المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دور المدرسة في التربية ... الشيخ محمد بن علي جمّاح رحمه الله



أهــل الحـديث
02-01-2013, 03:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


قال الشّيخ محمد بن علي جمّاح رحمه الله
ضمن كلمة له بعنوان:
التّربية الإسلاميّة وأثرها في المجتمع
عام: 1394

الأصل الثاني من التربية: المدرسة
المدرسة هي أوَّل معترك من معتركات الحياة، الَّتِيْ يحشد النَّاس إليها ابناءهم، ويعتبرونها أمَّا تتولَّى رعاية البنين، وتتفانى في سبيل توجيهاتهم العقائديَّة، والمسلكيَّة، واﻷ****خﻼ****قيَّة.
وإذا كانت المدرسة ﻻ**** تحتوي على العناصر الصَّالحة في ذاتها، المكوَّنة من مدير، ووكيل، ومراقب، وأساتذة، وخدم، فإنَّها تفسد أكثر ممَّا تصلح، ويتضاعف هَذَا الفساد في البنين على سبب وجوده في دور العلم الَّتِيْ ينتمون إليها، ومن المعلوم بل والمشاهد أنَّ تربية هَذَا شأنها، ستكون هي العامل الفعَّال لنشر الفساد بين المجتمع بكل جرأة ومتابعة.
ومن هَذَا تتولَّد أمراض المجتمعات، العقائديَّة، واﻷ****خﻼ****قيَّة، والمسلكيَّة، حتَّى يتعذَّر على الموجِّهين المصلحين عﻼ****جها، ويقفوا أمامها حيارى، لشدَّة تأثيرها، وسُرعان تفاعل المجتمع معها.
ومن المستحسن بل من الواجب أن يُعالج هَذَا المرض المخيف المعدي قبل انتشاره، وذلك بالقضاء على كُلِّ جرثومة الفساد من قبل المسؤولين المختصِّين، الذين لهم خبرة كاملة، ويحرصون على سﻼ****مة المجتمع.

أمَّا المدرسة الصَّالحة:
فهي الَّتِيْ تحتوي على العناصر الصَّالحة، وﻻ**** أريد بهذا صﻼ****ح الباطن فحسب، ولكنَّه صﻼ****ح الباطن والظَّاهر، فلو أنَّ أحد معلِّمي المدرسة يأمر التَّﻼ****ميذ ويوجِّههم إلى أداء الصَّﻼ****ة، والمحافظة عليها مع جماعةالمسلمين، لكنَّه هو لم يؤدِّها أمامهم، أو أنَّه لم يحرص على أدائها مع جماعة المصلِّين، ويدَّعي أنَّ باطنه صالح!، لكان أبعد وأسوأ حاﻻ**** ممَّن لم يأمر التَّﻼ****ميذ بأدائها والحرص عليها، ذلك ﻷ****نَّه يأمر بما ﻻ**** يفعل، ويحثُّ بالحرص على ما لم يحرص عليه، وهذا يصدق عليه قوله تعالى { لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ }.

ولو أنَّ آخر مثﻼ**** يحثُّ التﻼ****ميذ على محبَّة رسول الله صلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّم والتَّمسُّك بهديه، والتَّخلُّق بأخﻼ****قه، لكنَّه هو يعمد لحلق لحيته، ويصيِّرها صحراء مجدبة، ويعد إلى التَّختُّم بالذَّهب على سبيل الزِّينة، أو بالحلقة المسمَّة بالدَّبلة على سبيل التَّعريف بالزَّواج، أو يعمد إلى شُرب العفونات كالسيجارة أو الشيشة وما في حكمها، أو يستبدل السَّﻼ****م المشروع العربي باللُّغة اﻻ****فرنجيَّة، أو باﻹ****شارة، فهو أبعد من أن يكون أهﻼ**** للتَّربية والتَّوجيه المعتبرين شرعا.

وممَّا يتبادر إلى أذهان العقﻼ****ء أن مربِّيا مثل هَذَا أو موجِّها مثله، يعتبر معوﻻ**** هدَّاما لبناء مجتمع التَّﻼ****ميذ، بل للمجتمع المسلم الَّذِيْ يعيش فيه، وما أعظم قول الله تعالى عن نبيِّه شعيب عليه السَّﻼ****م، وهو يعمل في سبيل الدَّعوة إلى الله، مربِّيا وموجِّها، عامﻼ**** بما يدعو إليه، ويوجِّه به { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ }

أما بعض من ينتمي إلى التَّربيه والتَّوجيه، وهو عنصر فاسد في ذاته باطنا وظاهرا، قوﻻ**** وفعﻼ****، فعدمه أحسن من وجوده، بل طرده إن وُجد ضرورة يتحتَّم على بقائها مرض يسمِّم اﻷ****فكار، ويهدم كيان العقائد في القلوب، حتَّى ينحال المجتمع فوضويَّا، ﻻ**** همَّ له سوى الزَّمر والرَّقص واللَّهو، وتتبُّع السَّفالة والخيانة، والتَّملُّق والمداهنة، والغشِّ والخداع.

ومن هَذَا المنطلق نعلم أنَّه ﻻ**** يطلق اسم الموجِّه التَّربوي إﻻ**** على من اعتبرته شريعة اﻹ****سﻼ****م موجِّها تربويَّا، يوجِّه بتوجيه سيِّد الموجِّهين محمد صلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّم ويربي بتربيته، وينهج نهجه في جميع متطلبات الحياة، سواء كان ذلك المربي متحصِّصا في على التَّربية اﻻ****جتماعيَّة، أو التَّربية الفنِّيَّة، أو التربية البدنيَّة، أو الدِّينيَّة، أو العربيَّة، أو غير ذلك من التَّخصُّصات لفنون العلم الَّتِيْ يجب ربطها بحبل العقيدة اﻹ****سﻼ****ميَّة، وإخضاعها ﻷ****ن تكون دليﻼ**** على عظمة الخالق سبحانه، وعلى قدرته المهيمنة على جميع الكائنات، دِقَّها وجلَّها...

نقلها أخوكم
خالد بن عمر الفقيه الغامدي
1434/2/20