تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حماية النبي ( حمى التوحيد وسده طرق الشرك)؛



أهــل الحـديث
29-12-2012, 02:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


(باب ما جاء في حماية النبي ( حمى التوحيد وسده طرق الشرك)؛ النبي عليه الصلاة والسلام حَمى وحرس جناب التوحيد، وحَمى حمى التوحيد، وسد طريق توصل إلى الشرك، فإن في سنة النبي عليه الصلاة والسلام من الدلائل على قاعدة سد الذرائع ما يبلغ مائة دليل أو أكثر، وأعظم الذرائع التي يجب أن تسد ذرائع الشرك التي توصل إليه، ومن تلك الذرائع قول القائل: أنت سيدنا وابن سيدنا، وخيرنا وابن خيرنا ونحو ذلك، فإن هذا فيها التعظيم الذي لا يجوز أن يواجَه بشر، فإن النبي ( هو سيد ولد آدم كما أخبر به عليه الصلاة والسلام؛ لكن كره المواجهة كما سيأتي.
إذن فحماية النبي ( حمى التوحيد وسده طرقَ الشرك:
* كان في جهة الاعتقادات.
* وكان في جهة الأعمال والأفعال.
* وكان في جهة الأقوال.
فإذا تأملت سنته وما جاء في هذا الكتاب -كتاب التوحيد- وجدت أنه عليه الصلاة والسلام:
سد الباب في الإعتقادات الباطلة.
وسد الباب في الأفعال الباطلة كقوله «اشْتَدّ غَضَبُ اللّهِ عَلَىَ قَوْمٍ اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ».
وسد الباب أيضا في الأقوال التي توصل إلى الغلو المذموم فقال «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله».
وهذا الباب أيضا من ذلك في بيان حمى الرسول ( حمى التوحيد فيما يتعلق بالقول الذي قد يتبعه اعتقاد.
قال (عن عبد الله بن الشخير (، قال: انْطَلَقْتُ في وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى رَسُولِ الله (، فَقُلنا: أَنْتَ سَيّدُنا. فقَالَ: «السّيّدُ الله تبارك وتعالى». , قُلْنا: وَأَفْضَلُنا فَضْلاً وَأَعْظَمُنَا طَوْلاً. فَقَالَ «قُولُوا بِقَوْلِكم أَوْ بَعْضِ قَوْلِكمُ وَلاَ يَسْتَجْرِيَنّكمْ الشّيْطَانُ». رواه أبو داوود بسند جيد) في هذا الحديث أن إطلاق لفظ (السيد) على البشر هذا مكروه، ومخاطبته بذلك يجب سدُّها، فلا يخاطب أحد بأن يقال له: أنت سيدنا. على جهة الجمع؛ وذلك لأن فيها نوع تعظيم:
* من جهة المخاطبة يعني الخطاب المباشر.
* والجهة الثانية من جهة استعمال اللفظ.
والنبي عليه الصلاة والسلام سيد كما قال عن نفسه «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» ولكن مخاطبته عليه الصلاة والسلام مع كونه سيدا؛ لكنه كرهها ومنع منها لأن لا تؤدي إلى ما هو أعظم من ذلك من تعظيمه والغلو فيه عليه الصلاة والسلام.
فهذا مناسبة هذا الحديث لهذا الباب أنّ في قوله عليه الصلاة والسلام (السّيّدُ الله تبارك وتعالى) مع كونه عليه الصلاة والسلام هو سيد ولد آدم ما يفيد أنه عليه الصلاة والسلام حمَى حِمى التوحيد وسدَّ الطرق الموصلة إلى الشرك ومنها طريق الغلو في الألفاظ.(91)
والقول للرجل بأنه سيد ونحو ذلك إذا كان على وجه المخاطبة له والإضافة إلى الجمع فهذا أشدُّها، وإذا كان بدون المخاطبة له ولفظ الجمع فإنه أهون منه، ومما ذَكر العلماء أن قوله عليه الصلاة والسلام (السّيّدُ الله تبارك وتعالى) أنه يُره كراهة شديدة أن يقال لبشر إنه السيد هكذا بالألف واللام وكلمة سيد؛ لأن هذا قد يفهم منه استغراق معاني السيادة لأن البشر له سيادة تخصه؛ لكن الألف واللام هنا قد يُفهم منه استغراق ألفاظ السيادة.
