المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ مصطفى العدوي والامام الالباني رحمه الله



أهــل الحـديث
10-12-2012, 05:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


أردت أن أفرد بعض النقول في شأن الشيخ العدوي لأن له أمرا خاصا، فقد تميز بموقفه من الشيخ الألباني، ولا يوافقه عليه الكثير الكثير الكثير من العلماء، وهذا أمر صار معروفا عند كل المشتغلين بالحديث، ولو توبع على موقفه لصار لزاما علينا إسقاط الشيخ الألباني من صف العلماء، بل من طلاب العلم، ولو جمعنا تعقباته على الشيخ لبدى لنا الألباني رجلا لا يمكن الوثوق بعلمه وكتبه وتصحيحاته وتضعيفاته، وهذا أمر لم يقل به أحد من العلماء، بل ولا من أكثر أعداء الشيخ أنفسهم.

وقد سألت الشيخ رزق طرهوني عن هذا الموقف فقال لي ما معناه أن الذي يظهر أن العدوي قد سبق له في أول طلبه للعلم أن تعقب الشيخ الألباني بانتقادات فرد عليه الشيخ بكلام لم يعجبه فبقي في قلبه من ذلك شيء فدفعه لاتخاذ موقفه المعروف من الشيخ الألباني، وهو لا يعدو أن يكون في صفوف تلامذة العلامة الألباني. انتهى معنى كلام الشيخ طرهوني.

وكتب صهره أحمد إبراهيم بن أبي العينين في مقدمة تحقيقه لكتاب " آداب حملة القرآن " للنووي، ص 7، طبعة دار الآثار سنة 1424 هـ ، الذي اطلع عليه الشيخ مقبل بن هادي - رحمه الله - وقرظه ، أنه كانت جلسة بينه وبين العدوي حضرها جماعة من أهل العلم وعهدوا إليه أن يكتب اعتذارا صريحا عن كل إساءاته للشيخ الألباني - رحمه الله - وقَـَبِـل منهم ذلك، ولما أخرج كتابه المسمى بـ " الترشيد " لم يف بعهده ولم يعتذر ولم يجب عن ما في كتاب " الانتصار " إجابة مباشرة .... ". انتهى.

وقد لاحظت في مجموعة من طلبة العلم أنه قد انتشر فيهم بغض شديد للشيخ العدوي، بل منهم من عمل جردا لمكتبته فتخلص من كل كتبه التي سبق له أن اشتراها، بل هم بإحراقها لكي لا تقع في يد أحد فيرى فيها الطعن في الشيخ، فلما سألت عن سبب هذا البغض قيل لي: [[ قلة أدبه مع الشيخ الألباني وتحامله عليه. بل تجرأ على شيخه العلامة مقبل بن هادي، فنال منه، فغضب منه الشيخ ورد عليه، بل وأزال اسمه من قائمة طلبته التي نشرها في ترجمته التي ألفها بنفسه، وقد قالت فيه امرأة الشيخ مقبل في ترجمة ألفتها عن زوجها قولا أقره الشيخ الوادعي، قالت : في قلبه دخن. ]]

ومعروف لدى المشتغلين بالحديث أن العدوي يكاد لا يرُد على أحد سوى الشيخ الألباني ، بل لم يفرد أحدا سواه بالتعقب والانتقاد، ولم يخل كتاب من كتبه - بل ومن كتب تلامذته - من تعقب وتخطئة للشيخ الألباني، تصريحا أو تلويحا، ولا يعرف في وسط طلاب العلم أحد بهذا سوى الشيخ العدوي، وكأن الساحة خلت من المتصوفة والمبتدعة والشيعة ومنكري السنة والحزبية .. الخ .. فلم يعد في الساحة ممن يهدد الإسلام - عند العدوي - سوى الشيخ الألباني.

