تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مقال اسلامي الحــــقـــوق والــواجـــبـــات



الاسهم السعودية
12-01-2013, 01:10 PM
حقوق وواجبات

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلوات والتبريكات على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد :
فإن رابطة الأخوة الإسلامية هي إشراقة إلهية سامية ، وهي الحبل الذي يجمع القلوب ويعقدها ببعضها ، وهي النور الذي يسري بين أرواح المؤمنين .
في هذه المحاضرة محاولة لإلقاء الضوء على مفهوم الأخوة الإيمانية كما عبرت عنها نصوص الوحي ، وبيان لفضائل التآخي في الله ، وللحقوق والواجبات التي تترتب على هذا التآخي .

أولاً : مفهوم الأخوة الإيمانية :
1- الأخوة الإيمانية امتداد لمحبة الله وتوحيده :
ثبتت رابطة الاخوة بين المؤمنين بقوله تعالى ذكره ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) [ الحجرات : 10] ، فهي رابطة بعقد الله سبحانه وتعالى ، وإن أول ما يميز هذه الرابطة أنها في ذاته سبحانه وتعالى ، فمفهوم الأخوة الإسلامية هي امتداد لمحبة الله تعالى وتوحيده ، فالمحبة والموالاة للمؤمنين هي لازم لمحبة الله وموالاته ، فمن أحب الله وولاه لابدّ أن يحب من يحبه الله سبحانه وتعالى ومن يقرب من الرسل والصديقين والمؤمنين .
يقول الله سبحانه وتعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) [ التوبة : 71] هكذا بهذا العموم ، فالأخوة الإيمانية تفتح لكل موحد باب عظيم للأخوة في كل أنحاء الأرض ، وما أجمله من شعور ، أن نشعر بأن كل موحد على وجه الأرض هو أخ لنا ، له من الحقوق (http://www.qa44.com/vb/tags/%C7%E1%CD%DE%E6%DE.html) ما له وعليه من الواجبات ما عليه ، في أي بقعة كان ومن أي شعب أو لغة كان ما دام على عقده وميثاقه التوحيدي مع الله سبحانه وتعالى ،فالأخوة الإيمانية فوق كل الحواجز والعلائق الأرضية ، وفي هذا إلماحة إلى ضلال أولئك الذين يفرقون المسلمين والموحدين على أساس ولاءات عصبية ، وجنسيات وتابعيات مقيتة ، تفتت الأمة وتمزقها ، وتضع الحدود التي تفصل بين أبنائها .
ورحم الله القائل :
يا أخي المسلم في كل مكان وبلد أنت مني وأنا منك كروح في جسد


2- الأخوة الإيمانية أخوة في طريق تعمير الأرض وتحرير الإنسان :
مما يميز الأخوة الإيمانية كذلك أنها لقاء بين الموحدين على مهام عظيمة ، وأعمال كبيرة ، تسمو بالمسلم إلى المهمة الأصيلة في تعمير الأرض بالخير ، ونشر العدل في الأرض ، ومحاربة الطواغيت ؛ فهي إذاً أخوة في سبيل تحقيق مهام جِسام في حياة البشرية لا يقدر عليها المسلم بمفرده ، وإنما تتآزر جهود المؤمنين وطاقاتهم مجتمعة لتحقيق هذه المهام العِظام .
أخوة الإسلام أخوة لبناء دولة الإسلام ....وهو ما يطلق عليه أخوة المنهج .
وأخوة الإسلام أخوة في طريق إزالة الطواغيت ونشر العدل في الأرض ....وهو ما يطلق عليه أخوة السلاح .
وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصحابة الكرام من مهاجرين وأنصار في رباط أخوة إيمانية ، أبدعت نواة لدولة حضارية عمّرت الأرض بمنهج الله تعالى .

3- الأخوة الإيمانية أخوة فوق كل العصبيات الأرضية كمثل الجسد الواحد :
إن الاخوة الإيمانية أخوة إيديولوجية ، تنطلق من أسس عقدية ، فالمؤمنون والمؤمنات .. ربهم واحد ، ورسولهم واحد وقدوتهم واحدة ، وكتابهم واحد ، وقبلتهم واحدة ، ومنهجهم واحد ، ومعتقدهم واحد ، وقائدهم وأميرهم واحد .
فهم كالجسد الواحد الذي تسكنه روح واحدة ويديره عقل واحد وله تطلعات وأهداف واحدة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (َ مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ) ، فهي فوق أخوة النسب ، وهي فوق أخوة القبيلة ، وهي فوق أخوة الوطن ...فوق كل الأخوات الأرضية ...تسمو عليها وترتقي لتلتقي على نفحة الوحي السماوية .

