المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الله سبحانه وتعالى (( يتكلم بكلام يُسمع له حرف وصوت ))



أهــل الحـديث
11-12-2012, 07:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم


الله سبحانه وتعالى
(( يتكلم بكلام يُسمع
له حرف وصوت ))



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد فهذه بضعة نقول عن شيخ الإسلام وغيره
ليتعلم المسلم أنَّ
" الله يتكلم بكلام يُسمع له حرف وصوت "
و
قد
حرصت أن أنقل السنة وما وافق الحق دون عرض أقوال الفرق الضالة
لتكون نافعة لعامة المسلمين ولطالب العلم المبتدئ خاصة ؛

كما أني لم أخضْ في كل المسائل المتعلقة بكلام الله
بل جعلت هذا الجمع محصورا قدر الإمكان في تبيان أن
" الله يتكلم بكلام يُسمع له حرف وصوت "
أسأل الله أن ينفع بها
وكتب
حاتم الفرائضي
الخميس 14 شوال
1431 من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم

في شرحه للعقيدة التدمرية قال الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله
:
"
قال تعالى (وناديناه من جانب الطور الأيمن)
" ناديناه " نادى موسى ، نداء ؛
والنداء لا يكون إلا بصوت عال ،
يستفاد من الآية بأن
:
كلام الله له صوت يُسمع وأن المخاطَب يسمع صوت الرب سبحانه ،
فرسول الله عليه الصلاة والسلام عندما خاطبه الله ليلة الإسراء والمعراج سمع كلام الله بصوت الله
،
وموسى سمع كلام الله بصوت الله
و
إنما نصصنا على ذكر الصوت لأن الأشاعرة - وهم جيرانكم - يقولون كلام الله ليس بحرفٍ ولا صوت
،
أعني بالجوار بأن زملاؤكم من شباب المسلمين الذين يدرسون في جامعة الأزهر وفروع الأزهر من جميع الجامعات التي تدرس الإسلام
يدرسون فيقولون في دروسهم أو تقولُ الكتبُ المقررة
:
" الله يتكلم بكلام ليس له حرف ولا صوت "
أي إن كلام الله معنى واحد قائم بالذات ليس له حرف ولا صوت
و
إذا كانوا هم يكررون هذا الكلام من هناك
فنحن نكرر من هنا
بأن الله يتكلم بكلام يُسمع له حرف وصوت ،
القرآن حروف فهو من كلام الله
والذين سمعوا هذا القرآن من الله
:
جبرائيل سمع صوت الله
ومحمد صلى الله عليه وسلم سمع صوت الله
وكل من خاطبهم الرب من الأنبياء سمعوا كلام الله تعالى بصوت الله
،
فلنكن صرحاء في تقرير عقيدتنا
،
إذا كان القوم صرحاء في تحريف العقيدة فلنكن نحن صرحاء في إثبات العقدة وتقريرها .

