المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يخفف العذاب على الكافر الذي له حسنات في الدنيا ؟ ابن رجب رحمه الله يحكي قولان للسلف .



أهــل الحـديث
31-12-2012, 02:30 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


يقول رحمه الله /



و اعلم أن تفاوت أهل النار في العذاب هو بحسب تفاوت أعمالهم التي دخلوا بها النار كما قال تعالى :
{ و لكل درجات مما عملوا }
و قال تعالى :
{ جزاء وفاقا }
قال ابن عباس : وافق أعمالهم فليس عقاب من تغلظ كفره و أفسد في الأرض و دعا إلى الكفر كمن ليس كذلك قال تعالى :
{ الذين كفروا و صدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون }
و قال تعالى :
{ و يوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب }
و كذلك تفاوت عذاب عصاة الموحدين في النار بحسب أعمالهم فليس عقوبة أهل الكبائر كعقوبة أصحاب الصغائر و قد يخفف عن بعضهم العذاب بحسنات أخر له أو بما شاء الله من الأسباب و لهذا يموت بعضهم في النار كما سيأتي ذكره في ما بعد إن شاء الله تعالى
و أما الكفار إذا كان لهم حسنات في الدنيا من العدل و الإحسان إلى الخلق فهل يخفف عنهم بذلك من العذاب في النار أو لا ؟
هذا فيه قولان للسلف و غيرهم : أحدهما : أنه يخفف عنهم بذلك أيضا و روى ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير معنى هذا القول و اختاره ابن جرير الطبري و غيره
و روى الأسود بن شيبان [ عن أبي نوفل قال : قالت عائشة : يا رسول الله أين عبد الله بن جدعان ؟ قال : في النار فجزعت عائشة و اشتد عليها فلما رأى رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم ذلك قال : يا عائشة ما يشتد عليك من هذا ؟ قالت بأبي أنت و أمي يا رسول الله ! ! إنه كان يطعم الطعام و يصل الرحم قال : إنه يهون عليه بما قلت ] خرجه الخرائطي في كتاب مكارم الأخلاق و هو مرسل
و روى عامر بن مدرك الحارثي [ عن عتبة بن اليقظان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم : ما أحسن من محسن كافر أو مسلم إلا أثابه الله عز و جل في عاجل الدنيا أو ادخر له في الآخرة قلنا : يا رسول الله ما إثابة الكافر في الدنيا ؟ قال إن كان قد وصل رحما أو تصدق بصدقة أو عمل حسنة أثابه الله المال و الولد و الصحة و أشباه ذلك قلنا : إثابة الكافر في الآخرة ؟ قال : عذابا دون العذاب ثم تلا :
{ أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } ]
خرجه ابن أبي حاتم و الخرائطي و البزار في مسنده و الحاكم في المستدرك و قال : صحيح الإسناد و خرجه البيهقي في كتاب البعث و النشور و قال : في إسناده نظر انتهى و عتبة بن يقظان تكلم فيه بعضهم
و قد سبقت الأحاديث في تخفيف العذاب عن أبي طالب بإحسانه إلى النبي صلى الله عليه و آله وسلم و خرج الطبراني بإسناده ضعيف [ عن أم سلمة أن الحارث بن هشام أتى النبي صلى الله عليه و آله وسلم يوم حجة الوداع فقال : إنك تحث على صلة الرحم و الإحسان و إيواء اليتيم و إطعام الضعيف و المسكين و كل هذا كان يفعله هشام بن المغيرة فما ظنك به يا رسول الله ؟ قال : كل قبر صاحبه أن لا إله إلا الله فهو حفرة من حفر النار و قد وجدت عمي أاب طالب في طمطام من فأخرجه بمكانه مني و إحسانه إلي فجعله في ضحضاح من النار ]
و القول الثاني : أن الكافر لا ينتفع في الآخرة بشيء من الحسنات بحال و من حجة أهل هذا القول قوله تعالى :
{ و قدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا }
و قوله تعالى :
{ مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء } و نحو هذه الآيات
و في صحيح مسلم : [ عن أنس عن النبي صلى الله عليه و آله وسلم قال : إن لا يظلم مؤمنا حسنة يعطى بها في الدنيا و يجزى بها في الآخرة و أما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها ] و في رواية له أيضا : [ إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة في الدنيا و أما المؤمن فإن الله يدخر له حسناته في الآخرة و يعقب له رزقا في الدنيا على طاعته ]
و فيه أيضا : [ عن عائشة قالت : قلت : يا رسول الله إن ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم و يطعم المسكين فهل ذاك نافعة ؟ قال : لا ينفعه لأنه لم يقل يوما : رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ]
و هؤلاء جعلوا تخفيف العذاب عن أبي طالب من خصائصه بشفاعة النبي صلى الله عليه و آله وسلم له و جعلوا هذه الشفاعة من خصائص النبي صلى الله عليه و آله وسلم لا يشركه فيها غيره