ثانياً : فضل التآخي بالله والتحابب فيه :
وردت نصوص كثيرة في بيان فضل الأخوة في الله ، والتلاقي عليه ، والتحابب فيه ، ورتبت عليها الأجر الجزيل ، والثواب العظيم في الدنيا والآخرة ... وهذه طائفة منها :
1- الأخوة في الله نعمة الله وفضله :
يقول الله سبحانه وتعالى : ( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) [ آل عمران : 103]
فجعل المولى عز وجل الأخوة منحة إلهية ، ونفحة ربانية يهبها الله للمخلصين الصادقين ، يمحى بها الأحقاد الجاهلية ويزيل بها العداوة والبغضاء فتتوحد القلوب ، وتتآلف النفوس على المنهج الواحد ، والعقيدة والواحدة .

2- الأخوة في الله طريق لمحبة الله تعالى :
تحصيل محبة الله تعالى غاية قلوب الموحدين ، وقد بينت النصوص أن محبة الله تعالى تتحصل بمحبة الأخوان وحسن عشرتهم ومواساتهم وموالاتهم والتزاور بينهم .

• جاء عن (http://www.qa44.com/vb/tags/%DA%E4.html) النبي صلى اله عليه وسلم (أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ ) .

• عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ دَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقِ الشَّامِ فَإِذَا أَنَا بِفَتًى بَرَّاقِ الثَّنَايَا وَإِذَا النَّاسُ حَوْلَهُ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَسْنَدُوهُ إِلَيْهِ وَصَدَرُوا عَنْ رَأْيِهِ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ هَجَّرْتُ فَوَجَدْتُ قَدْ سَبَقَنِي بِالْهَجِيرِ وَقَالَ إِسْحَاقُ بِالتَّهْجِيرِ وَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى إِذَا قَضَى صَلَاتَهُ جِئْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ أَاللَّهِ فَقُلْتُ أَاللَّهِ فَقَالَ أَاللَّهِ فَقُلْتُ أَاللَّهِ فَأَخَذَ بِحُبْوَةِ رِدَائِي فَجَبَذَنِي إِلَيْهِ وَقَالَ أَبْشِرْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ) .

3- المتآخون في الله في ظل الله تعالى :
• روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي الْيَوْمَ ؟ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي ) .

• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَالَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ - وذكر منهم - وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ) .
ويكفى المتاحبين والمتآخين في الله شرفاً وفضلاً أن يكونوا تحت عرش الله يوم يخاف الناس وتكون الشمس منهم مقدار ميل .


4- منازل المتآخين في الله غبطة الأنبياء والشهداء :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ قَالَ هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) .

5- الأخوة في الله طريق لحلاوة الإيمان واستكمال عراه :
• يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (َ مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ وَأَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَنْكَحَ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ ).
• ويقول صلى الله عليه وسلم : ( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ) .
• ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ).
خصال حسنة وطيبة ، وآثار حميدة للأخوة الإيمانية رتبتها هذه الباقة العطرة من نصوص الوحي الشريف .

ثالثاً : حقوق وواجبات الأخوة الإيمانية :
الأخوة الإيمانية واجب ديني ، وفريضة شرعية وليسن مجرد موقف نفسي أو تنظير فلسفي ، ، بل هي مجموعة من الأعمال تظهر إلى حيز الوجود ، وتعبّر عن (http://www.qa44.com/vb/tags/%DA%E4.html) حقيقة الأخوة وها هنا بيان مجمل هام لواجبات الأخوة بعضهم تجاه بعض ، والتي تمليها مجموعة من النصوص الشرعية الصحيحة ، وهي مضمنة أيضا مجموعة من المستحبات التي يندب النهوض للقيام بها .
فعلى كل موحد صادق أن يراجع نفسه ويرى علاقته بأخوته ومدى تطابقها مع تعليمات الشريعة السمحة .


