المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما صحة حديث من تطبب ولم يعلم منه طب؟



أهــل الحـديث
25-12-2012, 12:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




بسم الله الرحمن الرحيم



إنّالحمدَ لله، نحمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا، ومِن سيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومَن يُضلل فلا هادي لـه.
وأشهـدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبدُه ورسوله صصص.
-﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران102].
-﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾[النساء:1].
-﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ [الأحزاب:70-71]. ذ
أما بعد:


عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنّ رسول الله صصصقال: «من تطببّ ولم يعلم منه طب فهو ضامن»(1) (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1).

(1) (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref1) أخرجه أبـو داوود (برقم 4576 كتـاب الدِيـّات-باب: فيمن تطبّب بغـير علم)، وابن ماجه (برقم 3466)، والنّسائي (8/422 برقم 4845، 4846 كتاب القسامة)، والدارقطني في "السنن" (4/215 برقم 42،43 كتاب في الأقضية والأحكـام وغــير ذلك)، والحـاكـم في "المستـدرك" (4/336 برقم 7564 كتـاب الطِّـب ط.الوادعي)، والبيهقي في "السُنن" (8/242 برقم1653 باب:ما جاء فيمن تطبَّب بغير علم فأصاب نفساً فما دونها)، وابن عدي في "الكامل" (5/115)، من طريق الوليد بن مسلم، عن ابن جريج، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جده.
قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يُخرِّجاه.
قلت: هذا بعيد كما قال العلاّمةُ الألباني رحمه الله؛ فإنّ ابن جُريج والوليد مدلِّسان.
فالوليد بن مسلم القرشي وإن كان ثقة من رجال الكتب السِّتة إلاّ أنّه يُدلِّس تدليس التسويَّة؛ فلا يُقبل منه إلا إذا صرّح بالتحديث عن شيخه وشيخ شيخه.
قال الحافظ بن حجر في "النُّكت" (1/293 تحقيق الشَّيخ ربيع): (...واشتمل حديث الأوزاعي على زيادة على حديث ابن عُيينة، توقف الحكم بصحّتها على تصريح الوليد بسماعه من الأوزاعي، وسماع الأوزاعي من الزّهري، لأنّ الوليد بن مسلم من المدلِّسين على شيوخه وعلى شيوخ شيوخه).
وأمّا عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريج، قال أبو بكر الأثرم عن أحمد بن حنبل: إذا قال ابن جريج: (قال فلان)، و (قال فلان)، (وأُخِبرّتُ) جاء بالمناكير، وإذا قال: (أَخْبَرني)، (وسمعت)، فحسبك به.
فابن جريج إذا عنعن فهو شبه الرّيح كما قال ذلك يحيى القطّان.
وزد على ذلك أنّ بعض الحفّاظ صرّحوا أنّه لم يسمع من عمرو بن شُعيب.
قال أبو عيسى التّرمذي: سألت محمّدا ً( يعني البُخاري) عن حديث ابن جُريج عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جدِّه أنّ النّبي صصص: (بعث منادياً، ألا إنّ صدقة الفطر واجب على كل مسلم)، فقال: ابن جُريج لم يسمع من عمرو بن شُعيب، انظر "العلل الكبير" (1/325 ط. مكتبة الأقصى).
وقال البيهقي: لا يرون لـه سماعـاً منه، "تحفة التّحصيل"(ص212 ط. دار الرّشد)، ولهذا قال أبو داوود في سننه: هذا لم يروه إلا الوليد، ولم يُدرى أصحيح هو أم لا.
قلت: وإن صرّح الوليد بن مسلم بالتّحديث عند أبي داود، وابن ماجة، والدارقطني، والحاكم، عن شيخه فيبقى عن شيخ شيخه، وتبقى عنعنةُ ابن جُريج، والانقطاع بينه وبين عمرو بن شُعيب، كما قال البُخاري والبيهقي.
قلتُ: وأعله البيهقي في "السُّنن" بعلة أخرى فقال: رواه محمود بن خالد عن الوليد عن ابن جريج عن عمرو بن شُعيب عن جده عن النّبي صصص لم يذكر أباه.
قلتُ: هكذا رواه محمود بن خالد السُّلمي أبو علي الدِّمشقي عند البيهقي، أما عند النّسائي فرواه على رواية الجماعة، ويأتي ذكرُهم، انظر "السُّنن الصُّغرى" للنّسائي (برقم 4846، والكبرى7035 كتاب القسامة).
وأمّا الجماعة الذين رووا هذا الحديث موصولاً فهم:
1- محمد بن عبد الرحمن بن سهم، وهشام، ودحيم، عند ابن عدي في "الكامـل".
2- ونصر بن عاصم الأنطاكي عند أبي داود.
3- ومحمد بن الصباح بن سفيان عند أبي داود والدار قطني.
4- وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقى عند الحاكم.
5- وراشد بن سعيد الرملي عند ابن ماجه.
6- ومحمد بن عبد الرحمن بن سهم عند البيهقي والدار قطني.
7- وعيسى بن أبي عمران عند الدار قطني.
8- وعمرو بن عثمان، ومحمد بن المصفى عند النسائي في" الكبرى" "والصغرى".
9- ومحمد بن الصباح الجرجرائي عند الدار قطني.
قلت: وقد أعله أيضا الدار قطني بعلة أخرى فقال: لم يسنده عن ابن جريج غير الوليد بن مسلم، وغيره يرويه عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب مرسلا عن النبي ×.
قال العلاّمة الألباني في "الصّحيحة": وهذا لا يضر؛ فإن الوليد ثقة حافظ، وإنما العلة عنعنة بن جريج كما بينا.
قلت: بل يضر والله أعلم، فقد قال أحمد عن الوليد بن مسلم على جلالته: كثير الخطأ، كما في "العلل"، وقال عنه مرة: كان رفّاعًا، وإن كانت الأخيرة في سندها رجل مبهم بين أبي بكر الإسماعيلي وعبد الله بن أحمد الإمام.
زد على ذلك أن ابن جريج لم يسمع من عمرو بن شعيب، وهذه العلة لم ينبه عنها العلامة الألباني، فسبحان من لا ينسى ولا ينام.
إذن فالحديث بهذه العلل لا يصح.
قلت: وجاء لـه شاهـد، أخرجـه أبـو داود (برقم 4577 باب فيمن تطبّب بغير علم)، وغيره من طريق حفص بن غياث قال: حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز الأموي، حدثني بعض الوفد الذين قدموا على أبي قال: قال رسول الله صصص: (أيّما طبيب تطبب على قومٍ لا يعرف لـه تطبب قبل ذلك؛ فأعنت فهو ضامن).
قال العلاّمة الألباني عن هذا السند: وإسناده حسن، لولا أنه مرسلٌ مع جهالة المُرسِـل.
قلت: وحسَّن مـتن الـحديث ابنُ مفلـح المقدسـي في "الأداب الشرعية" (2/ 438 ط. الرسالة)، والعلامة الألباني في"الصّحيحة" (2/227)، بمجموع الطريقين، والله أعلم بالصواب، هذا ما توصلت إليه في شأن هذا الحديث، والله الموفق.