المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أكل أموال الناس بالباطل



أهــل الحـديث
24-01-2013, 09:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون )
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً )
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )
أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
وبعد: فإن الله تعالى بعث رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق وأنزل معه الكتاب والميزان لقوم الناس بالقسط فبين الحقوق وأوضح الأحكام وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين .
و الإسلام المستمد من الكتاب والسنة قد أقام العدل والمساواة بين الناس ؛ لا فرق في ذلك بين حاكم ومحكوم في الحقوق والواجبات ، فضمن لهم الحفاظ الكامل على الحقوق الأساسية – الدين والنفس والعقل والمال والعرض - فيما بينهم .
وإن من الحقوق التي وجهها الإسلام لإحقاقها بصفة خاصة، حرمة الأكل أموال الناس بغير حق ، فبين سبحانه أنه لا يجوز الإنتهاك على حق المرء المسلم فثم شرعت الحدود والعقوبات حتى تكون زاجراً عن المعصية، والوقيعة فيها.
فأنزل الله آية السرقة وبين حد السارق فقال :( السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله ...)
ولم يفرق بين الشريف والوضيع على هذا الحكم كما هو منصوص في قصة المخزومية ، خلافا للعادة الجاهلية في استيفاء الحقوق عن الضعفاء والمغلوبين والترك عن الشرفاء والمرموقين .
وكذلك أنزل الله حد الحرابة ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا .....)
وتوعد الله للمطففين بالويل والهلاك والخسران قال تعالى: ( ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون....)
وقد تنوعت الأدلة والنصوص على حرمة تعدي أموال الغير بأي صفة كان سواء بالغصب والنهب والسرقة وبالحيل والمكيدة والغبن ...
وكذلك حرم الله تعالى أكل الأموال بالسبل المحرمة أصالة كالخمر والميسر
وحرم ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن وبيع الميتة والخنزير والأصنام......

وقد سألني من لا بد لي من إمتثال سؤله أن أجمع في هذه المسألة – حرمة الأكل أموال الناس بالباطل- ما تيسر لي من الأدلة سواء من الكتاب أو السنة أو أقوال أهل العلم ، فلما نظرت وتفحصت وتأملت سؤاله رأيت أن حاجة الناس إليها شديدة والفوائد في جمعها عديدة .
فشرعت مستعيننا بالله جعلتها من : مقدمة ومبحثين وخاتمة
- المبحث الأول : الأدلة الواردة في حرمة الأكل أموال الناس إجمالاً.
- المبحث الثاني: صور مفصلة في حرمة ألأكل أموال الناس بالباطل .
- الخاتمة : وصايا موجزة في الورع والزهد في الدنيا والتقلل من شأنها .
فهذه عناصر الموضوع وأرجوا من الله جل جلاله أن يكمل بأحسن إكمال وختام.
وسميتها : كشف الإلتباس عن حرمة الأكل أموال الناس.

المبحث الأول: ذكر الأدلة إجمالاً:

واعلم أخي القاري أنه قد ورد في حرمة الأكل أموال الناس كما سبق ، أدلة كثيرة وهي من المسائل المعلومة من الدين بالضرورة .
قال تعالى :(ولاتأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحُكّام لتأكلوا فريقاً من أموال النّاس بالإثم وأنتم تعلمون) البقرة[ 188 ]
قال ابن جرير : القول في تأويل قوله تعالى : { ولا تأْكلوا أَموالَكم بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188) }
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: ولا يأكل بعضُكم مالَ بعض بالباطل. فجعل تعالى ذكره بذلك آكلَ مال أخيه بالباطل، كالآكل مالَ نَفسه بالباطل.
ونَظيرُ ذلك قولهُ تعالى:( وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ) [سورة الحجرات: 11] وقوله:( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) [سورة النساء: 29] بمعنى: لا يلمزْ بعضكم بعضا، ولا يقتُلْ بعضكم بعضا...
فتأويل الكلام: ولا يأكلْ بعضكم أموال بعضٍ فيما بينكم بالباطل.
"وأكله بالباطل": أكله من غير الوجه الذي أباحه الله لآكليه.
وأما قوله:"وتُدلوا بها إلى الحكام" فإنه يعني: وتخاصموا بها - يعني: بأموالكم - إلى الحكام"لتأكلوا فريقا"- طائفة - من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون.اهــ
ثم ذكر بسنده عن بعض أئمة السلف تفسير الآية ومنهم:
1- عن قتادة في قوله:"وتدلوا بها إلى الحكام" قال: لا تدلِ بمال أخيك إلى الحاكم وأنتَ تعلم أنك ظالم، فإن قضاءه لا يُحلّ لك شيئا كان حراما عليك.
2- عن السدي:"ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون" أما"الباطل" يقول: يظلم الرجل منكم صاحبَه، ثم يخاصمه ليقطع ماله وهو يعلم أنه ظالم، فذلك قوله:"وتدلوا بها إلى الحكام".
3- عن عكرمة قوله:"ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" قال: هو الرجل يشتري السِّلعة فيردُّها ويردُّ معها دَرَاهم.
4- قال ابن زيد في قوله:"ولا تأكلوا أموالكم بَينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام" يقول: يكون أجدل منه وأعرَف بالحجة، فيخاصمه في ماله بالباطل ليأكل ماله بالباطل. وقرأ:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) [سورة النساء: 29] قال: هذا القِمار الذي كان يَعمل به أهل الجاهلية. جامع البيان( 2 / 189 ).

وقال القاضى أبويعلى : والباطل على وجهين.
أحدهما : أن يأخذه من غير طيب نفسه من مالكه كالسّرقة والغصب والخيانة .
والثانى : أن يأخذه بطيب نفسه كالقمار والغناء وثمن الخمر.
زاد المسير لابن الجوزى ( 1 / 188 )
قال القرطبىّ رحمه الله : الخطاب بهذه الآية يتضمن جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم والمعنى : لا يأكل بعضكم مال بعض بغير حق فيدخل في هذا : القمار والخداع والغصوب وجحد الحقوق ومالا تطيب به نفس مالكه
أو حرمته الشريعة وإن طابت به نفس مالكه كمهر البغي وحلوان الكاهن وأثمان الخمور والخنازير وغير ذلك..... أ.هـ الجامع لأحكام القرآن(2 / 338 )
وقال الجساس في أحكام القرآن : وأكل المال بالباطل على وجهين أحدهما أخذه على وجه الظلم والسرقة والخيانة والغصب وما جرى مجراه
والآخر أخذه من جهة محظورة نحو القمار وأجرة الغناء والقيان والملاهي والنائحة وثمن الخمر والخنزير والحر وما لا يجوز أن يتملكه وإن كان بطيبة نفس من مالكه وقد انتظمت الآية حظر أكلها من هذه الوجوه كلها.... اهـــ (1 /311).
قال الشوكاني رحمه الله : هذا يعم جميع الأمة وجميع الأموال لا يخرج عن ذلك إلا ما ورد دليل الشرع بأنه يجوز أخذه فإنه مأخوذ بالحق لا بالباطل ومأكول بالحل لا بالإثم وإن كان صاحبه كارها كقضاء الدين إذا امتنع منه من هو عليه وتسليم ما أوجبه الله من الزكاة ونحوها ونفقة من أوجب الشرع نفقته
والحاصل أن ما لم يبح الشرع أخذه من مالكه فهو مأكول بالباطل وإن طابت به نفس مالكه كمهر البغي وحلوان الكاهن وثمن الخمر
والباطل في اللغة الذاهب الزائل وقوله { وتدلوا }

والمعنى أنكم لا تجمعوا بين أكل الأموال بالباطل وبين الإدلاء بها إلى الحكام بالحجج الباطلة وفي هذه الآية دليل أن حكم الحاكم لا يحلل الحرام ولا يحرم الحلال من غير فرق بين الأموال والفروج فمن حكم له القاضي بشيء مستندا في حكمه إلى شهادة زور أو يمين فجور فلا يحل له أكله فإن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل
وهكذا إذا أرشى الحاكم فحكم له بغير الحق فإنه من أكل أموال الناس بالباطل ولا خلاف بين أهل العلم أن حكم الحاكم لا يحلل الحرام ولا يحرم الحلال...اهــ فتح القدير (ج 1 /244) .
وقال تعالى : ( ياأيّها الذّين ءامنوا لاتأكلو أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجـــارة عن تراض منكم ) النساء:[ 29]
قال ابن كثير : ينهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن أن يأكلوا أموال بعضهم ببعضا بالباطل أى بأنواع المكاسب التى هى غير شرعيّة كأنواع الرّبا والقمار وما جرى مجرى ذلك من سائر صنوف الحيل ....اهــ تفسيره (1 /137 )

وقال الله جلّ وعلا فى حقّ أموال اليتامى (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النّكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولاتأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبرو....) النساء[6 ]
وقال تعالى : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنّما يأكلون فى بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ) النساء 10
والآيات والأحاديث التي جاءت في حرمة أموال اليتامى كثيرة لا تحصى وتحتاج إلى بحث خاص.

