المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المغضوب عليهم هم الضالون



أهــل الحـديث
24-01-2013, 10:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


إذا كانت الصلة بين اليهودية والماركسية صلة أصيلة قديمة مكشوفة وكانت الصلة بين اليهودية والبروستانتية المصهينة مكشوفة، فإن التضامن الصهيوني الكاثوليكي وليد التغييرات الكنسية لمجمع فاتكان الثاني منذ نيف وعشرين سنة.
بصراحة يكشف الصلة القديمة بين الماركسية الصراعية واليهودية كبار المنظرين اليهود، فيقول موشى هس أحد رواد الصهيونية (1812-1875): "إن الفكر الماركسي برغم كل شيء فكر يهودي، وإن الأممية دعوة يهودية". ويقول هارمان كوهن الصهيوني (1842-1918): "الماركسية جهد يهودي عصري لتحقيق غاية التوراة". حتى يجيء فيلسوف "الثورة الهامشية" اليهودي هربر ماركوس (1898-1979) فيعلن الحاجة إلى: "ثورة طلابية ثقافية تستند إلى فلسفة تقدم على دعامة من الماركسية والفرويدية، وهما من أشد الفلسفات المعاصرة التصاقا باليهودية".
من أي منعطف ومن أي نافذة أطللنا على التاريخ البشري قديمه وحديثه وجدنا بني إسرائيل في بُؤْرة الأحداث شغلوا الإنسانية زمان شتاتهم في الأرض ويشغلونها الآن بعد أن جاء الله بهم لفيفا ليوم "وعد الآخرة". يتنافى عددهم مع كثافة ذكرهم في القرآن الكريم فيخال الغافل عن الله أن بني إسرائيل حدث تاريخي انتهى وأن القرآن مجرد سجل للتاريخ القديم. وبمجرد البحث "الموضوعي" العلمي يجمع لفيف هنري فورد منذ سبعين سنة الوثائق التي تثبت أن "اليهودي العالمي" هو مرض الكرة الأرضية عامة ومرض أمريكا خاصة. ومن إزاء القرآن يُتاحُ لنا عمق النظرة وسعتها لنتبين في من لعنهم الله وغضب عليهم ومسخهم مناط "داء الأمم" ومحطته وجرثومته ووباءه المنتشر.
كانوا من قبل ألد أعداء الكنيسة الكاثوليكية، يتهمهم النصارى بصلب السيد المسيح عليه وعلى نبينا وإخوانهما أفضل الصلاة وأزكى السلام. ويرون في كل يهودي قاتل ربهم. ضلال بعضه فوق بعض. فبنو إسرائيل كفروا بالمسيح عليه السلام وهموا فعلا بقتله، وحاكموا بالفعل صورة شبهها الله تعالى لهم بالمسيح عليه السلام، وصلبوها. والنصارى ورثوا أناجيل مدسوسة محرفة فيها قصة صلب المسيح. ونحن نقرأ كتاب ربنا العزيز المحفوظ فنجد أنه تعالى يقول عن اليهود: "وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ" (سورة النساء، 157) لم يقل لنا أن الشخص الذي قتلوه وصلبوه شبه لكل من رآه. إنما قال "شبه لهم" أي لليهود خاصة.
والدليل على هذا، الموثق المكتوب، هو إنجيل بَرْنَبا الذي أنكرته الكنيسة الكاثوليكية في مجمع نيقيا في القرن الرابع الميلادي. ونفوا صحته وأخفوه فهو اليوم نادر الوجود. وكنت قرأت نقولا من هذا الإنجيل تطابق تماما أحسن القصص القرآني، تطابق الحق وتصف كيف دخل العساكر الرومان على السيد المسيح عليه السلام وهو مع حوارييه يتقدمهم الخائن يهودا إسكاريوت الذي دلهم على المخْتَبَإِ. فإذا بالعساكر يمسكون بيهودا ويقولون له: "أنت هو". والحواريون يتعجبون لأنهم يرون يهودا بصورته الحقيقية، ويهودا يحتج، والعساكر يسحبونه ويذهبون به إلى حيث لقي مصيره.
