور .

وقد ذاع صيت الشيخ بعد ذلك ، وكان إلى جانب انشغاله بالتأليف صاحبَ مشاركات إعلاميةٍ لا تكاد تخرج عن سياق العلم والدعوة والتربية ، وقد نفع الله بأحاديثه تلك خلقاً ، لا حرمه الله أجر ذلك.

وكان الشيخ قد أصيب بأخَرَةٍ بمرض قطعت لأجله ساقه عام 1433، فرغبت في زيارته ويسّر الله بحمده ذلك وأعاننا الله على التشرف بلقائه ، وكان للشيخ كامل وابني الشيخ :حاتم وهيثم فضل بعد الله في تيسير ذلك.

وقد جرت عادة قاصدي الشيخ ومحبيه أن يسألوا : أين سيصلي الشيخ الجمعة؟ ، وقد رأيناهم اجتمعوا عند باب منزله من أقطار شتى للسلام عليه أو استفتائه.

كان لقاؤنا معه برفقة ابنه الشيخ حاتم والشيخ كامل والشيخ بندر القثامي ، وقد أحسن الشيخ حاتم استقبالنا وضيافتنا تمهيدا للقاء والده.

دلفنا إلى مكتبة الشيخ أو مجلسه لا فرق ، فمكتبته مجلسُه ومجلسُه مكتبتُه ، كان يجلس بين الكتب المحيطة به من كل اتجاه، واستقبلنا الشيخ ببشاشته المعهودة،وبادرني بعد الترحيب بالسؤال عن القصيدة التي كتبتها حين بلغني خبر قطع ساقه، وكان الشيخ حينها شرّفني بالثناء على القصيدة ثناء بالغا في مكالمة عقب نشرها، ثم كرر الثناء أيضا على أداء أخي الفاضل محمد العسيري بورك فيه.

وكان الشيخ الحويني كما هي عادته يلقي بالطرفة دون تكلف، ولا تكاد الابتسامة تفارق محيّاه، بارك الله فيه وعافاه ، ودار معه حديث ممتع حول موضوعات شتى ، كان منها ما له صلة بأعمال الشيخ العلمية، وقد أطلعَنا على تحقيقه لتفسير ابن كثير، وهو عمل جبار.

وأفادنا الشيخ أنه يحقق الكتاب على إحدى وعشرين مخطوطة، منها نسخة قرأها ابن كثير رحمه الله ونسخ أخرى نادرة ، مع جهد ظاهر في التخريج ودراسة الأسانيد، وذكر الشيخ أن الكتاب ربما يخرج في أربعين مجلدا، والشيخ يشتغل به وبغيره ـ ولا سيّما وقد أعلن عن استئنافه لدروسه في المسجد ـ وهو يقضي في مكتبته أربع عشرة ساعة كما أفادنا ابنه الشيخ حاتم.

دار حوار حول المخطوطات ومالكيها، وانتقد الشيخ من يبخلون ببذلها لطلاب العلم ولا سيّما مع توفرها في مواقع الشبكة العنكبوتية وغيرها ، وذكر لنا الشيخ معاناته مع بعض دور الكتب وخزائن المخطوطات قديما،



ومن طريف ما ذكر الشيخ: أن طالب علم من السعودية أراد الحصول على مخطوطة من إحدى تلك الدُور فكان ثمن التصوير غاليا جدا، قال الشيخ:فعاتبتهم في ذلك، فقالوا : هذا تراث الأجداد ولا بد من المحافظةعليه قال : فقلت لهم:لعلهم أجداد هذا الباحث لا أجدادنا ؛ فأجدادكم الفراعنة وأنا أجدادي أتراك !

وحول أحداث مصر ؛ كان الشيخ الحويني يتحدث متفائلا، وقد أثنى على خطبة الشيخ العريفي وقال : استمعت إليها وبكيت ؛ فقد جاءت في زمن العقوق!

استأذنّا الشيخ غير مرة خشية الإثقال عليه فكان يأبى ويقول : الضيف أسير مضيفِهِ، ثم أهدانا كتابه : " الفتاوي الحديثية" في أربع مجلدات.

كان لقاء لا ينسى، وقد رأينا ثناء الناس عامتهم وخاصتهم على الشيخ ، وكانوا يروون لنا شيئا من أخباره ومواقفه النبيلة وعزة نفسه وكريم أخلاقه.

وفي كفر الشيخ زرنا الشيخ الفاضل الباحث أحمد بن عطية الوكيل ، وأكرمنا بإضافتنا في منزله،ورأينا من علمه وخلقه ما يسر ، وللشيخ أحمد الوكيل جهود في التحقيق والبحث ، منها تحقيقه لتفسير الطبري ، وقد عدّه (مشروع العمر) ، وأفادناالشيخ بأن طبعات الكتاب الموجودة يعتريها خلل متفاوت ، وذكر أنه وقف على أخطاء علمية في نشرة ( دار هجر ) ومنها : سقوط أسانيد كاملة من الكتاب ، وأخطاء في التراجم وغيرها ، وأهدانا الشيخ بعض مؤلفاته مشكورا.

وفي كفر الشيخ أيضا التقينا الشيخ الفاضل : العربي زغلول ، وهو أحد الشيوخ الذين يدرّسون العقيدة وغيرها في المساجد ، وله عناية بالكتب والتحقيق ، مع خلق نبيل وبشاشةٍ وحسن استقبال حيث أضافنا في منزله جزاه الله خيرا.

في مصر عودةٌ قويةٌ إلى الدين، واهتمام ظاهر بالتعلم،ونشاط ملحوظ في الدعوة،وفي الجانب النسوي بات الحجاب ظاهرا، وأصبح منظر المنقّبات مألوفا.

ومما أعجبنا : التفات الدعاة هناك إلى هموم الناس وحرصهم على خدمة الناس والسعي في مصالحهم .

وبعد: فهذا شيء ما رأيت و ما سمعت هنالك، فاللهم احفظ مصر وأهلها ، وأبرم لهم أمراً رشدا ، وكن لهم ، واحرسهم من مكر المتربصين ، وسائر بلاد المسلمين .



وكتب : يعقوب بن مطر العتيبي

في الرياض 15/3/1434
http://twitmail.com/email/244033478/...%D9%86%D9%8A-- (http://twitmail.com/email/244033478/3/%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D9%83%D9%8E%D9%81%D9%92%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D9%8A%D9%86%D9%8A--)