(ويوم يناديهم فيقول) في الآية الأولى " ناديناه " بالفعل الماضي ،
وفي الآية الثانية (ويوم يناديهم ) بالمضارع ثم قال (فيقول)
إذن
"كلام ونداء وقول "
كل ذلك تأكيد لإثبات صفة الكلام
...
"
انتهى المنقول
*** @ ***
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
:
"
كَانُوا يَقُولُونَ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ
مِنْ أَنَّ
هَذَا الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ وَالنَّاسُ يَقْرَءُونَهُ بِأَصْوَاتِهِمْ وَيَكْتُبُونَهُ بِمِدَادِهِمْ
وَمَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ كَلَامُ اللَّهِ وَكَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ
.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
{ لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ }
وَقَالَ تَعَالَى : { بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ } { فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ }
وَ
الْمِدَادُ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ
وَ
الصَّوْتُ الَّذِي يُقْرَأُ بِهِ هُوَ صَوْتُ الْعَبْدِ
وَالْعَبْدُ وَصَوْتُهُ وَحَرَكَاتُهُ وَسَائِر صِفَاتِهِ مَخْلُوقَةٌ
فَالْقُرْآنُ الَّذِي يَقْرَؤُهُ الْمُسْلِمُونَ كَلَامُ الْبَارِي
وَالصَّوْتُ الَّذِي يَقْرَأُ بِهِ الْعَبْدُ صَوْتُ الْقَارِئِ
كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ }
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ "
فَبَيَّنَ أَنَّ الْأَصْوَاتَ الَّتِي يُقْرَأُ بِهَا الْقُرْآنُ أَصْوَاتُنَا
وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ
وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ
:
يُحَسِّنُهُ الْإِنْسَانُ بِصَوْتِهِ كَمَا قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
{ لَوْ عَلِمْت إنَّك تَسْمَعُ لَحَبَّرْته لَك تَحْبِيرًا } .
فَكَانَ مَا قَالَهُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّ الصَّوْتَ صَوْتُ الْعَبْدِ مُوَافِقًا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ }
وَقَالَ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ }
وَقَالَ تَعَالَى : { إنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى }
وَقَالَ تَعَالَى : " { قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا }
فَفَرَّقَ سُبْحَانَهُ بَيْنَ الْمِدَادِ الَّذِي يُكْتَب بِهِ كَلِمَاتُهُ
وَ
بَيْنَ كَلِمَاتِهِ
؛
فَالْبَحْرُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمِدَادِ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ الْكَلِمَاتُ مَخْلُوقٌ
وَ
كَلِمَاتُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ
.
وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ
مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ }
فَالْأَبْحُرُ إذَا قُدِّرَتْ مِدَادًا تَنْفَدُ وَكَلِمَاتُ اللَّهِ لَا تَنْفَدُ ؛
وَلِهَذَا قَالَ أَئِمَّةُ السُّنَّةِ لَمْ يَزَلْ اللَّهُ مُتَكَلِّمًا كَيْفَ شَاءَ وَبِمَا شَاءَ
كَمَا ذَكَرَتْ الْآثَارُ بِهَذِهِ الْمَعَانِي عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِمَا
.
هَذَا
وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ نَفْسِهِ
بِالنِّدَاءِ
فِي أَكْثَرِ مِنْ عَشَرَةِ مَوَاضِعَ
فَقَالَ تَعَالَى : { فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ
وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ }
وَقَالَ تَعَالَى : { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ }
{ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ }
وَذَكَرَ سُبْحَانَهُ نِدَاءَهُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي سُورَةِ " طَه " وَ " مَرْيَمَ " وَ " اُلْطُسْ الثَّلَاثِ "
وَفِي سُورَةِ " وَالنَّازِعَاتِ "
وَ
أَخْبَرَ أَنَّهُ نَادَاهُ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ
فَقَالَ تَعَالَى { فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } وَقَالَ تَعَالَى : { هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى } { إذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى }
وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إذْ نَادَيْنَا }
وَاسْتَفَاضَتْ الْآثَارُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ
أَنَّهُ سُبْحَانَهُ
يُنَادِي بِصَوْتِ
:
نَادَى مُوسَى
وَيُنَادِي عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَوْتِ
وَيَتَكَلَّمُ بِالْوَحْيِ بِصَوْتِ
وَلَمْ يُنْقَلُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُ قَالَ : إنَّ اللَّهَ يَتَكَلَّمُ بِلَا صَوْتٍ أَوْ بِلَا حَرْفٍ
وَلَا أَنَّهُ أَنْكَرَ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ بِصَوْتِ أَوْ بِحَرْفِ
كَمَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إنَّ الصَّوْتَ الَّذِي سَمِعَهُ مُوسَى قَدِيمٌ
وَلَا إنَّ ذَلِكَ النِّدَاءَ قَدِيمٌ
وَلَا قَالَ أَحَدٌ مِنْهُمْ
:
إنَّ هَذِهِ الْأَصْوَاتَ الْمَسْمُوعَةَ مِنْ الْقُرَّاءِ هِيَ الصَّوْتُ الَّذِي تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ ؛
بَلْ الْآثَارُ مُسْتَفِيضَةٌ عَنْهُمْ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الصَّوْتِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ اللَّهُ بِهِ وَبَيْنَ أَصْوَاتِ الْعِبَادِ
.
وَكَانَ أَئِمَّةُ السُّنَّةِ يَعُدُّونَ مَنْ أَنْكَرَ تَكَلُّمَهُ بِصَوْتِ مِنْ الجهمية
كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد لَمَّا سُئِلَ عَمَّنْ قَالَ إنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ
فَقَالَ
:
هَؤُلَاءِ جهمية إنَّمَا يَدُورُونَ عَلَى التَّعْطِيلِ
.
وَذَكَرَ بَعْضَ الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ
.
"
مجموع الفتاوى م 3 ص 104