وهذه أمثلة من أقوال العدوي في الشيخ:

- قال في كتابه " شرح علل الحديث " في السؤال رقم 155 : " ... ووجه ذلك أنه يصحح الحديث في كثير من الأحيان بناء على صحة الإسناد فقط، ولا ينظر إلى أوجه إعلاله، وأحيانًا يصحح الحديث بمجموع الطرق وكثرتها مع شدة ضعفها ، والله تعالى أعلم. انتهى.
هذا علما أن الحكم على الحديث من خلال الإسناد فقط صنيع لا يقبل - بل لا يتصور- من طويلب علم صغير مبتدئ في علم الحديث، فكيف بشيخ شهد له علماء الأرض بعلو الكعب في الحديث، وهذا طعن في منهج الشيخ الحديثي، وليس مخالفة له في بعض الأحاديث، إذ لو كان الأمر كذلك لهان، الشيء الذي يشكك - بل يسقط - كل أعمال الألباني.
ولو سلمنا - بناء على هذا - بسقم منهج الألباني الحديثي فهل يكون قد غاب ذلك عن كل كبار العلماء أمثال ابن باز والعثيمين وحماد الأنصاري ومقبل بن هادي وغيرهم - رحم الله الجميع - ؟؟ ذلك طعن فيهم جميعا وفي كل من أثنى على الألباني ودل عليه.
- قال في كتابه " الجامع لأحكام النساء " : .... وهذا فقه سقيم من الشيخ الألباني .... " .
- قال عن الشيخ في كتابه " مفاتح الفقه في الدين " ص 31 وكتاب " المؤنق " ص 32 : بأنه محروم الأجر لقلة فقهه.
- كتابه " الترشيد " الذي ألف خصيصا لإفراد الشيخ بالرد : كله مملوء بمثل ما سبق.

هذا وقدكنت قد تتبعت تحقيقا لأحد تلامذة العدوي لكتاب " رياض الصالحين " ، وقد راجع العدوي هذا التحقيق وأقره، فوجدته يخالف الشيخ الألباني تقريبا في نصف الكتاب، فعجبت لذلك جدا، لأنه لو فرضنا - جدلا - أن الشيخ الألباني يخطئ في الحكم على نصف أحاديث رياض الصالحين لكان بذلك أبعد الناس عن العلم والتحقيق، وهذا لا يقول به أحد.
بل وحتى في مقدماته التي يكتبها لتلامذته في مؤلفاتهم يكاد لا يترك الفرصة تمر دون انتقاد للشيخ، ولو تلميحا.

