قطرات النحو النديّة
22-04-2006, 08:58 PM
***************
بســم الله الرحمن الرحيم .
(( إخوتي أعضاء هذا المنتدى الشاعري ، أهديكم أولى خواطري ، وكتاباتي ،
أرجو أن تنال إعجابكم ، ولكم من أختكم قطرات أجمل تحية ))
.............................
(( هيــا نتســلّى ))
قرأت وقرأت ، وبعدما قرأت رأيت النفس تشرئبّ إلى أجمل مما قرأت ..!
نعم ، انتقيت من العلوم أغربها ، ومن الحكم أبلغها ، فما وجدت ما يقنع هذه
النفس الطموح ، ولا يشبع ذلك الفكر النهم ..!
فأخذت بتقليب أوراق حياتي ، ومحادثة قلبي العاتب ، في خلوة تفكيري ساعة رأيته
مستيقظـًا ، فكان أن قال لي ذلك القلب الرافض لحالي :
ماذا تريدين من هذا البحث الطويل ؟!
قلت : أريد أن أجد ما يشبعني من أفانين القول ، وأطايب الإبداع ،
مما سطّرته عقول الفهم ، وأنامل البلاغة .
قال - بقسوة - : بل أنتِ تريدين الهروب من الواقع المشؤوم ..!
قلت وبهدوء: لإن كنتَ صادقًا فيما تقول ؛ فلستُ إذن ممن يرضى أن يبقى في أسر الهموم ؛
لذلك تجدني أبحث عن بصيص نور في دياجي الليل المظلمة ..
وهذه حال الكثير ، ألستم معي فيما أقول ؟!
قال: ولكنّك تسلّين نفسك بأمور لستِ منها تشبعين ! وستبقين على أمل ٍ لا أمل في تحقيقه ،
وتعيشين أحلامًا نرجسية مع المستحيل حصوله !
قولي - بربك - إلى متى ستبقين على هذه الحال ؟!
قلت له بلهجةٍ غضبى : حتى من الأحلام تريد أن تحرمني ؟! وعلى تسلية نفسي تعاتبني ؟!
بل قـــل لي أنت - بربك - ماذا تريدني أن أكون ؟!
قال : أريدك أن تقنعي ، أما و إن قلت ِ : كيف ؟
فإنّي أقول : لا تسأليني عمّــا أنت أعلم به مني !!
لقد جرحني هذا الضمير ، وبالغ في إيذاء إحساسي المرهف ...
ولأنني ممن لا يخضع إلا إذا اقتنع ؛ أخذتُ أبحث عن مخرج ٍ لمــا أنا فيه من حال ؛
ولأقنع ذلك الضمير الجائر ، وأضمّد جرحي الغائر .
أبحرتُ في كتب المفكرين ، وأصحاب القلم الساطع ، والعقل الناضج ، إلى أن وجدتُ
ضالتي ، التي سأنقلها إليكم على كرسي من الثقة ، وأزفها في موكب من الصدق في
النقل ، والقناعة بالمكتوب ، والفرحة بحصول المطلوب .
اقرؤوا هذه الأسطر بتمعن ٍ وتفكّر ..
انتقيتها من كتاب ( صيد الخاطر ) ، تحت عنوان ( تعليل النفس ) ،
يقول كاتب المقال الإمام ( ابن الجوزي ( يرحمه الله ) ) :
مــرّ بي حمّــالان تحت جذع ٍ ثقيل ٍ ، وهما يتجاوبان بإنشاد النغم ، وكلمات الاستراحة .
فأحدهما يصغي إلى ما يقوله الآخر ثم يعيده أو يجيبه بمثله ، والآخر همّته مثل ذلك .
فرأيتُ أنّهما لو لم يفعلا هذا لزادت المشقة ، وثقل الأمر، وكلما فعلا هذا هان الأمر.
فتأمّلت السبب في ذلك ، فإذا به تعليق فكر كل واحد منهما بما يقول الآخر ، وطربه به ،
وإحالة فكره في الجواب بمثل ذلك ، فينقطع الطريق ، ويُنسى ثقل المحمول .
فأخذت من هذا إشارة عجيبة ، ورأيت الإنسان قد حمل من التكليف أمورًا صعبة ، ومن
أثقل ما حمل مداراة نفسه ،وتكليفها بالصبر عما تحب ، وعلى ما تكره . فرأيت
الصواب قطع طريق الصبر بالتسلية ، والتلطف للنفس ...