أكل أموال الناس بالباطل من صفات اليهودوذكر الله تعالى أنّ أكل الحرام وأموال الناس بالباطل من صفات اليهود الغضوب عليهم فقال تعال : ((سمــّاعون للكذب أكـــالون للسحت ))المائدة 42
وقال تعالى :(وترى كثيرا منهم يُسارعون فى الإثم والعدوان وأكلهم السّحت لبئس ما كانوا يعملون ..) المائدة( 62)
وقال تعالى :(فبظلم من الّذين هـــادو حرّمنا عليهم طيّبات أحلّت لهم وبصدّهم عن سبيل الله كثيرا . وأخذهم الرّبو وقد نهوا عنه وأكلهم أموال النّاس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما ..) النساء 161

وسداً للذريعة نهى سبحانه وتعالى التمني بما في أيد
قال تعالى: (( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبنّ ...)) [ النساء :32).
قال أبو حيان الأندلسي في تفسيره : ومناسبة هذه الآية لما قبلها : أنه تعالى لما نهى عن أكل المال بالباطل ، وعن قتل الأنفس ، وكان ما نهى عنه مدعاة إلى التبسط في الدنيا والعلو فيها وتحصيل حطامها ، نهاهم عن تمني ما فضل الله به بعضهم على بعض ، إذ التمني لذلك سبب مؤثر في تحصيل الدنيا وشوق النفس إليها بكل طريق ، فلم يكتف بالنهي عن تحصيل المال بالباطل وقتل الأنفس ، حتى نهى عن السبب المحرض على ذلك .... بحر المحيط ( 3/190)
وقال الألوسي رحمه الله في تفسير الآية: قال القفال : لما نهى الله تعالى عن أكل أموال الناس بالباطل وقتل الأنفس عقبه بالنهي عما يؤدي إليه من الطمع في أموالهم وقيل : نهاهم أولا عن التعرض لأموالهم بالجوارح ثم عن التعرض لها بالقلب على سبيل الحسد لتطهر أعمالهم الظاهرة والباطنة فالمعنى ولا تتمنوا ما أعطاه الله تعالى بعضكم وميزه به عليكم من المال والجاه وكل ما يجري فيه التنافس فإن ذلك قسمة صادرة من حكيم خبير ...)) روح المعاني (5 /19) الآية(33.)

1- روى البُخارىّ (الرقم:6667 من كتاب الفتن ، وكرر الحديث في غير موضع ) ومسلم رقم (7078)عن أبى بكرة أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلّم قال : " إنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا ..." أ.هـ
2- واخرج البخاري ومسلم من حديث عبد الله ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {{ أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إلـه وأن محمدا رسول الله ويقيم الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماؤهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله }} .
3- وأخرج أحمد من حديث معاذ رضي الله عنه مثل حديث ابن عمر وفيه{{.... فإذا فعلوا ذلك فقد اعتصموا وعصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عزّ وجلّ }}
4- وأخرج البخاري من حديث أنـس ابن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {{ أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لاإلـه إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، فإذا شهدوا أن لاإلـه إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وصلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وأكـلوا ذبيحتنا فقد حرُمت علينا دماؤهم وأمولهم إلا بحقها }} .
5- وأخرج مسلم من حديث ابي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:{{ من قال لاإلــه إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله }} (الرقم 23)
6- وأخرج مسلم أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا علياً يوم خيبر وقال: امـش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك قال: فسار علي شياً ثم وقف ولم يلتفت فصرخ يارسول الله على ماذا أقاتل الناس ؟ قال: قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إلـه إلا الله وأن محمدا رسول الله فقذ فعلوا ذلك ، فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله }} [ مسلم الرقم 2405 ج15/ 185]
7- وأخرج البيهقي في شعب الإمان(الرقم 5859) والطبراني في الأوسط ( 2/ 65/1) والحكم ( ج4 /153) من حديث أبي بكر الصديق رصي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :{{ كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به }} وهو مخرج في الصحيحة ( الرقم2609)
و لفظ الحاكم { من نبت لحمه من سحت النار أولى به } وصححه الشيخ الألباني في الصحيح الجامع (الرقم 4519)
قال المناوي: (كل جسد) وفي رواية كل لحم (نبت من سحت فالنار أولى به) هذا وعيد شديد يفيد أن أكل أموال الناس بالباطل من الكبائر
قال الذهبي : يدخل فيه المكاس وقاطع الطريق والسارق والخائن والزاني ومن استعار شيئا فجحده ومن طفف في وزن أو كيل ومن التقط مالا فلم يعرفه وأكله ولم يتملكه ومن باع شيئا فيه عيب فغطاه والمقامر ومخبر المشتري بالزائد هكذا عد هذه المذكورات من الكبائر مستدلا عليها بهذا الحديث ونحوه ولا يخلو بعضها من نزاع.اهـــ فيض القدير(5 /33)
8- وأخرج البيهقي من حديث جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {{ يا كعب بن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت النار أولى به }} رواه أحمد في المسند (الرقم 14441) ورواه الحاكم في المستدرك (ج4/ 134 ) (ح 7163) وابن حبان (1569)
9- وروى البخارى من حديث أبي هريرة أن النبىّ صلى الله عليه وسلم قال : من كانت له مظلمة لأخيه من عرض أو شئ فليتحلّله منه اليوم قبل أن لايكون دينار ولادرهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه وحُمل عليه . البخارى (رقم 2449)
10- ويفسّر هذا ما رواه مُسلم من حديث أبى هريرة أيضا أن رسول الله صلى الله عليه قال : أتدرون ما المفلس ؟ قالوا : المفلس فينا من لادرهم له ولا متاع فقال : إنّ المفلس من أمّتى يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتى قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ماعليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثمّ طرح فى النّار. ( مسلم رقم 2581 )

11- وروى البُخارىّ عن خولة الأنصاريّة رضى الله عنها قالت : سمعت النبى صلى الله عليه وسلّم يقول : {{ إنّ رجالا يتخوّضون فى مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة }} ( رقم 3118) كتاب فرض الخمس .
قال الحافظ بن حجر (يتخوّضون فى مال الله بغير حقّ ) اى يتصرّفون فى مال المسلمين بالباطل . أ.هـ الفتح (ج 7 / 178 )
12- وروى البخاري ( 2435) ومسلم (1726) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى اله عليه وسلم قال: لا يحلبن أحد ماشية امرئ بغير إذنه أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته فينتقل طعامه ؟
فإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعماتهم فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه }}.
قال الحاظ ابن عبد البرّ : في هذا الحديث النهي عن أن يأكل أحد أو يشرب أو يأخذ من مال أخيه شياً إلا بإذنه ، وذلك عند أهل العلم محمول على ما لا تطيب نفسه ، ...
قال : وفي هذا الحديث ايضاً ما يدل على أن من حلب من ضرع الشاة أو البقرة أو الناقة بعد أن يكون في حرز ؛ ما يبلغ قيمته ما يجب فيه القطع أن عليه القطع . لأن الحديث قد أفصح بأن الضروع خزائن للطعام ، ومعلوم ان من فتح خزانة غيره أو كسرها فاستخرج من المال الطعام أو غيره ما يبلغ ثلاثة دراهم أنه يقطع ... اهـ التمهيد (ج 14ص 206-212.)
وقال الإمام الحافظ البغوي رحمه الله : والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أنه لا يجوز أن يحلب ماشية الغير بغير إذنه ، فإن اضطر في مخمصة ومالكها غير حاضر ، فله أن يحلبها ويشرب ويضمن للمالك وكذا سائر الأطعمة.... شرح السنة للبغوي (ج8 /233 ح 2168 )
13- وعن أبي حميد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{{ لا يحل لامرئ أن يأخذ عصا اخيه بغير طيب نفسه قال ذلك لشدة لشدة ما حرم الله من مال المسلم على المسلم }} رواه أحمد وابن حبان الرقم (5978). والطحاوي ( 2822 ) وصححه الشيخ الألباني والشيخ الشعيب.
14- وروى الترمذي رحمه الله تعالى من حديث عبد الله ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( لا تزال قدما ابن آدم يوم القيامة عند ربه حتى يسأل عن خمس : عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيما أبلاه ؟ وماله من أين اكتسبه ؟ وفيما أنفقه ؟ وماذا عمل فيما علم؟ )
وهو مخرج في الصحيحة ( 946).



