المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما رأيكم في هذا البحث الّذي كتبت؟ هل يستقيم لغوياً أم لا؟



أهــل الحـديث
26-12-2012, 10:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا بحث من أخ بلجيكي أعجمي مجد في طلب العلم طلب مني الجواب على السؤال الذي في العنوان فبما أجيبه يا طلبة العلم ؟

البحث :


البحث في مسّ القران بغير وضوؤ و تطبيقاته في الاحداث اليوميّة

المقصد من هذا البحث هو الوصول الى فهم مذهب الأحناف في حرمة مسّ أيّ شيء من القران بغير وضوؤ أوّلا ثمّ تطبيق ذلك الإدراك على ما نشهد اليوم من اى بود و غير ذلك أخيرا.
ينبغي لنا البداية بتعريف القران أيّ شيء هو؟ فهو كما ورد في (كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (1 / 21)
أَمَّا الْكِتَابُ فَالْقُرْآن ُالْمُنَزَّلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ الْمَكْتُوبُ فِي الْمَصَاحِفِ الْمَنْقُولُ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَقْلًا مُتَوَاتِرًا بِلَا شُبْهَةٍ
فالقران في حقيقة الأمر إنّما هو المكتوب في المصاحف و ذلك متبادر جدّا إلى الأفهام فإنّ القران هو كلام الله فلا يعقل أن يكون ذلك غير ما يدلّ على الكلام النفسيّ و هو النظم فقط لاغير من الحواشيّ البيضاء و الغلاف المرفق. و لهذا نجد في مذهبنا العظيم الرائع أن الحرمة في الكتب الشرعيّة إنما بقدر المكتوب. و فوق ذلك قد نجد في مذهبنا من يقول بجواز مسّ المواضع من القران التيي ليس فيها نظم القران.
لكن كلّ منّا يعلم أنّ هذه الأقوال المذكورة آنفا مرجوحة في مذهبنا و من ذلك يتولّد السؤال أن كيف يمكن لفقهاءنا القول بسراية الحكم ألّذي يتعلّق بالمكتوب الى غيره من المصحف؟ مزيدا على ذلك نجد أنّ المكتوب محتاج إلى الأوراق من حيث الظهور فعلى ذلك كيف يعقل القول بالسراية من المحتاج إلى المحتاج إليه؟ فإنّ حقيقة الأمر يقتضي خلاف ذلك حيث أنّ السراية إنّما من الأعلى إلى الأسفل لا عكس ذلك. فبذلك يستقرّ الإشكال أيّما إستقرار!

و الجواب على ذلك الإشكال سهل فإنّ فقهاءنا قد أختاروا التمسّك بالمجاز في لفظ القران لا الحقيقة. و ذلك لأنّ الناس يتعهّدون التصرّف في لفظ القران على سبيل المجاز من عهد الرسول صلّى الله عليه و سلّم إلى زمننا هذا كما يفهم ذلك من الحديث:
صحيح البخاري (4 / 56):
2990 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ العَدُوِّ "

صحيح مسلم (3 / 1490):
92 - (1869) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ»

و ذلك لأنّ السفر بالمكتوب فقط بغير ما يتجلّى فيه من الأوراق محال. و هكذا قولنا أن خذْ القران حيث أنّ محلّ الأمر الكتاب كلّه لا محض المكتوب لاستحالة ذلك. فلهذا التعذّر ينصرف من الحقيقة إلى المجاز على سبيل ذكرِ الحالّ و إرادةَ المحلّ و على هذا السّبيل يتبرّر القول بسراية حكم المكتوب إلى كلّ الكتاب يعني من حيث استعمال اللغة. و أمّا عدم تعقّله من حيث أنّ المكتوب محتاج إلى المحلّ فلا يعقل السراية من الأسفل أى ما هو محتاج إلى الأعلى أى المحتاج إليه فلا عبرة لذلك فإنّ مبنى أحكام الشرعيّة على النصوص و اللّغة لا على مجرّد الحقائق. و على سبيل التنزّل لو سلّمنا العبرة لذلك فلا نسلّم أنّ المكتوب أدنى حالا من المحلّ فإنّ المكتوب هنا هو أعزّ الكلام و هو إعجاز القران! و لهذا نقول أن أفضل الموضع من مواضع السّموات و الأرض هو قبر الرسول صلّى الله عليه و سلّم فإنّ المكان يعزّ بالمكين!
فالخلاصة أنّ فقهاءنا إعتبروا كون الكتاب مع مواضع البياض تابعا للمكتوب و من المعلوم
(الْمَادَّةُ 47) : التَّابِعُ تَابِعٌ. (الْمَادَّةُ 48) : التَّابِعُ لَا يُفرَدُ بِالْحُكْمِ
فكما لا يجوز مسّ المكتوب لا يجوز مسّ الكتاب إلّا بالوضوء.
و قد أشار إلى هذا
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1 / 34):
وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إنَّمَا يُكْرَهُ لَهُ مَسُّ الْمَوْضِعِ الْمَكْتُوبِ دُونَ الْحَوَاشِي، لِأَنَّهُ لَمْ يَمَسَّ الْقُرْآنَ حَقِيقَةً، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُكْرَهُ مَسُّ كُلِّهِ، لِأَنَّ الْحَوَاشِيَ تَابِعَةٌ لِلْمَكْتُوبِ فَكَانَ مَسُّهَا مَسًّا لِلْمَكْتُوبِ،