**************************************

سئل أحد أقران العدوي: أنـت قرأت الكثير عن الشيخ ناصر حفظه الله ، كتبوا عنه ، سواء من الموافقين والمخالفين ، المقلدين والمعادين، فـما هو تـصنيفك للذين كتبوا عن الشيخ وردوا عليه .. عموما، يعني هل تستطيع أن تصنفهم لنا على ضوء مثلا كتاب ......
ج : بالنسبة لغالب الذين ردوا على الشيخ ردودا مفردة، إما مبتدع، أو موافق للشيخ، فدعنا من المبتدع، فهذا حاقد ويهمه أن يُبَيِّنَ أنَّ الشيخ ليس على شيء من العلم، لكن الكلام يبقى بالنسبة للمُعَظِّم للشيخ، والذي ينتقده ويقول " حفظه الله " ، فأنا أرى أن كل الردود التي صدرت في الرد على الشيخ – حفظه الله – الغالب عليها الضعف، ما هي بمتانة، ما هي متينة، وإن كنت لا أجحد أن فيها شيئا من الصواب، لكن الغالب عليها الضعف، وتجد أن أغلب الذين ردوا على الشيخ إما حدثاء الأسنان، وإما قد يكون بعضهم من أهل الفضل والعلم، لكن لم يأتي بحجة تقطع تصحيح الشيخ أو تضعيفه، فما هناك رد حتى الآن يمكن أن يرفع له رأس جملة. ( كلام مع غير مسموع السائل .. وضحك ). أنا قلت قبل ذلك إن كتاب " النظرات " [[ وهذا كتاب ألفه العدوي مع أحد تلامذته تعقبا للعلامة الألباني في السلسلة الصحيحة ]] كتاب ضعيف في الجملة، وإن كان لا أجحد - كما قلت - أن فيه شيئا من الصواب، لكن الخطأ أكثر بكثير من الصواب، و .. هذا جواب إجمالي أيضا .. لما الشيخ يخطئ في كل مائة حديثٍ في سبعة عشر حديثا، هذا يعني أن الشيخ لا يفقه شيئا، لوْ وجدوا 17 حديثا ضعيفا في الخمسة آلاف حديث، أنا أستكثرهم على الشيخ. علماء الحديث، مثلا شريك بن عبد الله النخعي، كان يحفظ مئات الألوف من الأحاديث ، وأخطأ في 400 حديث فقط، فقال فيه العلماء : سيئ الحفظ ، كم تساوي 400 حديث في مئات الألوف ؟ أما كان يغتفر له 400 حديث ؟ لا، هذه كثيرة جدا عند علماء الحديث، 400 حديث .. خطأ شديد، قتيبة بن سعيد كان يحفظ مائة ألف، ما قالوا إنه أخطأ إلا في حديث واحد فـقط، حديث في جمع التقديم، حديث معاذ بن جبل، وقالوا إنَّ ـــ أدخله على الليث بن سعد، والمسألة فيها نظر كبير. فـأربع مائة حديث في مئات الألوف يستعظمونه، فلما يجعلون في المائة حديث الأولى 17 حديثا ضعيفا، تكون منزلة الشيخ في الحديث صغيرة، ما له باع ولا ذراع ولا حتى شبه في علم الحديث. فأنا أرى أن كتاب النظرات حصل فيه نوع من التسرع في إخراجه، وكان الأولى عدم إخراج هذا الكتاب. وقلت لمن قابلني ممن لهم اختلاط بالذين كتبوا الكتاب، وبعض الذين كتبوا الكتاب هو الأخ مصطفى العدوي، وتربطني به علاقة طيبة ، وهو أخ فاضل، لكن أنا أرى أنه تورط في إخراج هذا الكتاب، يعني ما كان ينبغي له - مع علمه وفضله - أن يخرج هذا الكتاب.