المبحث الثاني: صور في أكل أموال الناس بالباطل .
واعلموا أن لأكل أموال الناس بالباطل صور اً كثرة وعديدة ولا نريد إن شاء الله في هذا المقام إلا التوضيح لبعض الأمثل المهمة . ومن هذه الصور:

السرقة

قال تعالى ((والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم)) المائدة [38].
وقال (( يا أيها النبي إذا جـاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شياً ولا يسرقن ولايزنين ولا يقتلن أولادهن.....)) الممتحنة [ 12].
وقال إخوة يـوسـف عليه السلام لما رمي عليهم أنهم سرقوا صواع الملك : (( تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين)) فجعلوا السرقة من الفساد في الأرض.
1- وروى البخاري من حديث عبادة بن صامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وحوله عصابة من أصحابه : {{ تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم .
ولا تعصوني في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فأمره إلى الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه }} ( 3892).
2- وقال صلى الله عليه وسلم {{ لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ، ويسرق الحبل فتقطع يده }} رواه البخاري(6783) ومسلم من حديث أبي هريرة .
3- وقال صلى الله عليه وسلم {{ لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن }}رواه البخاري (6782).من حديث عبد الله ابن العباس.


أكل أموال الناس بالغصب والنهب:
وعن علىّ رضى الله عنه قال حدّثنى رسول الله صلى الله عليه وسلّم بأربع كلمات لعن الله من ذبح لغير الله لعن الله من لعن والديه لعن الله من آوى محدثا لعن الله من غيّر منار الأرض. رواه مُسلم
وروى البخارىّ من حديث سعيد بن زيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من ظلم من الأرض شيئا طوقه من سبع أرضين . البخارى ( 2452)
ولفظ حديث عائشة من ظلم قيد شبر من الأرض ... (ح 2452)
وقال النبى صلى الله عليه وسلم :" من أخذ من الأرض شيئا بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين " رواه البخاري(الرقم 2454 ) عن عبدالله بن عمر
النهب :
وقد حرم الله أخذ مال الغير بغير طيب نفس مالكه ورضاه ، فلا يجوز غصبه ولا نهبه ولا سرقته ولا الاستيلاء عليه بوجه غير مشروع ، لأن ذلك من أكل مال الناس بالباطل ، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن ذلك فقال : { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون)
ولما ورد عن عبد الله بن يزيد الأنصاري - رضي الله عنه - أنه قال : {{ نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النهبى والمثلة }} أخرجه البخاري ( فتح الباري 3 / 119 ط السلفية )
ولما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :{{ من انتهب فليس منا }} أخرجه الترمذي ( 3 / 422 ) من حديث عمران بن حصين وقال : حسن صحيح .
ولما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :{{ لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن }} أخرجه البخاري ( فتح الباري 5 / 119 ) ، ومسلم ( 1 / 76 ) واللفظ للبخاري
وقال القرطبي : اتفق أهل السنة على أن من أخذ ما وقع عليه اسم مال قل أو كثر أنه يفسق بذلك ، وأنه محرم عليه أخذه القرطبي (2 / 337 - 341)
وقد اعتبر ابن حجر الهيتمي الاستيلاء على أموال الغير ظلما من الكبائر واستدل بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :{{ من أخذ من الأرض شبرا بغير حقه خسف به إلى يوم القيامة إلى سبع أرضين }} الزواجر (1 / 261 )
وعن أبي حميد الساعدي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :{{ لا يحل للرجل أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسه ....}} تقدم الحديث.

أكل أموال الناس بالخمار والميسر
قال تعالى : {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون}
{يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف فقال في حلفه واللات والعزى، فليقل، لا إله إلا الله؛ ومن قال لصاحبه، تعال أقامرك، فليتصدق
أخرجه البخاري في كتاب التفسير: سورة والنجم: باب أفرأيتم اللات العزى. ومسلم في الإيمان باب من حلف باللات والعزى...رقم 1647
قال الحافظ : والقمار حرام باتفاق ، فالدعاء إلى فعله حرام ...
الفتح الباري (8 / 613) تفسير سورة النجم .
قال البخاري : ( باب كل لهو باطل )
قال الحافظ: هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه احمد والأربعة وصححه بن خزيمة والحاكم من حديث عقبة بن عامر رفعه {{كل ما يلهو به المرء المسلم باطل الا رمية بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته أهله }} الحديث ......
وقال: ....ومن قال لصاحبه تعال اقامرك الحديث وأشار بذلك إلى ان القمار من جملة اللهو ومن دعا إليه دعا إلى المعصية فلذلك أمر بالتصدق ليكفر عنه تلك المعصية لان من دعا إلى معصية وقع بدعائه إليها في معصية
وقال ( 10 /516ح 5756) ومناسبة الأمر بالصدقة لمن قال أقامرك من الحيث أنه أراد إخراج المال في الباطل فأمر بأخراجه في الحق.... اهــ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إن مفسدة الميسر أعظم من مفسدة الربا لأنه يشتمل على مفسدتين : مفسدة أكل المال بالحرام ، ومفسدة اللهو الحرام ، إذ يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويوقع في العداوة والبغضاء ، ولهذا حرم الميسر قبل تحريم الربا اهـــ مجموع فتاوى ابن تيمية 32 / 337
وقال ابن حجر المكي : سبب النهي عن الميسر وتعظيم أمره أنه من أكل أموال الناس بالباطل الذي نهى الله عنه بقوله : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } .
ثم ذكر حديث : من حلف فقال في حلفه واللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق . وقال : فإذا اقتضى مطلق القول طلب الكفارة والصدقة المنبئة عن عظيم ما وجبت له أو سنت فما ظنك بالفعل والمباشرة اهـــ الزواجر( 2 / 198)


أكل أموال الناس بالحكم والسلطة
أ- الرشوة في الحكم :
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال:{{ لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرّاشي والمرتشي في الحكم }} رواه أحمد والترمذي وأبودود وبن ماجة
وعن مسروق قال : كنت جالسا عند عبد الله فقال له رجل : ما السحت ؟ قال ك الرشا فقال : في الحكم في الحكم ؟ قال : ذاك الكفر.
ثم قرأ { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } رواه الطبراني في الكبير (ج9 /225ح 9098) وأبو يعلى في مسنده ( ج 5 / 120 ح 5224 )قال : حدثنا محمد حدثنا عثمان بن عمر حدثنا فطر بن خليفة بن منصورعن سالم ابن أبي جعد عن مسروق به..
وقال البوصيري في إتحاف المهرة (5 /394): ورواه الطبراني موقوفًا بإسناد صحيح..
قال الإمام الصنعاني : والرشوة حرام بالإجماع سواء كانت للقاضي أو للعامل على الصدقة أو لغيرهما وقد قال تعالى (( ولا تأكـلوا أموالـكم بينكم بالباطل وتـدلوا بها إلى الحـكام لتأكـلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون )) ... اهـ

ب - المكس:
أحاديث في ذم المكس أو العشور.
1- رواه مسلم في صحيحه في قصة المرأة الغامدية، التي حملت من الزنا وأقام النبي صلى الله عليه وسلم عليها الحد باعترافها بعد أن وضعت وفطمت وليدها، (لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغُفِرَ له).
قال النووي : فيه أن المكس من أقبح المعاصي والذنوب الموبقات وذلك لكثرة مطالبات الناس له وظلاماتهم عنده وتكرر ذلك منه وانتهاكه للناس وأخذ أموالهم بغير حقها وصرفها في غير وجهها وفيه أن توبة الزاني لا تسقط عنه حد الزنى وكذا حكم حد السرقة والشرب
قال الشيخ يوسف الغرضاوي : في كتابه( فقه الزكاة ): دل هذا الحديث على أن ذنب صاحب المكس أشد من ذنب امرأة زنت وهي متزوجة وحملت من الزنا، وهذا من أشد الوعيد.
2- وعن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « لا يدخل الجنة صاحب مكس ».رواه أحمد وأبو داود (2937) والطحاوي ، وابن الجارود ، وصحيح الحاكم على شرط مسلم.
قال السيوطي في جزءه (في ذم المكس ) : هذا حديث صحيح, أخرجه (أبو داود) , و(ابن خزيمة) في ((صحيحه)) , و(الحاكم) في ((مستدركه)) , و(الدارمي) في ((مسنده)) , كلهم من رواية ابن إسحاق اهـــ
وقال: محمد شمس الحق العظيم آبادي أبو الطيب
( صاحب مكس ) في القاموس المكس النقص والظلم ودراهم كانت تؤخذ من بائعي السلع في الأسواق في الجاهلية أو درهم كان يأخذه المصدق بعد فراغه من الصدقة انتهى
وقال في النهاية هو الضريبة التي يأخذها الماكس وهو العشار انتهى
وفي شرح السنة أراد بصاحب المكس الذي يأخذ من التجار إذا مروا مكسا باسم العشر فأما الساعي الذي يأخذ الصدقة ومن يأخذ من أهل الذمة العشر الذي صولحوا عليه فهو محتسب ما لم يتعد فيأثم بالتعدي والظلم انتهى اهــ عون المعبود.
وقال المناوي يعني الذي يتولى قبض المكس من الناس للسلطان فيكون في نار جهنم يوم القيامة إن استحله وإلا فيعذب فيها ما شاء الله تعالى ثم يدخل الجنة وقد يعفى عنه ...اهـ المناوي تيسير شرح جامع الصغير