1- محبته في الله وموالاته ، والمداومة على ذلك ما دام الأخ على عقد الإيمان :
دلت النصوص أن على الموحدين أن يتبادلوا الحب في ذات الله عز وجل ، وتسود روح الأخوة فيما بينهم وقد سبقت النصوص في بيان فضل التحاب بالله .
أما في بيان الوجوب فجاء عن (http://www.qa44.com/vb/tags/%DA%E4.html) النبي صلى الله عليه وسلم : (لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا) ويقول ابن هشام في السيرة النبوية : ( قال ابن إسحاق : ثم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس مرة أخرى فقال : إن الحمد لله أحمده وأستعينه نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له إن أحسن الحديث كتاب الله ، تبارك وتعالى ، قد افلح من زينه اله في قلبه ، وادخله الإسلام بعد الكفر ، واختاره على ما سواه من أحاديث الناس إنه احسن الحديث وأبلغه ، أحبوا ما أحب الله ، أحبوا الله من كل قلوبكم ، ولا تملوا كلام الله وذكره ، ولا تقس عنه قلوبكم ، فإنه من كل ما يخلق الله يختار ويصطفي ، وقد سماه الله خيرته من الأعمال ، ومصطفاه من العباد والصالح من الحديث ، ومن كل ما أوتى الناس الحلال والحرام ، فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ، اتقوه حق تقاته اصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم ، وتحابوا بروح الله بينكم ، أن الله يغضب أن ينكس عهده ، والسلام عليكم ) .
وهذا الحديث نص في وجوب التحاب في الله تعالى بين المؤمنين ، فهو أمر والأمر محمول على الوجوب ، كما هو معلوم في أصول الفقه إلا بصارف يصرفه للندب أو الاستحباب .
وقد أرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم المؤمنين أن يخبروا بعضهم بهذه المحبة ، روى أنس بن مالك رضي الله عنه وغيره قال : (َ مَرَّ رَجُلٌ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ جَالِسٌ فَقَالَ الرَّجُلُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا فِي اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتَهُ بِذَلِكَ قَالَ لَا قَالَ قُمْ فَأَخْبِرْهُ تَثْبُتْ الْمَوَدَّةُ بَيْنَكُمَا فَقَامَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ أَنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ أَوْ قَالَ أُحِبُّكَ لِلَّهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي فِيهِ ) .
وأرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم المؤمنين أن يتعاهدوا هذه المحبة وينموها عن (http://www.qa44.com/vb/tags/%DA%E4.html) طرق متعددة ، منها الإهداء من غير تكلّف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تَصَافَحُوا يَذْهَبْ الْغِلُّ وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا وَتَذْهَبْ الشَّحْنَاءُ ).
وأرشدهم إلى السلام لإدامة المحبة فقال صلى الله عليه وسلم : (لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ ) .
وغيرها من الإرشادات التي سوف نأتي على معظمها في باقي الواجبات والتي يفد معظمها دوام المحبة بين الاخوة ورعايتها .
وعلى ذلك فإني أقول إن المحبة بين المؤمنين هي ركن الأخوة الذي تدور عليه ، فينبغي على المتحابين في الله ، أن يتفقدوا أنفسهم وقلوبهم بين وقت وآخر ، وينظروا هل خالط هذه المحبة ما ينغصها ويكدرها ويخرجها عن (http://www.qa44.com/vb/tags/%DA%E4.html) حقيقتها أم لا .
2- المواساة وحسن الصحبة والعشرة :
وتكون المواساة وحسن الصحبة بعدة نقاط منها :
أً – وجوب العَود بالفضل :
فينزل المسلم أخاه المسلم منزلة الصاحب لديه ، فيقوم بحاجته من فضل ماله إذا احتاج ، ولا ينتظر سؤاله فإن ألجأه إلى السؤال فهو دليل على تقصيره في حق أخيه ، وإذا أنحط المسلم عن (http://www.qa44.com/vb/tags/%DA%E4.html) هذه المرتبة فهو مقصر مذنب يحتاج إلى فحص نفسه ، وتهذيبها والتوبة إلى الله تعالى .
روى أن رجلاً جاء أبي هريرة فقال : إني أريد أواخيك في الله فقال : أتدري ما حق الإخاء في الله ؟ قال له : عرفني !
قال : ألا تكون أحق بدينارك ودرهمك مني ! فقال الرجل : لم أبلغ هذه المنزلة بعد . فقال أبو هريرة رضي الله عنه : فدعك عني .
وليس هذا من بنات أفكار أبي هريرة رضي الله عنه فقد وردت مجموعة من الأحاديث تأكد هذه الحقيقة العظيمة التي مفادها أن المؤمنين بوتقة واحدة ، ليس بينها حواجز ، إليك طرفاً منها :
• عن (http://www.qa44.com/vb/tags/%DA%E4.html) أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ قَالَ فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ قَالَ فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ ) .
• عن (http://www.qa44.com/vb/tags/%DA%E4.html) عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ اعْتَلَّ بَعِيرٌ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ وَعِنْدَ زَيْنَبَ فَضْلُ ظَهْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْنَبَ: ( أَعْطِيهَا بَعِيرًا فَقَالَتْ أَنَا أُعْطِي تِلْكَ الْيَهُودِيَّةَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَجَرَهَا ذَا الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمَ وَبَعْضَ صَفَرٍ ) .
• عن (http://www.qa44.com/vb/tags/%DA%E4.html) ابن عمر قال : (( ثم لقد أتى علينا زمان أو قال حين وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم ثم الآن الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة يقول يا رب هذا أغلق بابه دوني فمنع معروفه .))
وهذه أحاديث عظيمة تفيد وجوب العَود من المسلم بفضل ماله أو زاده أو لباسه أو مسكنه أو كل ما يحتاجه الإنسان إليه إلى أخيه المسلم الأحوج فالأحوج، والأقرب فالأقرب ، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك فقال : ( فاليعد ) وهذا أمر يحمل على الوجوب .
ومن هنا نعلم مدى التقصير العظيم الذي يقع فيه الموحدين تجاه بعضهم بعض ، ويؤكد هذا الفهم للحديث قول ابن عمر رضي الله عنه وهو يحكي لنا حال الصاحبة الكرام: ( ثم لقد أتى علينا زمان أو قال حين وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم ) ثم قال حاكيا ما آلت إليه الحال بعد الفتوح وتوسع الدنيا : ( ثم الآن الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم ) لله در ابن عمر رضي الله عنه لو يعلم ما حلّ بالناس اليوم تجاه بعضهم البعض لأغلظ فيهم الحكم .
ثم يرتفع بعض المؤمنين الصادقين إلى مرتبة الإيثار فيقدم إخوانه على نفسه فيلحق بأولئك الأفذاذ الذين خلد ذكرهم المولى عز وجل في القرآن الكريم : ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ) [ الحشر : 9] فيصبح من المفلحين الذين يغبطهم الشهداء والنبيون .
• عن (http://www.qa44.com/vb/tags/%DA%E4.html) يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: ( سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْطِعَ مِنْ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ حَتَّى تُقْطِعَ لِإِخْوَانِنَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَ الَّذِي تُقْطِعُ لَنَا قَالَ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي ) .
ومن هذا النوع من الإيثار الذي يعجز الزمان أن يأتي بمثله ، ما حصل بين المهاجرين والأنصار عندما آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم بعد الهجرة .
• قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ إِنِّي أَكْثَرُ الْأَنْصَارِ مَالًا فَأَقْسِمُ لَكَ نِصْفَ مَالِي وَانْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَيَّ هَوِيتَ نَزَلْتُ لَكَ عَنْهَا فَإِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا قَالَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ قَالَ سُوقُ قَيْنُقَاعٍ قَالَ فَغَدَا إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فزاحمهم وبزهم في ميدانهم ، فما لبث غير قليل حتى كسب مالاً وتأهل من ماله ولم يرزأ سعداً بشيء ) .
لقد كان عبد الرحمن عفيفاً ولكن تعجز النساء أن يلدن مثل سعد بن الربيع رضي الله عنه .
هذه مرتبة مستحبة ، وليست هي واجبة أو فريضة محتمة كما كان في دين السيد المسيح الوجيه المقرب صلى الله عليه وسلم ، إذ قد روي أن اتباعه كانوا يخرجون من أموالهم ويضعونها في صندوق مشترك تصرف منه أمراؤهم على كافة أفراد الجماعة ، فالله درهم .