قلت: أرى أنه من السياسة الشرعية عدم إفراد ردود على علماء السنة في هذا العصر، لأنه الآن، هذه الأحاديث التي خالف فيها الشيخ الألباني .. سائغٌ أن أسكت عنها أم لا ؟ سائغ .. لأن هذا ليس من الأشياء التي يقال فيها: لا بد من إظهار الحق ، لأن هذه مسألة اجتهادية . إذا كان يسوغ السكوت عن مثل هذه الأخطاء ، فالأولى السكوت، لاسيما وأهـل البدع قاموا بِقَضِّهِمْ وقَضيضِهِمْ على أهل السنة يريدون هدمهم, العوام لا يتحققون بشيء ، فإذا رأوا سيول أهل البدع يهاجمون أهل السنة، ورأوا بعض أهل السنة ممن ينتمون للمنهج يهاجم الشيخ أيضا، يقولون: فعلا ..طيب ، هذا من المبتدعة .. حاقد.. لكن .. هذا حاقد ؟ الذي يمشي مع الشيخ، ويقول بنفس دعوة الشيخ، وعلى منهج الشيخ وعقيدة الشيخ، هذا حاقد ؟ سلَّمنا أن المبتدع حاقد، لكن هذا ليس بحاقد. فلذلك تقل منزلة هؤلاء العلماء في نظر كثير من الذين ينتسبون إلى أهل السنة، وكما وَسِعَ الحافظ ابن حجر أن يسكت عن أخطاء الهيثمي في " مجمع الزوائد "، يَسَعُنا أن نسكت عن أخطاء الشيخ .. لا أقصد : نسكت بإطلاق .. لا نفرد ردودا، ولكن إذا جاءت مناسبة لتصحيح الخطأ نصححه في مكانه ، يعني مثلا: أنا أُخَرِّجَ كتاباً، و مَرَّ بي الحديثُ ، وأنا انفصلت على أنه ضعيف، والشيخ صححه، أقول – وبعدما أفرد الحجج بالتضعيف - : وقد صححه فلان الفلاني في كذا وكذا، وما تقدم من التحقيق يرده. وانتهيتُ. بذلك أنا قلت رأيي وانتقدت الشيخ، لكن في موضعه ، فلا يصل إلى هذه الموضع إلا أهله ، الذين هم مهتمين بالتخريج ونحوه ، وغالبا ما يكون في المهتمين بالتخريج من يُقَدِّر هذه المسألة ، ويقول : هذه مسألة خلافية . لكن إفراد كتاب في الرد على فلان وفلان في مسائل يسوغ السكوت عنها .. أنا أرى من السياسة عدم سلوك هذا المسلك، والحافظ ابن حجر – كما ألمحت آنفاً – لما نظر في " مجمع الزوائد " لشيخه الحافظ نور الدين الهيثمي وجد أخطاء كثيرة، فبدأ يتعقب الهيثمي في بعضها، قال الحافظ ابن حجر: فبلغه – أي الهيثمي – ذلك، فشق عليه، فتركته رعاية له. يعني ترك التعقب على الهيثمي رعاية لشيخه، لأن هذه المسائل - طالما هي مسائل اجتهادية - مما يسوغ السكوت فيها، فالحقيقة أنا أتمنى أن يتفهم إخواننا هذا الكلام ، وأرجو – إذا وصل هذا الشريط لأحد منهم – إن لا يؤلف شريطا في الرد علي على هذه المسألة، ويقول: هو يريدنا أن نسكت عن أخطاء الشيخ، وهذه محاباة .. ، أنا لا أقول لك أن تسكت عن أخطاء أحد، بل أقول: نصحح الخطأ في مكانه، وما هنالك داعي لإفراد ردود على علماء السنة، لاسيما مع قيام أهل البدع ضدهم، حتى لا نلبس على العوام. والله أعلم. انتهى.


