المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : احذروا من بدعة الاحتفال بالمولد!



أهــل الحـديث
22-01-2013, 05:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

هذه أيها الأحبة مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي ( وفقه الله) وهي بعنوان :"احذروا من بدعة الاحتفال بالمولد!"، نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بها


احذروا من بدعة الاحتفال بالمولد!

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد وعلى آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إن في كل عام من شهر ربيع الأول في الثاني عشر منه أيها الأحبة يحتفل بعض المبتدعة!ومن اغتر بصنيعهم من الجهلة! بمولد النبي صلى الله عليه وسلم زاعمين أن هذا من محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره وتعظيمه، فنراهم يخصون هذا اليوم ببعض المظاهر،كالاجتماع لقراءة السيرة النبوية وترديد بعض الأناشيد التي لا تخلو من الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم الذي يؤدي إلى الشرك بالله جلَّ جلاله،وقد يصاحب ذلك بعض المنكرات كضرب المعازف والاختلاط بين الرجال والنساء وغير ذلك من المحرمات،ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قال الشيخ علي محفوظ–رحمه الله- :"ومن المواسم التي نسبوها للشرع وليست منه،ليلة الثاني عشر من ربيع الأول،يجتمع لها الناس في المساجد وغيرها فيهتكون حرمة بيوت الله تعالى، ويسرفون في الوقود فيها...وكل ذلك لم يأذن به الله ورسوله،ولم يعهد عن السلف الصالح،فهو بدعة وضلالة".الإبداع في مضار الابتداع(ص272)
أيها الكرام إن مما يُحزن كل غيور على السنة محب لانتشارها بين الناس،أن يرى من هؤلاء التهاون حتى في تطبيق ما أوجبه الله عليهم!ومع هذا يجد عندهم تحمسا شديدا لتطبيق البدع وتزيينها للناس، والله المستعان
إن الغريب في هؤلاء! هو عدم إدراكهم أن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون بالبدع والخرافات والمعاصي و المنكرات وإنما هو بطاعته والاقتداء بهديه وهدي صحابته(رضوان الله عليهم).
قال القاضي عياض-رحمه الله-:"اعلم أن من أحب شيئاً آثره وآثر موافقته،وإلا لم يكن صادقاً في حبه،وكان مدَّعياً. فالصادق في حب النبي صلى الله عليه وسلم من تظهر علامة ذلك عليه،وأولها الاقتداء به واستعمال سنته واتباع أقواله وأفعاله، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه،والتأدب بآدابه في عسره ويسره،ومنشطه ومكرهه".كتاب الشفا(2/22)
وقال الشيخ ابن باز-رحمه الله-:"إن تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم وإظهار فضله وشأنه لا يكون بالبدع بل باتباع شرعه وتعظيم أمره ونهيه والدعوة إلى سنته وتعليمها الناس في المساجد والمدارس والجامعات لا بإقامة احتفالات مبتدعة باسم المولد؛لما تقدم من الأدلة الشرعية، ولما يقع فيها من الغلو والشرور الكثيرة،وربما صار فيها الاختلاط وشرب الخمور، بل قد يقع فيها ما هو أكثر من ذلك من الشرك الأكبر".مجموع الفتاوى(5/176)
ألم يعي هؤلاء!أن صنيعهم هذا ليس له أصل لا في الكتاب ولا في السنة،ولا كان عليه من هو أفضل منهم من أهل القرون المفضلة،مع شدة حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم ، وحرصهم-رحمهم الله- على اتباع سنته.
قال الشيخ عمر بن علي الفاكهاني(734هـ) –رحمه الله-:"لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة ولا يُنقل عمله عن أحد من علماء الأمة،الذين هم القدوة في الدين،المتمسكين بآثار المتقدمين،بل هو بدعة،أحدثها البطالون وشهوة نفسٍ اغتنى بها الأكالون".المورد في عمل المولد (ص21)
وأن أول من أحدث بدعة المولد هم الفاطميون العبيديون الرافضة في المائة الرابعة،قال المقريزي–رحمه الله-:"وكان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعياد ومواسم وهي مواسم رأس السنة،ومواسم أول العام،ويوم عاشوراء،ومولد النبي صلى الله عليه وسلم،ومولد علي بن أبي طالب،ومولد الحسن،ومولد الحسين(رضي الله عليهم)...".الخطط(2/436)