ولهذا ترى أن الذين يشركون ببعض الأولياء كالسيد البدوي يعظمون كلمة السيد، ويكثر عندهم التعبير بالسيد ويريدون به السيد البدوي، فيكثر عندهم عبد السيد ونحو ذلك، ولا يريدون به الله جل وعلا ولكن يريدون به ذلك الذي اتخذوه معبودا، وتوجهوا إليه ببعض أنواع العبادة، فيفهمون من كلمة السيد أنه ذو السيادة وذو التصرف في الأمر، وهذا هو الذي اعتقدوه من أنّ للبدوي ولأمثاله أن لهم تصرفا في الأرض وقبولا للمطالب في الحاجات.
(قُلْنا: وَأَفْضَلُنا فَضْلاً وَأَعْظَمُنَا طَوْلاً. فَقَالَ «قُولُوا بِقَوْلِكم أَوْ بَعْضِ قَوْلِكمُ وَلاَ يَسْتَجْرِيَنّكمْ الشّيْطَانُ»)؛ لأن هذا فيه الثناء والمدح بالمواجهة، وهذا من الشيطان، فالشيطان هو الذي يفتح هذا الباب أن يُمدح أحد ويعظَّم في مواجهته، وذلك حتى يعظم في نفسه فيأتيه الخِذلان؛ لأن كل أحد تخلى عن (لا حول ولا قوة إلا بالله) وتخلى عن الإزدراء بالنفس والذل والخضوع الذي يعلمه الله من قلبه فإنه يُخذَل ويأتيه الأمر على غرة، ولهذا نهى النبي ( أن يقال بمثل ذلك القول مواجهة، ونهى عن المدح؛ لأن فيه إضرارا بالمتكلم وأضرارا بالمقول فيه ذلك الكلام.
قال (وعن أنس (: أن ناساً قالوا: يا رسول الله يا خيرنا وابن خيرنا! وسيدنا وابن سيدنا! فقال: «يا أيّها النّاسُ قُولُوا بِقولِكُمْ ولا يَسْتَهْوِيَنّكُمْ الشّيْطَانُ, أنا محمدٌ عَبْد الله وَرَسُوله, ما أحِبّ أنْ تَرْفَعُوني فَوْقَ مَنْزِلَتِي التي أنزلني الله عَزّ وَجَلّ». رواه النسائي بسند جيد) هو عليه الصلاة والسلام كما وصفوه؛ هو خيرهم وهو سيدهم عليه الصلاة والسلام؛ لكنه حمى الجناب جناب التوحيد وحمى حِمى التوحيد حتى لا يستدل أحد بعده عليه الصلاة والسلام بهذا الكلام على أنه يجوز أن يقال لمن ظن الناس فيه ذلك؛ بل سد الباب في نفسه وهو سيد ولد آدم وهو خيرهم عليه الصلاة والسلام وأفضلهم؛ ولكن سد الاباب حتى لا يدخل أحد منه بإقراره هذا الفعل فيعظَّم أحد ويدخل الشيطان إلى ذلك المعظم وإلى المضم فيجعل القلوب تتعلق بذلك المعظم حتى يُشرَك به حتى يعظم بما لا يجوز له من التعظيم.
هذا الباب كالجامع لما يجب من سد الذرائع الموصلة للشرك، وهذا واجب على المسلم أنَّ كل طريق أو سبيل يجعل نفسه تتعاظم -من نفسه لنفسه أو من الخلق له- يجب عليه أن سيده؛ لأنه أعظم مقامات الشرف لك أن يعلم الله جل وعلا منك أنك متذلل خاضع بين يديه، وأنك خائف وجِلْ تدعوه راغبا راهبا، هذه صفة الخُلَّص من عباد الله جل وعلا الذين وعدهم الله جل وعلا بالخيرات قال سبحانه ?إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ?[الأنبياء:90]، والخشوع نوعان:
* خشوع في القلب.
* وخشوع في الجوارح.
وخشوع القلب بالتطامن والذل والخضوع بين يدي الله.
وخشوع الجوارح بسكونها كما قالب جل وعلا ?وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً?[فصلت:39].من كتاب كفاية المستزيد