*******************************

قال صهر العدوي وأعرف الناس به ابن أبي العينين في كتاب (( تصويب الأسنة لصد عدوان المعترض على الأئمة )) الملحق بكتاب (( القول الحسن في كشف شبهات حول الاحتجاج بالحديث الحسن )) (ص 237-243). طبعة مكتبة أنوار مكة بالقاهرة - الطبعة الأولى – 2004.

ا... لقد قام الشيخ مصطفى بن العدوي بتأليف رسالة سماها ((نظرات في السلسلة الصحيحة)) ، انتقد فيها سبعة عشر حديثاً من المائة حديث الأولى من السلسلة الصحيحة، والانتقاد للوصول للحق أمر مطلوب شرعاً، إلا أنَّ إخراج مثل هذه الانتقادات مجموعة [1] يفتح باباً لأصحاب الأغراض الدنيئة ممن يحلو لهم تنقص أهل العلم، والظهور على أكتافهم، ولئن ساءني هذا الصنيع من الشيخ مصطفى، إلا أن الذي زاد الطين بلة ما صدَّر به هذه الرسالة برمي شيخنا الألباني رحمه الله بالتساهل [2] ، ثم توالت ردوده وتعقباته للشيخ رحمه الله دون غيره، وظهر منه تنقصه الشديد للشيخ - رحمه الله -، فمن ذلك وصفه له بـ ((صاحب الفقه السقيم )) وذلك في كتابه المسمى بـ ((المؤنق )) طبعة مكتبة الحرمين للعلوم النافعة (1409 هـ - 1989 م) - ثم أعادها في الكتاب نفسه في طبعة أخرى، ثم أعادها فيما سمَّاه بـ ((مفاتيح الفقه في الدين )) طبعة دار أهل الحديث بالرياض (عام 1414 هـ - 1994 م) - ثم أعادها فيما سمَّا بـ ((التسهيل لتأويل التنزيل )) طبعة دار ابن رجب بفارسكور (عام 1418 هـ - 1997 م)، ثم أعادها في كتابه ((أحكام النساء )) طبعة دار ابن عفان (عام 1420 هـ - 2000 م ).
فهكذا قد أعاد الطعن الشديد، والسب البذيء للإمام المجدد الألباني - رحمه الله - في خمسة مواضع متفرقة، وفي خمسة أوقات متفرقة، مما يدل دلالة واضحة على قصده هذا التنقص الشديد، وينفي كونها زلة انفلتت منه بغير قصد، ومما يؤكد قصده وتصميمه على التنقص، أن الأخ الفاضل الشيخ ساعد بن عمر غازي قد نصحه بأن يحذف هذه الكلمة إذا أعاد طباعة كتاب ((مفاتيح الفقه في الدين ))، فوعده بحذفها إذا أعاد طباعة الكتاب، فلمَّا همَّ بطباعة الكتاب طلب منه الأخ عبد الله محمد حيدر صاحب مكتبة صنعاء الأثرية كمية من هذا الكتاب شريطة أن يحذف هذه الكلمة، فوعده بحذفها، ثم طبع الكتاب مرة أخرى، ولم يكتف بخلفه الوعود السابقة بإثباته تلك الكلمة البذيئة، حتى أضاف إليها في الطبعة الثانية لكتاب (( مفاتيح الفقه في الدين )) - طبعة مكتبة مكة بطنطا (عام 1420 هـ - 2000 م) - أضاف إليها قوله : (( أما النظر إلى متن حديث واحد وسند واحد، وإهمال ما سوى ذلك، فيورث فقهاً شاذاً منبوذاً. فغريب أمر رجل يفطر يوم عاشوراء والمسلمون صيام، لكون يوم عاشوراء وافق عنده يوم سبت، ولا يحل له بزعمه أن يصوم يوم السبت !! وكذلك غريب أمر رجل ليس بحاج والناس من حوله يوم عرفات صيام وهو مفطر!! أليس هذا بمحروم الأجر والثواب لقلة فقهه )) انتهى.
هكذا وفي أمور أخرى عظيمة قد ذكرتها في كتابي ((الانتصار)) إلى أن أعلن عن مشروعه الكبير ((النظرات في كتب الشيخ ناصر )) في كتابه ((أحكام النساء)) (1/40) [3] ، وذلك في هجوم متواصل لا هوادة فيه، وما وجدت من يقوم بردعه وإثنائه عن تعديه المفرط على ذلك الإمام المجدد، فلما طال الأمر توكلت على الله عز وجل، وقمت بالرد عليه في كتابي: (( الانتصار للحق وأهل العلم الكبار، والرد على من رمى الشيخ الألباني رحمه الله بالتساهل )).
وكان لا بد من بيان دوافع موقفه ذلك من الشيخ، وهل هو خاص بالشيخ أم أنها ظواهر متعددة لدافع واحد في نفس المتعدي، ثم لكون المتعدي قد جعل نفسه حاكماً على كبار أهل العلم، حيث طرح على نفسه سؤالاً فيما سمَّاه بـ (( شرح علل الحديث )):