فبعد فهم أنّ مدار حرمة المسّ على ما يطلق عليه اسم القران و أنّ المدار استعمال اللّغة يمكن لنا الخوض في عدّة الحوادث للتطبيق و هي:
يجوز أخذ القران حوله غلاف منفصل لأنّ اسم القران إنّما يطلق على المصحف فقط بدليل لو أمرت خادمك بإتيان القران ليكتفي له أن يأتي به مجرّدا عن غلافه و يكون آتيا بالمأمور به. و هكذا لو كان في حقيبة.
يجوز وضع اليد على نافذة تكون على القران المفتوح لأنّ اسم القران لايتناول النافذة فلا يكون تابعا له. و الدليل لذلك على وفق السابق.
لو يجعل أوراق القران في جيوب المحفظة البلاستيك فردا فردا ليجوز وضع اليد على الجيوب البلاستيكية منها لأنّ اسم القران يطلق على مجموع الأوراق فقط لا على المحفظة البلاستيك بالدليل السابق.
لو يفتح القران أمام المرآة ليجوز مسّ موضع العكس منه لإنّ القران لا يتناول ذلك بالدليل السابق. لو يريد أحد منع ذلك لإجل أنّ المكتوب في المرآة صورة المرآة من القران فالجواب على ذلك بمرآة أخرى يعكس الأول فإنّ مسّه يجوز أيضا أو يؤتى بقران يكون المكتوب فيه على صورة المرآة إبتداء فيكون في المرآة الأولى سويّا.
لو كان القران مقذوفا على شاشة ليجوز المشي في خلال النور بين المسلاط و بين الشاشة لأنّ اسم القران لا يطلق عليه. أمّا مسّ الشاشة و المكتوب عليه فلا بأس بهما أيضا. أمّا المكتوب فلأنّ مسّه ليس بممكن حيث ينقطع النور المقذوف باليد عند محاولة مسّه فيكون حكمه حكم المشفي خلال النور. أمّا مسّ الشاشة فلأنّ النور المقذوف ليس بمكتوب حقيقة فإنّه منفصل عن الشاشة في حقيقة الأمر فيكون حكمه كحكم الغلاف المنفصل. و أيضا لو أمر خادمه بإتيان القران لما ينتقل ذهنه إلى الشاشة فلا يطلق عليه اسم القران بل إنّما يمكن اطلاقه على الصورة الأصلية ألّتي تقذف على الشاشة فيكون كمسألة المرآة. لكن عادة ما يكون من تلك الصور أن تكون صغيرة جدّا لا يمكن الاطّلاع على ما فيها إلّا بمقذفة فلا يمكن إطلاق اسم القران عليها أيضا و لهذا قال فقهاءنا بأن لا بأس بصورة ضوئيّة فيها تصوير ذي روح لو وضع على الأرض لما يمكن رؤيته لصغره فهكذا هنا في حقّ الصورة الأصلية المقذوفة لا يطلق عليه اسم القران.

لكن في استعمال اللغة تسامح فما الطريق إلى المعرفة الصحيحة فيما يتناول الاسم و ما لا؟ مثلا القران ألذي حوله غلاف منفصل يطلق على المجموع بكونه قرانا لكن ذلك الاطلاق تسامح و إنّما يتناول المصحف فقط دون الغلاف. فالسبيل إلى معرفة ذلك بأنّ الأسماء إنّما يتناول الأشياء من حيث كونها فرادى. فالشيء و إن كان مركّبا من الأشياء الأخر لكن إنّما يطلق على المجموع اسما واحدا إذا اعتبر المجموع شيء واحدا حسّا و ذلك إنّما يكون لو اتّصل كلّ أجزاءه بعضها ببعض اتّصالا قراريّا لا يمكن انفصال أجزاءها في العادة. مثلا السيارة يشتمل على أجزاء مختلفة من الإطارات و النوافذ و المحرك و مع ذلك يطلق على المجموع اسما واحدا فقط لأنّ السيارة مركّب من تلك الأجزاء على سبيل القرار. فما يكون ككذلك يعتبر كشيء واحد له اسم واحد و مالا فلا. و أمّا لو كانت خلف تلك السيارة عربة مقطورة فمرّت بنا ليكون الإخبار عن ذلك بأن مرّت بنا سيارة تسامحا من قبيل ذكر الجزء و إرادةَ المجموع لا أن يصحّ أن يطلق اسم السيارة على المجموع.

