المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من الشــووووووق



عميد اتحادي
19-01-2013, 12:10 AM
ندخل من بوابة الحياة. نحمل أمنيات ساذجة يتخيلها عقلنا من مراحل تكوينه الأول. نجد كل شيء فوق قدرة التخيل. كل شيء جميل ببريقه يأسر حواسنا الغضة حواس منتشية باللحظات المخضبة بالأحلام الوردية التي تداعب تلك الخطوات المنطلقة في العمر المؤطر بطفولة بريئة.

تقف عند أعتاب الأسئلة حين تخرج في فضاءات المعرفة، وهي تشدنا إلى الطرقات المختلفة وهي تجذبنا من أطراف دهشتنا وتخطو بنا إلى عوالم عملاقة. عوالم تبهرنا وتأخذنا في مداراتها المتعددة والكبيرة على فهمنا البسيط. ندخل ويحيطنا واقعها بمفاجأته وبدروبه الطويلة لتطأ اقدامنا طرقه الغريبة حينا والمحيرة لعقولنا أحايين كثيرة.

نكبر وأحضان أبوينا تلم شتات الاستيعاب فينا. يغمرنا الحضن بدفئه وحنانه ولا نرى أبعد من وجودهما فهما الملاذ والمكان الآمن الذي تسترخي ابداننا تحت فيّ محبتهما. لكن تعدد الطرق والمحطات التي تلزمنا بالمرور لاشتداد أعوادنا وتنوع معارفنا. تفصلنا عن ذاك الحضن وتلك الأيدي الرحيمة والتي نطقنا حروفنا الأولى على ضفاف عواطفها وإدراكها بحواسنا الوليدة لحظتها وفي كوامن عبقها الإنساني العظيم الذي جئنا من رحمها وفي لحظة خروج ارواحنا من روحها. تأخذنا الحياة وملامحنا تشكلت وغدت ارواحنا مهيأة للتدريب في صعابها وشائك وقائعها.

في وحدة موحشة تبدأ منذ الفراق الأول حين نفقد أحد الوالدين في مشهد يلفنا بألم حاد، يقبض على فطنتنا ويهز مشاعرنا لدرجة فقدان الوعي، فتبدو كل معارفنا ضحلة وأنفاسنا تهرب من صدورنا بقبضة يأس، يفر من الاستيعاب للفجيعة التي حلت وأخذت على جناحيها روحا عزيزة كانت بكل تفاصيلها حاضرة مكتملة الوجود.

لتغدو الحياة فارغة ووجهها شاحبا يسحب أرواحنا الى منافذ الهزيمة ويبقينا على وتيرة الحزن المتجدد بسأمه على مشارف المرافئ التي نقف بأوجاعنا وذكرياتنا المتناثرة في مداها البعيد.

ليكبر الوعي في مدار التوقع والخوف يحاصره من فقد آخر. وتلفنا حالات من الهلع في مسارات لا نعلم إلى أين؟ نسمع صوت الحياة ينادي فينا التفاعل الذي يليق بمشاعر متآلفة به في نهج الطبيعة التي لا تتوقف بمجرياتها. ونتشبث بثوبها وندنيه على ابداننا ونمضي متوشحين رداء الأمل في غمرة انشغالنا ولا نصيخ للضجيج المتسع في مشاعرنا رغبة من حنين ورغبة من تحد نقف أعتاب الحياة وأطياف من نحب والذين رحلوا مبكرا لا تفارق ذاكرتنا في مواقف صامدة لا تمحى شاهدة على ذاك الحضور الذي لا يغيب بوهجه ولمعانه في أعماق الروح.

كلماتي خرجت وانا اصارع حنينا يغلبني ويحملني على خطوط مشعة من الشوق إلى من غابوا عن ناظري إلى الأبد رحمهما الله برحمته.