المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفوائد الحسان من تجارب الأعيان في استغلال الزمان



أهــل الحـديث
11-01-2013, 07:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله الذي أنار بعلمه الأكوان ، وتعالى وصفه أن يلحقه النسيان ، فكل شئ أقامه على البرهان ، و كل صنف وضع له المكان و الزمان .. وأكد على اغتنامهما في كل أوان ، ليكون الإنسان منها على بال ، و أن لا يهذرهما على أي حال ، و الصلاة و السلام و السلام على الرسول الأمين ، و على صحابته الطاهرين ، و على من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد
فإن أعظم ما يتفكر فيه الإنسان هو : أن ينخلع عن كل الأفكار الداهية ، و الخواطر الخالية ، و ينشغل بالأمور العالية ، و الأوقات الباقية ، فإن الساعات دقائق ، و الدقائق تحمل في طياتها جمع الحقائق ، و التواني نبضات ، تغفل صاحبها عن أداء الطاعات ، فتورته طول الحسرات ، و لا ينفع مع ذلك الآهات ...
" فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور و الأيام و الساعات ، و تقرب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات ... " [1]
فإياك و أن تنام مع أهل البطالة ، فتصبح من أهل الخسارة ، فتقول : ياليتني .. وحينها لا تنفع الندامة . يقول ابن الجوزي في صيد الخاطر : رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعا عجيبا ، إن طال الليل فبحديث لا ينفع ، أو بقراءة كتاب فيه غزاة و سمر ، و إن طال النهار فبالنوم ، و هم في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق ... " فما أكثر الأوقات التي تضيع ، و ما أكثر الدعاوي التي تشيع ... إننا محتاجون – ورب الكعبة – إلى حفظ أوقاتنا ، فلا تدع الأيام تسير مسير القافلة التي تمشي في وضح النهار و الرحال نائمون ، فلا تنم ، و إياك أن تقول إني لا أفهم . . .
أخي : أدعوك دعاء صدق ، فهلا أجبت و انتفعت .. لا تكن ممن خاب سعيه ، و انقضى عمره ، و لم يؤد في حق الله شيئا فضلا عن أمته ، فكن حريصا ، فإن كنت كذلك فزد ، و إن غبت عن هذا فجد .. ف"يا من سود كتابه بالسيئات . قد آن لك بالتوبة أن تمحوا ، يا سكران القلب بالشهوات . أما آن لفؤادك أن يصحوا
يا نداماي صحا القلب صحا فاطردوا عني الصبا و المرحا
زجر الوعظ فؤادي فارعوى و أفاق القلب مني و صحا
هزم العزم جنودا للهـــــوى فاسدي لا تعجبوا إن صحا
بادروا التوبة من قبل الردى فمناديه يناديـــنا الـــــــوحا " [2]
" يقول الوليد الباجي :[3]
إذا كنت أعلم علما يقينا بأن جميع حياتي كساعه
فلم لا أكون ضنينا بها و أجعلها في صلاح و طاعه "
فها أنا أسطر لك صفحات من حياة أهل العلم الذين كانوا حريصين على دقائق أوقاتهم التي بحفظها أخرجوا لنا الكنوز .. و أخص منهم في هذه الرسالة الصغيرة المعاصرين و ذلك لسببين :
1 أنهم من أهل عصرنا و عاشوا في الفتن ، و مع ذلك غنمو ا و سعدوا و أفلحوا
2 أن جل من من ألف في الوقت جاء بكلام السلف فيكون هذا جديدا و إغناء لمن سبقني ، و لكن لا يفوتني أبدا أن أذكرهم في ثنايا الكلام كشواهد
و في ثنايا هذه التجارب أحاول إغنائها بفوائد وقفت عليها أو خواطر جاءت في عرض الكلام و ذلك تنبها على قواعد حفظ الوقت حيث أن كل تجربة سأستخرج منها الفوائد التي هي بمثابة قواعد تجعل السالك بصيرا بحفظ عمره
و مع هذا فإني أقر أني لست أهلا لكي أكتب في مثل هذا الموضوع ، فهو يحتاج لمن هو أدرى بدرر الوقت ، و أفنى حياته في العلم والعمل ليخرج للناس ما ينبههم ، و لكني أستعين بالله و ما أنا إلا جامع و ناقل و مقتد بأقوال من ستقرأ لهم في هذه الصفحات ، . و الناظر في هذه الرسالة سيعلم أنها مستفادة من كتب معاصرة و بعض كلام أهل العلم من الشرائط أو نقل مستفاد من بعض طلبة العلم لأنها مظان هذا البحث و لا غنى عنه . و الله المستعان


يتبع إن شاء الله ...

[1] لطائف المعارف ص 40

[2] نفسه ص744

[3] المشوق إلى القراءة و طلب العلم نرجوا نصائحكم