المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كآنٌ حلماً فـ خآطراً فـ أحتملاً ثمٌ أضحى حقيقة لا خيآل .. ( بقـلميٌ ) .!!



عميد اتحادي
20-01-2013, 11:30 PM
http://im32.********************************************/mhkv1.jpg (http://im32.********************************************/mhkv1.jpg)





*
*
*


هآهو الليل العبوس يغلف وجه المدينة بالسواد وذلك الظلام الذي قد يكون مخيف عند البعض ، يلف حوله عباءة العتمة بسواده المظلم ، ويسكب عليه سائل الظلام ، حتى استسلمت لقوته وأطعته وأغمضت عيني في أمان وأقفلت الهدب على الهدب .
لكن وفي جوف هذه العتمة ، (وبرد الشتاء الهادئ كان هنالك الحلم الجميل والتفكير العميق) ، وبعد أن أغلق الجميع أعينهم ، تسللت الي حلمي بأطراف أصابعي ، نازعاً عني لحاف الكسل ، ومتوجهاً بحماس حلمي ومتعلقي به وتفكيري به نحو سطح المنزل .
صعدت الدرجات في هدوءٍ أصم ، ثم فتحت الباب ، فهبت علي رياح الشتاء المشبعة برائحة المسك الشتوي ابتسمت ، واستنشقت الهواء بعمق ، وحاولت إبقاء أكبر حجم من الهواء في رئتئ الصغيرتين ، بعدها أخرجته وقد بدأت عليه علامات الرضا.
نظرت نظرة سريعة على زاويتي المعتادة ، ( الواقعة في ظلمة الظلمة وعتمة العتمة )، نظرت لها بنظرة الحنان ، نظرة أم تنظر لطفلها الصغير ، تحتضنه بعينيها وتنثر عنه غبار الحياة برموشها .
توجت لها ، أسندت ظهري إلى زاوية الجدارين ونظرت إلى السماء .
لطالما كانت السماء مصدر الإلهام ، بحر عميق سماوي مترع بالروحانية ، تنظر إليه فتشعر بأن روحك هناك ، روحك تمتزج بالسواد الطاهر متلذذة بمجاورة النجوم وبدعت الكون والتأمل بـ (الايام الست التي خلقت فيها) .


تلك النجوم قصة أخرى ، آية من آيات الله التي أبدع في مزج رونقها ، منثورة كاللؤلؤ تجذب الأبصار ، وتشعً نوراً ينير دروب القلوب ، وينثر على جنباتها قطعاً من السعادة والهناء .
من بين كل هذا الجمال البارع ، وإبداع الصانع ، كان القمر .
هو مجتذب نظري وبحلمي الحقيقي ، ( كان قلبي النابض مركز تفكيري المستمر) ، كنتَ ارى عيناي متعلقة على تلك النجوم، كغريق تشبث بخشبة تقاذفها موج الليل والنهار ، حتى إذا استقرت عليها يدي ، تشبثت بها ، فلم اعد ارى إلا صورتها ولم اعد اسمع إلا صوتها ، ملكت قلبي واستأثرت بروحي ، كان يعجبني فيها تلك الالوان الممزوجة وأطيافها السبع المهيب ، فوّهاته المنتشرة بتناغم متخالطة مع بياضه اللؤلؤي البديع .


كانت اصعد كل ليلة إلى السطح ، خصوصاً في ليالي الشتاء التي يتسنى لي فيها رؤيت الليل الجميل بـ أطول وقت .
الليلة هذه كانت مختلفة ، كان القمر مكتملاً والنجوم حوله مرصعة بـ ( الألماس ، استلقيت كعادتي موجها بصري إلى القمر الجميل) ،داعبته غفوة فاستسلمت له . اختطفني بحر الأحلام آخذا بي يمنة ويسرة ، وهو مسلم لي يديه في انقياد ، كانت أحلاماً جميلة ولذيذة ، لم اشعر بنفسي إلّا وشيء خشن يداعب جبيني ، كان حبلاً طويلاً ممتداً إلى السماء بلا نهاية
كانت ممسكاً بطرفه بيدي ، لكن لم يبد بأن له نهاية .
همست لنفسي :
لطالما كنت فتى شجاعاً ، لا أخشى الخطوب ، أواجه الكروب ، لي عزم وثبات ، قلب شجاع ، وذكاء متوقد وحاد . .
سأتسلق الحبل ، وأواجه الخوف ، وأوقظ العملاق بداخلي
صعدت وصعدت، ولم اخف ولم انظر ورائي ، كنت انظر إلى الأعلى في ثبات ، معلقاً عيناي على النهاية الخفية والحبل اللامتناهي.
بعد طول عناء وصلت ،وكان يتعرق و جسمي ويغلي كجمرة ، كانت عيناي تدوران بي ثم (سقطت مغشيّا علي من التعب) .
بعدها بدقائق وقفت على قدماي ، نظر حولي في دهشة .
كانت أرضاً بيضاء لؤلؤية ، انتشرت فيها أحجار مشعة كأنها قطع من نور ، جبال وتلال ، وأودية برّاقة فغر فاي ثم قالت بصوت خنقته الفرحة :
ماهذا ؟! أين أنا ؟
أهي جنة بيضاء أم صفحة كتاب لم يدنسها حبر بعد ، (أم أنا في مصباح أبيض منير ؟؟)
جائني صوت رخيماً :
أنت في مصباح الكون ، أنت كائن في قلب النّور ، اللؤلؤة المضيئة العملاقة . أنت في القمر
انعقد لساني فانحبس الكلام ، فما عادت استطيع النطق ، نسيت الاحروف فمحيت ، العبارات فطمست ، ولم اعرف إلّا الابتسامة الفزعة ، والفرحة المقيدة ، التي ما مكثت حتى باحت بها
تلك الهالة الواسعة التي تغمرني ، (هالة العظمة والروعة ، سأعيش على أرضك أنت ولا أعلم من تكون !! ) ، أستنشق من هواءك حتى أنتشي ، وأنهل من معين حبك . فهل تحقق لي حاجاتي ، وتشبع لي مرادي . .
، قد نكأت الجرح ورب الشمس ، لو كان بيدي الأمر لا حتضنتكم جميعاً ، لجمعت البشر على أرضي، وأُنهلم من نهل ضوئي.
ولكنّي لا أقدر . ولطالما كانت المستحيلات تحول بيننا وبين أمانينا ، بعضها نذيبها بالعزم والمحاولة والآخر يبقى كما الصخر يعجزنا إذابته .
واشكركمٌ جميعـاً ( كـنت هناك من خـلف كواليس أحلاميٌ ) ..



قفـــلة !!


كآن حلمـاً فـ خآطراً فـ أحتملاً ثمٌ أضحىٌ حقيقة لا خيآل ُ ..



أحمــد الوهبي كآتب ومحرر صحفي ..