ما درجة الشيخين الفاضلين أحمد شاكر وناصر الألباني في تصحيح الأحاديث من ناحية التساهل أو التشدد ؟ ثم أجاب بوصفهما بالتساهل [4] ، فكان لزاماً عليَّ أن أبين هل منزلة المتعدي تؤهله للحكم على أهل العلم أم لا ؟
فما أن خرج الكتاب وكشف كثيراً من خبيئة الرجل، وكان مقصودي هو ردعه عن تعديه على أهل العلم والدعاة إلى الله، وبيان الحق لطلاب العلم. ولما كان الرجل له تعامل واسع مع المكتبات ودور النشر، فإن أصحابها امتنعوا عن نشر الكتاب تقريباً، ومع أنني كنت أريد نشر الكتاب، إلا أنني ما أحببت أن يكون في متناول العامة، حتى لا أزج بهم في مثل هذه الأمور التي قد يكون ضررها عليهم أكثر من نفعها، وأما المتعدي فإن موقفه كان على العكس تماماً، فإنه لم يتكلم مع طلاب العلم عن الموضوع بكلمة واحدة، مع أنني كنت قد نقلت عن بعضهم أخباراً عنه، فيها إدانة له، فلم يراجعهم بكلمة، وإنما راح يخاطب العامة - وعلى المنبر يوم الجمعة - ويعلقُ على الكتاب وصاحبه، فاضطررت إلى إيضاح القضية للعامة، فأخرجتُ شريطاً فيه ملابسات الأمر، فكان له وقع جميل عند العامة، وبدءوا يتفهمون القضية.
فلمَّا رأى المتعدي أن العامة سيفهمون الأمور، توقف عن التعليق تماماً [5]، ثم جمعني به - أعني هذا المتعدي على أهل العلم - مجلس يضم طائفة من أهل العلم، وطالبتهم بمناقشة كتاب ((الانتصار)) فما كان فيه من حق ننصره جميعاً، وما كان فيه من خطأٍ أتراجع عنه، فرأيت منهم رغبة في المحافظة على مكانة الرجل، على أن يُنْصِف الشيخَ باعتذار صريح منه عن جميع إساءاته له، وتعاهد بوقف الردود بيننا، فلم يلتزم المتعدي بشيء من ذلك، وأخرج كتابه ((الترشيد)) الذي كان المقصود منه تحسين صورته، والنيل مني بالطرق الملتوية، فأوهم أنه في كل مواقفه مع الشيخ لم يكن قاصداً إلا الانتصار للحق، وليس فيها انتقاص له، ومن ادَّعى عليه خلاف ذلك، فقد وجَّه كلامه على غير وجهه اللائق به، وهو أيضاً متصف بضرب من ضروب الجهل، ونوع من أنواع الغباء، وسالكٌ سبيلاً من سبل بث الشقاق والفرقة بين المسلمين ... إلخ.
ومحا من كتابه ((المؤنَّق)) الذي ضمنه ((الترشيد)) بعض طعونه في الشيخ دون أن يعترف فيها بخطأ، وأبقى طعناً شديداً، يبقى معه له الباب مفتوحاً لمعاودة الكَرَّة حين تسنح له فرصة، وذلك حين أبقى وصفه لأخطاء الشيخ بأنها لا تكاد تُحصى، بل قد صرَّح بأن شذوذات الشيخ - على حد زعمه - ليس مجال ذكرها الآن، وذلك حين قال في (( ترشيده )):
((هناك عشرات من المسائل الفقهية التي تفرَّد بها الشيخ رحمه الله تعالى، وليس المجال هنا مجال ذكرها)). وذلك يعني أنه حين يرى لها مجالاً سوف يذكرها. فرددت عليه بكتابي: ((التفنيد لكتاب الترشيد)) فبيَّنتُ فيه طرقه الملتوية وتناقضه في دفاعه عن نفسه بكل سبيل، حتى صار كتاب ((الترشيد)) وصمة لا يمكنه التخلص منها إلا بالتراجع عنه، فسكتَ تماماً بعدها، وكأن شيئاً لم يكن، ووقفت هجمته على الشيخ ، وخفت حدتها كثيراً على غيره، لكن أين تصرف هذه الطاقة الموجهة للنيل من الآخرين، لم يعد لها موضع إلا هذا الذي اعترض مسيرته، لكنه لم يعد يقدر على الرد المباشر، فلا بد من سبل أخرى: فوجدنا طالب علم - أحسب أن فيه خيراً - وهو من المتكلمين، فإذا به يصعد منبر المتعدي في يوم جمعة، ويردد دفاع المتعدي عن نفسه الذي في ((ترشيده))، فلما بلغه أن الكلام وصلني جاءني واعتذر، وطلب المسامحة فسامحته لِما أرى فيه من الخير، ولما أُعلم أن القضية دخيلة عليه كما أجاب هو بعض من عاتبه على مثل هذا الموقف فقال: (( إن للشيخ مصطفى عليَّ فضلاً )).
وكم يصدق على هذا ما قاله كُثَير عزة في زوجها حين كلفها بشتمه:

