المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فصل البيان في زيادة [ إنهما لا يطهران]



أهــل الحـديث
09-01-2013, 01:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، وبعد:

فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن الاستنجاء بالعظم والروث" في غير ما حديث ولكن اختلف العلماء في علة نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن "الاستنجاء بالعظم والروث" فذهب فريق منهم إلي أن علة النهي أنهما طعام الجن وفريق آخر إلي أنهما نجس، وفيه تنبيه علي النهي علي جنس النجس فلا يجزئ الاستنجاء بنجس متنجس .

وقد ذهب الشافعي وأصحابه إلي عدم التطهر بالعظم والروث .

وقال أبو حنيفة : يكره ويجزئ إذا قصد تخفيف النجاسة وهو يحصل بهما، ويدل للأول ما أخرجه الدارقطني من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجى بروث أو بعظم وقال [إنهما لا يطهران] .

وهذه الزيادة هي محل البحث فهل هذه الزيادة صحيحة أم لا ؟

أولاً: تخريج الزيادة:

أخرجها الدارقطني في سننه"156"، ابن عدي في الكامل"4/356"تحت ترجمة سلمة بن رجاء، واللفظ للدارقطني قال حدثنا أبو محمد بن صاعد، وأبو سهل بن زياد، قالا حدثنا إبراهيم الحربي، حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ح
وحدثنا أبو سهل بن زياد، حدثنا الحسن بن العباس الرازي، حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، حدثنا سلمة بن رجاء، عن الحسن بن فرات القزاز، عن أبيه، عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم "نهى أن يستنجي بعظم أو روث وقال إنهما لا يطهران"

ثانياً: الكلام على رجال الحديث:

نقول بفضل الله تعالى هذا الحديث له أكثر من علة:

1/ يعقوب بن حميد بن كاسب:
هو المدني سكن مكة، وقد ينسب إلي جده.
قال بن معين مرة ثقة، و مرة ليس بشيء، وفي موضع آخر ليس بثقة، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم سألت أبا زرعة فحرك رأسه، قال"قلت"كان صدوقاً في الحديث فقال لهذا شروط، وقال في حديث رواه بن كاسب"قلبي لا يسكن على بن كاسب".
، وقال أبو حاتم ضعيف الحديث، وقال النسائي ليس بشيء، وفي موضع آخر قال ليس بثقة.

قلت[أبو البراء] فمثله يصلح في الشواهد والمتابعات.

2/ سلمة بن أبي رجاء:
هو أبو عبد الرحمن الكوفي قال بن معين:ليس بشيء ، وقال أبو زرعة: صدوق ،وقال أبو حاتم :ما بحديثه بأس، وقال بن عدي أحاديثه أفراد وغرائب حدث بأحاديث لا يتابع عليها .
قال الحافظ في تهذيب التهذيب (4/145) قال النسائي ضعيف، وقال الدارقطني ينفرد عن الثقات بأحاديث .

3/الحسن بن فرات القزاز :
هو بن أبي عبد الرحمن التميمي القزاز الكوفي والد زياد بن الحسن، ويحيي بن الحسن .
قال أبو حاتم: منكر الحديث [(تهذيب التهذيب (2/316 ) ].

.قلت:[ أبو البراء] :وهناك مخالفه للحسن بن فرات عند الدارقطني في العلل، خالفه شعبة ولكنها لا تصح .
سُئل الدارقطني عن حديث روي عن أبي حازم عن أبي هريرة أن النبي: " نهي أن يستنجي بعظم أروث " فقال يرويه شعبة واختلف عنه حَدَّث به" أبو القاسم الطبراني عن الحسن بن علي بن نصر الطوسي، عن محمد بن عيسي العطار، عن نصر بن حماد، عن شعبة، عن محمد بن جحادة، عن أبي حازم، عن أبي هريرة..."وذكر محمد بن جحادة فيه وَهْمٌ والصواب عن شعبة عن فرات القزاز عن أبي هريرة كذلك.
قال ابن صاعد، عن محمد بن عيسي، وكذلك رواه الحسن بن فرات عن أبيه عن أبي حازم عن أبي هريرة إلا أنه قال "إن النبي صلي الله عليه وسلم نهى أن...."
حدثنا يحيي بن محمد بن صاعد، ثنا محمد بن عيسي العطار، قال ثنا نصر بن حماد، ثنا شعبة، عن فرات، عن أبي حازم عن أبي هريرة أن النبي"نهى أن يستنجي بعظم أو روث" وزاد الحسن بن فرات عن أبيه عن أبي حازم عن أبي هريرة في أخره وقال "إنهما لا يطهران"
حدثنا به أحمد بن زياد، ثنا الحسن بن العباس، ثنا يعقوب بن حميد، ثنا سلمة بن رجاء، عن الحسن بن فرات...."

