المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متفرقات في دليل الفطرة



أهــل الحـديث
01-01-2013, 04:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


متفرقات في دليل الفطرة
إعداد : محمد بن أحمد العتيق
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين ..
وبعد
قال ابن فارس عن أصل هذه الكلمة (... أصل صحيح يدل على فتح شيء وإبرازه، ومنه الفطرة: وهي الخلقة)(مقاييس اللغة 4/510)
الفطرة والعقل السليم مؤيدان يوافقان الكتاب والسنة ، ويدركان أصول الاعتقاد على الإجمال لا على التفصيل، فالعقل والفطرة يدركان وجود الله وعظمته، وضرورة طاعته وعبادته ، واتصافه بصفات العظمة والجلال على وجه العموم .
كما أن العقل والفطرة السليمين يدركان ضرورة النبوات وإرسال الرسل ، وضرورة البعث والجزاء على الأعمال ، كذلك ، على الإجمال لا على التفصيل .
أما هذه الأمور وسائر أمور الغيب ، فلا سبيل إلى إدراك شيئ منها على التفصيل إلا عن طريق الكتاب والسنة , وإلا لما كانت غيباً .(مباحث في العقيدةد. ناصر العقل 1/22)
يقول ابن القيم رحمه الله ـ : (أن الله سبحانه منح عباده فطرة فطرهم عليها لا تقبل سوى الحق ولا تؤثر عليه غيره لو تركت
وأيدها بعقول تفرق بين الحق والباطل وكملها بشرعة تفصل لها ما هو مستقر في الفطرة وأدركه العقل مجملا فالفطرة قابلة والعقل مزك والشرع مبصر مفصل لما هو مركوز في الفطرة مشهود أصله دون تفاصيله بالعقل )( الصواعق المرسلة 5 /1277)
ومما يدل على أن دلالة الفطرة ليست كدلالة الكتاب والسنة والإجماع أن الشخص إذا لم يؤمن لأن الرسالة لم تبلغه فإن الحجة لا تكون قائمة عليه يقول الله تعالى : { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } [ الإسراء : 15 ] ، وقال : { رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } [ النساء : 165 ] ،( انظر : درء تعارض العقل والنقل 8/400 )
ولو أن شخصا نفى أن تكون حجة قائمة عليه بالفطرة على مسائل الاعتقاد مع إقراره بدلالة الكتاب والسنة والإجماع على ذلك لم يكفّر ولم يفسق
يقول الإمام السجزي : (واتفق السلف على أن معرفة اللّه من طريق العقل ممكنة غير واجبة، وأن الوجوب من طريق السمع لأن الوعيد مقترن بذلك قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاًً } فلمّا علمنا بوجود العقل قبل الإِرسال،
وأن العذاب مرتفع عن أهله، ووجدنا من خالف الرسل والنصوص مستحقا للعذاب بينا أن الحجّة هي ما ورد به السمع لا غير.
وقد اتفقنا أيضاً على أن رجلاً لو قال: العقل ليس بحجّة في نفسه وإنما يعرف به الحجّة لم يكفر ولم يفسق، ولو قال رجل: كتاب اللّه سبحانه ليس بحجّة علينا بنفسه، كان كافراً مباح الدم.
فتحققنا أن الحجّة القاطعة هي التي يرد بها السمع لا غير.( تحقيق الرد على من انكر الحرف والصوت للسجزي 5/15 )
لكن الفطرة الضرورية تعتبر أصل الاستدلال العقلي ومبدأه ، يقول الإمام ابن تيمية :
(البرهان الذي ينال بالنظر فيه العلم لا بد أن ينتهي إلى مقدمات ضرورية فطرية فإن كل علم ليس بضروري لا بد أن ينتهي إلى علم ضروري إذ المقدمات النظرية لو أثبت بمقدمات نظرية دائما لزم الدور القبلي أو التسلسل في المؤثرات في محل له ابتداء وكلاهما باطل بالضرورة واتفاق العقلاء... فلا بد من علوم بديهية أوليه يبتدؤها الله في قلبه وغاية البرهان أن ينتهي إليها ) ( درء تعارض العقل والنقل 3/309 )
ويقول الإمام ابن حزم ـ رحمه الله ـ (ما كان مدركا بأول العقل وبالحواس فليس عليه استدلال أصلا بل من قبل هذه الجهات يبتدي كل أحد باستدلال وبالرد إلى ذلك فيصح استدلاله أو يبطل)( الفصل لابن حزم 5/109 )
وييبن ابن تيمية حد العلم الضروي الفطري بقوله : (حد العلم الضروري هو الذي يلزم نفس العبد لزوما لا يمكنه معه دفعه عن نفسه فإذا لم يمكن الإنسان أن يدفع هذه القضايا عن نفسه ولا يقاوم نفسه في دفعها تبين أنها ضرورية وأن هؤلاء الدافعين لها يريدون تغيير فطرةالله التي فطر الناس عليهاوتغيير خلقه )( درء تعارض العقل والنقل 6/106 )