يكلفها الخنزير شتمي وما بها هواني لكن للمليك استزلـت
هنيئاً مريئاً غير داء مخامر[6] لعزة من أعراضنا ما استحلت

ثم ما مرت إلا مدة يسيرة وإذا بآخر، واسمه ((محمد فريد)) من القاهرة، وهو ممن يحسنون الكلام أيضاً، فصعد المنبر يوم الجمعة وتكلم عن الإصلاح بين الناس، ثم عرج على القضية، وهاجمني بكلام شديد، حتى حام حول تكفيري [7] والعياذ بالله، وكان سرده للقضية واضحاً جداً أنه يعنيني، حتى إن بعض إخواننا ممن لا يحسنون القراءة سبـَّه، وهمَّ أن يسحبه من على المنبر، وحدث بين الناس بعد الصلاة خلاف شديد، ثم أتى به بعض المحبين للشيخ مصطفى إليَّ لتهدئة الأمر، ومساعدة المسمى بـ (( محمد فريد )) للخلاص من هذا الموقف، واجتمع عندي ثمانية من الإخوة غيري وغير هذا الشخص:
- فقلت له: لماذا تدخل نفسك يا أخي في هذا الأمر؟
- فقال: أنا ما عنيتك بالكلام.
- فقلت له: تقسم بالله أنك ما عنيتني؟ فامتنع تماماً عن القسم.
- فقلت له: أنا أعرف أن لك موقفاً من القضية التي بيني وبين الأخ مصطفى.
- فقال: أنا لا أنكر أنني أعتبر أن هذه الكتب (يعني الانتصار والتفنيد) منكر يجب إنكاره.
- فقلت له: هل قرأت الكتابين ؟
- فقال: لم أقرأهما !! لكنني أشهد أن الحرب - هكذا قال - من جهة واحدة ، وأن الشيخ مصطفى قلبه سليم من جهتك، [8] ثم إن الشيخ مصطفى يدعو، وتشويه صورته يضر بالدعوة.
- فقلت له: أيهما يقدَّم: الشيخ الألباني أم الشيخ مصطفى ؟
- فقال: أنا لا أقارن بين فضيلة الشيخ، والألباني [9] .
فعندها قال له صاحبه الذي جاء يناصره: كان ينبغي عليك ألا تتكلم قبل أن تقرأ الكتابين، ولما تكلم عن شيخنا الألباني - رحمه الله - بهذه الطريقة قطعت الحديث معه، وأخرجته، ثم كلمت بعض إخواننا أن يراجع الشيخ مصطفى حتى لا نزج بالعامة في مثل هذه الأمور، فكان جوابه [10] أنه ليس له دخل بالمسألة. فقالوا له: إن هذا مقيم عندك وتكلم على منبرك، فأصر على عدم اتخاذ موقف، فاضطررت مرة أخرى للحديث مع العامة من خلال الأشرطة، ووعدت بشرح كتاب ((الانتصار))، فلما علم ذلك، إذا بهذا الشخص يأتي ويحلف عليَّ أنه ما قصدني ولا خطر بباله أن الكلام سيفهم على قضيتنا -فليتأمل القارئ هذا في كلامه في الحوار الذي سقته آنفاً! -.
وما مرت إلا أيام قليلة إلا وقد تهوَّر هذا الشخص بكلام تسبب له ولصاحبه في بلاء، وضُمَّ المسجد بسببه للأوقاف، وإنا لله وإنا إليه راجعون [11].
وقد أطلت في هذا التمهيد، لأنه طالما لم يعترف المعتدي بخطئه، ويتراجع عن ظلمه، فستبقى هذه الصور من أمثال (محمد فريد) الذين أهانوا هذا المقام الذي يقوم عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فتكلم في أمر يعترف أنه يجهله إرضاءً لشخص، ستبقى هذه الصورة تتكرر، وقد ابتلينا بهم، فما علينا إلا أن نصبر لله عز وجل، وأرجو من الله أن أكون كما قال حساَّن بن ثابت رضي الله عنه :
فإنَّ أبي ووالده وعرضي **** لعرض محمد منكم وقاء

--------------------------------------------------------------------------------
حواشي:

1- هذا بخلاف من يبين خطأ العالم في موضع لا يصل إليه إلا مبتغي الحق، فإن صنيعه محمود شرعاً كما ذكرت .
2- وهي تهمة باطلة كما بينت في كتابيّ ((الانتصار)) و (( التفنيد )) .
3- المطبوع عام 2000 م.
4- شرح علل الحديث (ص68) طبعة دار ابن رجب بفارسكور.
5- ليتنبه القارئ إلى الأسلوب الذي يصلح لردع هذا المعتدي حتى يتعامل مع القضية بما تستحق .
6- الذي يغلب على ظني أن الأخ المشار إليه يفهم هذا القيد، لأنني أحسبه ممن يفهمون .
7- وكلامه مسجل عندي في شريط .
8- تأمل كيف يُربى هؤلاء، حيث حكم بنكارة شيء لا يعلمه، وحكم على ما في القلوب، الذي لا يعلمه إلا علام الغيوب؟!! .
9- ليتأمل قوله: (( الشيخ مصطفى، والألباني )) الذي يعنيه معرفة حقيقة هؤلاء كيف تكون التربية عندهم، وعند من؟ عند من يخلفه على منبره!! وكان هذا بحضور ثمانية من الثقات.
10- يقصد الشيخ مصطفى .
11- وكم أحزننا ذلك، فقد كنت أتمنى أن يكون هذا المنبر للذب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لا للذب عن الأشخاص. انتهت الحاشية.

