المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حمل خطبة جمعة مشكولة بعنوان : سِتُّ وَقَفَاتٍ قَبْلَ الامْتِحَانَاتِ لشيخنا محمد بن مبارك الشرافي حفظه الله



أهــل الحـديث
03-01-2013, 09:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



سِتُّ وَقَفَاتٍ قَبْلَ الامْتِحَانَاتِ 22 صفر 1434 هـ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , الْحَمْدُ للهِ حَمْدَاً كَثِيرَاً طَيِّبَاً مُبَارَكَاً فِيه , أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً إِلَى يَوْمِ الدِّين .
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرَ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : تَأَمَّلُوا فِي مُرُورِ الأَيَّامِ وَفِي تَعَاقُبِ الدُّهُورِ وَالأَعْوَام , وَفِي تَوَالِي الأَحْدَاثِ وَفَنَاءِ الأَجْسَام (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)
أَيُّهَا الإِخْوَةُ فِي الله : انْقَضَى الْفَصَلُ الأَوَّلُ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ الدِّرَاسِيَّة , وَهَا هُمُ الطُّلابُ يَجْلِسُونَ فِي قَاعَاتِ الامْتِحَانَاتِ لِيَرَوْا حَصِيلَةَ جُهْدِهِمْ وَثَمَرَةَ كَدِّهِمْ , وَفَّقَ اللهُ الْجَمِيعَ لِلنَّجَاحِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة , وَهَذِهِ وَقَفَاتٌ بِهَذِهِ الْمُنَاسَبَة :
الْوَقْفَةُ الأُولَى : فِي انْقِضَاءِ الآجَالِ وَتَغَيُّرِ الأَحْوَال , فَإِنَّ الْوَقْتَ لا يَقِفُ , وَالشَّمْسُ لا تَزَالُ تَسِير , وَلَمْ يَأْتِ يَوْمٌ سَمِعْنَا أَنَّ الشَّمْسَ أَخَذَتْ قِسْطَاً مِنَ الرَّاحَةِ , أَوْ أَنَّ الْقَمَرَ وَقَفَ بُرْهَةً لِيُجَدِّدَ نَشَاطَه !!! إِنَّ الزَّمَنَ يَمْضِي بِمَا فِيهِ , فَهَلَّا جَعَلْنَا فِيهِ مَا يُبَيِّضُ وُجُوهَنَا عِنْدَ رَبِّنَا ؟ قَالَ عَلَيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : ارْتَحَلَتْ الدُّنْيَا مُدْبِرَةٌ وَارْتَحَلَتْ الآخِرَةُ مُقْبِلِةٌ , وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَل .
الْوَقْفَةُ الثَّانِيَةُ : مَعَ مُرَبِّي الأَجْيَالِ وَقَائِدِ الرِّجَالِ , إِنَّهُ أَنْتَ أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ , فَإِنَّ عَلَيْكَ مَسْؤُولَيَّةً كُبْرَى وَمُهِمَّةً عُظْمَى , فَأَنْتَ الْمُخَوَّلُ مِنْ قِبَلَ الأُسْرَةِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَسْؤُولِينَ فِي الدَّوْلَةِ لِتَشْكِيلِ هَذَا الطَّالِبِ , فَكُنْ خَيْرَ أَمِينٍ وَأَفْضَلَ مُرَبِّي !
أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ : إِيَّاكَ ثُمَّ إِيَّاكَ وَحَاشَاكَ أَنْ تَظْلِمَ الطُّلابَ أَوْ تُعْطِيَهُمْ أَسْئِلَةً تَعْجِيزِيَّة , أَوْ مَسَائِلَ تُرِيدُ بِهَا التَّحَدِّي , فَإِنَّ هَذَا مِنَ الظُّلْمِ وَالظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , فَاجْعَلْ أَسْئِلَتَكَ مُنَاسِبَةً لِلْمَادَّةِ , وَعَلَى قَدْرِ مُسْتَوَى مُتَوَسِّطِ الطُّلَّابِ , وَالأَسْئِلَةُ الْجَيَّدَةُ هِيَ الشَّامِلَةُ لِلْمَادَّةِ وَالتِي تَقِيسُ مُسْتَوَى عُمُومِ الطُّلَّابِ , فَلا تَكُونَ صَعْبَةً يَعْجِزُ عَنْهَا فُحُولُ الرِّجَالِ وَلا تَكُونُ ضَعِيفَةً يَأْخُذُ الْكَسْلانُ فِيهَا الدَّرَجَةَ الْكَامِلَةَ , بَلْ تَكُونُ بَيْنَ بَيْن .
وَكَذَلِكَ فَإِنِّي أُعُيذُكَ بِاللهِ أَنْ تُنْقِصَ الطُّلابَ حَقَّهُمْ أَوْ تَبْخَسَهُمْ دَرَجَاتِهِمْ , فَإِنَّ التَّصْحِيحَ أَمَانَةٌ , وَالأَمَانَةُ قَدْ تَبَرَّأَتْ مِنْهَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا , فَكُنْ دَقِيقَاً فِي تَصْحِيحِكَ وَابْحَثْ لِلطَّالِبِ عَنْ مَحْمَلٍ حَسَنٍ فِي إِجَابَاتِهِ مَا اسْتَطَعْتَ .
وَاعْلَمْ أَيْضاً أَنَّهُ مِنَ الأَمَانَةِ أَنْ لَا تَزِيدَ الطُّلَّابَ فَوْقَ حَقِّهِمْ , فَإِنَّكَ قَاضٍ , فَكُنْ عَادِلاً وَاحْذَرْ مِنْ حِسَابِ اللهِ لَكَ !
وَبَعْضُ الْمُعَلِّمِينَ يَظُنُّ أَنْ مِنْ حَقِّ الْمُدَرِّسِ أَنْ يَزِيدَ الطَّالِبَ فَوْقَ مَا يَسْتَحِقُّ , وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ وَفَهْمٌ خَاطِئ , فَأَنْتَ لَا تُعْطِيهِمْ مِنْ فُلُوسَكَ لِكَيْ تَتَصَرَّفَ كَمَا يَحْلُو لَكَ , بَلْ أَنْتَ تُعْطِيهِمْ حَسَبَ إِجَابَاتِهِمْ وَحَسَبِ مُسْتَوَيَاتِهِمُ التِي أَمَامَك , فَاتَّقِ اللهِ وِاحْذَرْ خِيَانَةَ الأَمَانَة !!!
أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ : وَاعْلَمْ أَيْضَاً أَنَّكَ مُطَالَبٌ بِصِحَّةِ الْمُرَاقَبَةِ وَقُوَّتِهَا , فَكُنْ مُتَحَمِّلاً لِلْمَسْؤُولِيَّةِ أَثْنَاءَ الاخْتِبَارَاتِ وَعِنْدَ الْمُلاحَظَةِ لِلطُّلابِ , وَإِيَّاكَ أَنْ تَدَعَ مَجَالاً لِلْغِشِّ فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ لا يَجُوزُ , وَإِنَّ بَعْضَ الْمُدَرِّسِينَ بِسُوءِ الْمُرَاقَبَةِ يُعَلِّمُ الطُّلَّابَ الْغِشَّ , فَاتَّخِذْ مَكَانَاً مُتَوَسِّطَاً فِي الْقَاعَةِ تَرَى فِيهِ أَكْبَرَ قَدْرٍ مُمْكِنٍ مِنَ الطُّلابِ , وَلْيَكُنْ نَظَرُكَ كَنَظَرِ الصَّقْرِ يَتَقَلَّبُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً وَأَنْتَ ثَابِتٌ فِي مَكَانِكَ , وَلْيَسْمَعِ الطُّلابُ مِنْكَ الْكَلِمَاتِ الطَّيَّبِةَ وَالتَّوْجِيهِيَّةَ وَالتّشْجِيعِيَّةَ وَالدُّعَاءَ وَالتَّحْذِيرَ مِنَ الْغِشِّ كَذَلِك .