قال الشيخ ابن باز –رحمه الله-:"أول من أحدثها هم الشيعة الباطنية وهم بنو عبيد القداح المعروفون بالفاطميين الذين ملكوا مصر والمغرب في المائة الرابعة والخامسة،وأحدثوا احتفالات كثيرة بالموالد،كمولد النبي صلى الله عليه وسلم والحسين وغيرهما،ثم تابعهم غيرهم بعد ذلك، وهذا فيه تشبه بالنصارى واليهود في أعيادهم، وفيه إحياء لاجتماعات فيها كثير من المعاصي والشرك بالله،حتى ولو فعلها كثير من الناس،ذلك لأن الحق لا يعرف بالناس وإنما يعرف الحق بالأدلة الشرعية في الكتاب والسنة.
وقد نبه كثير من العلماء على ذلك منهم شيخ الإسلام ابن تيمية و الشاطبي وآخرون رحمة الله عليهم،ومن استحسنها من بعض المنتسبين للعلم فقد غلط غلطا بينا لا تجوز متابعته عليه". مجموع الفتاوى (5/176)
ألم يعلموا!أن أهل السير والتاريخ اختلفوا فيما بينهم في تحديد شهر ويوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم،وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أنه لو كان في هذا اليوم عبادة لكانت معلومة مشهورة لم يحصل فيها خلاف ولنقله إلينا الصحابة على وجه الدقة!.
مع أن أكثر أهل العلماء اتفقوا على أن مولد النبي صلى الله عليه وسلم كان عام الفيل،قال الإمام ابن القيم-رحمه الله-: "لا خلاف أنه ولد صلى الله عليه وسلم بجوف مكة،وأن مولده كان عام الفيل".زاد المعاد(1/76)
وأن ولادته كانت يوم الاثنين لحديث أبي قتادة الأنصاري–رضي الله عنه-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين؟فقال:"ذلك يوم ولدت فيه ،ويوم بعثت فيه- أو أنزل علي فيه-".رواه مسلم(1162)
أيها الأحبة إن المشهور عند جمهور العلماء أن الثاني عشر من ربيع الأول في العام الحادي عشر للهجرة هو تاريخ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.فتح الباري(8/130)
فيقال لهؤلاء المبتدعة: أتحتفلون أنتم بمولد النبي صلى الله عليه وسلم في الثاني عشر من ربيع الأول على القول بأنه ولد فيه أم تحتفلون بوفاته؟!
أيها الأفاضل الكرام إن الواجب علينا أن نقتدي بمن هم أفضل منّا وأكثر محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وهم الصحابة (رضوان الله عليهم)الذين لم يحتفلوا بهذه البدعة المضلة عن الدين والمبعدة عن رب العالمين،فليسعنا ما وسعهم و لنبتعد عنها، ولنحذر المسلمين منها ومن أهلها،ونحذر من الإعانة على إحياءها بأي شيء لأن في ذلك تشجيعا عليها وتعاونا على الباطل والمنكر،وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة بالمملكة العربية السعودية برئاسة الشيخ ابن باز-رحمه الله- ما نصه:"
لا يجوز الاحتفال بمناسبة ليلة القدر،ولا غيرها من الليالي ولا الاحتفال لإحياء المناسبات كليلة النصف من شعبان وليلة المعراج ويوم المولد النبوي،لأن هذا من البدع المحدثة لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه،وقد قال صلى الله عليه وسلم:"من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"،ولا يجوز الإعانة على إقامة هذه الاحتفالات بالمال ولا بالهدايا، ولا توزيع أكواب الشاي،ولا يجوز إلقاء الخطب والمحاضرات فيها،لأن هذا من إقرارها والتشجيع عليها،بل يجب إنكارها و عدم حضورها...".فتاوى اللجنة(2/257)
ومن كان منَّا على علم وغلب على ظنه السلامة من الفتن فعليه أن يذهب وينصح من أحدثهما ممن عرف عنه أنه يحدثها وذلك بالحكمة والموعظة الحسنة،لعله يكون سببا بعون الله في اجتنابها،وأما مجرد شهود هذه البدعة من أجل التسلية والترويح عن النفس فهذا لا يجوز،وقد سئلت اللجنة الدائمة بإشراف الشيخ ابن باز(رحمه الله)عن حضور الاحتفالات البدعية، كالاحتفال بليلة المولد النبوي،وليلة المعراج و ليلة النصف من شعبان،لمن يعتقد عدم مشروعيتها لبيان الحق في ذلك؟
فكان الجواب:
أولا:الاحتفال بهذه الليالي لا يجوز،بل هو من البدع المنكرة
ثانيا:غشيان هذه الاحتفالات وحضورها لإنكارها و بيان الحق فيها،وأنها بدعة لا يجوز فعلها:مشروع ولاسيما في حق من يقوى على البيان ويغلب على ظنه السلامة من الفتن.
أما حضورها للفرجة والتسلية والاستطلاع فلا يجوز،لما فيه من مشاركة أهلها في منكرهم،وتكثير سوادهم،وترويج بدعتهم".فتاوى اللجنة الدائمة(3/26)
فالله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يحفظ المسلمين في كل مكان وأن يغرس في قلوبهم محبة السنة وأهلها، وبغض البدع وأهلها،فهو سبحانه قدير وبالإجابة جدير.


وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


أبو عبد الله حمزة النايلي