المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدين والأسرة



قوت القلوب
09-09-2003, 01:58 AM
الله الرحمن الرحيم
الدين والأسرة
يشكل الدين أحد أهم الركائز (الأسس) لدى الإنسان المعاصر نظراً للتغيرات السريعة المستجدة في حياة المجتمعات وبنائها السريع، مقارنة مع ما كانت عليه في السنوات السابقة التي تميزت ببساطة الحياة ورتابتها.
فالتغيرات السريعة في سياق مناحي الحياة المتنوعة التي أحدثت انقلابات شبه جذرية في تلك المجتمعات والتي طالت خلالها القواعد والقوانين والقيم الاجتماعية وكل ما يتصل بتنظيمها؛ مما يستدعي بشكل ملح العودة إلى الدين لتنظيم حياة الناس وإضفاء حالة الطمأنينة والهدوء عليها بعد أن فقدوها.
الدين والروابط الأسرية
معظم الناس على دراية ومعرفة تامة بما للدين من تأثير فعّال على سلوك أفراد مجتمعاتنا وتكوين أفكارهم وأسلوبهم في الحياة، وتعاملاتهم في دقائق الأمور اليومية، واغلب ما يصدر عنا من تصرفات، إنما هو نتاج يتدخل في معظمه عامل التشبع بالدين، فهو شريعة تملأ الحياة في عباداته ومعاملاته وأحواله الشخصية.
وعليه فهو ينظم سلوك الزوجين داخل الأسرة الواحدة على مستوى التربية والتعامل واكتساب القيم، وإقامة العلاقات والروابط داخل الأسرة، والعلاقات بين الأهل والمقربين.
إذن فالعائلة ليست عشا جسديا للأولاد فقط ، بل عشا نفسيا أيضا ، يتعلمون فيه (من الأبوين) ويتربون بأخلاقهما وسلوكهما .
لذا وجب على الوالدين تحسين سلوكهما حتى لا يخرج الأولاد منحرفين، فالدين على ضوء ذلك هو القاسم المشترك للسلوك إزاء مواقف الحياة المختلفة في التربية وإقامة الروابط والعلاقات داخل الفرد نفسه، وبينه وبين شريك حياته، وبينه وبين أولاده، حتى تمتد العلاقات والروابط نحو الجار وباقي افراد المجتمع.
لذا فإن أسس تكوين الروابط اللاشعورية المعتمدة على الدين والمستمدة منه مقومات بقائها تبدأ من داخل الأسرة الصغيرة (الأب والأم) فأي اختلال في تنظيم العلاقات والروابط داخل الجهاز الأسري يسهم في إحداث الاضطرابات والمشكلات النفسية والاجتماعية لاحقاً، فالأسرة تمتلك فعلاً قوياً، وأسلوباً خاصاً بها، يحدد طبيعة اتصال أفرادها وكيفية التعامل مع بعضهم البعض، أو مع الآخرين خارج نطاقها.
والإسلام هو الدين الوحيد الذي انفرد عن باقي الأديان، وذلك من خلال وضعه أسس هذه التعاملات والعلاقات والأدوار، وبناءً على ما يعطيه من دور للرجل أو المرأة، أو الابن الأكبر أو الأصغر، أو البنت، حتى تم تنظيم هذه الأدوار بشكل لا شائبة فيه.
وتحقق ذلك واقعياً من خلال سلوك أفراد المجتمع، فإن كبيرهم يعطف على صغيرهم وصغيرهم يحترم كبيرهم، ثم وضع الضوابط الاجتماعية القيمية داخل الأسرة، وامتدت إلى المجتمع الأوسع فكان أن ظلّ النسيج الاجتماعي محافظاً على تكوينه رغم التغيرات العاصفة وموجات التمرد والتنافر.
الأسرة واكتساب القيم والعادات
ان الأسرة هي المسؤولة عن بث روح المسؤولية واحترام القيم، وتعويد الأبناء على احترام الأنظمة الاجتماعية ومعايير السلوك فضلاً عن المحافظة على حقوق الآخرين واستمرارية التواصل ونبذ السلوكيات الخاطئة لدى أبنائها مثل التعصب الذي يعده البعض اتجاهاً نفسياً جامداً ومشحوناً وانفعالياً.
وكذلك ظواهر أخرى تعد محرمة دينياً، أو التقرب منها يعد عدواناً على حقوق الغير، فمن أجل ذلك ينبغي التعامل مع أسس القيم المرغوبة على أنها سلوكيات صحيحة، والتعامل معها بثبات لتترسّخ قواعد هذا النظام، وهذا يتطلب من الكبار الذين يتعاملون مع الطفل أن يكونوا القدوة والمثال في هذا الشأن.
فعلاقة الوالدين أحدهما بالآخر لها الأهمية الكبرى في نسق اكتساب القيم من خلال التربية، وتوافقهما يحقق للأبناء تربية نفسية سليمة خالية من العقد والمشكلات التي لا تبدو واضحة للعيان آنياً، وإنما تظهر نتائجها بشكل واضح مستقبلاً.
أماعن القيم التي تعلمها الأسرة لأبنائها فهي: عبارة عن مفاهيم تختص باتجاهات وغايات تسعى إليها، كاتجاهات وغايات جديرة بالرغبة، وتعد القيم بمثابة المعيار المثالي لسلوك الفرد، ذلك المعيار الذي يوجه تصرفات الفرد وأحكامه وميوله ورغباته واهتماماته المختلفة، والذي على ضوئه يرجح أحد بدائل السلوك، وأن الفعل أو السلوك الذي يصدر عنه وسيلة يحقق بها توجهاته القيمية في الحياة.