3 – وعن عثمان بن أبي العاص الثقفي, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
{{ تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد : هل من داع فيستجاب له , هل من سائل فيعطى , هل من مكروب فيفرج عنه , فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله له., إلا زانية تسعى بفرجها , أو عشار }}
رواه الطبراني ((المعجم الأوسط)) وقال : لم يرو هذا الحديث عن هشام , إلا داود تفرد به عبد الرحمن اهـ قال العلامة (الألباني) رحمه الله : سند صحيح ((الصحيحة))(1073)
4- وأخرج أبو داود (3026) ، وأحمد (4/ 218) عن الحسن ، عن عثمان بن أبي العاص
أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم ، فاشترطوا عليه أن لا يحشروا ولا يعشروا ولا يجبوا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( لكم أن لا تحشروا ، ولا تعشروا ، ولا خير في دين ليس فيه ركوع ) .
قال الألباني: قلت : ورجاله ثقات ؛ غير أن الحسن - وهو البصري - مدلس وقد عنعنه .))

د- الخيانة فيما استعمل:
وروى مسلم – رحمه الله – ( 833 1) قال : حدثنا أَبُو بكر بْن أَبى شيْبةَ ، حدثنا وكيعُ بْنُ الجَرَّل! ، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أبِى خَالدِ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أبِى حَازِم عَنْ عدىِّ بْن عميرةَ الكنْدىِّ ، قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يقولُ : (من استعملناهُ منكم على عملِ ، فكتمنا مخْيطا فما فوقه ، كان غُلولاً يائى به يوْم القيامةِ) .
وعن أبي حميد الساعدي قال: { استعمل نبي الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فلما قدم قال هذا لكم وهذا أهدي إليّ إلى أن قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول هذا لكم وهذا هدية أهديت لي هلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتي هديته إن كان صادقا
والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة فلا أعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر - ثم رفع يديه حتى رئي بياض إبطيه يقول - اللهم هل بلغت}

هـ - إعطاء الحقوق المالية لمن ليس من أهلها بدون يمين ولا شاهد.
فعن عبد الله بن العباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: {{ لو يعطى الناس بدعواهم لادّعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه }} رواه البخاري ومسلم.


أكل أموال الناس بالبيوع الفاسدة :
أ- الربا:
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين, فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله}
وقال (( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}
وقال : {يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم}
{يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون}
وقال:{ فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما }
الأحاديث على تحريم الربا
1- عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب البغي ولعن الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله ولعن المصورين . رواه البخاري.
2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: يا رسول الله وما هن قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات
3- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر برني، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: من أين هذا قال بلال: كان عندنا تمر ردي، فبعت منه صاعين بصاع لنطعم النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك أوه أوه عين الربا عين الربا لا تفعل ولكن إذا أردت أن تشتري، فبع التمر ببيع آخر ثم اشترهعن أبي الزبير ،
4- عن جابر ، قال: «لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا ، ومُوكِلَهُ ، وكَاتبه ، وشَاهديه ، وقال : هم سواء» .
أخرجه أحمد (3/304) ، ومسلم (5/50)
5- وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال
: قال النبي صلى الله عليه و سلم ( رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان فقلت ما هذا ؟ . فقال الذي رأيته في النهر آكل الربا ) رواه البخاري
6- عن عبد الله : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : الربا ثلاثة و سبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه و إن أربى الربا عرض الرجل المسلم }} أخرجه الحاكم وقال:
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه
وقال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم.
قال شيخ الإسلام : و الأصل في ذلك أن الله حرم في كتابه أكل أموالنا بيننا بالباطل وذم الأحبار والرهبان الذين يأكلون أموال الناس بالباطل وذم اليهود على أخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وهذا يعم كل ما يؤكل بالباطل في المعاوضات والتبرعات وما يؤخذ بغير رضا المستحق والاستحقاق
و أكل المال بالباطل في المعاوضة نوعان ذكرهما الله في كتابه هما الربا و الميسر فذكر تحريم الربا الذي هو ضد الصدقة في آخر سورة البقرة وسور آل عمران والروم والمدثر وذم اليهود عليه في سورة النساء وذكر تحريم الميسر في المائدة اهــ القوعد النورانية : القاعدة الثانية.

ب بيع المجهول.
فعن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم {{ نهى عن بيع حبل الحبلة، وكان بيعا يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تنتج التي في بطنها }}

ج- المنابذة ، والملامسة وبيع الحصا:
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم {{ نهى عن المنابذة وهي طرح الرج ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه أو ينظر إليه ، ونهى عن ، والملامسة هي :لمس الرجل الثوب لاينطر إليه.}}
قال الحافظ ابن عبد البر
وقال الزهري الملامسة ان القوم كانوا يتبايعون السلع ولا ينظرون إليها ولا يخبرون عنها والمنابذة أن يتنابذ القوم السلع ولا ينظرون إليها ولا يخبرون عنها فهذا من أبواب القمار
قال أبو عمر: ... وقال ربيعة الملامسة والمنابذة من أبواب القمار.
قال أبو عمر: أبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان عليه أهل الجاهلية من أخذ الشيء على وجه القمار وإباحه بالتراضي وبذلك نطق القرآن في قوله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيوع كثيرة وان تراضى بها المتبايعان كلها أو أكثرها مذكورة في كتابنا هذا في مواضعها والحمد لله .. التمهيد (13 / 12-14).
قال الإمام ابن دقيق العيد: اتفق الناس على منع هذين البيعين واختلفوا في تفسير الملامسة فقيل: هي أن يجعل اللمس بيعا بأن يقول: إذا لمست ثوبي فهو مبيع منك بكذا وكذا
وهذا باطل للتعليق في الصيغة وعدوله عن الصيغة الموضوعة للبيع شرعا وقد قيل: هذا من صور المعاطاة وقيل: تفسيرها أن يبيعه على أنه إذا لمس الثوب فقد وجب البيع وانقطع الخيار
وهو أيضا فاسد بالشرط الفاسد وفسره الشافعي رحمه الله: بأن يأتي بثوب مطوي أو في ظلمة فيلمسه الراغب ويقول صاحب الثوب: بعتك هذا بشرط أن يقوم لمسك مقام النظر وهذا فاسد إن أبطلنا بيع الغائب وكذا إن صححناه لإقامة اللمس مقام النظر وقيل يتخرج على نفي شرط الخيار.