ومن هذا ما يحكى عن بشر الحافي – رحمة الله عليه - :
سار ومعه رجل في طريق ، فعطش صاحبه ، فقال له :
نشرب من هذه البئر ؟ فقال بشر : اصبر إلى البئر الأخرى .. فلما وصلا إليها قال له :
البئر الأخرى . فما زال يعلله ...إلى أن التفت إليه فقال له : هكذا تنقطع الدنيا .
ومن فهم هذا الأصل علل النفس وتلطف بها ، ووعدها الجميل ؛ لتصبر على ما قد حملت ...
واعلم أنّ مداراة النفس والتلطف بها لازم ، وبذلك ينقطع الطريق ..
فهذا رمز الإشارة ، وشرحه يطول ...!!
( انتهى كلامـه ، رحمه الله )
أرأيتم صدق نظرتي ، وصواب وجهتي ؟
إننّا نتسلى بالجميل الممتع الممكن الجائز ، وإن لم نبلغ به الغاية ، وطمعنا فيه بالزيادة ،
يكفي أنّه يبعدنا عن الهموم ، وينقلنا من الواقع المحموم بالأحداث المحزنة ،
إلى عالم ٍ وردي ، يشحذ لنا الهمـّـة ، ويقوي فينا العزيمــة .
علينا أن نخلق لأنفسنا جنـّات من التفاؤل والحبّ ، ولنبقى فيها حالمين بالسعادة ،
مستمتعين بشعور البهجة الذي كدنا نفقده ، ولنحذر أن نختار طريقًا يصل بنا إلى بابٍ
لا يُفتح ، أو يشعل فينا نارًا لا تنطفئ ،أو نجني به غضب الرب ..
أعاذنا الله وإياكم من ذلك .
بقي أن يسأل كلٌ منكم نفسه :
بما أتسلى لأصبر ؟
إن تــمّ الاختيار ؛ قلنا لكم :
مبارك عليكم جنّتكم الجديدة .... ولكن لا تنسوا أنّكم فيها في خيال ..
ورغم كونه خيالا نجده واقعًا مفروضًا ، إذ أصبح ذلك الخيال جزءًا من حياتنا ،
وسنعيشه خيالا شئنا أم أبينا ..!
وما أجمله من خيال !
لعل وجودنا في المنتدى هنا ، هو أبلغ صور التسلية النافعة ..
هل فهمتم مقصدي ؟!
................
بســم الله الرحمن الرحيم .
(( إخوتي أعضاء هذا المنتدى الشاعري ، أهديكم أولى خواطري ، وكتاباتي ،
أرجو أن تنال إعجابكم ، ولكم من أختكم قطرات أجمل تحية ))
.............................
(( هيــا نتســلّى ))
قرأت وقرأت ، وبعدما قرأت رأيت النفس تشرئبّ إلى أجمل مما قرأت ..!
نعم ، انتقيت من العلوم أغربها ، ومن الحكم أبلغها ، فما وجدت ما يقنع هذه
النفس الطموح ، ولا يشبع ذلك الفكر النهم ..!
فأخذت بتقليب أوراق حياتي ، ومحادثة قلبي العاتب ، في خلوة تفكيري ساعة رأيته
مستيقظـًا ، فكان أن قال لي ذلك القلب الرافض لحالي :
ماذا تريدين من هذا البحث الطويل ؟!
قلت : أريد أن أجد ما يشبعني من أفانين القول ، وأطايب الإبداع ،
مما سطّرته عقول الفهم ، وأنامل البلاغة .
قال - بقسوة - : بل أنتِ تريدين الهروب من الواقع المشؤوم ..!
قلت وبهدوء: لإن كنتَ صادقًا فيما تقول ؛ فلستُ إذن ممن يرضى أن يبقى في أسر الهموم ؛
لذلك تجدني أبحث عن بصيص نور في دياجي الليل المظلمة ..
وهذه حال الكثير ، ألستم معي فيما أقول ؟!
قال: ولكنّك تسلّين نفسك بأمور لستِ منها تشبعين ! وستبقين على أمل ٍ لا أمل في تحقيقه ،
وتعيشين أحلامًا نرجسية مع المستحيل حصوله !
قولي - بربك - إلى متى ستبقين على هذه الحال ؟!
قلت له بلهجةٍ غضبى : حتى من الأحلام تريد أن تحرمني ؟! وعلى تسلية نفسي تعاتبني ؟!
بل قـــل لي أنت - بربك - ماذا تريدني أن أكون ؟!
قال : أريدك أن تقنعي ، أما و إن قلت ِ : كيف ؟
فإنّي أقول : لا تسأليني عمّــا أنت أعلم به مني !!