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : أَمَّا الْوَقْفَةُ الثَّالِثَةُ , فَمَعَ أَصْحَابِ السَّعَادَةِ مُدُرَاءِ الْمَدَرِاسِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ مِنَ الْمُوَجِّهِينَ وَالإِدَارِيَّينَ وَالْمَسْؤُولِينَ فِي السِّلْكِ التَّعْلِيمِيِّ , فَاعْلَمْ وَفَّقَكَ اللهُ أَنَّ الْعَمَلِيَّةَ التَّعْلِيمِيَّةَ تَعَاوُنٌ مِنَ الْجَمِيعِ فِي الأُسْرَةِ وَفِي الْمَدْرَسَةِ , وَأَنْتَ رَأْسُ الْهَرَمِ فِي الْمَدْرَسَةِ فَكُنْ خَيْرَ مُوَجِّهٍ لِلطُّلابِ وَالْمُعَلِّمِينَ , وَكُنْ حَازَمِاً فِي أُمُورِكَ بِشَكْلٍ دَائِمٍ وَفِي أَيَّامِ الامْتِحَانَاتِ بِشَكْلٍ خَاصٍّ , كُنْ قُدْوَةً فِي دَوَامِكَ , مُبَكِّرَاً فِي حُضُورِكَ , وَكُنْ مَعَ مُعَلِّمِيكَ فِي أَرْضِ الْوَاقِعِ مُكَمِّلاً لَهُمْ وَمُعِينَاً لَهُمْ .
وَاعْلَمْ أَيُّهَا الْمُدِيرُ سَدَّدَ اللهُ خُطَاكَ : أَنَّ تَهَاوُنَكَ يُؤَثِّرُ سَلْبَاً عَلَى طُلَّابِكَ وَمُعَلِّمِيكَ , وَأَنَّ جِدَّكَ وَنَشَاطَكَ يَظْهَرُ فِي مَدْرَسَتِكَ فَكُنْ عَلَى قَدْرِ الْمَسْئُولِّيَّةِ الْمُلْقَاةِ عَلَى عَاتِقِكَ سَدَّدَ اللهُ خُطَاك !
أَمَّا الْوَقْفَةُ الرَّابَعَةُ : فَهِيَ مَعَ الْمَسْئُولِ فِي الْبَيْتِ وَمَعَ الأُسْرَةِ الْمُسْلِمَةِ : فَاعْلَمْ يَا وَلِيَّ الأَمْرِ أَنَّ الطَّالِبَ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَي يَحْتَاجُ للِمُسَاعَدَةِ فِي أَيَّامِ الامْتِحَانِ , فَأَعِنْهُمْ عَلَى الامْتِحَانَاتِ بِتَعْلِيقِهِمْ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَأَنْ يَطْلُبُوا الْعَوْنَ مِنْهُ وَأَنْ يَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ مَا تُعِينُهُمْ بِهِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)
وَأَمْرٌ آخَرَ مُهِمٌّ : وَهُوَ أَنْ تَكُونَ مَعَهُمْ فِي الْمُذَاكَرَةِ , فَإِنْ كُنْتَ تُجِيدُ التَّدِريسَ وَتَعْرِفُ الْمَادَّةَ فَاطْلُبْ مِنْهُمُ الْمُذَاكَرَةَ ثُمْ اسْأَلْهُمْ فِيمَا ذَاكَرُوا وَلَوْ بَعْضَ الشَّيْءِ , فَإِنَّ الْمُتَابَعَةَ بِالسُّؤَالِ لَهَا دَوْرٌ بَارِزٌ مَعْلُومٌ فِي شَحْذِ الْهِمَّةِ وَقُوَّةِ الضَّبْطِ !
