المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول



أهــل الحـديث
29-12-2012, 02:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


[الشرح]
هذا (باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول).
التوحيد الخالص في القلب؛ بل أصل التوحيد لا يجامع الاستهزاء بالله جل وعلا وبرسوله وبالقرآن؛ لأن الاستهزاء معارضة والتوحيد موافقة.
ولهذا قال بعض أهل العلم: الكفار نوعان:
* معرضون كمن قال الله فيهم ?بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ?[الأنبياء:24].
* ومعارضون وهم المجادلون أو الذين يعارضون بأنواع المعارضات لأجل إطفاء نور الله، ومن ذلك الاستهزاء ونحوه.
فالتوحيد استسلام وانقياد وقبول وتعظيم، والهُزأ والاستهزاء بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول هذا معارضة؛ لأنه مناف للتعظيم، ولهذا صار كفرا أكبر بالله جل وعلا، لا يصدر الاستهزاء بالله أو برسوله ( أو بالقرآن من قلب موحد أصلا؛ بل لابد أن يكون إما منافقا أو كافرا مشركا.
قال (باب من هزل) الهزل خلاف الجد، وصفته أن يتكلم بكلام فيه الهزَل والاستهزاء والعيب إما بالله أو بالقرآن أو بالرسول (، وقول الشيخ رحمه الله هنا (باب من هزل بشيء) الباء هذه هل هي التي يُذكر بعدها وسيلة الهزَل؟ أو الباء التي يذكر بعدها ما هزَل فيه؟
الظاهر هو الثاني.
الأول: (باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول) يعني ذكر الله هازلا ذكر القرآن بشيء فيه هزل ذكر الرسول بشيء فيه هزل؛ يعني هزل وهو يذكر هذه الأشياء.
والثاني: (من هزل بشيء فيه ذكر الله) يعني كان المستهزأ به أو المهزول به هو ذكر الله أو القرآن أو الرسول.
ومعلوم أن المعنى هو الثاني؛ لأن الشيخ يريد أن المستهزئ به هو الله أو الرسول أو القرآن تباعا لنص الآية.
فمناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة؛ وهو أن الهزَل والاستهزاء بالله أو بالرسول أو بالقرآن منافٍ لأصل التوحيد وكفر مخرج من الملة؛ لكن بضابطه وهو ما ذكرناه من أنّ الاستهزاء وهو الاستنقاص واللعب والسخرية يكون بالله جل جلاله أو يكون بالرسول ( أو يكون بالقرآن وهذا هو الذي جاء فيه النص قال جل وعلا ?وَلَئِنْ سَأَلتَهُمْ لَيَقُولُن إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ أَبالله وآياتِهِ وَرَسُولـِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ(65)لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ?[التوبة:65-66]، فمن استنقص الله جل وعلا أو هزَل بذكره لله جل وعلا؛ يعني حينما ذكر الله جل وعلا استهزأ أو هزَل ولم يُظهر التعظيم في ذلك فتنقص الله جل وعلا كما يفعله بعض الفسقة والذين يقولون الكلمة لا يلقون لها بالا تهوي ببعضهم سبعين خريفا، أو هزل بالقرآن أو استهزأ بالقرآن أو بالسنة؛ يعني بالنبي عليه الصلاة والسلام فإنه كافر الكفر الأكبر المخرج من الملة. هذا ضابط هذا الباب.(76)
ويخرج عن ذلك ما لو استهزأ بالدين، فإن الاستهزاء بالدين فيه تفصيل: فإن المستهزئ أو السابّ للدين أو اللاعن للدين أو المستهزئ بالدين قد يريد دين المستهزأ به ولا يريد دين الإسلام أصلا فلا يرجع استهزاؤه إلى واحد من الثلاثة.
ولهذا نقول:
( الكفر يكون أكبر فيمن استهزأ إذا كان بأحد الثلاثة التي ذكرنا ونصت عليها الآية، أو كان راجعا إلى أحد الثلاثة.
( أما إذا كان استهزاء بشيء خارج عن ذلك فإنه يكون فيه تفصيل:
فإن هزل بالدين فيُنظر هل يريد دين الإسلام أو يريد فلان، مثلا يأتي واحد من المسلمين ويقول يستهزئ مثلا بهيئة أحد الناس، وهيئته يكون فيها التزام بالسنة فهل هذا يكون مستهزئا الاستهزاء الذي يخرجه من الملة؟ الجواب: لا؛ لأن هذا الاستهزاء راجع إلى تدين هذا المرء وليس راجعا إلى الدين أصلا، فيعرف بأن هذا سنة عن النبي (، فإذا علم أنه سنة وأقر بذلك وأن النبي فعله، ثم استهزأ؛ بمعنى استنقص أو هزأ بالذي اتبع السنة مع علمه بأنها سنة وإقراره بصحة كونها سنة، فهذا رجع إلى الاستهزاء بالرسول.