##@##
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
:
"
وفي قوله: " فيقول : من يدعوني فأستجيب له" في هذا إثبات القول لله وأنه بحرف وصوت لأن أصل القول لابد أن يكون بصوت ولو كان قولاً بالنفس لقيده الله كما قال تعالى: )ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله ( (1) فإذا أطلق القول فلابد أن يكون بصوت، ثم إن كان من بعد سمي نداء، وإن كان من قرب سمي نجاء.

"
المصدر
الفتاوى م 1
وقال في تلخيص الحموية
:
"
اتفق أهل السنة والجماعة على أن الله يتكلم، وأن كلامه صفة حقيقية ثابتة له على الوجه اللائق به.
وهو سبحانه يتكلم بحرف وصوت، كيف يشاء، متى شاء، فكلامه صفة ذات باعتبار جنسه، وصفة فعل باعتبار آحاده.
وقد دل على هذا القول الكتاب، والسنة.
فمن أدلة الكتاب قوله تعالى ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه((1)وقولهإذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليّ((2)وقولهوناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيًّا((3).
ففي الآية الأولى: إثبات أن الكلام يتعلق بمشيئته، وأن آحاده حادثة.
وفي الآية الثانية: دليل على أنه بحرف فإن مقول القول فيها حروف.
وفي الآية الثالثة: دليل على أنه بصوت إذ لا يعقل النداء والمناجاة إلا بصوت.
ومن أدلة السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم: " يقول الله تعالى: يا آدم. فيقول: لبيك وسعديك. فينادي بصوت إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثاً إلى النار".
وكلامه سبحانه هو اللفظ والمعنى جميعاً، ليس هو اللفظ وحده أو المعنى وحده هذا هو قول أهل السنة والجماعة في كلام الله تعالى

"

###
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
:
"
قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَئِمَّتِهِمْ
:
إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ
وَأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ
كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ وَالْقُرْآنُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ
كَلَامُ اللَّهِ تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ
لَيْسَ بِبَائِنِ عَنْهُ مَخْلُوقًا
.
وَ
لَا يَقُولُونَ
:
إنَّهُ صَارَ مُتَكَلِّمًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا
وَ
لَا أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَيْثُ هُوَ هُوَ حَادِثٌ
؛
بَلْ
مَا زَالَ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ
وَإِنْ كَانَ كَلَّمَ مُوسَى وَنَادَاهُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ
فَكَلَامُهُ لَا يَنْفَدُ
كَمَا قَالَ تَعَالَى : { قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي
وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا }
.
مجموع الفتاوى م 3 ص 91
###********###

وقال
:
"
الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ
- كَالْإِمَامِ أَحْمَد وَالْبُخَارِيِّ صَاحِبِ الصَّحِيحِ فِي " كِتَابِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ " وَغَيْرِهِ وَسَائِر الْأَئِمَّةِ قَبْلَهُمْ وَبَعْدَهُمْ –
أَتْبَاعُ النُّصُوصِ الثَّابِتَةِ وَإِجْمَاعِ سَلَفِ الْأُمَّةِ
وَهُوَ أَنَّ الْقُرْآنَ جَمِيعَهُ كَلَامُ اللَّهِ حُرُوفُهُ وَمَعَانِيهِ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَلَامًا لِغَيْرِهِ ؛
وَلَكِنْ أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَلَيْسَ الْقُرْآنُ اسْمًا لِمُجَرَّدِ الْمَعْنَى وَلَا لِمُجَرَّدِ الْحَرْفِ ؛
بَلْ لِمَجْمُوعِهِمَا وَكَذَلِكَ سَائِر الْكَلَامِ لَيْسَ هُوَ الْحُرُوفَ فَقَطْ ؛ وَلَا الْمَعَانِي فَقَطْ .
كَمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ الْمُتَكَلِّمَ النَّاطِقَ لَيْسَ هُوَ مُجَرَّدَ الرُّوحِ وَلَا مُجَرَّدَ الْجَسَدِ ؛ بَلْ مَجْمُوعُهُمَا .
وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ
كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَأَصْوَاتِ الْعِبَادِ لَا صَوْتِ الْقَارِئِ وَلَا غَيْرِهِ .

وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ .
فَكَمَا لَا يُشْبِهُ عِلْمُهُ وَقُدْرَتُهُ وَحَيَاتُهُ عِلْمَ الْمَخْلُوقِ وَقُدْرَتَهُ وَحَيَاتَهُ :
فَكَذَلِكَ لَا يُشْبِهُ كَلَامُهُ كَلَامَ الْمَخْلُوقِ وَلَا مَعَانِيهِ تُشْبِهُ مَعَانِيَهُ وَلَا حُرُوفُهُ تُشْبِهُ حُرُوفَهُ
وَلَا صَوْتُ الرَّبِّ يُشْبِهُ صَوْتَ الْعَبْدِ
فَمَنْ شَبَّهَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ فَقَدْ أَلْحَدَ فِي أَسْمَائِهِ وَآيَاتِهِ
وَمَنْ جَحَدَ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ أَلْحَدَ فِي أَسْمَائِهِ وَآيَاتِهِ .
"
المصدر
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله م 3 ص 93
###********###
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
:
"
تَعْلِيمُ حُرُوفٍ مُقَطَّعَةٍ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ مَكْتُوبَةً فَهُوَ تَعْلِيمٌ لَا يَنْفَعُ وَلَكِنْ لَمَّا أَرَادُوا تَعْلِيمَ الْمُبْتَدِئِ بِالْخَطِّ صَارُوا يُعَلِّمُونَهُ الْحُرُوفَ الْمُفْرَدَةَ حُرُوفَ الْهِجَاءَ ثُمَّ يُعَلِّمُونَهُ تَرْكِيبَ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ فَيُعَلَّمُ أَبْجَدَ هوز وَلَيْسَ هَذَا وَحْدَهُ كَلَامًا .
فَهَذَا الْمَنْقُولُ عَنْ آدَمَ مِنْ نُزُولِ حُرُوفِ الْهِجَاءِ عَلَيْهِ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ نَقْلٌ وَلَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ عَقْلٌ ؛
بَلْ الْأَظْهَرُ فِي كِلَيْهِمَا نَفْيُهُ

