المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحْلَى حِكَايَاتِ كَهْفِ الْغَرَائِبِ ومَغَارَةِ العَجَائِبِ.



أهــل الحـديث
10-01-2013, 04:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



أحْلَى حِكَايَاتِ
كَهْفِ الْغَرَائِبِ ومَغَارَةِ العَجَائِبِ.

مقدمة المؤلف
هذا كتاب كانت تُرَاودُني نُصوصُه على جَمْعها في مكان واحد منذ أنْ كنتُ فتًى يافِعًا، فقد شُغِفْت قديمًا بتَتبُّع الأخبار والحكايات والقصص الغريبة والعجيبة عن السابقين واللاحقين، وكنتُ أجد في ذلك مُتْعة لا تُقاوَم، وشَهيَّةً لا تنقطع.
ولا أزال أذكر أنني في سِنِّ الثامنة عشرة أو قبلها كنتُ أجتمع مع أختنا الكبرى «أم عمر» وأحمِلُها على تسطير عجائب الحكايات التي كنت أجمعها من كتب شتى، وكانت تتأبَّى عليَّ في أول الأمر لانشغالها بأمور المنزل، لكنني ما كنت أتركها حتى تكتب لي ما أريد ولو اضطررتُ إلى أنْ أدفع لها شيئًا من حقير المال على سبيل المداعبة والتلطُّف كي تستجيب لرغبتي.
ولا يزال حتى الآن في أدراجي الخاصة مجموعة من الكراريس التي تحتوي على أقاصيص شتى من حكايات العلماء والأدباء والزهاد والأذكياء وغيرهم. وربما سمَّيْتُ كلَّ كُرَّاس أو كراسَيْن باسمٍ خاص على غِرَار التآليف القديمة.
ففي محفوظي أني سمَّيْتُ بعضها باسم: «نسماتُ الأسحار في عجائب الأخبار»، وسمَّيْتُ غيرها بنحو ذلك.
حتى إذا اشتدَّ عُودِي، وأشرَقَتْ في نَيْل المعارف شمسُ وجُودي، واستكثرْتُ من الارْتِشافِ من أنهار الأخبار، واستزَدْتُ من التبَصُّر في عُيون القَصص والآثار، اجتمع لي مما كنتُ أسعى إليه شيئٌ كثير، واتَّسع صدري لحِفْظِ طَرَفٍ من نوادر الأخبار، ولطائف الحكايات والأشعار.
وقد قوِيَ العزْمُ أخيرًا على استنهاض الهِمَّة في تسطير تلك القصص في نَسَقٍ واحد، وبدأتُ أنشرها في حلقات مترادفة على شبكة المعلومات الدولية، في عدة منتديات عِلْمية وأدَبِيَّة.
وكان مما قلتُه في ديباجة كلامي في تلك المنتديات:
« هذا موضوع أكتبه على فترات متقاربة، لأُسجِّل فيه كل شاردة ووارِدة ، مما وقع لي قديمًا وحديثًا أثناء المطالعة، وما اقتَنَصَتْه شِبَاكُ أفكاري من أوْدِيَةِ فنون تلك المعارف الساطِعة.
وجعلته على غِرَار ( بدائع الفوائد ) للشمس ابن القيِّم، و( الفنون ) لابن عَقِيل الحنبلي، و( الكشكول ) و( المِخْلاة ) كلاهما للبهاء العامِلي، و( جُؤْنَة العطَّار ) لأبي الفيض الغُمَاري، وما جرَى مجْرَى هاتيك المؤلَّفات، وكان على طِراز تِلْكُم المُصَنَّفات.
وقد قسَّمْتُه أقسامًا، وجعلتُ لرءوس مواضيعه أعْلامًا، ومداخِلَ يَتَطرَّق بها المتصفِّحُ إلى المُجْمَل من أطرافه والمُفَصَّل، وسبيلًا يهتدي به الطالب لأبوابه ويَتوَصَّل ...
وهي ذي : ( غريبة ) و( عجيبة ) و( نادرة ) و( لطيفة ) و( فائدة ) و( عبرة ) و( داهية ) و(عاصمة ) و( قاصمة ) و( طريفة ) و( مُضْحِكة ) و( مُبْكِتة ) و( موعظة)....
ولستُ في هذا الموضوع بحمَّالة حَطَب، ولا خائضًا- فيما أُورِدُ- بحور الجُزَاف والعَطَب، بل ننْقُد ما ننْقُل، ونتَثبَّتُ فيما نعمَل، وننْسِبُ كل قول إلى قائله، ونعزو كل حرفٍ إلى لافِظِه، مع التحرِّي في كل ذلك، و النَّصَفَة بين الغُرَماء فيما هنالك ...
وقد عزمْتُ على كل من يريد أن يغْترِف من سَوَاقي تلك الأنهار، أو يُحصِّل ما شاء من بديعات ما أسطره من أخبار، أن يُشِيدَ بالمَصْدر الذي نهَل منه، ويرفع رأسًا لهذا النهر الذي صدر عنه، إنْ هو احتاج إلى هذا في بعض الأوقات، أو اضطر للنقل منه مرة أو مرات، فيقول مثلا : ( نقلتُ كذا بواسطة كذا ؟ ) فإن من بركة العلم أن يُنْسَب إلى أهله، وعَدَم شُكْرَانِه التفريطُ فيه والقعود عن دَرَكِه .
ونسأل الله الثبات حتى الممات، ومزيدًا من الأعمال الباقيات الصالحات، فإنه بكل جميل كفيل ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ... وهذا آوان الشروع في المراد ... ».

هذا ما قُلْتُه قبل سنوات...
ثم لمَّا قدَّر الله أن يكون هذا المجموع مطبوعًا بين يدي القُرَّاء، رأيتُ أن أنْتخِب من الحكايات أعجَبَها، وأن أنْتَقِي من الروايات أغرَبَها. مع جملة من الفوائد التي وقفتُ عليها بعد ذلك ورأيت المناسَبةَ ملائِمة لإدراجها فيه.
حتى إذا تمَّ لي جملة من ذلك جمعْتُه في هذا الكتاب اللطيف الذي هو بين يديك الآن. وإذا رأينا قبولا له –إن شاء الله – فإنا عازمون على جَمْعِ أجزاء أخرى تكون ضمن سلسلة بعنوان: ( أحلى الحكايات من كهف الغرائب ومغارة العجائب ).
ومنهجنا في هذا الكتاب يتلخص في الآتي.
انْتَخَبْنا فيه جملة من الغرائب والعجائب ومأثور الأخبار والمواقف والقَصص. كل ذلك في إطار التراث العربي القديم والحديث.
وقد نتدخَّل في صياغة وتوضيح بعض الحكايات أو كثير منها، إلا أننا نُنَبِّه على ذلك بالهامش قبل العَزْو إلى المصادر والمراجع.
كما قد نتدَخَّل مِرارًا في تفسير المعاني والكلمات، ولكن نجعل كلامنا بين قوسين هكذا: ( .... ) حتى لا يختلط بأصل الحكايات والأخبار المنقولة.
وأنا سائلٌ اللهَ تعالى أن يتقبل منا سائر الأعمال بقبول حَسَن، وأن يُنْبِتَها لنا في غَرْسِ فضْلِه الواسع المُسْتَحْسَن. وأنْ لا يجعل أجْرَنا على أحدٍ من العالمين سُواه، ولا يكون فلاحُنا معقودًا بيَمِين راحمٍ إلا إيَّاه.

آمِينَ آمِينَ لا أرْضَى بواحِدةٍ ... حتى أُكرِّرَها ألْفَيْنَ آمِينَا