كذلك الاستهزاء بكلمات قد يكون مرجعها إلى القرآن وقد لا يكون مرجعها إلى القرآن ويكون فيه تفصيل.
فإذن إذا سمعت الاستهزاء أو قرأته:
? فإذا كان راجعا إلى الاستهزاء بالله أو بصفاته أو بأسمائه أو بالرسول عليه الصلاة والسلام أو بالقرآن فإن هذا كفر.
? فإن كان الاستهزاء غير ذلك، فتنظر في التفصيل:
* إن كان راجعا إلى أحد الثلاثة فهو كفر أكبر.
* وإن كان غير ذلك فإنه يكون محرما ولا يكون كفرا أكبر.
قال (وقول الله تعالى ?وَلَئِنْ سَأَلتَهُمْ لَيَقُولُن إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ أَبالله وآياتِهِ وَرَسُولـِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ(65)لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ?[التوبة:65-66]) هذه الآية نص في أن المستهزئ بالله وبالرسول وبآيات الله جل وعلا -والمقصود بها آيات الله جل وعلا الشرعية القرآن- أن هذا المستهزئ كافر وأنه لا ينفعه اعتذاره بأنه كان في هزل ولعب؛ بل هو كافر لأن تعظيم الله جل وعلا وتوحيده يوجب عليه ألا يستهزئ.
إذن قوله (لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) هو دليل كفر المستهزئ.
وهذه الآية نزلت في المنافقين، وبعض أهل العلم قال: ليست في المنافقين. وهذا غلط وليس بصواب؛ ذلك لأسباب ومنها أن هذه السورة التي منها هذه الآية هي في حال المنافقين؛ ولأن السياق سباقه ولحاقه يدل على أن الضمائر فيها ترجع إلى المنافقين قال جل وعلا قبل هذه الآية في سورة براءة ?يَحْذَرُ المُنَافِقُونَ أَنْ تَنَـزَّل عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بمَا في قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ الله مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُون(64)وَلَئِنْ سَأَلتَهُمْ لَيَقُولُن إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ?[التوبة:64-65]، فهذه ظاهرة في أن سباقها في المنافقين فالضمير في قوله (وَلَئِنْ سَأَلتَهُمْ) يعني من ذُكر قبل هذه الآية وهم المنافقون لقوله (يَحْذَرُ المُنَافِقُونَ) ثم قال بعدها (وَلَئِنْ سَأَلتَهُمْ)، وكذلك ما بعدها من الآيات في المنافقين في قوله جل وعلا ?المُنَافِقُونَ وَالمُنَافِقَاتِ بَعُضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ?[التوبة:67]، والأدلة على ذلك كثيرة.
فالصواب في ذلك: أنّ المراد بهؤلاء أنهم المنافقون، وأما أهل التوحيد فإنه لا يصدر منهم استهزاء أصلا، ولو استهزأ لعلمنا أنه غير معظمٍ لله وأن توحيده ذهب أصلا؛ لأن الاستهزاء يطرد التعظيم، والدليل الذي ذكره في سبب النزول وقصة النزول ظاهرة.
فالواجب على المسلمين جميعا وعلى طلبة العلم خاصة أن يحذروا من الكلام؛ لأن الكثيرين يتكلمون بكلام لا يلقون له بالا خاصة في مجالس بعض إلى الخير وطلبة العلم، ربما استهزؤوا أو ربما تكلموا بكلام فيه شيء من الهزل أو شيء من الضحك، وكان في أثناء هذا الكلام فيه ذكر الله أو فيه ذكر القرآن أو فيه ذكر بعض العلم، وهذا مما لا يجوز، وقد يدخل أحدهم في قول النبي عليه الصلاة والسلام «وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا» نسأل الله جل وعلا السلامة والعافية.
فالواجب على العبد أن يعظم الله وأن لا يتلفظ بلسانه إلا بكلام عقله قبل أن يقوله لأن اللسان هو مورد الهلكة، قال معاذ للنبي عليه الصلاة والسلام: أو إنا يا رسول الله مؤاخذون بما نقول؟ «قال ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على مناخرهم -أو قال على وجوههم- إلا حصائد ألسنتهم» فالله الله في اللسان في أنّه أعظم الجوارح خطرا مِمَّا يسهل أو يتساهل به أكثر الناس, فاحذر ما تقول خاصة فيما يتعلق بالدين أو بالعلم أو بأولياء الله أو بالعلماء أو بصحابة النبي عليه الصلاة والسلام أو بالتابعين, فإنّ هذا مورده خطير، والله المستعان، وقد عظمت الفتنة، والناجي من سلمه الله جل وعلا. من كتاب كفاية المستزيد