لذا تعد الأسرة من أهم المؤسسات الاجتماعية التي تحدد لأبنائها ما ينبغي أن يكون في ظل المعايير السائدة، فمن القيم التي تكسبها الأسر المسلمة لأبنائها، السلوكيات الاجتماعية المتعلقة بالأخلاق والدين والتعامل مع الآخرين وآداب المجالسة والوفاء والإخلاص، فقد قال أمير المؤمنين الإمام علي( رضى الله عنه ): (لأخيك عليك مثل الذي لك عليه) وقال أيضا: (من لانت كلمته وجبت محبته).
أثر الأسرة في التنشئة الاجتماعية
إن آفاق التربية الأسرية تمتد عند بلوغ الطفل سن السادسة من العمر، حيث يلتحق معظم الأطفال بالمدارس أو مراكز التعليم المختلفة، فتكون قيم الأسرة التي زرعتها في أطفالها قد أثمرت لتجد نفسها أمام محك التطبيق العملي الميداني.
وعند التساؤل عن العوامل الأساسية المسؤولة عن تكوين الصفات(الفضائل والرذائل)، وسيطرتها على شخصية الفرد في التعاملات اليومية، نجدها تتحدد في ثلاث فئات أساسية وهي:
الفئة الأولى:
المحددات البيولوجية وتشمل الملامح أو الصفات الجسمية كالطول والوزن.
الفئة الثانية:
المحددات السيكولوجية (النفسية) وتتضمن العديد من الجوانب كسمات الشخصية ودورها في تحديد التوجهات القيمية للأفراد.
الفئة الثالثة:
المحددات البيئية، حيث يمكن تفسير أوجه التشابه والاختلاف بين الأفراد في ضوء اختلافات المؤثرات البيئية والاجتماعية.
فالتنشئة الاجتماعية هي امتداد لتربية الأسرة في البيت، حتى سميت بالتنشئة الأسرية، وهي أولى مهام التنشئة الاجتماعية، وقد تبين أن هناك علاقة بين أسلوب التنشئة الاجتماعية وما يتبناه الأبناء من قيم، فالأسرة كمؤسسة اجتماعية لا توجد في فراغ، وإنما يحكمها إطار الثقافة الفرعية التي ينتمي إليها، كما يتمثل في المستوى الاقتصادي - الاجتماعي، والديانة وغير ذلك من المتغيرات.
الدين وعوامل التنشئة الاجتماعية
من المتفق عليه أن الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي يتأثر ويؤثر اجتماعياً، يتأثر بأهله، بمجتمعه، بتاريخه، بكل ما يحيط به ليؤثر اخيرا في بناء شخصية أبنائه، ومن ثم في حياتهم، فيرسم لهم الأطر التي ضمنها يتحركون.
وقد ثبت علمياً بأن الأسر التي يطغى على تربيتها عوامل التشتت والتفكك تؤدي بالأبناء بمرور الزمن إلى اللامبالاة أو عدم الاهتمام أو النقيض التام مما تعلموه في طفولتهم، وهو التقيد والتمسك بالتقاليد ودقة المواعيد وإتقان الواجبات الحياتية بأدق الصور.
وهناك بعض السمات التي تبدو واضحة على شخصية الأبناء الذين تلقوا التربية في ظل ظروف غير اعتيادية مثل الأسر التي يتعاطى فيها أحد الأبوين الكحول، حيث من المحتمل أن تعصف المشكلات الخطيرة بكيان الأسرة، وتهز أركان تماسكها، فهو مرض اجتماعي خطير يؤثر بشكل سلبي على نسيج العلاقات الاجتماعية السائدة في المجتمع.
ولكن تبقى المكونات الفردية التي ينشأ عليها الأطفال أثناء تلقيهم التربية بأنواعها، ومدى تقبلهم أو رفضهم لتلك العوامل المؤثرة مباشرة، فهي التي تحدد سلوكهم، فضلاً عن التنشئة الاجتماعية خارج الأسرة التي تصقل الخبرات الأولى التي تعلمها من الأسرة، وكذلك تأثير الأقران في ذلك الصقل.
وعند تحليل المكونات الفردية والعوامل الخارجية المؤثرة نجد أن الأولى تسمى المكونات (الذاتية)، والثانية العوامل الخارجية (الموضوعية)، فالشخصية في تصرفها تسلك على وفق هذين المؤثرين الذاتي والموضوعي.
ولكن يبقى العامل الآخر الأهم، والذي يعد المؤثر الأكبر في التكوين في مجتمعاتنا، هو توكيد النزعة الأخلاقية التي يلعب الدين فيها دوراً مهماً، ومنهج القرآن الدور الأكبر، والقرآن دقيق الوصف لنفوس الأفراد والجماعات، ووصفه ينطبق على نفوس الناس في كل زمان ومكان، لأنه يتماشى مع وصف خصائص النفس وصفاتها الموروثة والمكتسبة.
فالقرآن يحض على تهذيب النفس، حيث قال عز وجل: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الرعد: 11.
وقال الإمام علي ( رضى الله عنه ): (الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).