إلى أن قال رحمه الله
:
"
الثَّانِي أَنْ يُقَالَ :
هَذِهِ الْحُرُوفُ الْمَوْجُودَةُ فِي الْقُرْآنِ الْعَرَبِيِّ
قَدْ تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهَا بِأَسْمَاءِ حُرُوفٍ
مِثْلِ قَوْلِهِ
:
{ الم } وَقَوْلِهِ { المص } وَقَوْلِهِ { الم } - { طس } - { حم } - { كهيعص }
- { حم } - { عسق } - { ن } - { ق }
فَهَذَا كُلُّهُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ
.
@@@***@@@
الثَّالِثُ
أَنَّ
هَذِهِ الْحُرُوفَ إذَا وُجِدَتْ فِي كَلَامِ الْعِبَادِ
وَ
كَذَلِكَ الْأَسْمَاءُ الْمَوْجُودَةُ فِي الْقُرْآنِ إذَا وُجِدَتْ فِي كَلَامِ الْعِبَادِ
مِثْلِ آدَمَ وَنُوحٍ وَمُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِ ذَلِكَ
فَيُقَالُ
:
هَذِهِ الْأَسْمَاءُ وَهَذِهِ الْحُرُوفُ قَدْ تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهَا ؛
لَكِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهَا مُفْرَدَةً .
فَإِنَّ الِاسْمَ وَحْدَهُ لَيْسَ بِكَلَامِ ؛
وَلَكِنْ تَكَلَّمَ بِهَا فِي كَلَامِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ }
وَقَوْلِهِ : { وَإِذْ قَالَ إبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا } إلَى قَوْلِهِ : { رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي }
وَقَوْلِهِ : { إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ } وَنَحْوِ ذَلِكَ
وَ
نَحْنُ إذَا تَكَلَّمْنَا بِكَلَامِ ذَكَرْنَا فِيهِ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ فَكَلَامُنَا مَخْلُوقٌ وَحُرُوفُ كَلَامِنَا مَخْلُوقَةٌ
كَمَا قَالَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ لِرَجُلِ
:
أَلَسْت مَخْلُوقًا ؟ قَالَ : بَلَى قَالَ : أَلَيْسَ كَلَامُك مِنْك ؟ قَالَ : بَلَى قَالَ : أَلَيْسَ كَلَامُك مَخْلُوقًا ؟ قَالَ : بَلَى
قَالَ : فَاَللَّهُ تَعَالَى غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَكَلَامُهُ مِنْهُ لَيْسَ بِمَخْلُوقِ .
فَقَدْ نَصَّ أَحْمَد وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْعِبَادِ مَخْلُوقٌ وَهُمْ إنَّمَا يَتَكَلَّمُونَ بِالْأَسْمَاءِ وَالْحُرُوفِ
الَّتِي يُوجَدُ نَظِيرُهَا فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى
###@###
لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَكَلَّمَ بِهَا بِصَوْتِ نَفْسِهِ وَحُرُوفِ نَفْسِهِ
وَذَلِكَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَصِفَاتُ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُمَاثِلُ صِفَاتِ الْعِبَادِ ؛
فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا صِفَاتِهِ وَلَا أَفْعَالِهِ
###@###
وَالصَّوْتُ الَّذِي يُنَادِي بِهِ عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالصَّوْتُ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ مُوسَى لَيْسَ كَأَصْوَاتِ شَيْءٍ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ
وَالصَّوْتُ الْمَسْمُوعُ هُوَ حُرُوفٌ مُؤَلَّفَةٌ وَتِلْكَ لَا يُمَاثِلُهَا شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ
كَمَا أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ الْقَائِمَ بِذَاتِهِ لَيْسَ مِثْلَ عِلْمِ عِبَادِهِ
فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُمَاثِلُ الْمَخْلُوقِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ الصِّفَاتِ
وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ عَلَّمَ الْعِبَادَ مَنْ عِلْمِهِ مَا شَاءَ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
{ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إلَّا بِمَا شَاءَ }
وَهْم إذَا عَلَّمَهُمْ اللَّهُ مَا عَلَّمَهُمْ مَنْ عِلْمِهِ فَنَفْسُ عِلْمِهِ الَّذِي اتَّصَفَ بِهِ لَيْسَ مَخْلُوقًا وَنَفْسُ الْعِبَادِ وَصِفَاتُهُمْ مَخْلُوقَةٌ
لَكِنْ قَدْ يَنْظُرُ النَّاظِرُ إلَى مُسَمَّى الْعِلْمِ مُطْلَقًا
فَلَا يُقَالُ
:
إنَّ ذَلِكَ الْعِلْمَ مَخْلُوقٌ لِاتِّصَافِ الرَّبِّ بِهِ وَإِنْ كَانَ مَا يَتَّصِفُ بِهِ الْعَبْدُ مَخْلُوقًا .
وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ مَا يُوصَفُ اللَّهُ بِهِ وَيُوصَفُ بِهِ الْعِبَادُ يُوصَفُ اللَّهُ بِهِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَيُوصَفُ بِهِ الْعِبَادُ بِمَا يَلِيقُ بِهِمْ مِنْ ذَلِكَ
؛
مِثْلُ الْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ
فَإِنَّ اللَّهَ لَهُ حَيَاةٌ وَعِلْمٌ وَقُدْرَةٌ وَسَمْعٌ وَبَصَرٌ وَكَلَامٌ
.
فَكَلَامُهُ يَشْتَمِلُ عَلَى حُرُوفٍ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ نَفْسِهِ
وَالْعَبْدُ لَهُ حَيَاةٌ وَعِلْمٌ وَقُدْرَةٌ وَسَمْعٌ وَبَصَرٌ وَكَلَامٌ وَكَلَامُ الْعَبْدِ يَشْتَمِلُ عَلَى حُرُوفٍ
وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ نَفْسِهِ .
فَهَذِهِ الصِّفَاتُ لَهَا ثَلَاثُ اعْتِبَارَاتٍ
:
تَارَةً تُعْتَبَرُ مُضَافَةً إلَى الرَّبِّ
.
وَتَارَةً تُعْتَبَرُ مُضَافَةً إلَى الْعَبْدِ
وَ
تَارَةً تُعْتَبَرُ مُطْلَقَةً لَا تَخْتَصُّ بِالرَّبِّ وَلَا بِالْعَبْدِ
.
فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ
:
حَيَاةُ اللَّهِ وَعِلْمُ اللَّهِ وَقُدْرَةُ اللَّهِ وَكَلَامُ اللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ
فَهَذَا كُلُّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَلَا يُمَاثِلُ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ
وَ
إِذَا قَالَ عِلْمُ الْعَبْدِ وَقُدْرَةُ الْعَبْدِ وَكَلَامُ الْعَبْدِ
فَهَذَا كُلُّهُ مَخْلُوقٌ وَلَا يُمَاثِلُ صِفَاتِ الرَّبِّ
.
وَإِذَا قَالَ الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ وَالْكَلَامُ فَهَذَا مُجْمَلٌ مُطْلَقٌ
لَا يُقَالُ عَلَيْهِ كُلِّهِ إنَّهُ مَخْلُوقٌ وَلَا إنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوق
بَلْ مَا اتَّصَفَ بِهِ الرَّبُّ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ
وَمَا اتَّصَفَ بِهِ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مَخْلُوقٌ
فَالصِّفَةُ تَتْبَعُ الْمَوْصُوفَ .
فَإِنْ كَانَ الْمَوْصُوفُ هُوَ الْخَالِقَ فَصِفَاتُهُ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ
وَإِنْ كَانَ الْمَوْصُوفُ هُوَ الْعَبْدَ الْمَخْلُوقَ فَصِفَاتُهُ مَخْلُوقَةٌ .
ثُمَّ إذَا قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهَا مِنْ كَلَامِ اللَّهِ فَالْقُرْآنُ فِي نَفْسِهِ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ
وَإِنْ كَانَ حَرَكَاتُ الْعِبَادِ وَأَصْوَاتُهُمْ مَخْلُوقَةً .
###@###
وَلَوْ قَالَ الْجُنُبُ : { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } يَنْوِي بِهِ الْقُرْآنَ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ قُرْآنًا
وَلَوْ قَالَهُ يَنْوِي بِهِ حَمْدَ اللَّهِ لَا يَقْصِدُ بِهِ الْقِرَاءَةَ لَمْ يَكُنْ قَارِئًا وَجَاز لَهُ ذَلِكَ
.
###@###
وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" { أَفْضَلُ الْكَلَامِ بَعْدَ الْقُرْآنِ أَرْبَعٌ
وَهُنَّ مِنْ الْقُرْآنِ
:
سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ .
###@###
فَأَخْبَرَ أَنَّهَا أَفْضَلُ الْكَلَامِ بَعْدَ الْقُرْآنِ وَقَالَ هِيَ مِنْ الْقُرْآنِ فَهِيَ مِنْ الْقُرْآنِ بِاعْتِبَارِ
وَلَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآنِ بِاعْتِبَارِ
وَ
لَوْ قَالَ الْقَائِلُ : { يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ } وَمَقْصُودُهُ الْقُرْآنُ كَانَ قَدْ تَكَلَّمَ بِكَلَامِ اللَّهِ
وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ قَصَدَ مَعَ ذَلِكَ تَنْبِيهَ غَيْرِهِ
لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ
.
وَ
لَوْ قَالَ لِرَجُلِ اسْمُهُ يَحْيَى وَبِحَضْرَتِهِ كِتَابٌ : يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ لَكَانَ هَذَا مَخْلُوقًا ؛
لِأَنَّ لَفْظَ يَحْيَى هنا مُرَادٌ بِهِ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَبِالْكِتَابِ ذَلِكَ الْكِتَابُ
لَيْسَ مُرَادًا بِهِ مَا أَرَادَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ : { يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ }
وَ
الْكَلَامُ كَلَامُ [ الْمَخْلُوقِ ] بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ .
مجموع الفتاوى م 3 ص 80