هذا الإنجيل تخفيه الكنيسة، وتنكره، وتحتفظ بأناجيل أخرى فيها من الخرافات ما لا يطيقه عقل بشر سوي. وتخفي الكنيسة إنجيل برنَبا لما فيه من ذكر واضح لبعثة محمد صلى الله عليه وسلم المرتقبة. وتحتفظ بأناجيل التزوير. وفي هذه الأناجيل آثار الدس اليهودي واضحة. ولا عجب فهم الاختصاصيون في هذه المهنة الخسيسة كما ذكر الله رب العزة عالم الغيب والشهادة في كتابه المبين كما رأينا في الفصل الثاني من هذا الكتاب.
إننا نُكْبِر الحواريين أنصار عيسى عليه السلام وأنصار الله أن يكون في شهادتهم لو احتفظ بها سالمة إلا الحق والصدق. وما نجده في أسفار النصارى منسوبا إلى الحواريين تحريف واضح.
نسبوا إلى بولس قوله: "أنا رجل يهودي طرسوسي فِيلِيقي من سكنة بلد ليست بالحقيرة"(أعمال الرسل 21-39). ويُسجن بولس مرة مع أصدقائه، في زعم الوثائق الرسمية للكنيسة، فيغير الانتماء ويزعم أنه رومي: "فقال لهم بولس: "إنهم جَلَدونا علانية بلا إقامة برهان ونحن روميان، وألقونا في السجن"(أعمال الرسل 16-35). وادعى عليه اليهود مرة، في زعم الوثائق الرسمية، فقال: "وإن لم يكن مما يدعي علي به هؤلاء شيء فلا يستطيع أحد أن يسلمني إليهم، وإلا أستغيث بقيصر"(أعمال الرسل 25-10-13). وفي مكان آخر يناقض الالتجاء لقيصر، قال بولس ينصح أصحابه: "فهل يتجاسر أحدكم إذا كانت له مع غيره مناقشة أن يتحاكم إلى الظالمين لا المقدسين؟ ألم تعلموا أن المقدسين يحكمون على العالم؟(...) أولم تعلموا أنا سنحكم على الملائكة"(الرسالة الأولى من بولس إلى أهل كورنتيوس 6-10-13). ألا يذكرنا هراء الحكم على الملائكة بترهات التلمود؟ وكيف ينطق بهذا البهتان حواري عيسى عليه السلام؟
تلوّنات ونفاق واغتنام فرص. خصال يهود اندست في وثائق الكنيسة. وانتهت فيها تعاليم نُسبت إلى مؤسس النصرانية عندهم وناشرها خارج فلسطين بولس. يقول معلمهم هذا ناصحا إخوانه بالتعاون مع الحكام: "فلتنقد كل نفس لكل ما يتسلط عليها من الأقدار. لأنه لا اقتدار إلا من الله.(...) فمن يخالف الأقدار فهو يخالف الله.(...) لأن الرؤساء ليسوا خوفا للأعمال الحسنة، بل للأعمال القبيحة"(رسالته إلى الروميين 13-1-3). وينصح العبيد بالاستسلام فيقول: "وأما أنتم أيها الخدمة فأطيعوا مخدوميكم الجسمانيين بالخشية والارتعاد وخلوص نيتكم كما تطيعون المسيح. فامتثلوا إرادة الله بصحيح قلوبكم لا بمرآة العين.(...) فاخدموهم بحسن الإرادة كخدمة الرب"(رسالته إلى أهل فسوسي 6-5-7).
أين نحن من دين الله وهو الإسلام الذي جاءت به الرسل عليهم الصلاة السلام، وهو إفراد العبـودية لله تعالى؟ أخبرنا الله عز وجل أن النصارى: "ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ" (سورة التوبة، 31) وذهنية الخضوع للأحبار والرهبان ذهنية يهودية رأيناها سابقا في هذا الكتاب عندما عرضنا تعلق اليهود بما يقول كبراؤهم وما يأمرون وما يكتبون.