د- بيع العينة .
روى أبو داود (3462) من حديث عبد الله بن عمرقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {{ إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعة حتى ترجعوا إلى دينكم }} وصححه ابن قطان والعلامة الألباني. وهو مخرج في الصحيحة (11).
والعينة: هي أن يبيع شياً بثمن مؤجل ثم يبيع المبيع من المشتري نفسه بثمن نقد أقل من ثمنه الأول .والغرض منه أن يجد ثمناً وهو حيلة في أكل أموال الناس بالباطل.
وسئل شيخ الإسلام :
عن الرجل يبيع سلعة بثمن مؤجل ثم يشتريها من ذلك الرجل بأقل من ذلك الثمن حالا .هل يجوز ؟ أم لا ؟.
فأجاب :
أما إذا باع السلعة إلى أجل واشتراها من المشتري بأقل من ذلك حالا فهذه تسمى " مسألة العينة " وهي غير جائزة عند أكثر العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم .
وهو المأثور عن الصحابة كعائشة وابن عباس وأنس بن مالك . فإن ابن عباس سئل عن حريرة بيعت إلى أجل ثم اشتريت بأقل . فقال : دراهم بدراهم دخلت بينهما حريرة . . ... اهـــ الفتاوى (29 / 446)

هـ - بيع الثمرة قبل بدو صلاحها.
عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم {{نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمبتاع. }}
وروى البخاري من حديث أنــس أن رسوا الله صلى الله عليه وسلم {{ نهى عن بيع الثمار حتى تزهي َ قيل وما تزهي؟ قال: حتى تحمرّ أو تصفرّ قال: أرأيت إذا منع الله الثمرة بم يستحل أحدكم مال أخيه }}

أكل أموال الناس بالاحتكار:
وعن معمر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبيّ صيى الله عليه وسلم قال:{{ من احتكر فهو خاطئ }} رواه مسلم (1605).
قال النووي :وهذا الحديث صريح في تحريم الاحتكار قال أصحابنا الاحتكار المحرم هو الاحتكار في الأقوات خاصة وهو أن يشتري الطعام في وقت الغلاء للتجارة ولا يبيعه في الحال بل يدخره ليغلوا ثمنه......
قال العلماء والحكمة في تحريم الاحتكار دفع الضرر عن عامة الناس كما أجمع العلماء على أنه لو كان عند انسان طعام واضطر الناس إليه ولم يجدوا غيره أجير على بيعه دفعا للضرر عن الناس اهــ شرح مسلم تحت الرقم.

أكل أموال الناس بالغش والخيانة:
روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على صبرة من طعام . فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً فقال: {{ ما هذا يا صاحب الطعام ؟ قال: أصابته سماء يا رسول الله قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس ؟ من غشّ فليس مني }} مسلم الرقم (102)
قال شيخ الإسلام : بعد أن ذكر الحديث: فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الغاش ليس بداخل في مطلق اسم أهل الدين والإيمان كما قال " { لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ؛ ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ؛ ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن } فسلبه حقيقة الإيمان التي بها يستحق حصول الثواب والنجاة من العقاب ؛ وإن كان معه أصل الإيمان الذي يفارق به الكفار ويخرج به من النار .
والغش يدخل في البيوع بكتمان العيوب وتدليس السلع ؛ مثل أن يكون ظاهر المبيع خيرا من باطنه ؛ كالذي مر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأنكر عليه .
ويدخل في الصناعات مثل الذين يصنعون المطعومات من الخبز والطبخ والعدس والشواء وغير ذلك أو يصنعون الملبوسات كالنساجين والخياطين ونحوهم أو يصنعون غير ذلك من الصناعات
فيجب نهيهم عن الغش والخيانة والكتمان . ومن هؤلاء " الكيماوية " الذين يغشون النقود والجواهر والعطر وغير ذلك فيصنعون ذهبا أو فضة أو عنبرا أو مسكا أو جواهر أو زعفرانا أو ماء ورد أو غير ذلك ؛ اهـــ الفتاوى(ج27 /71).
وعن ابن عباس قال حدثنى عمر بن الخطاب قال لما كان يوم خيبر أقبل نفر من صحابة النبى -صلى الله عليه وسلم- فقالوا فلان شهيد فلان شهيد حتى مروا على رجل فقالوا فلان شهيد. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « كلا إنى رأيته فى النار فى بردة غلها أو عباءة ».
ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « يا ابن الخطاب اذهب فناد فى الناس إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون ». قال فخرجت فناديت « ألا إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون ». رواه مسلم .
وروى البخاري :عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن عمرو
قال: كان على ثقل - الأمتعة- النبي صلى الله عليه و سلم رجل يقال له كركرة فمات فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( هو في النار ) . فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها
قال أبو عبد الله قال ابن سلام كركرة يعني بفتح الكاف وهو مضبوط كذا
روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: {{ لا تلقوا الركبان ولا يبيع بعضكم على بيع بعض ولا تناجشوا ولا يبيع حاضر لباد ولا تصروا الغنم ومن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحتلبها؛ إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعا من تمر }} اهــ
قال الإمام ابن دقيق العيد :لا خلاف أن التصرية حرام لأجل الغش والخديعة التي فيها للمشتري والنهي يدل عليه مع علم تحريم الخديعة قطعا من الشرع.......
المسألة الثالثة: النهي ورد عن فعل المكلف وهو ما يصدر باختياره وتعمده فترتب عليه حكم مذكور في الحديث فلو تحفلت الشاة بنفسها أو نسيها المالك بعد أن صراها لا لأجل الخديعة فهل يثبت ذلك الحكم؟ فيه خلاف بين أصحاب الشافعي فمن نظر إلى المعنى أثبته لأن العيب مثبت للخيار ولا يشترط فيه تدليس البائع ومن نظر إلى أن الحكم المذكور خارج عن القياس خصه بمورده وهو حالة العمد فإن النهي إنما يتناوله حالة العمد.اهـــ وذكر مثل ذلك في تصريه الإبل.اهــ إحكام الأحكام (1/ 350)

أكل أموال الناس بتطفيف المكيال والميزان
قال تعال: { وإلى مدين أخاهم شعيبا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إلاه غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إنى أراكم بخير وإنى أخاف عليكم عذاب يوم محيط ))
(( وياقوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشيآءهم ولا تعثوا فى الا رض مفسدين ))
وقال تعالى : (( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا .
ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون.
ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون.
وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} [الأنعام:151-153].
وقال (( وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا) [الإسراء:35].
وقال تعالى : ( ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون )
وعن عبد الله بن عمر قال أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم . فقال: ( يامعشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط . حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا
ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم
ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا
ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض مافي بأيديهم
وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم )
رواه ابن ماجه قال الشيخ الألباني : حسن
وعن ابن عباس رضي الله عنه خمس بخمس ما نقض قوم العهد إلا سلط عليهم عدوهم و ما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر و لا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت و لا طففوا المكيال إلا منعوا النبات و أخذوا بالسنين و لا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر
رواه الطبراني في الكبيىر عن ابن عباس .
قال الشيخ الألباني : ( حسن ) انظر حديث رقم : 3240 في صحيح الجامع
وسئل شيخ الإسلام - رحمه الله - :
عمن يبخس المكيال والميزان ؟
فأجاب :
أما بخس المكيال والميزان فهو من الأعمال التي أهلك الله بها قوم شعيب وقص علينا قصتهم في غير موضع من القرآن ؛ لنعتبر بذلك .
والإصرار على ذلك من أعظم الكبائر وصاحبه مستوجب تغليظ العقوبة
وينبغي أن يؤخذ منه ما بخسه من أموال المسلمين على طول الزمان ويصرف في مصالح المسلمين إذا لم يمكن إعادته إلى أصحابه .
والكيال والوزان الذي يبخس الغير : هو ضامن محروم مأثوم ، وهو من أخسر الناس صفقة إذ باع آخرته بدنيا غيره .
ولا يحل أن يجعل بين الناس كيالا أو وزانا يبخس أو يحابي كما لا يحل أن يكون بينهم مقوم يحابي بحيث يكيل أو يزن أو يقوم لمن يرجوه أو يخاف من شره
أو يكون له جاه ونحوه بخلاف ما يكيل أو يزن أو يقوم لغيرهم أو يظلم من يبغضه ويزيد من يحبه . قال الله تعالى : { وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها } اهــــ الفتاوى ( 29 / 474-475).

أكل أموال الناس بالحلف الكذب
1- وروى البخاري من حديث عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {{ من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة لقي الله وهو عليه غضبان ، قال عبد الله : ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله عزّ وجلّ ذكره (( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ...)) آل عمران [77]. ( 7445)(6659).ومسلم ( 138 )
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{{ ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم : رجل حلف على سلعة لقد أعطي بها أكثر مما أعطي وهو كاذب ، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال امرئ مسلم ، ورجل منع فضل ماء فيقول الله يوم القيامة: اليوم أمنعك فضلي ، كما منعت فضل ما لم تعمل يداك }} رواه البخاري ( 7446)
3- وروى مسلم من حديث أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {{ من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النّار وحرم عليه الجنة فقال له رجل: وإن كان شياً يسيراً يا رسول الله ؟ قال: وإن قضيباً من اراك }} مسلم ( 137).

أكل أموال الناس بالخصومة الفاجرة
عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {{ إنما انا بشر وإنكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع فمن قضيت له بحق أخيه شياً فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار }} البخاري ( 6967).