#@#
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
:
"
إثبات الكلام لله تعالى وأن القرآن من كلامه تعالى
(1)ذكر المؤلف رحمه الله الآيات الدالة على كلام الله تعالى وأن القرآن من كلامه تعالى.
الآية الأولى والثانية: قوله: ]ومن أصدق من الله حديثاً[ {النساء: 87} ]ومن أصدق من الله قيلاً[ {النساء: 122}.
]ومن[ : اسم استفهام بمعنى النفي ، وإتيان النفي بصيغة الإستفهام أبلغ من إتيان النفي مجرداً ؛ لأنه يكون بالاستفهام مشرباً معنى التحدي؛ كأنه يقول : لا أحد أصدق من الله حديثاً ، وإذا كنت تزعم خلاف ذلك؛ فمن اصدق من الله؟
وقوله: ]حديثاً[ و ]قيلاً[ : تمييز لـ]اصدق[.
وإثبات الكلام في هاتين الآيتين يؤخذ من: قوله: ]أصدق[؛ لأن الصدق يوصف به الكلام ، وقوله: ]حديثاً[ لأن الحديث هو الكلام، ومن قوله في الآية الثانية: ]قيلاً[ ؛ يعني : قولاً ، والقول لا يكون إلا باللفظ.
ففيهما إثبات الكلام لله عز وجل، وأن كلامه حق وصدق ، ليس فيه كذب بوجه من الوجوه.
(1)الآية الثالثة: قوله: ]وإذ قال الله عيسى ابن مريم[ {المائدة: 116}.
قوله : ]يا عيسى[ : مقول القول، وهي جملة من حروف : ]يا عيسى ابن مريم[.
ففي هذا إثبات أن الله يقول : وأن قوله مسموع، فيكون بصوت ، وأن قوله كلمات وجمل ، فيكون بحرف.
ولهذا كانت عقيدة أهل السنة والجماعة : أن الله يتكلم بكلام حقيقي متى شاء ، كيف شاء، بما شاء ، بحرف وصوت، لا يماثل أصوات المخلوقين.
"متى شاء" : باعتبار الزمن.
"بما شاء" :باعتبار الكلام؛ يعني: موضوع الكلام من أمر أو نهي أو غير ذلك.
"كيف شاء" : يعني على الكيفية والصفة التي يريدها سبحانه وتعالى. قلنا: إنه بحرف وصوت لا يشبه أصوات المخلوقين.
الدليل على هذا من الآية الكريمة ]وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم[: هذا حروف.
وبصوت؛ لأن عيسى يسمع ما قال.
لا يماثل أصوات المخلوقين ؛ لأن الله قال: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ {الشورى: 11}.
(1)الآية الرابعة: قوله: ]وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً[ {الأنعام: 115} .
]كلمة[؛ بالإفراد، وفي قراءة (كلمات) ؛ بالجمع ، ومعناها واحد؛ لأن ]كلمة[ مفرد مضاف فيعم.
تمت كلمات الله عز وجل على هذين الوصفين: الصدق والعدل، والذي يوصف بالصدق الخبر، والذي يوصف بالعدل الحكم، ولهذا قال المفسرون : صدقاً في الأخبار، وعدلاً في الأحكام.
فكلمات الله عز وجل في الأخبار صدق لا يعتريها الكذب بوجه الوجوه ، وفي الأحكام عدل لا جور فيها بوجه من الوجوه.
هنا وصفت الكلمات بالصدق والعدل . إذا ؛ فهي أقوال ؛ لأن القول هو الذي يقال فيه : كاذب أو صادق.
(2)الآية الخامسة : قوله: ]وكلم الله موسى تكليماً[ {النساء:164}.
]الله[ : فاعل ؛ فالكلام واقع منه.
]تكليماً[ : مصدر مؤكد ، والمصدر المؤكد –بكسر الكاف-؛ قال العلماء: إنه ينفي احتمال المجاز. فدل على أنه كلام حقيقي؛ لأن المصدر المؤكد ينفي احتمال المجاز.