لا تتسع هذه الصفحات لنفحص كيف ارتمت النصرانية في أحضان قيصر واتخذوا شعار الشرك: "ما لله لله وما لقيصر لقيصر". يهمنا هنا أن نقف عند تعليم نُسب إلى بولس أن يخدم النصراني أربابه "الجسمانيين" كما يخدم ربه "الروحي" بكل قلبه وإخلاصه، "بالخشية والارتعاد". من هنا تأصل تقديس القَس والخضوع للكنيسة وقبول خرافاتها. تلك الخرافية التي انبنت عليها سلطة الباباوات حتى أصبحت الكنيسة دولة مهيبة الجانب يدين لها النصراني بالولاء الروحي، ويدين بالولاء الجسمي لقيصر الزمان والمكان. وتفرع عن هذا البناء الشّقّي لائكية التفريق بين الدين والدولة. واللائكية وباء مذهبي جاءنا عبر قنوات النصرانية الكاثوليكية من تلك اليهودية المعلمة المندسة في كل مكان وآن.
وانبنى على الخرافية في عقيدة التثليث التي يتفرد قسس الكنيسة ورهبانهم وحدهم من بين سائر أفراد البشر بفهم "أسرارها" العجيبة الغريبة سلطة احتكار الكنيسة لتفسير الدين، ومتابعة كل فكر حر يريد أن يفهم، وما نتج عن ذلك من تاريخ محاكمة العلماء الذين نطقوا بغير ما تقره الكنيسة. ومن هنا كان "الفصام النكد" في أوربا بين العلم والدين. لأن الدين كما تفهمه الكنيسة دين مزور لا يقوم أمام العلم الصحيح. ووفد علينا في بلاد الإسلام، وتبناه المغربون من بني جلدتنا، خبر ذلك الخصام فسحبه الأغرار منا والمفسدون على الدين الصحيح المحفوظ.
المعاصرون من اليهود "المتنورين" يفتخرون بأن ما في تلمودهم من أقاصيص سخيفة مغرقة في البلادة هو قمة الشعر والخيال. أما الكنيسة الكاثوليكية فمنذ المجمع المسكوني المسمى "فاتكان الثاني" المنعقد سنة 1956، فلم تراجع من عقائدها إلا عقيدة أن اليهود قتلوا المسيح عليه السلام. فأصدر البابا أمره، وأمره عند الكاثوليك هو الأمر يغير العقيدة كيف شاء متى شاء، بأن اليهود أبرياء من ذلك الدم. ودعا فاتكان الثاني إلى حوار واسع مع الأديان في مقدمتها الإسلام.
عند علماء الاجتماع اصطلاح ونظرية تسمى "النشاز المعرفي". مفاده أن ما نعتقده ونجزم به إذا ما ثبت أنه غير صحيح فإننا نشعر بألم شديد. ولا يخفف عنا هذا الألم إلا انتشار ذلك الاعتقاد الخطإ في الناس حتى يشاركونا ما بنا. ولعل الكنيسة في محاولتها منذ فاتكان الثاني التخفف من تزمتها القروني تريد أن يدخل الهواء الخارجي إلى بلاطها، وأن تجد في حوارها مع الإسلام والمسلمين نسمات حق تتشبث به، ويعطيها جلوسها على مائدة الحوار مع أهل الحق مصداقية تفتقدها.
وفي مقابل ما يعطي الكنيسة جلوسنا معها للحوار ينصب علينا نحن من ذلك الخزّان الخرافي المستمد من المجاري التحريفية اليهودية ما يطمئن المتألمين من "النشاز المعرفي". إن كانَ ثَمَّ متألم.
في هذه الفقرة والتي تليها بإذن الله نتحدث عن علاقة الكاثوليكية بنا وباليهود، والكل متماسك. وإلى اليهود نرجع بعد حين إن شاء الله بعد أن نقول كلمة عن الحوار المقترح من جانب الكاثوليك.