أكل أموال الناس بالدين
1- رورى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{{ من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ، ومن أخذها يريد إتلافها أتلف الله تعالى}} (2387).
قال الحافظ ابن بطال: هذا الحديث شريف معناه : الحض على ترك استئكال أموال الناس والتنزه عنها ، وحسن التأدية إليهم عند المداينة ، وقد حرم الله فى كتابه أكل أموال الناس بالباطل ، وخطب النبى - عليه السلام - بذلك فى حجة الوداع ، فقال : ( إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام ) يعنى : من بعضكم على بعض ، وفى حديث أبى هريرة أن الثواب قد يكون من جنس الحسنة ، وأن العقوبة قد تكون من جنس الذنوب ، لأنه جعل مكان أداء الإنسان أداء الله عنه ، ومكان إتلافه إتلاف الله له .اهــ شرح البخاري (ج 6 /513)
2- وقال صلى الله عليه وسلم {{ مطل الغني ظلم...}} متفق عليه.من حديث أبي هريرة
3- وعن أبي شريد عن ابيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {{ ليّ الواجد يحل عرضه وعقوبته }} قال شيخ شعيب الأرناؤوط : رواه أحمد ، والطبراني ، والحاكم ، وابن حبان، والطحاوي (949).

أكل أموال الناس بالمسألة لمن ليس من أهلها.
1- عبد الله بن عمر أن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم وفي حديث الليث حتى يأتي يوم القيامة) البخاري ومسلم .
2- عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال تحملت حمالة فأتيت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أسأله فيها فقال أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها قال ثم قال يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة
رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك
ورجل أصابته جائحة ٌ اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال - سداداً من عيش
ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه لقد أصابت فلاناً فاقة ٌ فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش - أو قال سداداً من عيش فما سواهن من المسألة يا قبيصة - سحتٌ يأكلها صاحبها سحتاً }} . رواه مسلم.
3- وعن عوف بن مالك الأشجعى قال كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسعة أو ثمانية أو سبعة
فقال « ألا تبايعون رسول الله » وكنا حديث عهد ببيعة فقلنا قد بايعناك يا رسول الله. ثم قال « ألا تبايعون رسول الله ».
فقلنا قد بايعناك يا رسول الله. ثم قال « ألا تبايعون رسول الله ».
قال فبسطنا أيدينا وقلنا قد بايعناك يا رسول الله فعلام نبايعك قال « على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا
والصلوات الخمس وتطيعوا - وأسر كلمة خفية - ولا تسألوا الناس شيئا ». فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدا يناوله إياه. رواه مسلم
4- وأبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {{ لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه }}
أخرجه البخاري : في كتاب البيوع .
5- وعن عائذ بن عمرو :{{ أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه و سلم فسأله فأعطاه فلما وضع رجله على أسكفة الباب قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لو تعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله شيئا .}} رواه النسائي.
قال الشيخ الألباني : حسن
6- وعن سمرة بن جندب قال : {{ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن المسألة كد يكد بها الرجل وجهه إلا أن يسأل الرجل سلطانا أو في أمر لا بد منه }}. رواه أحمد والأربعة إلا النسائي. قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح. قال الشيخ الألباني : صحيح .

أكل الميراث بالباطل
قال تعالى: (( وَيأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا وَيحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ))
قال الحافظ ابن كثير { وَيأْكُلُونَ التُّرَاثَ } يعني: الميراث { أَكْلا لَمًّا } أي: من أي جهة حصل لهم، من حلال أو حرام، { وَيحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا } أي: كثيرا -زاد بعضهم: فاحشا.اهــ
وقال الإمام البغوي : { وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ } أي الميراث { أَكْلا لَمًّا } شديدًا وهو أن يأكل نصيبه ونصيب غيره، وذلك أنهم كانوا لا يورثون النساء ولا الصبيان، ويأكلون نصيبهم.
قال ابن زيد: الأكل اللَّمُ: الذي يأكل كل شيء يجده، لا يسأل عنه أحلال هو أم حرام؟ ويأكل الذي له ولغيره، يقال: لممت ما على الخِوان إذا أتيت ما عليه فأكلته.اهـ
وعن ابن عباس عن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر... }} رواه البخاري ومسلم

أكل مال العامل
وأخرج البخاري من حديث ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { قال الله عزّ وجلّ : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثم غدر ، ورجل باع حراً فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى ولم يعط أجره }} ( 2228)
وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر في قصة أصحاب الغار.....{{ وقال الثالث
اللهم استأجرت أجراء وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال
فجاءني بعد حين فقال يا عبد الله أد لي أجري فقلت كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق فقال يا عبد الله لا تستهزئ بي
فقلت إني لا أستهزئ بك فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئاً اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون . اهـ

أكل مال المعاهد بالباطل
- وعن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم دنية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلّفه فوق طاقته ، أو أخذ شياً بغير طيب نفسه فأنا حجيجه يوم القيامة } رواه أبوداود ( 3052) وصححه الألباني .

أكل أموال الناس بالحيل
وعمر بن الخطاب رضي الله عنه
قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول ( يا أيها الناس إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن هاجر إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) البخاري
وقال شيخ الإسلام : قد روى ابن بطة بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ترتكبوا ما ارتكب اليهود فتستحلون محارم الله بأدنى الحيل"
وفي الصحيحين عنه أنه قال:{{ لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها وأكلوا ثمنها }}
- حرمة التحيل على إسقاط الزكاة
وعن ثمامة بن عبد الله أن أنسا حدثه
: أن أبا بكر كتب له فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه و سلم ( ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ) البخاري
- حرمة التحيل على إسقاط الصداق
عن عبد الله رضي الله عنه
: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن الشغار . قلت لنافع ما الشغار ؟ قال ينكح ابنة الرجل وينكحه ابنته بغير صداق وينكح أخت الرجل وينكحه أخته بغير صداق . البخاري
- حرمة التحيل على اختصاص الرعي والكلأ.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( لا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ )
قال المهلب : قوله : ( لا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ ) إنما هو لما أراد أن يصون ما حول بئره من الكلأ من النعم الواردة للشرب وهو لا حاجة به إلى الماء الممنوع ، إنما حاجته إلى منع الكلأ ، فمنع من الاحتيال فى ذلك ؛ لأن الكلأ والنبات الذى فى المسارح غير المتملكة مباح لا يجوز منعه اهــ ذكره ابن بطال في شرح البخاري.
- حرمة التحيل على أكل مال اليتيم
وعن الزهري رحمه الله قال: كان عروة يحدث أنه سأل عائشة : (( وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء )).
قالت هي اليتيمة في حجر وليها فيرغب في مالها وجمالها فيريد أن يتزوجها بأدنى من سنة نسائها فنهوا عن نكاحهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق ثم استفتى الناس رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد فأنزل الله { ويستفتونك في النساء } . فذكر الحديث . رواه البخاري.
قال شيخ الإسلام: و دلائل تحريم الحيل من الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار كثيرة ذكرنا منها نحوا من ثلاثين دليلا فيما كتبناه في ذلك.... اهـــ القواعد النورانية القاعدة الثانية.