أرأيت لو قلت : جاء زيد. فيفهم أنه جاء هو نفسه، ويحتمل أن يكون المعنى جاء خبر زيد، وإن كان خلاف الظاهر ، لكن إذا أكدت فقلت: جاء زيد نفسه. أو : جاء زيد. انتفى أحتمال المجاز.
فكلام الله عز وجل لموسى كلام حقيقي ، بحرف وصوت سمعه ، ولهذا جرت بينهما محاورة ؛ كما في سورة طه وغيرها. ]منهم من كلم الله[ {البقرة:253}.
]منهم[ ؛أي: من الرسل
]من كلم الله[ : الاسم الكريم ]الله[ فاعل كلم، ومفعولها محذوف يعود على ]من[ ، والتقدير: كلمه الله.
(2)الآية السابعة: قوله: وقوله: ]ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه[ .
{الأعراف:143}.
أفادت هذه الآية أن الكلام يتعلق بمشيئته ، وذلك لأن الكلام صار حين المجيئ. ، لا سابقاً عليه، فدل هذا على أن كلامه يتعلق بمشيئته. فيبطل به قول من قال: إن كلامه هو المعنى القائم بالنفس ، وإنه لا يتعلق بمشيئته ، وذلك لأن الكلام صار حين المجيئ، لا سابقاً عليه، فدل هذا على أن كلامه يتعلق بمشيئته.
فيبطل به قول من قال: إن كلامه هو المعنى القائم بالنفس ، وإنه لا يتعلق بمشيئته ؛ كما تقوه الأشاعرة.
وفي هذه الآية إبطال زعم من زعم أن موسى فقط هو الذي كلم الله ، وحرف قوله تعالى: ]وكلم الله موسى تكليماً[ إلى نصب الأسم الكريم؛ لأنه في هذه الآية لا يمكنه زعم ذلك ولا تحريفها.
(3)الآية الثامنة: قوله: وقوله: ]وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا[ .{مريم:52}.

