تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عقوبة المُرتَد - السَّيِّد سابق



أهــل الحـديث
17-01-2013, 01:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الارتداد جريمة مِن الجرائم التي تُحبِط ما كان مِن عمل صالح قبل الرِّدَّة، وتستوجب العذاب الشديد في الآخرة.
قال الله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [سورة البقرة - الآية 217]، ومعنى الآية أنَّ مَن يرجع عن الإسلام إلى الكُفر ويستمر عليه حتى يموت كافراً فقد بَطُلَ كلَّ ما عمله مِن خير وحُرِم ثمرته في الدينا، فلا يكون له ما للمسلمين مِن حقوق، وحُرِم مِن نعيم الآخرة وهو خالد في العذاب الأليم.
وقد قرر الإسلام عقوبة مُعّجَّلة في الدنيا للمُرتَد فضلاً عما توَّعده به مِن عذاب ينتظره في الآخرة، وهذه العقوبة هي القتل (لو قتله مسلِم مِن المسلمين لا يُعتبر مرتكباً جريمة القتل، ولكن يُعَزَّر لافتياته على الحاكم).

روى البخاري ومسلم عن ابن عبَّاس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال: "مَن بَدَّل دينه فاقتلوه" [صحيح البخاري (ح3107)].
وروى ابن مسعود أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال: "لاَ يحلُّ دمُ امرئٍ مسلمٍ يشْهدُ أن لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وأنِّي رسولُ اللهِ إلاَّ في إحدى ثلاثٍ كفرٍ بعدَ إيمانٍ أو زنًا بعدَ إحصانٍ أو نفسٍ بنفسٍ" [المحلى – ابن حزم (ج11/ص228)، وانظر صحيح البخاري (ح6878)].
وعن جابر رضي الله عنه: "أنَّ امرأة يُقال لها أُم مروان ارتدت فأمر النبي صلى الله عليه وسلَّم بأنْ يُعرَض عليها الإسلام فإنْ تابت وإلا قُتِلَت، فأبت أنْ تُسلِم فقُتِلَت" [أخرجه الدارقطني والبيهقي والإسناد ضعيف، انظر إرواء الغليل (ح2472)].
وثبت أنَّ أبا بكر الصِّديق رضي الله عنه قاتل المرتدين مِن العرب حتى رجعوا إلى الإسلام.

ولم يختلف أحد مِن العلماء في وجوب قتل المرتد، وإنما اختلفوا في المرأة إذا ارتدَّت.
فقال أبو حنيفة: إنَّ المرأة إذا ارتدت لا تُقتَل ولكن تُحبَس وتُخرَج كل يوم فتُستتاب ويُعرَض عليها الإسلام، وهكذا حتى تعود إلى الإسلام أو تموت، لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلَّم نهى عن قتل النساء.
وخالَف في ذلك جمهور الفقهاء، فقالوا: إنَّ عقوبة المرأة المرتدة كعقوبة الرجل المرتد سواء بسواء، لأنَّ آثار الرِّدَّة وأضرارها مِن المرأة كآثارها وأضرارها مِن الرجل، ولحديث مُعاذ الذي حسَّنه الحافظ: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلَّم قال له لما أرسله إلى اليمن: "أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعُه، فإنْ عاد وإلا فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعُها، فإنْ عادت وإلا فاضرب عنقها" [فتح الباري في شرح صحيح البخاري (ج12/ص284)]، وهذا نَص في محل النزاع. وأخرج البيهقي والدارقطني: "أنَّ أبا بكر استتاب امرأة يقال لها أُم قِرفَة كفرت بعد إسلامها فلم تتب، فقتلها" [السنن الكبرى (ج8/ص204)].
وأما حديث النهي عن قتل النساء فذلك إنما هو في حال الحرب لأجل ضعفهن وعدم مشاركتهن في القتال، ولهذا كان سبب النهي عن قتلهن أنَّ النبي صلى الله عليه وسلَّم رأى امرأة مقتولة، فقال: "ما كانت هذه لتُقاتِل" [صححه الألباني في صحيح أبي داود (ح2669)]، ثُم نهى عن قتلهن.
والمرأة تشارِك الرجل في الحدود كلها دون استثناء، فكما يُقام عليها حَد الرجم إذا كانت مُحصَنة، فكذلك يُقام عليها حد الرِّدَّة ولا فرق.


كتبه: السَّيِّد سابق
مِن كتاب: فِقه السُّنَّة