فالخلاصة أنّ مبنى أحكام المسّ على أمرين:
اطلاق اسم القران عليه.
أن يتّصل بالمصحف أو المكتوب على سبيل القرار حتّى يكونا كشيء واحد.

و ذلك مؤيّد بهذه العبارات:
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1 / 34):
ثُمَّ ذَكَرَ الْغِلَافَ، وَلَمْ يَذْكُرْ تَفْسِيرَهُ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي تَفْسِيرِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الْجِلْدُ الْمُتَّصِلُ بِالْمُصْحَفِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الْكُمُّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ الْغِلَافُ الْمُنْفَصِلُ عَنْ الْمُصْحَفِ، وَهُوَ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الْمُصْحَفُ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ الْجِلْدِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ الثَّوْبِ، وَهُوَ الْخَرِيطَةُ، لِأَنَّ الْمُتَّصِلَ بِهِ تَبَعٌ لَهُ فَكَانَ مَسُّهُ مَسًّا لِلْقُرْآنِ، وَلِهَذَا لَوْ ِبَيْعِ الْمُصْحَفُ دَخَلَ الْمُتَّصِلُ بِهِ فِي الْبَيْعِ، وَالْكُمُّ تَبَعٌ لِلْحَامِلِ فَأَمَّا الْمُنْفَصِلُ فَلَيْسَ بِتَبَعٍ، حَتَّى لَا يَدْخُلَ فِي بَيْعِ الْمُصْحَفِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ.

فإنّ المصنف بيّن هناك أنّ التبعيّة إنّما تعتبر فيما يتّصل اتّصالا قراريّا و وضّح ذلك بمسئلة البيع حيث أنّ الإيجاب و القبول إنّما يتناولان الشيء ألّذي وقعا عليه من حيث تسميّة المبيع. فالأصل هو تسمية المبيع لكن لكي يعرف حدّ ذلك التسمية ما يتناوله و ما لا - يستعمل علامة لصحّة التمييز و هي قاعدة الإتّصال. و ذلك مؤيّد بما ورد في هذه المسألة في الهداية فإذا فيها:
فتح القدير للكمال ابن الهمام (6 / 280):
(فَصْلٌ)
(وَمَنْ بَاعَ دَارًا دَخَلَ بِنَاؤُهَا فِي الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ، لِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ يَتَنَاوَلُ الْعَرْصَةَ وَالْبِنَاءَ فِي الْعُرْف وَلِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهَا اتِّصَالَ قَرَارٍ فَيَكُونُ تَبَعًا لَهُ
فتح القدير للكمال ابن الهمام (6 / 282):
(وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ إلَّا بِالتَّسْمِيَةِ) لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهَا لِلْفَصْلِ فَشَابَهَ الْمَتَاعَ الَّذِي فِيهَا

فبيّن المصنّف وجهين:
لِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ يَتَنَاوَلُ الْعَرْصَةَ وَالْبِنَاءَ فِي الْعُرْف
وَلِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهَا اتِّصَالَ قَرَارٍ فَيَكُونُ تَبَعًا لَهُ
و ذلك يطابق بالدعوى المذكور آنفا.
و لهذا لو وقع البيع على البيت لما تدخل العرصة في البيع لأنّ العرصة و إن كانت متّصلة به على سبيل القرار لكن اسم البيت لا يتناولها بالبداهة
فبعد هذا الوضاحة يمكن لنا الخوض في مسألة أى بود.
لو كان أمامك آى بود يتكشّف عن القران فلو سئلت عمّا هو الشيء أماك فما يكون جوابك؟ لا بدّ من كون الجواب أ نّه آى بود! فبهذا يعلم أن لا يصحّ إطلاق القران عليه فيقتصر اسم القران على المكتوب فقط فلا يسري إلى غيره أيّ شيء كان حتّى الشاشة! و ذلك لعدم إمكان القول بالفصل في هذا حيث أنّ السراية إذا وجد وجد في الكلّ و إذا لم يوجد اقتصر على قدر المكتوب فقط كالآية الواحدة في كتب الفقه و النحو. و حيث لا يمكن مسّ أصل المكتوب فإنّه تحت الشاشة يقتضي لنا القول بعدم ضرر مسّها فيكون كمسئلة أوراق القران في جيوب المحفظة البلاستيك و كمسئلة النافذة الموضوعة على القران المفتوح لأنّ المكتوب ليس بموجود في شاشة آى بود على سبيل القرار بالبداهة و لهذا لا يصحّ إطلاق اسم القران على المجموع.