أكل أموال الناس بإظهار الصلاح والتقوى
أخرج الإمام أحمد في المسند (4/229) وأبوداود في سننه (برقم 4860 ) والبخاري- كما قال المعلق على كتاب ابن أثير جامع الأصول- في «الأدب المفرد» والحاكم في المستدرك (4/142 ، رقم 7166) وقال : صحيح الإسناد . والطحاوي في مشكل الآثار (ج 11/ 343ح 4485)
عن وقاص بن ربيعة عن المستورد أنه حدّثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : {{ من أكل برجل مسلم أكلة فإن الله يطعمه مثلها من جهنم ومن كسى ثوبا برجل مسلم فإن الله يكسوه مثله من جهنم ومن قام برجل مقام سمعة ورياء فإن الله يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة » وصححه الألباني.
قال الإمام الطحاوي في شرح مشكل الآثار
فتأملنا هذا الحديث فكان أحسن ما حضرنا فيه من قوله { من أكل برجل أكلة فإن الله تعالى يطعمه من جهنم مثلها }
أن ذلك على الرجل الذي يأكل بالرجل أموال الناس كالرجل يأخذ أموالهم ليسد بها فقره فيأخذها لنفسه فهو بذلك من أهل الوعيد المذكور في هذا الحديث وهو مثل معنى ما يقال فلان يأكل بدينه وفلان يأكل بعلمه .
وكان معنى { من اكتسى برجل مسلم..} مثل هذا المعنى أيضا
وكان معنى { من قام برجل مسلم مقام سمعة } أي من قام من أجله مقام سمعة لا لمعنى استحق به ذلك ولكن ليفضحه ويسمع به فيه كان من أهل الوعيد المذكور في هذا الحديث والله نسأله التوفيق اهــ .
قال صاحب العون : من أكل برجل مسلم اى بسبب اغتيابه والوقيعة فيه أو بتعرّضه له بالأذية عند من يعاديه ،
وقال فى قوله (ومن كسى ثوبا برجل ..) اى سبب إهانته .
قال في النهاية معناه الرجل يكون صديقا ثم يذهب إلى عدوه فيتكلم فيه بغير الجميل ليجيزه عليه بجائزة فلا يبارك الله له فيها انتهى
( ومن قام برجل الخ ) قال في اللمعات : ذكروا له معنيين أحدهما أن الباء للتعدية أي أقام رجلا مقام سمعة ورياء ووصفه بالصلاح والتقوى والكرامات وشهره بها وجعله وسيلة إلى تحصيل أغراض نفسه وحطام الدنيا فإن الله يقوم به أي بعذابه .....
وثانيهما أن الباء للسببية وقيل هو أقوى وأنسب أي من قام بسبب رجل من العظماء من أهل المال والجاه مقاما يتظاهر فيه بالصلاح والتقوى ليعتقد فيه ويصير إليه المال والجاه أقامه الله مقام المرائين ويفضحه ويعذب عذاب المرائين انتهى
وفي المرقاة الباء في برجل يحتمل أن تكون للتعدية وللسببية فإن كانت للتعدية يكون معناه من أقام رجلا مقام سمعة ورياء يعني من أظهر رجلا بالصلاح والتقوى ليعتقد الناس فيه اعتقادا حسنا ويعزونه ويخدمونه لينال بسببه المال والجاه
فإن الله يقوم له مقام سمعة ورياء بأن يأمر ملائكته بأن يفعلوا معه مثل فعله ويظهروا أنه كذاب
وإن كانت للسببية فمعناه أن من قام وأظهر من نفسه الصلاح والتقوى لأجل أن يعتقد فيه رجل عظيم القدر كثير المال ليحصل له مال وجاه انتهى عون المعبود (ج 13 ص 225)

أكل أموال الناس بالتطبب
فقد روى الحاكم الدارقطني وأصاب السنن إلا الترمذي عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جدته قال قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم {{ من تطبب ولا يعلم منه الطب فهو ضامن }} قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وحسنه الألباني .
قال ابن القيم: فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الإرشاد إلى معالجة أحذق الطببين
ذكر مالك في موطئه عن زيد بن أسلم أن رجلا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم جرح فاحتقن الدم وأن الرجل دعا رجلين من بني أنمار فنظر إليه
فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما ايكما أطب فقالا أوفى الطب خير يا رسول الله فقال أنزل الدواء الذي أنزل الداء( قال ابن عبد البر: هكذا هذا الحديث في الموطأ منقطعا عن زيد بن أسلم عند جماعة رواته فيما علمت .... التمهيد (5 /263) )
ففي هذا الحديث أنه ينبغي الاستعانة في كل علم وصناعة بأحذق من فيها فالأحذق فإنه إلى الإصابة أقرب
وهكذا يجب على المستفتي أن يستعين على ما نزل به بالأعلم فالأعلم لأنه أقرب إصابة ممن هو دونه وكذلك من خفيت عليه القبلة فإنه يقلد أعلم من يجده وعلى هذا فطر الله عباده كما أن المسافر في البر والبحر إنما سكون نفسه وطمأنينته إلى أحذق الدليلين وأخبرهما وله يقصد وعليه يعتمد فقد اتفقت على هذا الشريعة والفطرة والعقل
وقال : فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في تضمين من طب الناس وهو جاهل بالطب
روى أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تطبب ولم يعلم منه الطب قبل ذلك فهو ضامن}

هذا الحديث يتعلق به ثلاثة أمور أمر لغوي وأمر فقهى وأمر طبي .......
وأما الأمر الشرعى: فإيجاب الضمان على الطبيب الجاهل، فإذا تعاطى علم الطب وعمله،
ولم يتقدم له به معرفة، فقد هجم بجهله على إتلاف الأنفس، وأقدم بالتهور على ما لم يعلمه، فيكون قد غرر بالعليل، فيلزمه الضمان لذلك، وهذا إجماع من أهل العلم.
قال الخطابى: لا أعلم خلافا فى أن المعالج إذا تعدى، فتلف المريض كان ضامنا، والمتعاطى علما أو عملا لا يعرفه متعد،
فإذا تولد من فعله التلف ضمن الدية، وسقط عنه القود، لأنه لا يستبد بذلك بدون إذن المريض وجناية المتطبب فى قول عامة الفقهاء على عاقلته.
قلت – القائل ابن القيم- : الأقسام خمسة
أحدها: طبيب حاذق أعطى الصنعة حقها ولم تجن يده، فتولد من فعله المأذون فيه من جهة الشارع، ومن جهة من يطبه تلف العضو أو النفس، أو ذهاب صفة،
فهذا لا ضمان عليه اتفاقا، فإنها سراية مأذون فيه، وهذا كما إذا ختن الصبى فى وقت، وسنه قابل للختان، وأعطى الصنعة حقها، فتلف العضو أو الصبى، لم يضمن،.....
القسم الثانى: متطبب جاهل باشرت يده من يطبه، فتلف به، فهذا إن علم المجنى عليه أنه جاهل لا علم له، وأذن له فى طبه لم يضمن، ....
وإن ظن المريض أنه طبيب، وأذن له فى طبه لأجل معرفته، ضمن الطبيب ما جنت يده، وكذلك إن وصف له دواء يستعمله، والعليل يظن أنه وصفه لمعرفته وحذقه فتلف به، ضمنه، والحديث ظاهر فيه أو صريح.
القسم الثالث: طبيب حاذق، أذن له، وأعطى الصنعة حقها، لكنه أخطأت يده، وتعدت إلى عضو صحيح فأتلفه، مثل: أن سبقت يد الخاتن إلى الكمرة، فهذا يضمن، لأنها جناية خطإ
القسم الرابع: الطبيب الحاذق الماهر بصناعته، اجتهد فوصف للمريض دواء، فأخطأ فى اجتهاده، فقتله، فهذا يخرج على روايتين؛ إحداهما: أن دية المريض فى بيت المال. والثانية: أنها على عاقلة الطبيب، وقد نص عليهما الإمام أحمد فى خطإ الإمام والحاكم.....اهــ
طب النبوي لابن القيم.


الآثار المرتبة على أكل أموال الناس بالباطل

لا يقبل الله صدقة من مال محرم:
وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كسب مالا حراما فتصدق به لم يكن له فيه أجر وكان إصره عليه " رواه ابن حبّان رقم( 3368 )
عدم إجابة دعائه.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{{ أيها الناس إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين
فقال {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم} [المؤمنون : 51]
وقال : {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك }}.
جوز قتله والإستشهاد عليه:
وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال : جاء رجل إلى سول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله أرأيت إن جاء رجل يُريد أخذ مالى ؟
قال : فلا تعطه مالك قال : أرأيت إن قاتلنى ؟ قال : قاتله قال : أرأيت إن قتلنى ؟ قال : فأنت شهيد قال : أرأيت إن قتلته ؟ قال : هو فى النّار " رواه مسلم(140)
وروى البخاري ومسلم عن سليمان الأحول أن ثابتا مولى عمر بن عبدالرحمن أخبره أنه لما كان بين عبدالله بن عمرو وبين عنبسة بن أبي سفيان ما كان تيسروا للقتال فركب خالد بن العاص إلى عبدالله بن عمرو فوعظه خالد فقال عبدالله بن عمرو أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من قتل دون ماله فهو شهيد ا هــ رواه البخاري( 2348) ومسلم 140 .واللفظ لمسلم.
قال الإمام النووىّ رحمه الله : وأما أحكام الباب ففيه جواز قتل القاصد لأخذ المال بغير حقّ سواء كان المال قليلا أو كثيرا لعموم الحديث وهذا أقوال الجماهير من العلماء . شرح مسلم (2 / 524 الرّقم السّابق).