ملاحظة: لابن أبي العينين كتب وضعتها في منتدانا هذا دافع فيها عن الشيخ الألباني وأظهر فيها قيمة ردود العدوي، بل وأظهر فيها أيضا قيمة العدوي في العلم والبحث والتأليف والتحقيق.
هي هنا:

http://www.zshare.net/download/intissar-rar.html (http://www.zshare.net/download/intissar-rar.html)

http://www.zshare.net/download/noufous-rar.html (http://www.zshare.net/download/noufous-rar.html)



************************************************** ***

مؤخرا، عثرت على أمر جديد يؤكد أمرا قديما، ويؤكد لي يوما بعد يوم من أن هذا الشخص يعاني من مرض عضال، اسمه " مخالفة الألباني "، فهو لا يستطيع ترك ذلك بحال، وقد سبق أن وضحنا أن مدرسة العدوي مبنية على مخالفة الألباني، أساسا، ولولا ذلك لما عُرف العدوي ... وهذا تأكيد آخر لذلك:
وجدت للعدوي كتابا جديدا سماه بـ " صحيح تفسير ابن كثير " ، ادعى أنه اختصر فيه التفسير وحذف ما فيه من أحاديث ضعيفة، فجعل نفسه حكَماً على هذا الحافظ المحدث المؤرخ، تلميذ ابن تيمية والمزي ! وبحسب ما سبق بيانه أخشى أن لا يكون سلم له عشر ما في الكتاب من أحاديث، وسيشق عليه أن يترك حديثا يصححه الألباني ... المهم .. وجدت الكتاب في أحد المكتبات، فأخذته وتصفحته، فظهر لي الداء واضحا .. داء مخالفة الألباني بأي وجه وبأي طريقة .. وفي الصفحة الأولى .. بل في السطر الاول .. قال: " الحمد لله أحمده وأستعينه وأستهديه .. الخ .. " .. وضع في الحاشية على كلمة " أستهديه " [ جاء في الحديث القدسي: استهدوني اهدكم ] ، وهنا أمر لن يفطن له سوى المتخصص في العدوي : الشيخ الألباني - رحمه الله - سبق له أن أشار إلى أن كلمة " نستهديه " لا تثبت في طرق خطبة الحاجة .. وكنت ألاحظ أن العدوي يكاد لا يترك هذه الكلمة تفوته، لكنه هذه المرة وضّح وصرّح، وجعل في الحاشية تعليلا ، واستجاز لنفسه تغيير اللفظ النبوي .. وهذا يهون ما دام سيخالف به الألباني ..
هذا، وقد لاحظت أنه جاء في نفس الحديث " استطعموني أطعمكم .. واستكسوني أكسكم "، فلم لم يستجز أن يزيد في خطبة الحاجة " ... ونستطعمه ونستكسيه " ؟ كلا ... لم يقلها .. فلا مخالفة فيها للألباني ...
هذا، وقد أسس العدوي مع طلبته خلية سماها " التحقيق والتأليف للجميع "، وفي كل يوم صار يطلع علينا تحقيق لكتاب ضخم، فهذا زاد المعاد، وهذا تفسير ابن كثير، وهذا فتح المجيد، وهذه سيرة بن هشام .. ويظهر كل ذلك بسرعة خيالية، فما كان أحد يظن أن التأليف والتحقيق والحكم على الحديث سهل لهذه الدرجة .. ورحم الله مشايخ التحقيق أمثال أحمد شاكر وعبد السلام هارون ومحيي الدين عبد الحميد ... هان التحقيق حتى سامه كل أحد .. وميزانيات هذه الأعمال الكثيرة الضخمة لا أدري كيف يسهل إيجادها ؟؟؟؟؟ وأما عن التضعيف والتعليل فحدث ولا حرج .. وقد تحدث الشيخ ابن أبي العينين في طبعته الجديدة لتحقيق كتاب " التبيان " للنووي عن تحقيقٍ وجده لهذا الكتاب قامت به فتاة ناشئة من خلية العدوي، وهي دكتورة .. ليس في الحديث أو التحقيق .. بل في الطب البيطري .. فتركت مكانها في الإسطبل وتسلقت علم الحديث !!!!!!!!! فلا تسأل عن ما فيه من عجائب .. وطبعا، وكما اعتاد العدوي، كتب في مقدمته للكتاب أنه راجع التحقيق فأعجبه ووجد صاحبته موفقة وأنها حكمت على أحاديث الكتاب بما تستحق صحة وضعفا !!! فصار اختصاصيو الحيوانات يخطئون النووي والألباني وأحمد شاكر وأمثاله ويحكمون على الأحاديث، ويحققون ويصنفون !!!

والله المستعان.

منقول من منتدى البيضاء وفقهم الله.