المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( لو ) ومعانيها في زاد المستقنع



أهــل الحـديث
06-01-2013, 11:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




( لو ) ومعانيها في زاد المستقنع

هذه مسألة أعرضها عليكم لعل النقاش يثريها ، وينشط الناشطون لنثر الفوائد .....
وبدايةً أُحب أن أستهل الحديث بكلمات جميلة للسامري رحمه الله في كتابه ( المستوعب ) ، تحمل معانٍ سامية ، وتدل على فهمٍ ثاقب ، قال رحمه الله ( وليس كلمة أضر بالعلم من قولهم : " ما ترك الأول للأخير شيئاً " إذ كان يقطع عن العلم والتعلم ، ويقتصر الأخير على ما قدمه الأول ...) وقال قبله : ( وكيف لم يترك الأول للأخير شيئاً ؟! وترتيب العلوم إنما هو من نتائج العقول ، وقد منح الله العقول للأخير كما منحها للأول )
بعد هذا النقل الجميل أقول مستعيناً بالله المعين :
استعمل فقهاء الحنابلة ثلاثة حروف في مصنفاتهم للإشارة إلى وجود خلاف في مسألةٍ ما ، وهي ( لو ) و ( حتى ) و ( إن ) ، ولعل أكثرها استعمالاً ( لو ) ، حتى قال ابن بدران في المدخل ص422 : ( متى قال فقهاؤنا : " ولو كان كذا " ونحوه ، كان إشارة إلى الخلاف ) .
ومع استعمال فقهاء الحنابلة لهذا المصطلح فلم يُوضِّح أحد منهم نوع الخلاف المشار إليه بكل حرف من هذه الحروف ، قال الشيخ بكر أبو زيد في المدخل ( 1 / 319 ) : ( ولم أر من قيَّد ذلك في كتاب ، سوى إشارات لبعض علماء عصرنا ) ، وبقي تحديد المراد منها نوعاً من الاجتهاد ، يرجع إلى طول ممارسة كتب الفقه ، أو الاستقراء .
وقد نقل الشيخ بكر عن فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله أن ( حتى : للخلاف المتوسط ) .
وذكر الشيخ حمد الحمد في شرحه للزاد أن الشيخ محمد بن إبراهيم ذهب إلى أن ( لو ) للخلاف القوي ، و ( حتى ) للمتوسط ، و ( إن ) للضعيف .
بينما ذهب الشيخ علي الهندي رحمه الله في رسالته ( مقدمة في بيان مصطلحات الفقه الحنبلي ) إلى أن ( حتى ) للخلاف القوي ، و ( إن ) للمتوسط ، و( لو ) للخلاف الضعيف .
قال الشيخ بكر أبو زيد معلقاً على ذلك ( وتابعه على غلطه من نقل عنه ) ، وقال قبل ذلك بعد أن ذكر تداول بعض طلبة العلم لهذا التقسيم ( وهذا لا يعول عليه ) .
وقال بعد أن ذكر اختلاف الأقوال في هذه الحروف ( وأنت ترى اضطرابهم في منزلتها الحكمية في الخلاف ، والذي أراه أن هذا الحكم ينبني على الاستقراء التام ولا أراه يطرد ، وإنما هي حروف للخلاف في المذهب فقط .....)
وأزعم أنه يمكن أن يناقش كلام الشيخ رحمه الله من وجهين :
الأول ـ أن تتابع أولئك الفقهاء الأعلام على استعمال هذه الحروف بدون أن يكون هناك ضابط معيَّن مما يبعد جداً ، فإن الفقهاء معروفون بدقة ألفاظهم ، ولذا يكثر استدراك بعضهم على بعض في الشروح والحواشي .
الثاني ـ أن تنويع الفقهاء استخدام هذه الحروف يدل على اختلاف دلالتها ، وأنها ليست لمجرد الإشارة إلى الخلاف .
وقد ذكر الشيخ أنَّ لها معنيان :
ـ الإشارة للخلاف في المذهب فقط .
ـ دفع إيهام الخلاف في المسألة .
وذكر ثلاثة أمثلة على ذلك من زاد المستقنع :
الأول : قول صاحب الزاد في باب الرجعة : ( فله رجعتها في عدتها ولو كرهت ) وقال إن لو هنا لدفع إيهام الاختلاف فلا اعتبار لكراهتها بإجماع المسلمين لنص القرآن على ذلك .
إلا أني أقول ولا أجزم أنَّ ( لو ) هنا قد تكون إشارة إلى خلاف أبي بكر المروذي في قوله ( لا رجعة بالخلوة من غير دخول ) أي : لا ترجع المرأة بمجرد الخلوة إلا برضاها .
ولعل صاحب الزاد يشير إلى هذا حين قال : ( من طلق بلا عوض زوجة مدخولاً بها ، أو مخلواً بها ....) فنص على الدخول والخلوة .
الثاني : قوله في الزاد في باب صوم التطوع : ( ويحرم صوم العيدين ولو في فرض ) والتحريم لا خلاف فيه في المذهب .
ويناقش بأنَّ ( لو ) هنا ليست لدفع إيهام الخلاف بل للإشارة إلى الخلاف في صحة صومهما عن فرضٍ ، وعبارة المقنع هنا أدق ، فقد قال ( ولا يجوز صوم يومي العيدين عن فرض ولا تطوع ) فعبَّر بعدم الجواز ، أي عدم سقوط قضاء الفرض عنه بصومه ، وهو ما عبر عنه في الوجيز بقوله ( ولا يسقط به فرض ) ، وفي المنتهى : ( ولا يصح صوم أيام التشريق إلا عن دم متعة أو قران ، ولا يوم عيد مطلقاً ، ويحرم ) فصرَّح بعدم الصحة والتحريم ، فالخلاف المشار إليه هنا هو في الصحة لا في التحريم .
وفي صحة صوم يوم العيد عن فرضٍ روايتان :
إحداهما : لا يصح ، ولا يسقط به فرض ، وهذا هو الصحيح من المذهب ، وحكاه ابن المنذر إجماعاً .
الثانية : يصح ، نقله مهنا في قضاء رمضان .
فظهر بهذا أنَّ في المذهب خلافاً في صحة صوم العيد عن فرض ، مع الإجماع على التحريم .
هذا وللحديث بقية ـ إن أحب الأخوة ـ عن باقي كلام الشيخ رحمه الله ، وعن معاني ( لو ) في الزاد مع الأمثلة ، والله الموفق ..... والسلام