قلت: [أبو البراء ] لا يصح هذا السند؛ لأن "نصر بن حماد" شيخ شعبة في الحديث، وهو بن عجلان البجلي أبو الحارث الوراق البصري الحافظ [لسان الميزان(3/255)]
قال ابن حبان في المجروحين(3/54)كان من الحفاظ ولكنه يخطي كثيراً ويَهْم في الأسانيد حتى يأتي بالأشياء وكأنها مقلوبة فلما كثر ذلك منه بطل الاحتجاج به إذا انفرد .
قال البخاري في الضعفاء الصغير(1/118) يتكلمون فيه.
قال بن عدي في الكامل (7/40) ثنا موسي بن العباس، ثنا محمد بن عيسي العطار، ثنا نصر بن حماد، ثنا شعبة، عن فرات القزاز، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: "نهى أن يستنجي بعظم أو روث".
قال:[أي ابن عدي] وهذا أيضاً من حديث شعبة غير محفوظ عن [فرات ]ويروي عن الحسن بن الفرات القزاز عن أبيه، وهذه الأحاديث التي ذكرتها عن نصر عن شعبة وله غيرها عن شعبة ولكنها غير محفوظة ومع ضعفه يكتب حديثه.
قال العقيلي في الضعفاء (4/300) تحت ترجمة نصر بن حماد ومن حديثه ما حدثناه القاسم بن زكريا، قال حدثنا محمد بن عيسي العطار، قال حدثنا نصر بن حماد، قال حدثنا شعبة، عن فرات القزاز، عن أبي حازم، عن أبي هريرة: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستنجي بعظم أو روثة".
قال هذا يروي بغير هذا الإسناد بغير وجه بإسناد أصلح من هذا وليس له تحديث شعبة أصل ونصر بن حماد متروك.

نقول خلاصة القول أن هذه الزيادة ضعيفة غير ثابتة عن النبي صلي الله عليه وسلم لأسباب منها :

1ـ أن الإسناد غير قائم بذاته وفيه أكثر من علة كما أسلفنا .

2ـ أن الإسناد فيه تفرد فقد قال بن عدي في الكامل (3/332) بعد ذكر الحديث بإسناده، ولا أعلم رواه عن فرات القزاز غير ابنه الحسن، وعن الحسن سلمة بن رجاء، وعن سلمة ابن كاسب الشاكون بن رجاء غير ما ذكرت من الحديث وأحاديثه أفراد وغرائب ويحدث عن قوم أحاديث لا يتابع عليها .

3ـ أن هناك مخالفة فقد ثبت في الحديث عند البخاري (3860)، والترمذي (18)،و ابن أبي شيبة (1649)، والطبراني في المعجم الكبير(10/77)، والنسائي (39)، وأبي عوانة (585).أن سبب النهي عن الاستنجاء بالعظم والروث "إنهما طعام الجن"

ويبقى إشكال وهو أن الدارقطني قال علي هذه الزيادة "صحيحة الإسناد"، وكذلك قال بن حجر في الدراية تخريج أحاديث الهداية (1/96) رواه الدارقطني وفيه سلمة بن رجاء و"إسناده حسن".
وقد تعقب مغلطاي، الدارقطني في شرحه لابن ماجة (1/99) قائلًا : ( وفيه نظر؛ لأن في إسناده : ابن رجاء ) .

قلت : [أبو البراء] والمتتبع لصنيع الدارقطني في سننه أنه قد يذكر الحديث في السنن ويصحح إسناده ثم يأتي ويُعِلُّه في العلل، وهذا الحديث مثالًا على ذلك، انظر العلل للدارقطني ( 8/239) .

وقد يُحمل كلامهم عليهم رحمة الله تعالى :[إنما قصدوا صحة الإسناد ولم يقصدوا صحة الحديث فلإسناد يصلح للاستشهاد لا أن يكون حجة بنفسه]، وبهذا يستقيم كلام الأئمة، والله أعلى وأعلم.

قلت : [أبو البراء ] والحاصل أن رواية ( إنهما لا يطهران )، ضعيفة كما رأيت، وعليه يجوز الاستنجاء بهما مع الإثم، وهو ما ذهب إليه مالك وأبو حنيفة وأصحابها وقال : ( ويجزيء إذا قصد تخفيف النجاسة ) .
ولو صحت هذه الرواية لكانت نصًا في عدم الإجزاء حتى لو أزالت النجاسة كاملة، وهو ما ذهب إليه الشافعي .([1])

([1]) انظر التمهيد (2/37)، وفتح الباري (1/374) .