المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فوائد من رسالة السياسة الشرعية لابن تيمية.الجزء الثاني



أهــل الحـديث
15-01-2013, 07:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم

تقدم معنا في الجزء الأول من الفوائد المستقاة من رسالة السياسة الشرعية لابن تيمية أن رسالته دارت على جملتين من آية من القران ، هما :
1/ "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" فبين أن المخاطبين بهذه الاية هم الولاة ، وبين هذه الأمانات التي يجب تأديتها وأنها نوعان :
أ- الولايات.
ب-الأموال.
وفصّل في ذلك تفصيلا مستوعبا.
2/ الجملة الثانية : "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" وأطال الكلام في هذه الجملة حيث ذكر فيها تفاصيل أحكام الحكم بين الناس في الحدود والحقوق.
وكنا قد لخصنا في المرة الماضية حديثه عن "الولايات" التي هي الجزء الأول من الجملة الأولى -الأمانات-.
رابط الجزء الأول من الفوائد : http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...06#post1891706 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1891706#post1891706)
وأما الجزء الثاني من الأمانات الذي هو الأموال ، فهو ما سنلخص أهم فوائده هنا إن شاء الله وسيبقى منه شيء للجزء الثالث من هذه التلخيصات والفوائد من الرسالة النافعة : السياسة الشرعية والتي قدمنا أنها جزء مطبوع ضمن مجموع الفتاوى في المجلد الثامن والعشرين.


فبين أبن تيمية أن "هذا القسم يتناول الولاة والرعية فعلى كل منهما: أن يؤدي إلى
الآخر ما يجب أداؤه إليه فعلى ذي السلطان ونوابه في العطاء أن يؤتوا كل ذي حق حقه وعلى جباة الأموال كأهل الديوان أن يؤدوا إلى ذي السلطان ما يجب إيتاؤه إليه وكذلك على الرعية الذين يجب عليهم الحقوق" 28/266


وفي شيء من الموازنة بين الولاة والرعية يقول مبتدئا بما للولاة "وليس للرعية أن يطلبوا من ولاة الأموال مالا يستحقونه فيكونون من جنس من قال الله تعالى فيه: {ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون}" 28/266
وقال ايضا فيما للولاة على الرعية في باب الأموال " ولا لهم أن يمنعوا السلطان ما يجب دفعه من الحقوق وإن كان ظالما ... ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: [ كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي وسيكون خلفاء ويكثرون قالوا: فما تأمرنا ؟ فقال: أوفوا ببيعة الأول فالأول ثم أعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم ]" 28/267 باختصار

وسيأتي -إن شاء الله- تبيينه في القسم التالي - قسم الفيء - أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يأخذ من المسلمين إلا الصدقات 28/421

ثم التفت إلى الولاة قائلا "وليس لولاة الأموال أن يقسموها بحسب أهوائهم كما يقسم المالك ملكه فإنما هم أمناء ونواب ووكلاء ليسوا ملاكا كما قال رسول الله : [ إني - والله - لا أعطي ولا أمنع أحدا وإنما أنا قاسم أضع حيث أمرت ] رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ونحوه فهذا رسول رب العالمين قد أخبر أنه ليس المنع والعطاء بإرادته واختياره كما يفعل ذلك المالك الذي أبيح له التصرف في ماله وكما يفعل ذلك الملوك الذين يعطون من أحبوا وإنما هو عبد الله يقسم المال بأمره فيضع حيث أمره الله تعالى " 28/267

وبعد هذه المقدمة انتقل إلى تفاصيل موارد الدولة ومصارفها في الأموال فبين أن الأموال السلطانية -ويقصد بها الموارد- التي أصلها في الكتاب والسنة ثلاثة أصناف : 1- الغنيمة
2- الصدقة
3-الفيء.
28/269

وسيفصل في هذه الثلاثة على ترتيبها السابق: الغنيمة فالصدقة فالفيء.