بً – طيب الكلام والمبسم والبشاشة في وجه الأخوة ورد السلام والفرح باللقاء :
طيب الكلام وحسنه بين الأخوة ، مدعاة لجلب المحبة ودوامها وفي هذا يقول المولى عز وجل : ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ) [ البقرة : 83] ووصف عباده الصالحين أنهم طيبي الكلمة فقال عز وجل : (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنْ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ) [ الحج : 24] والقول الطيب والكلام الحسن يبطل كيد الشيطان ويسد أمامه الطريق للإفساد والتفريق بين الاخوة وفي ذلك يقول تعالى : (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ) [ الإسراء :53] وهذا أمر من الله سبحانه وتعالى يفيد وجوب طيب الكلام وحسنه واختيار أفضل العبارات أوضحها في التعبير عن (http://www.qa44.com/vb/tags/%DA%E4.html) المقصود وإدخال السرور لقلب أخيك كل ذلك يدخل في مفهوم طيب الكلام ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ ) .
ومن طيب الكلام أن يدعوا أخاه بأحسن أسمائه، وأحبها على قلبه يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ((ثلاث يصفين لك ود أخيك تسلم عليه إذا لقيته وتوسع له في المجلس وتدعوه بأحب أسمائه إليه ) .
والمبسم و البشاشة في وجه الأخوة من موجبات الأخوة الإيمانية وكذلك هو من وسائل كسب القلوب ، لأن الوجه عبارة عن (http://www.qa44.com/vb/tags/%DA%E4.html) المرآة التي تعكس ما هو موجود في داخل أعماق الإنسان ، فإذا كان الوجه طليقاً بشوشاً كان موحياً بالبشر والمحبة في نفس المقابل ، أما عن (http://www.qa44.com/vb/tags/%DA%E4.html) كان عبوساً مظلماً فلا شكَ أنه يوحي في قلب المقابل بالضيق والاشمئزاز وعدم الانشراح ، فعلى الأخوة أن يطلقوا وجوههم فيما بينهم وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ) .


hgpJJJJrJJJ,r ,hgJJ,h[JJJfJJJhj