المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : على ساحل الرواية: التفرد بالعلو



أهــل الحـديث
10-01-2013, 12:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه، أما بعد:

فمن مدة طويلة وأحد الإخوة يحثني على كتابة جملة من مسائل الرواية والإسناد، وخاصة ما تعلق منها بباب آداب الرواية ومقاصدها والنيات الباعثة على تطلبها، وجمعت من ذلك ما يستحق أن يفرد، ثم رأيت أن أبثه عبر الملتقى على شكل موضوعات متفرقة لعل في ثنايا أشتاتها ما ينفع ويفيد...

لا شك أن تطلب العلو بله التفرد به يعد من مفاخر الرواية، لذلك يظن بعض الإخوة أن التعمية على الشيوخ وإشاعة وفاتهم وهم أحياء ونحو ذلك سبب سوي للوصول إلى ذلك وما علموا أن الأمر كله بيد الله، وأن الخير والبركة وكمال الإيمان لا يكون إلا بأن تحب لأخيك ما تحب لنفسك.

أستوقفني مشهد عجيب من مشاهد حياة إمام الرواية عند المتأخرين الشيخ نذير حسين الدهلوي -رحمه الله- يتعلق بموضوعنا، ولا شك أن من البدهيات عند المشتغلين بالرواية أن إسناد الشيخ نذير من أعمدة الأسانيد ومن أعلاها ويتميز باتصال السماع وتحققه في سائر الطبقات في أكثر من كتاب مسند، وهو يروي عن الشيخ محمد إسحاق الدهلوي، وهو عن الشاه عبدالعزيز الدهلوي، وهو عن الشاه ولي الله الدهلوي.
ومن المعلوم أن الشيخ نذير حسين قد أدرك حياة شيخ شيخه الشاه عبدالعزيز (ت1320 ه) بل قد عزم على لقاءه والقراءة عليه، فسافر إلى دلهي ولكنه وصل إليها متأخرا بسبب إقامته في إله آباد مدة طويلة للقراءة على بعض أعيانها، وكذلك بسبب قلة الزاد وفقدان الراحلة، فتوفي الشاه عبدالعزيز قبل وصول الشيخ نذير حسين إليه!! فقرأ على تلميذه محمد إسحاق..

الشاهد من هذه الواقعة أن الشيخ نذير حسين لم يقدر له هذا العلو، ومع أخذه عن التلميذ وفوات إدراك الشيخ عليه ومع ذلك قدر الله أن يكون إسناده من أعلى وأنظف وألطف الأسانيد لمن جاء بعده، والإسناد بركة، فلا تقطعها بسوء خلق، أو بدسيسة في النية، وليست التعمية والتعتيم وإخفاء مصادر العلو سببا لأن تصبح مقصد الطلاب، فما يدريك ماذا يكتب الله لك، وهل توفق للتصدر؟ وهل تعان على الأداء كما أعنت على التحمل؟!

وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى

الموضوع القادم -بإذن الله- من السلسلة: متى يتصدر الطالب للإجازة؟؟