والسلام عليكم

الرئيسة
09-09-2003, 10:14 AM
جزاك الله خير الجزاء

ويكفينا قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته )

وبارك الله فيك على الموضوع الرائع

قوت القلوب
09-09-2003, 02:56 PM
اجمعين اختي الرئيسه
صلى الله عليه وسلم
ويعطيج العافيه على مرورج الكريم
تحياتي

مجروحة الزمن
11-09-2003, 03:45 AM
يعطيج العافيه قواتي

علي الموضوع فعلا مفيد

وجزاكي الله خيرا

قوت القلوب
11-09-2003, 03:48 AM
اجمعين اختي مجروحه
والف شكر على مرورج
تحياتي

المفكر
11-09-2003, 03:51 AM
وقال الإمام علي (عليه السلام): (الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).

جزاك الله كل خير

قوت القلوب
12-09-2003, 03:22 PM
اجمعين اخوي المفكر
الف شكر على مرورك
تحياتي

motiamhacker
28-09-2003, 06:02 PM
جزاكي الله خير اختي قوت القلوب على الموضوع المتيمز والجميل...

قوت القلوب
02-10-2003, 10:32 PM
اجميعن اخوي متيم وحياك الله بكل وقت
تسلم والف شكر
تحياتي

الرئيسة
03-10-2003, 12:25 PM
وقال الإمام علي (عليه السلام): (الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).
أختي الحبيبة قوت القلوب ربما هناك خطأ في كتابة علي ( عليه السلام ) لإننا نقول علي كرم الله وجهه أو علي رضي الله عنه ولانكتب أو نقول عليه السلام إلا للإنبياء

وربما انه خطأ كتابي أردت أن أوضحهه أم موضعك جد رائع وأكثر من رائع

وتحية طيبة لك ياأختي العزيزة

قوت القلوب
03-10-2003, 09:23 PM
شكراااااااا اختي الرئيسه على الملااااااحظه الجدددد مهمه


آآآآسفه على الخطأ المطبعي


الف شكر على التصحيح وجزاج الله كل خير


ونورتي منتدى الاسره بوجودج يالغاليه وافضتي عليه النور بحكتج ونصائح الحلوه والله لايرحمنا منها


الف شكر ويسلموووو

تحياتي:)

أمل عبدالعزيز
04-10-2003, 10:08 PM
لم تكن يوماً ما الأسرة منفصلة عن الدين بتاتاً. بل كانت هي البذرة والتى تنمو فى كنفها بقية الأفراد.......