أما الغنيمة " فهي المال المأخوذ من الكفار بالقتال ذكرها الله في سورة الأنفال التي أنزلها في غزوة بدر وسماها أنفالا لأنها زيادة في أموال المسلمين" 28/269

قال: " فالواجب في المغنم تخميسه وصرف الخمس إلى من ذكره الله تعالى وقسمة الباقي بين الغانمين قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "الغنيمة لمن شهد الوقعة".
وهم الذين شهدوها للقتال قاتلوا أو لم يقاتلوا ويجب قسمها بينهم بالعدل فلا يحابى أحد لا لرياسته ولا لنسبه ولا لفضله كما كان النبي وخلفاؤه يقسمونها " 28/270

ويقصد بمن ذكرهم الله في الخمس ما جاء في سورة الأنفال في قول الله تعالى " واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل "

قال "وما زالت الغنائم تقسم بين الغانمين في دولة بني أمية وبني العباس لما كان المسلمون يغزون الروم والترك والبربر " 28/271

ثم شرع يُفصل في أحكام الغنائم وأمور التنفيل فمما قال " يجوز للإمام أن ينفل من ظهر منه زيادة نكاية كسرية تسرت من الجيش أو رجل صعد حصنا عاليا ففتحه أو حمل على مقدم العدو فقتله فهزم العدو ونحو ذلكن لأن النبي وخلفاءه كانوا ينفلون لذلك وكان ينفل السرية في البداية الربع بعد الخمس وفي الرجعة الثلث بعد الخمس " 28/271

ثم ذكر الاختلاف في هذا التنفيل هل يكون من الخمس أم من خُمس الخمس أم من اربعة الأخماس ؟ قال "والصحيح أنه يجوز من أربعة الأخماس وإن كان فيه تفضيل بعضهم على بعض لمصلحة دينية لا هوى النفس كما فعل رسول الله غير مرة وهذا قول فقهاء الشام و أبي حنيفة و أحمد وغيرهم " 28 /271

وقال "وكذلك - على القول الصحيح - للإمام أن يقول: من اخذ شيئا فهو له كما روى أن النبي كان قد قال ذلك في غزة بدر إذا رأي ذلك مصلحة راجحة على المفسدة "
28/271,272

واستمر في ذكر تفاصيل أحكام الغنائم وأتى بصورة من الصور التي قد يُحتاج إلى تفصيله فيها في بعض الصور التي قد تقع في هذا الزمان حيث قال

" فإذا ترك الإمام الجمع والقسمة وأذن في الأخذ إذنا جائزا فمن أخذ شيئا بلا عدوان حل له بعد تخميسه -وكل ما دل على الإذن فهو إذن-
وأما إذا لم يأذن أو أذن إذنا غير جائز جاز للإنسان أن يأخذ مقدار ما يصيبه بالقسمة متحريا للعدل في ذلك " 28 /272

وقال " وإذا كان الإمام يجمع الغنائم ويقسمها لم يجز لأحد أن يغل منها شيئا {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} فإن الغلول خيانة ولا تجوز النهبة فإن النبي نهى عنها " 28/272

وختم الكلام على المغانم بقوله 28/273 " وتفاريع المغانم وأحكامها فيها آثار وأقوال اتفق المسلمون على بعضها وتنازعوا في بعض ذلك ليس هذا موضعها وإنما الغرض ذكر الجمل الجامعة "

ثم انتقل إلى النوع الثاني من الأموال وهو الصدقات ولم يفصل فيها كثيرا وإنما ذكر مستحقيها الذين ذكرهم الله في آية التوبة ،

وابن تيمية جعل الصدقات من الأموال السلطانية ممايعني أن الولاة يقومون بجمعها لصرفها على مستحقيها المذكورين في الاية، وبين في القسم التالي - قسم الفيء - أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يأخذ من المسلمين إلا الصدقات 28/421،

وقد شرح ابن تيمية أحوال المستحقين في الاية شرحا موجزا مفيدا نافعا، فقال " (فالفقراء والمساكين) يجمعها معنى الحاجة إلى الكفاية فلا تحل الصدقة لغني ولا لقوي مكتسب ( والعاملين عليها ) هم الذين يجبونها ويحفظونها ويكتبونها ونحو ذلك (والمؤلفة قلوبهم) سنذكرهم - إن شاء الله تعالى - في مال الفيء ( وفي الرقاب) يدخل فيه إعانة المكاتبين وافتداء الأسرى وعتق الرقاب هذا أقوى الأقوال فيها ( والغارمين ) هم الذين عليهم ديون لا يجدون وفاءهان فيعطون وفاء ديونهم ولو كان كثيرا إلا أن يكونوا غرموه في معصية الله تعالى فلا يعطون حتى يتوبوا ( وفي سبيل الله ) وهم الغزاة الذين لا يعطون من مال الله ما يكفيهم لغزوهم فيعطون ما يغزون به أو تمام ما يغزون به من خيل وسلاح ونفقة وأجرة والحج من سبيل الله كما قال النبي ( وابن السبيل ) هو المجتاز من بلد إلى بلد " 28/274


تم الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث إن شاء الله تعالى .

3/3/1433 هـ .