ثمّ لو يريد أحد الطعن فيما مرّ آنفا من صحّة مسّ الشاشة حيث أنّ مسّها و إن لم يكن مسّا لحقيقة المكتوب لكن يكون على الأقلّ مسّا لنوره فوجد بعض الآية مسلّطا على اليد غير الطاهر و أنّه لذلك لا يسلّم ما مرّ آنفا في دعوى جواز مسّ النور المقذوف بالمسالط لنجاب عن ذلك الاعتراض على ما سيجئ:

الهامش :

1 البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (1 / 211):

(قَوْلُهُ: وَمَسُّهُ إلَّا بِغِلَافِهِ) بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ إلَّا مَسُّ الْمَكْتُوبِ كَذَا ذَكَرَهُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مَعَ أَنَّ فِي الْأَوَّلِ اخْتِلَافًا

2 البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (1 / 211):

فَقَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا الْمُعْتَبَرُ حَقِيقَةُ الْمَكْتُوبِ حَتَّى إنْ مَسَّ الْجِلْدَ وَمَسَّ مَوَاضِعَ الْبَيَاضِ لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمَسَّ الْقُرْآنَ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْقِيَاسِ وَالْمَنْعُ أَقْرَبُ إلَى التَّعْظِيمِ اهـ

3 مثال لذلك ما جاء في تبديل المجلس لإيجاب سجدة التلاوة : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1 / 183):

ثُمَّ تَبَدُّلُ الْمَجْلِسِ قَدْ يَكُونُ حَقِيقَةً وَقَدْ يَكُونُ حُكْمًا بِأَنْ تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ ثُمَّ أَكَلَ أَوْ نَامَ مُضْطَجِعًا، أَوْ أَرْضَعَتْ صَبِيًّا، أَوْ أَخَذَ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ عَمَلٍ يَعْرِفُ أَنَّهُ قَطْعٌ لِمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَعَادَهَا فَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ يَتَبَدَّلُ بِهَذِهِ الْأَعْمَالِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَوْمَ يَجْلِسُونَ لِدَرْسِ الْعِلْمِ فَيَكُونُ مَجْلِسُهُمْ مَجْلِسَ الدَّرْسِ، ثُمَّ يَشْتَغِلُونَ بِالنِّكَاحِ فَيَصِيرُ مَجْلِسُهُمْ مَجْلِسَ النِّكَاحِ، ثُمَّ بِالْبَيْعِ فَيَصِيرُ مَجْلِسُهُمْ مَجْلِسَ الْبَيْعِ، ثُمَّ بِالْأَكْلِ فَيَصِيرُ مَجْلِسُهُمْ مَجْلِسَ الْأَكْلِ، ثُمَّ بِالْقِتَالِ فَيَصِيرُ مَجْلِسُهُمْ مَجْلِسَ الْقِتَالِ فَصَارَ تَبَدُّلُ الْمَجْلِسِ بِهَذِهِ الْأَعْمَالِ كَتَبَدُّلِهِ بِالذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ لِمَا مَرَّ.

وَلَوْ نَامَ قَاعِدًا أَوْ أَكَلَ لُقْمَةً أَوْ شَرِبَ شَرْبَةً أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْ عَمِلَ عَمَلًا يَسِيرًا ثُمَّ أَعَادَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أُخْرَى؛ لِأَنَّ بِهَذَا الْقَدْرِ لَا يَتَبَدَّلُ الْمَجْلِسُ وَالْقِيَاسُ فِيهِمَا سَوَاءٌ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أُخْرَى لِاتِّحَادِ الْمَكَانِ حَقِيقَةً إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا إذَا طَالَ الْعَمَلُ اعْتِبَارًا بِالْمُخَيَّرَةِ إذَا عَمِلَتْ عَمَلًا كَثِيرًا خَرَجَ الْأَمْرُ عَنْ يَدِهَا وَكَانَ قَطْعًا لِلْمَجْلِسِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَكَلَ لُقْمَةً أَوْ شَرِبَ شَرْبَةً.