الخاتمة :

وفي ختام هذا البحث : أحمد الله تعالى على نعمه وآلائه فهو الأول والآخر والظاهر والباطن لا أحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه .
ثم إننا قد توصلنا نتائجا في خلال بحثنا هذا من أهمها :
- أن أكل أموال الناس محرم لا يجوز الإنتهاك به بيّ حال من الأحوال وأن فاعله متوعد بالنار مستوجب للعقاب .
- لا ينبغي للمسلم أن يكون حريصاً متوغلاً على جمع المال فإن هذه سمة الكافر الذي لايشبع فقد ذكر الله في القرآن الكريم أنهم كانوا يكرهون إماءهم وفتياتهم على البغاء والزنا والعياذ بالله
قال تعالى: ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنناً لتبتغوا عرض الحياة الدنيا....) [ النور:33]
قال ابن كثير : وقوله تعالى: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} الآية, كان أهل الجاهلية إذا كان لأحدهم أمة أرسلها تزني, وجعل عليها ضريبة يأخذها منها كل وقت, فلماء جاء الإسلام نهى الله المؤمنين عن ذلك, وكان سبب نزول هذه الآية الكريمة, فيما ذكر غير واحد من المفسرين من السلف والخلف في شأن عبد الله بن أبي ابن سلول, فإنه كان له إماء, فكان يكرههن على البغاء طلبا لخراجهن, ورغبة في أولادهن ورياسة منه فيما يزعم.اهـ
- ويجب على المرء المسلم أن يعلم أن حب الدنيا مفسد للدين فقد أخرج الإمام أحمد والدارمي(2730) والترمذي (2376)"وقال حديث حسن أو صحيح" وصححه ابن حبان (3228) عن ابن كعب بن مالك عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص الرجل على المال والشرف لدينه ).
قال الشيخ الألباني : صحيح .
- وأنه يجب على المرء المسلم أن يتورع عن أموال الناس فإن خير الدين الورع كما ثبت في الحديث الصحيح فقد قال النبي صلى الله عليه ويسلم {{ فضل العلم خير من فضل العبادة وخير دينكم الورع }}. عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه
أخرجه البزار (1/371 ، رقم 2969) ، والطبرانى فى الأوسط (4/197 ، رقم 3960) قال الهيثمى (1/120) : فيه عبد الله بن عبد القدوس وثقه البخارى وابن حبان وضعفه ابن معين . وصححه الحاكم (1/171 ، رقم 317) .والألباني في صحيح الترغيب الترهيب .( ج1/ 16 الرقم 68 و1740) وقال المنذري رواه الطبراني في الأوسط والبزار بإسناد حسن .
وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتورعون غاية الورع فقد كان يجد التمرة فيريد أكها ثم يلقيها حذراً أن تكون من تمر الصدقة ، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم وجد تمرة في الطريق فقال لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها رواه البخاري ومسلم
- ويجب على المسلم أن يمارس سيرة الصحابة والسلف فعن عائشة رضي الله عنها قالت كان لابي بكر الصديق رضي الله عنه غلام يخرج له الخراج وكان أبو بكر يأكل من خراجه فجاء يوما بشيء فأكل منه أبو بكر فقال
له الغلام أتدري ما هذا فقال أبو بكر وما هو قال كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني لذلك هذا الذي أكلت منه فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه }} رواه البخاري.
- ويجب أيضاً الحذر والإبتعاد عن المشتبهات من الأمور . فعن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : {{ إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه
ألا وإن لكل ملك حمي ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب }} أخرجه : البخاري 1/20 ( 52 ) و3/69 ( 2051 ) ، ومسلم 5/50 ( 1599 ).
وفي رواية للبخاري( 1946) والنسائي الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهة فمن ترك ما شبه عليه من الإثم كان لما استبان أترك ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم أوشك أن يواقع ما استبان والمعاصي حمى الله ومن يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه
وفي رواية لابي داود(3331) والنسائي( الرقم 4453)قال الألباني ( صحيح )
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات وسأضرب لكم في ذلك مثلا إن الله حمى حمى وإن حمى الله ما حرم وإنه من يرتع حول الحمى يوشك أن يخالطه وإن من يخالط الريبة يوشك أن يخسر . اهـــ
قال الحافظ ابن رجب فقوله صلى الله عليه و سلم الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ....
معناه أن الحلال المحض بين لا اشتباه فيه وكذلك الحرام المحض ولكن بين الأمرين أمور تشتبه على كثير من الناس هل هي من الحلال أم من الحرام
وأما الراسخون في العلم فلا يشتبه عليهم ذلك ويعلمون من أي القسمين هي
فأما الحلال المحض فمثل أكل الطيبات من الزروع والثمار وبهيمة الأنعام وشرب الأشربة الطيبة ولباس ما يحتاج إليه من القطن والكتان والصوف والشعر وكالنكاح والتسري وغير ذلك إذا كان اكتسابه بعقد صحيح كالبيع أو بميراث أو هبة أو غنيمة
والحرام المحض مثل أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وشرب الخمر ونكاح المحارم ولباس الحرير للرجال ومثل الاكتساب المحرم كالربا والميسر وثمن مالا يحل بيعه وأخذ لأموال المغصوبة بسرقة أو غصب ونحو ذلك
وأما المشتبه فمثل بعض ما اختلف في حله أو تحريمه.....اهــ جامع العلوم والحكم .
قال الحافظ ابن دقيق العيد : هذا أحد الأحاديث العظام التي عدت من أصول الدين فأدخلت في الأربعة الأحاديث التي جعلت أصلا في هذا الباب وهو أصل كبير في الورع وتارك المتشابهات في الدين.
والشبهات لها مثارات:
منها: الاشتباه في الدليل الدال على التحريم أو التحليل أو تعارض الأمارات والحجج ولعل قوله عليه السلام: "لا يعلمهن كثير من الناس" إشارة إلى هذا المثار مع أنه يحمل أن يراد: لا يعلم عينها وإن علم حكم أصلها في التحليل والتحريم وهذا أيضا من مثار الشبهات.
وقوله عليه السلام: "من اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه" أصل في الورع.... اهــ إحكام الأحكام (1 /471).
قال الإمام الصنعاني: أجمع الأئمة على عظم شأن هذا الحديث وأنه من الأحاديث التي تدور عليها قواعد الإسلام قال جماعة هو ثلث الإسلام فإن دورانه عليه وعلى حديث الأعمال بالنيات وعلى حديث "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" وقال أبو داود إنه يدور على أربعة هذه ورابعها حديث "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" وقيل حديث "ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما أيدي الناس يحبك الناس"....اهــ سبل السلام .
وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه و سلم دع ما يريبك إلى ما لا يريبك رواه الترمذي والنسائي وابن حبان في صحيحه وقال الترمذي حديث حسن صحيح . وصححه الألباني
- وأن لا يغتر المرء بزهارة الدنيا وحلوانها ، فعن حكيم بن حزام رضي الله عنه، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني؛ ثم قال: ياحكيم إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، كالذي يأكل ولا يشبع، اليد العليا خير من اليد السفلى
قال حكيم: فقلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا فكان أبو بكر رضي الله عنه، يدعو حكيما إلى العطاء، فيأبى أن يقبله منه ثم إن عمر رضي الله عنه دعاه ليعطيه، فأبى أن يقبل منه شيئا
فقال عمر: إني أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم، أني أعرض عليه حقه من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه
فلم يرزأ حكيم أحدا من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى توفي
أخرجه البخاري ومسلم .
- ويجب أن يكون همه هم الآخرة فقد روى الترمذي (2465) عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عيينه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ,
قال الشيخ الألباني : صحيح
وخرّج ابن حبان ( الرقم 680) وابنُ ماجه (4105) مِنْ حديث زيدِ بن ثابتٍ ، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ((من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ماكتب له . ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره . وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة)) .
وقال: في الزوائد إسناده صحيح رجاله ثقات وصححه الألباني و شعيب الأرناؤوط.
- ويجب على المرء المسلم أن يتحفظ عن ما يدخل في بطنه فإن هذا من تمام الحياء من الله عزّ وجل. فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «استحيوا من الله حق الحياء ، قلنا : إنا لنستحييي من الله يا رسول الله ، والحمد لله ، قال : ليس ذلك ، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء : أن تحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى وتذكر الموت والبلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ، وآثر الآخرة على الأولى ، فمن فعل ذلك فقد استحي من الله حق الحياء». أخرجه الترمذي.وصححه الشيخ الألباني في الصحيح الجامع.
- وأن يستشعر نفسه أنه غريب بهذه الدنيا وأنه سيرحل منها وهذا من أسباب حب الله للعبد وحب الناس له. فعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس فقال : " ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس " .وقال النووي رحمه الله حديث حسن رواه ابن ماجه وغيره بأسانيد حسنه ,رياض الصالحين
وصحح الألباني وبشواهده وخرجها في ( الصحيحة ) رقم ( 944 ).
تـمت:
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إلــــــه إلا أنت وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .


أبو عبد الرحمن / محمد أحمد علي المدني .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
ملاحظة : لا يجوز لأحد طبع أو تصوير لهذا المقال على صفة تجارية إلا بإذن مسبق من الجامع.