وَإِنْ كُنْتَ لا تُجِيدُها وَلا تَعْرِفُهَا فَلا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تَجْعَلَهُمْ يُذَاكِرُونَ قَرِيبَاً مِنْكَ , إِمَّا فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ أَحْسَنُ الأَمَاكِنِ وَأَنْتَ مَعَهُمْ , وَتَسْتَغِلَّ وَقَتْكَ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِقِرَاءَةِ كِتَابٍ نَافِعٍ , أَوْ تَكُونُ مَعَهُمْ فِي الْبَيْتِ فِي مَكَانٍ مُنَاسِبٍ لِلْمُذَاكَرَةِ , وَهَذَا الأَمْرُ مِنْ رِعَايَتِكَ لِأَوْلادِكَ وَمَنْ تَحْتَ يَدِكَ , وَأَنْتَ مَأْجُورٌ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللهُ , وَمِنْ أَسْبَابِ أَنْ يَنْجَحَ أَوْلادُكَ فِي حَيَاتِهِمْ فَتَسْتَفِيدَ أَنْتَ وَلا يَكُونُوا عَالَةً عَلَيْكَ !
أَيُّهَا الأَبُ : وَمِنَ الْمُهِمَّاتِ التِي أَنْتَ مُكَلَّفٌ بِهَا أَنْ تَحْفَظَهُمْ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الامْتِحَانِ لِأَنَّهُ يَكْثُرُ حِينَئِذٍ الْفَسَادُ مِنْ أَهْلِ الشَّرِّ مِمَّنْ يَدُورُونَ حَوْلَ الْمَدَارِسِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ , فَاذْهَبْ لِأَوْلادِكَ وَأَحْضِرْهُمْ بِنَفْسِكَ , أَوْ عَلَى الأَقَلِّ تَابِعِهُمْ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ وَحَرِّصْهُمْ عَلَى الرُّجُوعِ لِلْمَنْزِلِ بَعْدَ الامْتِحَانِ مُبَاشَرَةً , وَتَعَاوَنْ أَنْتَ وَأُمَّهُمْ فِي ذَلِكَ . وَحَذِّرْهُمْ أَنْ يَكُونُوا عُرْضَةً لِلْمُفْسِدِينَ , أَوْ يَكُونُوا جُمْهُورَاً لِلْمُفَحِّطِينَ , وَذَلِكَ أَنْ مِنْ أَسْبَابِ انْتِشَارِ ظَاهِرَةِ التَّفْحِيطِ وَخَاصَّةً أَيَّامَ الاخْتِبَارَاتِ وُجُودَ الْمُتَفَرِّجِينَ مِنَ الطُّلَّابِ الذِينَ انْتَهَوْا مِنَ الاخْتِبَارِ وَلا زَالُوا يَنْتَظِرُونَ الذِّهَابَ لِلْمَنَازِلِ فَيَجُدُ هَؤُلاءِ السُّفَهَاءِ مَنْ يُشَاهِدُهُمْ فَيَزْدَادُ شَرُّهُمْ وَبَلاؤُهُمْ , نَسْأَلُ اللهَ لَهُمُ الْهِدَايَةَ .
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ ربِّ العالَمِيْنَ والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى نبيِّنَا مُحَمَّدٍ وعلَى آلِهِ وصَحْبِهِ والتابعينَ .
