المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطر أهل الابتداع على أمة الاتباع



أهــل الحـديث
18-01-2013, 05:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

هذه أيها الأحبة مقالة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي ( وفقه الله) وهي بعنوان :"خطر أهل الابتداع على أمة الاتباع "، نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بها.


خطر أهل الابتداع على أمة الاتباع

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد وعلى آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إن الدين الحنيف هو رأس مال المسلم وأس سعادته،فمن حفظه واعتنى بتقويته وصيانته مما قد يفسده فاز ونجح،ومن ضيعه وجعله عرضة للفتن والأهواء خاب وخَسِر في الدنيا والآخرة،ولهذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم الذي علمه لأمته:"اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري...".رواه مسلم(2720)من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-.
قال الحافظ المناوي –رحمه الله- :" الذي هو حافظ لجميع أموري، فإن من فسد دينه فسدت جميع أموره وخاب وخسر في الدنيا والآخرة".فيض القدير(2/137)
إن الصحبة أيها الكرام كالبيئة إما أن تكون نظيفة أو تكون ملوثة، فمعاشرة الأخيار من أهل السنة و الصلاح تورث النجاح و الفلاح،ومصاحبة الأشرار من أهل البدع والفساد تورث الشر وتمنع من كسب ما ينفع من العلوم النافعة و الأخلاق الفاضلة،فالطباع مجبولة على التشبه والاقتداء،لهذا قال نبينا صلى الله عليه وسلم:"الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل".روا أبو داود (4833)من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وحسنه العلامة الألباني-رحمه الله-.
يقول المباركفوري– رحمه الله-:"الصحبة مؤثرة في إصلاح الحال وإفساده". تحفة الأحوذي (7/42)
ويقول الشيخ السعدي-رحمه الله-:"وهم – أي الأشرار- مضرة من جميع الوجوه على من صَاحَبَهُمْ، وشر على من خالطهم،فكم هلك بسببهم أقوام،وكم قادوا أصحابهم إلى المهالك من حيث يشعرون،ومن حيث لا يشعرون.
ولهذا كان من أعظم نعم الله على العبد المؤمن أن يوفقه لصحبة الأخيار،ومن عقوبته لعبده أن يبتليه بصحبة الأشرار". بهجة قلوب الأبرار للسعدي(ص 221)
لكن علينا أن نعلم أيها الأحبة أن الصاحب كلما كان أشد خطرا كان أشد ضررا ، فلهذا كانت المفسدة المترتبة على مجالسة أهل الأهواء والبدع ومخالطتهم أعظم من المترتبة على مجالسة أهل المعاصي والشهوات من أهل السنة،لأن ضرر العاصي على نفسه أما المبتدع فعلى نفسه وغيره،لأن فيها إبعاد للمسلمين عن الدين الصحيح،ونقلهم إلى الدين الباطل وهذا ما يريده الشيطان ولهذا كان المبتدع أحب إليه من العاصي المرتكب للكبائر ،قال الإمام سفيان الثوري –رحمه الله-: "البدعة أحب إلى الشيطان من المعصية،المعصية يتاب منها و البدعة لا يتاب منها".شرح السنة للبغوي(1/216)
بخلاف العاصي فهو مقر بذنبه معترف بخطئه، يرجو عفو ربه سبحانه ومغفرته.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"أهل البدع شر من أهل المعاصي الشهوانية بالسنة و الإجماع،فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتال الخوارج ونهى عن قتال أئمة الظلم...".مجموع الفتاوى(20/103)
وقال أيضا-رحمه الله- :"أهل الذنوب الذين يعترفون بذنوبهم أخف على المسلمين من أمر أهل البدع،الذين يبتدعون بدعة يستحلون بها عقوبة من يخالفهم".منهاج السنة النبوية(5/145)
ويقول الإمام ابن القيم-رحمه الله-:"فهم-أي المبتدعة-أعظم ضررا على الإسلام وأهله من أولئك- أي أهل المعاصي- لأنهم انتسبوا إليه وأخذوا في هدم قواعده وقلع أساسه، وهم يتوهمون ويوهمون أنهم ينصرونه".الصواعق المرسلة(3/281)
ولهذا كان تحذير سلفنا الصالح من مجالسة أهل الأهواء والبدع ومصاحبتهم أشد من تحذيرهم من مجالسة أهل المعاصي الشهوانية.
يقول ابن عباس (رضي الله عنهما):"لا تجالس أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضة للقلب".الإبانة لابن بطة (2/438)
ويقول أبو قلابة-عبد الله بن زيد الجرمي-(154هـ) :"لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تخالطوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم ويلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم".شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي(1/133)
وكان الحسن البصري – رحمه الله- يقول :"لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم و لا تسمعوا منهم".شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي(1/133)
أيها الأفاضل كما ينبغي الحذر من مجالسة أهل الأهواء كذلك يجب علينا أن نحذر كل الحذر من قراءة كتبهم خاصة لمن كان منا قليل العلم لا يعرف شبهات القوم، لأنهم يستعملونها في نشر أفكارهم الهدامة،ولنحذر من الاغترار بأنفسنا ونقول أن مجرد القراءة لا تؤثر!بل هي مؤثرة وتجلب التعلق ومحبة صاحب الكتاب،ولنتيقن أن كتب أهل السنة ولله الحمد تغني عنهم.
يقول الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- :"الواجب على الإنسان أن يتحرز من الفتن ولا سيما مطالعة الكتب المنحرفة فكريا أو خلقيا لأن بعض الناس يقرأ الكتاب ويقول أنظر ما عنده،فإذا به يعصف به في الهاوية،ولهذا نحذر طالب العلم الصغير أن يقرأ كتب أهل البدع أو كتب أهل الضلال حتى يترعرع ويعرف أن عنده من العلم ما يدفع به شبهات هؤلاء ".التعليق على صحيح مسلم(ص468)
وكذلك علينا أن نحذر أشد الحذر من وسائل الإعلام المختلفة كالتلفاز والإذاعة والصحف والمجلات والشبكات المعلوماتية التي تبث أفكارهم وتنقل سمومهم،وتزين أقوالهم الباطلة وتزخرفها للناس،ولا نقول كذلك مجرد المشاهدة أو السماع أو الإطلاع لا يؤثر!فالشبه خطافة والقلوب ضعيفة والسلامة لا يعدلها شيء،ودين المسلم أغلى ما يملك فليحذر أن يسلمه لأهل الأهواء و الباطل،قال الإمام الحسن البصري-رحمه الله-:"رأسُ مال المؤمن دِينُهُ لَا يُخَلِّفُهُ في الرِّحَالِ، ولا يَأْتَمِنُ عليه الرجال".الاستذكار لابن عبد البر(1/324)
فالله أسأل بأسمائه الحسنى و صفاته العليا أن يحفظ المسلمين في كل مكان من شرور البدع وأهلها،وأن يعزَّهم بالسنة ويجعلهم مرتبطين بالعلماء الربانيين الناصحين،المتبعين لهدي خير المرسلين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم،فهو سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


أبو عبد الله حمزة النايلي