المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لعنة حوريّة الجبال



عميد اتحادي
19-01-2013, 07:40 PM
لعنة حوريّة الجبال


كنت كلّما قًرأت لًك قصيدة ك أنمـا
أقْرأ تراتيلَ مقدّسةً فحروفك حِيكت بأناملَ
تشق لِي عباب البَحر، أسير عليه بخطى ثابتة
أحطّ رحالي فـي البرْزخ أمتَطي السّحـاب
أقفز بين المجَـرات، أصطنع من عناقيدها قلادة
أراقصك على عتبة فوبوس بلا وجل
و على قارعة ديموس يفـر الرعب حين
تقف عيوني إلى زحـــل أمضي
لا شتاء و لا ثلج يمنعني، ف توهجك
يذيب الجليد إذا لامســـه نورك.
ساحرٌ مبدعٌ و قريحتُك نهـرٌ جارٍ يحيي الميْتَ
في الأرض البور ف حين تتــلو عليها
نصفَ حرفٍ تنتشي من زلالك ف تهتز
و تربو لِ تخـــرج ثمرا
و شـــجرا إلى ظلالـه أفيء ....
وأبجديتك مفعمةٌ، وَلودة بولدان مخلدين ناضجةٌ
مثمرةٌ بعنب و زبيب مجــفف
نبيذٌ و أقداحُ عسل مصفَّى زكيةٌ عطرةٌ ياسمين و سوسن
و ريحان؛ يفوح شذاها عبقــــا.
ما بالها الآن مزنك لا تسقط غيثا و لا تسقي حرثا ؟
فقل لي ، هل أصابك جفاف عابر أم أن لغتك ماتت
و النبض في حرفك يحتضر؟!
ماعادت قصائدك عذبة ولا شهية حتى
الأصــــداف من شواطئها
اختفت، هل حُملت جُفاءً مع الزبد؟
أم ابتلعها الموج، و أحرفك ما عادت أسطورتي
بعد أن كانت معراجي إلى فردوس الجِنان
أضحت تقذف بوجداني إلى بطن النون
إلى ظلــمات بــلا نـور.
أم تراهُ أصبعُ "أنجـــيرونا"
ترك شفتيها و حطّ على شفتيك فأخرسك
و بَسط وشاحه ليعلن ساعة المغيب وأفول نجم حرفك؟
أو لربما أصابتك عيون "ميدوزا"
ف تحجـرت أبجديتك ويا أسفي ف أنا
لا عصا موسى لديَّ ف ألقيها عليها عساها
تتفجر قصـــائدَ و سطـورا
و تفيض حتى ما تكفيك المحابر و لو مُدَّتْ أقلامُك بحوراً
يراودني فيك شك و ريب يعبث بالقلب يلوّث اليقين
فما عاد منك النور يأتيني، ارْتد قلبي عن
هوى أبجديتك بعد أن تجـمدت حروفها
و اختفى النور من شمسها المكسوفة، و أنا المتجددة في
سطوعي أهوى القصائد المتفجرة الـولودة.
"نرسيوس" أنت، حين توهمت أنّ الحروف طينة بين يديك
صاغرةً تأتيك، تلبي نداءَك كلما عليها ناديت
من سور الصين إلى برج بيزا أو من أعلى شعلة بيمين تمثال الحرية
تسقط فداءَ حرفك؛ إن أنت بالإعدام عليها حكمت.
هي لعنة حورية الجبال أصابتك فقد شغفتها حبا
ف ألهمتك سحرا و أنطقتك شعرا فنأيت عن هواها
و خذلتها؛ فصارت السّماء حبلى بوجع خيبتها
ما اكتفيت ب آنية شغفها و لا قدح شهد شفتيها.
عشقت الكؤوس من حولك، و نمارق مصفوفة
و مائدة نصبت عليها قوارير شراب الحيـاة
فرحت تراهن عليها بشعرك، واثقا ف نرجسيتك
تؤيدك خسرتها حين سَالت دَمـعة من عينها
كانت قطرة أفاضت جميع كؤوسك ف جرف الطوفان
كلّ مَــا تملك و لم يبـق لك إلا
سديم قصائد مهترئة و أديم كتاب لقصة انتهت فصولها
بلعنة امرأة بكَــت ل بكائها السّماء



* نص بصيغةٍ أدبية فاتنة ..
نُقِل لكم من فيض قلم الأديبة ..
( نسرين بن لكحل )