]وناديناه[ : ضمير الفاعل يعود إلى الله ، وضمير المفعول يعود إلى موسى؛ أي: نادى الله موسى.
]نجياً[ : حال ، وهو فعيل بمعنى مفعول ؛ أي : مناجي.
والفرق بين المناداة والمناجاة أن المناداة تكون للبعيد ، والمناجاة تكون للقريب وكلاهما كلام.
وكون الله عز وجل يتكلم مناداة ومناجاة داخل في قول السلف: "كيف شاء".
فهذه الآية مما يدل على أن الله يتكلم كيف شاء مناداة كان الكلام أو مناجاة.
(1)الآية التاسعة: قوله: ]وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين[ {الشعراء:10}.
]وإذ نادى[ ؛ يعني: واذكر إذ نادى.
والشاهد قوله: ]ربك موسى[ : فسر النداء بقوله: ]أن ائت القوم الظالمين[.
فالنداء يدل على أنه بصوت، و ]أن ائت القوم الظالمين[ : يدل على أنه بحرف.
(2)الآية العاشرة: قوله: ]وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة[ {الأعراف:22}.
]وناداهما[: ضمير المفعول يعود على آدم وحواء.
]ألم أنهكما عن تلكما الشجرة[: يقرر أنه نهاهما عن تلكما الشجرة ، وهذا يدل على أن الله كلمهما من قبل، وأن كلام الله بصوت وحرف، ويدل على أنه يتعلق بمشيئته ؛ لقوله: ]ألم أنهكما[ ؛ فإن هذا القول بعد النهي، فيكون متعلقاً بالمشيئة.
(1)الآية الحادية عشرة: قوله: ]ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين[ {القصص:65}.
يعني : واذكر يوم يناديهم، وذلك يوم القيامة ، والمنادي هو الله عز وجل:]فيقول[.
وفي هذه الآية إثبات الكلام من وجهين: النداء والقول.
وهذه الآيات تدل بمجموعها على أن الله يتكلم بكلام حقيقي، متى شاء ، بما شاء ، بحرف وصوت مسموع، لا يماثل أصوات المخلوقين.
وهذه هي العقيدة السلفية عقيدة أهل السنة والجماعة.

"
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله م 8