إن الحوار نوع من المبارزة ونوع من التعاون ونوع من التعاهد. الأكثر ذكاء وشطارة ومهارة عملية هو الذي يفوز بالغُنم ويكون الغُرم على الآخر. وبدهاء من له تجربة القرون في كل الصفات التفاوضية قرر المجمع المسكوني لفاتكان اثنين أن يُدرب قساوسة ذوي كفاءات عالية للتفتح على المُحاور وإظهار الاهتمام بما يقول، في نفس الوقت الذي يظهر فيه دينه بمظهر التسامح وسعة الأفق ليلتمس طريقا إلى العقول والأنفس ليحبب للناس النصرانية. ويزعم الكاثوليك طالبو الحوار أن ليس هناك فرق جوهري بين النصرانية والإسلام وأن نقط اللقاء كثيرة.
في سنة 1979 عقد مؤتمر حواري في قرطبة أعادها الله للمسلمين لدراسة موضوع "محمد وعيسى ملهمان للقيم الاجتماعية المعاصرة". وكتب الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر رحمه الله تنبيهات "ودية" موجهة للنصارى بصدد الموضوع. أولها أن المسلمين خالفوا ويخالفون عقيدة راسخة في الجو اليهودي الوثني في شأن عيسى عليه السلام ويعتقدون أنه روح الله وكلمته ونبيه بينما رماه اليهود وأمه الصديقة بالعظائم. ويسأل الشيخ: "فماذا فعلت النصرانية؟". التنبيه الثاني يشير إلى عداء النصرانية للإسلام وإلى حملات التبشير المغيرة على بلاد المسلمين ليُنَصَّر المسلمون بالقوة والإغراء في كل مكان في العالم. ثم كتب الشيخ رحمه الله عن حال الأقليات الإسلامية التي تعاني ضغط النصارى وحربهم كما هو الشأن في الفلبين، وبسط أسسا يمكن التفاهم على أرضيتها، منها أن يحترم النصارى رسول الإسلام محمدا صلى الله عليه وسلم كما يحترم المسلمون عيسى عليه السلام، وأن يعترف النصارى بفضل المسلمين عليهم إذ كانوا ولا يزالون يثبتون دعائم النصرانية باعترافهم وتبجيلهم للمسيح عليه السلام، بينما النصارى لا يألون جهدا في الدس على الإسلام والكيد والبهتان، لا سيما عن طريق مستشرقيهم المتبحرين في فن التحريف.
في الوقت الذي تمد فيه الكنيسة يدا مشبوهة لحوار يشبه المبارزة هيأت له مختصين عالي الكفاءة، تمد الكنيسة لليهود يد العون غير المشروط. في تاريخ 24/6/1985 أصدرت اللجنة المختصة بالعلاقات الدينية في الفاتكان وثيقة فيها: "إن هدف الفاتكان هو إحياء التراث المشترك للنصرانية واليهودية اللتين يتعذر الفصل بينهما. وتشجيع التعاون المتبادل بينهما على كافة الأصعدة، وخصوصا مجال التربية الدينية لإحياء التراث الديني المشترك".
في شهر أغسطس من سنة 1985 بتاريخهم عقد أول مؤتمر صهيوني كاثوليكي في مدينة بازل السويسرية حضره أزيد من ستمائة قس ومفكر نصراني رفعوا صوتهم بالاعتراف بإسرائيل دولة وبالقدس عاصمة لها. في شهر أبريل سنة 1984 زار البابا بولس الثاني البيعة اليهودية في روما والتقى بحاخامها اليوطاف. وكانت زيارة تاريخية خفت فيها الفاتكان ساعية راغبة إلى بيت اليهودية في الوقت الذي نرى رؤساء المسلمين، بل الرؤساء على رقاب المسلمين من حكام العض والجبر، يسارعون إلى زيارة البابا في معقل شرفه، ويخطبون وده، ويبعثون سفراءهم لاستشارته أو ليستمطروا من "قداسته" تصريحا حول القدس.
أما اليهودية الصهيونية، سواء منها السافرة أو المقنعة، فلا تتنازل للكنيسة الدولة، بل يبلغ التعبير عن احتقارها للنّصرانية ذروته في هذا العصر. بين يدي كتاب لجماعة تمثل أكثر جماعات النصرانية المصهينة نشاطا في أمريكا والعالم هي جماعة "شهداء يهوه". ويهوه هو الاسم العبري للرب. عنوان الكتاب: "الدولة العالمية المستقبلية".