أمَّا بَعْدُ : فَالْوَقْفَةُ الخَامِسَةُ مَعَ الطُّلابَ , فَاعْلَمْ أَيُّهَا الطّالِبُ أَنَّ هَذَا وَقْتُ الْحَصَادِ وَالتَّحْصِيلِ النِّهَائِيِّ , فَكُنْ جَادَّاً فِي مُذَاكَرَتِك , حَازِمَاً فِي أُمُورِكَ , وَتَدَارَكْ مَا قَدْ فَاتَكَ , وَمَا وُجِدَ مِنْ تَفْرِيطٍ فَيُمْكِنُكَ تَدَارُكُهُ الآنَ بِإِذْنِ اللهِ , فَرَتِّبْ وَقْتَكَ وَنَظِّمْ يَوْمَكَ وَذَاكِرْ دُرُوسَكَ , وَاحْرِصْ عَلَى النَّوْمِ الْمُبَكِّرِ وَالاسْتِيقَاظِ قَبْلَ الْفَجْرِ لِتَسْتَكِمَلَ مُذَاكَرَتَكَ , وَأَكْثِرِ الدُّعَاءَ بِأَنَّ اللهَ يُعِينَكَ عَلَى الْمُذَاكَرَةِ وَيَوفِّقَكَ فِي امْتِحَانَاتِكَ !
وَاحْذَرْ يَا بُنِيَّ مِنَ السّهَرِ أَوْ مِنْ تَنَاوُلِ الْمُنَبِّهَاتِ التِي يَزْعُمُ مَنْ يَسْتَعْمِلُهَا أَنَّهَا تُعِينُ عَلَى الْمُذَاكَرَةِ ! فَإِنَّ هَذَا كُلُّهُ كَذِبٌ وَخِدَاعٌ , بَلْ هِي طَرِيقٌ لِلْهَلاكِ , وَسِبيلٌ لِلْهَاوِيَةِ , وَتَأَمَّلْ فِيمَنْ وَقَعُوا فِيهَا , كَيْفَ كَانَ مَصِيرُهُمُ السُّجُونَ وَالضَّيَاعَ وَالأَمْرَاضَ الْفَتَّاكَةَ وَالْهَلْوَسَةَ وَالإِدْمَانَ بَلْ وَالْمَوْت !
وَإِيَّاكَ يَا أَيُّهَا الطَّالِبُ وَالْغِشُّ , فَتَعْصِيَ اللهَ وَرَسُولَهُ , وَتَبْنِي حَيَاتَكَ عَلَى الْحَرَامِ , وَتَسْتَقْبِلَ عُمْرَكَ بِالْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ , وَاعْلَمْ أَنَّ الرِّزْقَ بِيَدِ الرَّزَّاقِ , فَاتَّقِ اللهَ يَفْتَحْ لَكَ الأَبْوَابَ وَالتَّوْفِيقَ وَالْخَيْرَاتِ , قَالَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)
الْوَقْفَةُ الأَخِيرَةُ : مَعَ الْمُجْتَمَعِ عُمُومَاً : وَهُوَ أَنَّهُ الْوَاجِبُ عَلَيْنَا عُمُومَاً أَنْ نَتَعَاوَنَ عَلَى قَطْعِ دَابِرِ الْغِشِّ وَالْغَشَّاشِينَ , وَلْنَعَلَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَرَّأَ مِنْ صَاحِبِ الْغِشِّ , سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الامْتِحَانِ أَوْ غَيْرِهِ , فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةٍ مِنْ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلاً , فَقَالَ (مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ ؟ ) قَالَ : أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ (أَفَلاَ جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّى)
فَتَأَمَّلُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ يَا أَتْبَاعَ مُحَمَّدِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ قَالَ (مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّى) وَلَمْ يَقُلْ : مَنْ غَشَّ فِي الْبَيْعِ أَوِ فِي الطَّعَامِ , بَلْ جَعَلَ الْحُكْمَ عَامَّاً , فَيَشْمَلُ جَمِيعَ صُوَرِ الْغِشِّ وَفِي كُلِّ الأَحْوَالِ حَتَّى مَعَ الْكُفَّارِ !
ثُمَّ تَأَمَّلُوا الْعُقُوبَةَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى الْغِشِّ وَهِيَ الْبَراءَةُ مِنَ صَاحِبِ هَذَا الْفِعْلِ , وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغِشَّ بِأَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ !
أَفَيَجُوزُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ أَنْ نُقِرَّ الْغِشَّ فِي مَدَارِسِنَا وَمِنْ فَلَذَاتِ أَكْبَادِنَا ؟ ثُمَّ فِي الأَمَاكِنِ التِي يُنْتَظُرُ أَنْ تَكُونَ مكَانَاً لِلْتَرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ عَلَى كُلِّ خُلُقٍ حَسَنٍ وَعَلَى كُلِّ فَضِيلَةٍ ؟ إِنَّ وُجُودَ الْغِشِّ فِي الامْتِحَانَاتِ أَمْرٌ قَدْ لا نَسْتَطِيعُ قَطْعُهُ , لَكِنَّ الطَّامَةَ الْكُبْرَى وَالطَّعْنَةَ النَّجْلاءَ أَنْ يُقَرَّ الْغِشُّ وَيُسْمَحُ بِهِ , سَوَاءٌ أَكَانَ مِنَ الطُّلابِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ , وَقَدْ وُجِدَ مَعَ الأَسَفِ بَعْضُ ضُعَفَاءِ الدِّيَانَةِ مِنَ الْمُعَلِّمِينَ يُغَشِّشُونَ الطُّلَّابَ وَهَذِهِ طَعْنَةٌ وَاللهِ فِي ظُهُورِنَا وَخَيَانَةٌ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَوْلِيَاءِ أَمُورِنَا , ثُمَّ نَبْنِي مُسْتَقْبَلَ أَوْلادِنَا بَلْ وَمُجْتَمَعِنَا عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ , وَعَلَى أَرْضِيَّةٍ هَشَّةٍ وَبِنَاءٍ مُتَهَدِّمٍ !!! فَغَدَاً نَعُضُّ أَصَابِعَ النَّدَمِ وَلَكِنْ بَعْدَ فَوَاتِ الأَوَانِ .
اَللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِيننا اَلَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا , وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانا اَلَّتِي فِيهَا مَعَاشُنا , وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنا اَلَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنا , وَاجْعَلْ اَلْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ, وَاجْعَلْ اَلْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ , اَللَّهُمَّ اِنْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا , وَعَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا, وَارْزُقْنَا عِلْمًا يَنْفَعُنَا !
الله آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمورِنَا , اللَّهُمَّ انْصُرْ دِينَكَ وَكِتَابَكَ وعبادَكَ الصالحينَ , اللَّهُمَّ إنِّا نعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ , اللَّهُمَّ إنَّا نعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ , اللَّهُمَّ ارْفَعْ عنَّا الغَلَا والوَبَا وجَنِّبْنَا الرِّبَا والزِّنَا والزَّلَازِلَ والفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَمَا بَطَن , اللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَارًا فَأَرْسِلِ السماءَ عَلينا مِدْرَارا , اللَّهُمَّ اسْقِنَا الغيثَ ، ولا تجعلْنَا مِنَ القَانطِيِن اللَّهُمَّ سُقْيَا رحمةٍ لَا سُقْيَا عذابٍ ، ولا بَلاءٍ ، ولا هَدْمٍ ولا غَرَق , اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْع ، وأَدِرَّ لَنَا الضَّرْع واسْقِنَا مِنْ بركاتِ السماءِ ، وأَخْرِجْ لَنَا مِنْ بَرِكاتِ الأَرْض .
اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى عبدِكَ وَرَسولِكَ محمدٍ وعلى آلهِ وصحبِهِ أَجْمَعينَ والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .


<div style="padding:6px"> الملفات المرفقة
: سِتُّ وَقَفَاتٍ قَبْلَ الامْتِحَانَاتِ.pdf&rlm; (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=100071&d=1357189406)
: 278.5 كيلوبايت
: <font face="Tahoma"><b> pdf