المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جحود المشاعر.. بين الوفاء والنكران



عميد اتحادي
28-01-2013, 03:40 PM
الحياة واحة واسعة مترامية الأطراف يعيش فيها بنو البشر بمختلف اتجاهاتهم وعقائدهم ومشاعرهم تجاه أنفسهم والآخرين فمن يزرع فيها الخير يحصد الخير بإذن الله ومن يزرع الشر يجد الشر كل حسب صفاء نيّته وقلبه وسريرته.
وهناك صحراء قاحلة ونفوس ناكرة وقلوب جامدة، وفي تلك الصحراء تحاول أن تزرع الخير فيها لتعيدها إلى الحياة وتعيد البهجة إلى النفوس باخضرارها وزهورها وتحاول أن تسقيها بروح الحياة والتفاؤل والأمل وبالحب والرحمة والعطف لتهديها لمن يحتاج إليها ولكنك تفاجأ برياح النكران تهب عليك وتحاول أن تقلعك من جذورك وصلتك بهم، وتقتل مشاعرك الفياضة لتدمر مازرعته وتزرعه من خير، وتهدم ما بنيته ولكنك موقنٌ بأن هناك ربا يعلم ما كنت تنوي عمله لوجهه جّل عُلاه، فكم هو رائع أن تقدم الخير وتساعد الغير وإن قابلك الآخرون بالجحود ونكران الجميل وإن اعتبروه واجباً،عليك أن تقف بجانبهم ضمن واجباتك الأسرية أو صلة الرحم، حقاً إنه أمر غريب ومحزن لفئة من البشر لا تخشى منهم الجحود ونكران المعروف ولكنك تخشى طعنة الظهر التي هي أكثر إيلاماً.
فنكران الجميل من الأمراض الاجتماعية بين البشر التي أخذت تنتشر ولها صور متعددة، قد يكون بين الزوج والزوجة أو الأب وأبنائه أو بين ذوي الأرحام أو الأصدقاء أوعامة الناس. وهي صفة مذمومة ولها آثارها السلبية والسيئة والتي تتنافى مع الطباع الحسنة وقلة الوفاء والمروءة والاعتراف بالفضل والإحسان، حقاً إنها أنانية النفس وجهل العقل وضعف الإيمان (لايشكر الله من لايشكر الناس).
لذلك هناك فئة من البشر فيها روح الأنانية وقد تعوّدت على الأخذ والنكران، فكم من البشر ناكر للمعروف ويبخل بكلمة طيبة تُدخل الفرحة في القلوب، وكم من قلب مليء بالقسوة والحقد والجفاء والكراهية والغيرة، لدرجة أصبح البعض ينكر نفسه ويزداد النكران فيه يوماً بعد يوم ويلازمه جفاء القلب وقسوته، إنهم أناس يعيشون بيننا يتنفسون من وعاء الخير، يشربون ويأكلون كلاماً عذباً طيباً، ولكنهم يأكلون لحومنا رغم وقوفنا معهم في الشدة والرخاء، ونقاسمهم الأفراح والأحزان؛ عيوننا تدمع عندما تدمع عيونهم، وشفاهنا تفرح عندما نجدهم في سعادة وبقلوب صافية، لم ولن نخطئ في حقهم أو نسيء اليهم، ورغم دفاعنا عنهم إلا أنهم لايحفظون المعروف، يتساءل البعض هل يستحق هؤلاء الاحترام والوقوف إلى جانبهم بالمزيد من العطاء ونهديهم من أحاسيسنا ونخاف عليهم ونقوم بتوجيههم ونُصحهم ومساعدتهم التي يعتبرونها من واجباتنا المفروضة علينا، وإن كان ذلك قُصوراً وعلى حساب أبنائنا؟.
هؤلاء البشر في حياتنا لا يذكرون إلا احتياجاتهم ومتطلباتهم فقط، فهم اعتادوا الأخذ بالأنانية وحب النفس ولم يتعوّدوا على العطاء بقدر الأخذ، لذلك مهما بذلت لهم من تضحيات يعتبرونه واجبا عليك لايستحق الشكر، لذا علينا عند العطاء أن نعي في عقولنا وقلوبنا أننا نعطي لوجه الله لاننتظر مقابل عطائنا، ففي سلوك البشر تناقضات كثيرة واختلافات عديدة بين الوفاء والنكران وبين الإحسان والإساءة. فمن يحب عمل الخير والإحسان والمعروف لبني الإنسان إن كان قريبا أو بعيداً لايفكّر في أي مردود غير رضا المولى عز وجل وابتغاء ما عند الله وليس ما عند البشر فشكر النعمة واجب وشكر الناس فضيلة.

والتقييم لكم