المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علامة استقامة القلب تعظيم الأمر والنهي (ابن القيم )



أهــل الحـديث
21-01-2013, 01:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الوابل الصيب :

فصل:
وإنما يستقيم له هذا باستقامة قلبه وجوارحه فاستقامة القلب بشيئين:
أحدهما : أن تكون محبة الله تعالى تتقدم عنده على جميع المحاب فإذا تعارض حب الله تعالى وحب غيره سبق حب الله تعالى حب ما سواه فرتب على ذلك مقتضاه.
وما أسهل هذا بالدعوى وما أصعبه بالفعل فعند الامتحان يكرم المرء أو يهان.
وما أكثر ما يقدم العبد ما يحبه هو ويهواه أو يحبه كبيره أو أميره أو شيخه أو أهله على ما يحبه الله تعالى فهذا لم تتقدم محبة الله تعالى في قلبه جميع المحاب ولا كانت هي الحاكمة عليها المؤمرة عليها وسنة الله تعالى فيمن هذا شأنه أن ينكد عليه محابه وينغصها عليه فلا ينال شيئا منها إلا بنكد وتنغيص جزاء له على إيثاره هواه وهوى من يعظمه من الخلق أو يحبه على محبة الله تعالى.
وقد قضى الله عز وجل قضاء لا يرد ولا يدفع أن من أحب شيئا سواه عذب به ولا بد وأن من خاف غيره سلط عليه وأن من اشتغل بشيء غيره كان شؤما عليه ومن آثر غيره عليه لم يبارك له فيه ومن أرضى غيره بسخطه أسخطه عليه ولا بد.

الأمر الثاني: الذي يستقيم به القلب تعظيم الأمر والنهي وهو ناشئ عن تعظيم الآمر الناهي فإن الله تعالى ذم من لا يعظمه ولا يعظم أمره ونهيه قال سبحانه وتعالى: {مالكم لا ترجون لله وقارا} قالوا في تفسيرها: مالكم لا تخافون لله تعالى عظمة.
وما أحسن ما قال شيخ الإسلام في تعظيم الأمر والنهي هو أن لا يعارضا بترخيص جاف ولا يعرضا لتشديد غال ولا يحملا على علة توهن الانقياد.
ومعنى كلامه أن أول مراتب تعظيم الحق عز وجل تعظيم أمره ونهيه وذلك المؤمن يعرف ربه عز وجل برسالته التي أرسل بها رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة ومقتضاها الانقياد لأمره ونهيه وإنما يكون ذلك بتعظيم أمر الله عز وجل واتباعه وتعظيم نهيه واجتنابه فيكون تعظيم المؤمن لأمر الله تعالى ونهيه دالا على تعظيمه لصاحب الأمر والنهي ويكون بحسب هذا التعظيم من الأبرار المشهود لهم بالإيمان والتصديق وصحة العقيدة والبراءة من النفاق الأكبر