لقد جرحني هذا الضمير ، وبالغ في إيذاء إحساسي المرهف ...
ولأنني ممن لا يخضع إلا إذا اقتنع ؛ أخذتُ أبحث عن مخرج ٍ لمــا أنا فيه من حال ؛
ولأقنع ذلك الضمير الجائر ، وأضمّد جرحي الغائر .
أبحرتُ في كتب المفكرين ، وأصحاب القلم الساطع ، والعقل الناضج ، إلى أن وجدتُ
ضالتي ، التي سأنقلها إليكم على كرسي من الثقة ، وأزفها في موكب من الصدق في
النقل ، والقناعة بالمكتوب ، والفرحة بحصول المطلوب .
اقرؤوا هذه الأسطر بتمعن ٍ وتفكّر ..
انتقيتها من كتاب ( صيد الخاطر ) ، تحت عنوان ( تعليل النفس ) ،
يقول كاتب المقال الإمام ( ابن الجوزي ( يرحمه الله ) ) :
مــرّ بي حمّــالان تحت جذع ٍ ثقيل ٍ ، وهما يتجاوبان بإنشاد النغم ، وكلمات الاستراحة .
فأحدهما يصغي إلى ما يقوله الآخر ثم يعيده أو يجيبه بمثله ، والآخر همّته مثل ذلك .
فرأيتُ أنّهما لو لم يفعلا هذا لزادت المشقة ، وثقل الأمر، وكلما فعلا هذا هان الأمر.
فتأمّلت السبب في ذلك ، فإذا به تعليق فكر كل واحد منهما بما يقول الآخر ، وطربه به ،
وإحالة فكره في الجواب بمثل ذلك ، فينقطع الطريق ، ويُنسى ثقل المحمول .
فأخذت من هذا إشارة عجيبة ، ورأيت الإنسان قد حمل من التكليف أمورًا صعبة ، ومن
أثقل ما حمل مداراة نفسه ،وتكليفها بالصبر عما تحب ، وعلى ما تكره . فرأيت
الصواب قطع طريق الصبر بالتسلية ، والتلطف للنفس ...
ومن هذا ما يحكى عن بشر الحافي – رحمة الله عليه - :
سار ومعه رجل في طريق ، فعطش صاحبه ، فقال له :
نشرب من هذه البئر ؟ فقال بشر : اصبر إلى البئر الأخرى .. فلما وصلا إليها قال له :
البئر الأخرى . فما زال يعلله ...إلى أن التفت إليه فقال له : هكذا تنقطع الدنيا .
ومن فهم هذا الأصل علل النفس وتلطف بها ، ووعدها الجميل ؛ لتصبر على ما قد حملت ...
واعلم أنّ مداراة النفس والتلطف بها لازم ، وبذلك ينقطع الطريق ..
فهذا رمز الإشارة ، وشرحه يطول ...!!
( انتهى كلامـه ، رحمه الله )
أرأيتم صدق نظرتي ، وصواب وجهتي ؟
إننّا نتسلى بالجميل الممتع الممكن الجائز ، وإن لم نبلغ به الغاية ، وطمعنا فيه بالزيادة ،
يكفي أنّه يبعدنا عن الهموم ، وينقلنا من الواقع المحموم بالأحداث المحزنة ،
إلى عالم ٍ وردي ، يشحذ لنا الهمـّـة ، ويقوي فينا العزيمــة .
علينا أن نخلق لأنفسنا جنـّات من التفاؤل والحبّ ، ولنبقى فيها حالمين بالسعادة ،
مستمتعين بشعور البهجة الذي كدنا نفقده ، ولنحذر أن نختار طريقًا يصل بنا إلى بابٍ
لا يُفتح ، أو يشعل فينا نارًا لا تنطفئ ،أو نجني به غضب الرب ..
أعاذنا الله وإياكم من ذلك .
بقي أن يسأل كلٌ منكم نفسه :
بما أتسلى لأصبر ؟
إن تــمّ الاختيار ؛ قلنا لكم :
مبارك عليكم جنّتكم الجديدة .... ولكن لا تنسوا أنّكم فيها في خيال ..
ورغم كونه خيالا نجده واقعًا مفروضًا ، إذ أصبح ذلك الخيال جزءًا من حياتنا ،
وسنعيشه خيالا شئنا أم أبينا ..!
وما أجمله من خيال !
لعل وجودنا في المنتدى هنا ، هو أبلغ صور التسلية النافعة ..
هل فهمتم مقصدي ؟!
................