من نعم الله علينا أن جعلنا مسلمين , وحقق لنا التكافل بطرق لاتعد ولاتحصى منها على سبيل المثال لاالحصر: الصلاة في الجماعة للرجال, فهي تؤدي للترابط , والذى يجعل المجتمع المسلم كاسرة واحدة .....

تحية طيبة لكِ من القلب على هذا الموضوع الشيق...........

ولي تعليق على رد الأخت الرئيسة وقوت وهو:

قول علي كرَّم الله وجهه , هذه المقولة لم ترد على لسان النبي صلى الله عليه وسلم ولا على لسان صحابته , بل هي من اقوال الشيعة ( هداهم الله) إذ أنهم بالغوا فى علي وأوجدوا له مسميات ومنها ( عليه السلام) الآنفة الذكر , وكرم الله وجهه , فهذه المقولة لا أصل لها وقد بين ذلك علماء السلف وعلى نهجهم نسير دونما نختلف.........

قوت القلوب
05-10-2003, 03:43 PM
الف شكر اختي الرهيبه على المشاركه اللطيفه وعلى التعليق بكل ماهو بجميل ومفيد
اما علي فانا خليت واحد عليه السلام وواحد كرم الله وجهه لين نوصل لحل
الف شكر
تحياتي

أمل عبدالعزيز
06-10-2003, 12:37 AM
غاليتي:

عليه السلام هذا كلام الشيعة.......

وكرم الله وجهه وهذا أيضاً من مبالغة الشيعة .......

ولكِ العودة للتوثق من معلوماتي..........

قوت القلوب
06-10-2003, 04:38 PM
شكرا غاليتي الرهيبه
طيب شنو اقول؟؟؟؟؟;)

احنا اخذنا بالمدرسه كرم الله وجهه
هذا الي طلعنا عليه ومكتوب بالكتب الدينيه;)
والف شكر غاليتي الرهيبه على المعلومات وانتظر الوثائق
تحياتي

همس البدر
08-10-2003, 02:10 AM
الدين الاسلامي حث على المعاملة الحسنه في الاسرة وكما قال صلى الله عليه وسلم

( كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته)

فلم يترك صغيرة ولا كبيرها حتى وضع لها أسس من صار عليها بنى قاعدة متينه وقوية فضل من الله

ومن تمسك بكتاب الله وسنته في بناء اسرته فقد فاز

الف شكر لك غاليتى على هذا الموضوع الجميل

قوت القلوب
08-10-2003, 02:34 AM
الف شكر اخوي همس البدر على المداخله وعلى المشاركه

يعطيك العافيه ويسلمووو يالغالي

تحياتي

أمل عبدالعزيز
08-10-2003, 03:30 PM
قولي ياعيوني:

علي رضى الله عنه ......................

فهو مثله كمثل الصحابة جميعاً , ...........

تحية تليق بك وصدقيني كنا نقولها كلنا ثم حينما بين لنا أهل العلم ذلك تعلمنا ...........

قوت القلوب
08-10-2003, 04:01 PM
جزااااااااج الله كل خير اختي رهيبه وكثر الله من امثالج
ويعطيج العافيه وعساج على القوه
تحياتي

مجروح
09-11-2003, 01:17 PM
اختي قوت موضوع بحق رائع

مليون شكر لك

وبالنسبة لقول كرم الله وجهه لعلي رضي الله عنه لا يوجد فيها بأس

فكلنا يتمنى ان يكرم وجهه وهي ليست من التعدي في الدعاء او الغلو فيه

اتمنى ان اكون قد اصبت

لكم اجمل تحية مشرفاتي

قوت القلوب
12-11-2003, 12:50 AM
يسلموووو ويعطيك العافيه اخوي مجروح على المدااخله اللطيفه

تحياتي