المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( إجماعــــــات ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري في بابي الطهارة والصلاة ، جمعاً ودراسة ) . رسالة نوقشت في كلية العلوم الاسلامية بجامعة الانبار .



أهــل الحـديث
10-12-2012, 07:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




المقدمة

الحمد لله الذي أرسل الرسل مبشرين ومنذرين ، وأنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ويتحقق العدل بين المخلوقين ، وجعل لهم خلفاء يخلفونهم في أممهم علماً وعملاً ، ليكونوا قدوةً للعاملين ومناراً للسالكين ، وشهداء على العالمين ، وهؤلاء الخلفاء هم العلماء الربانيون الذين اكتسبوا العلم ابتغاء وجه ربهم ، وربّوا به الأمة علماً وعملاً فكانوا هداة مهتدين .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إله الأولين والآخرين ، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه ليحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون ، وأشهد أن محمداً عبده ورسولُه خاتم النبيين وإمام المتقين ، جعل الله العلماء ورثته في هداية الناس اجمعين , صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما .
أما بعد :
فإن الله جل جلاله حفظ هذا الدين برحمته وقوته ، وضمن بقاءه واستمراره ببقاء أهل العلم ، الذين يدعون من ضل إلى الهدى ويبصّرونهم من العمى ، الذين ينفون عن الدين انتحال المبطلين وتحريف الغالين وتأويل الجاهلين .
وجعل الله هذه الأمة مع علمائها وفقهائها وأئمتها كالأمم الخالية مع أنبيائها , وجعل في كل زمانٍ طائفةً من فقهائها يُقتدى بهم ويُنتهى إلى رأيهم ، فهم الذين ثبت الله بهم قواعد هذا الدين ، وأوضح بهم مُشكِلات الأحكام وأنار العقول وأزال الأوهام ، وجعل الله إتباع سبيلهم وإجماعهم حجةً قاطعة يجب على كل مسلمٍ اتباعها ، كيف وقد أخبر الصادق المصدوق أنهم معصومون باجتماعهم واتفاقهم فلا يكونون على خطأ أو ضلالة .
ولا يخفى على طلبةِ العلم ، ما للإجماع من مكانةِ بارزةٍ في الفقه الإسلامي ، باعتباره مصدراً من مصادر التشريع بعد كتاب الله العزيز وسنةِ رسوله ، فكان حرياً بطالب العلم أن يطلع على القضايا المجمع عليها من الأمة ، وأن يدرك حجم المسائل المتفق والمجمع عليها من المسائل المختلف فيها ، حتى يعطي الثقة التامة بهذا الدين ، ويؤلف قلوب المسلمين ، ويسد الباب على المتقولين الذين يزعمون أن الأمة قد اختلفـت في كل شيء ، فلا يجمعها جامع ، أو يربطها رابط .
ومن هنا ندرك أهمية ما أجمع عليه أهل العلم من الثوابت التي لا تختلف باختلاف الزمان والمكان ، ولا شك أن من أوائل العلماء الذين اهتموا بنقل الإجماع وحكايته ، ذالكم العلامة المجتهد أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال البكري القرطبي المالكي ( ت 449 هـ) ، فقد كان رحمه الله على علمٍ بالخلاف والوفاق ، عالماً بمواطن الإجماع , اعتمد كثير من أهل العلم على إجماعاته .
و يعد كتابه ( شرح صحيح البخاري ) الذي جمع فيه عدداً من الإجماعات في الفقه والتفسير والعقيدة ونحو ذلك , أحد مصادر الاجماع .
وبعد أن منّ الله عليّ اذ هيأ لي سبل العلم الشرعي ، ويسر لي طرقه ، ووفقني للالتحاق بصروحهِ ، والنهل من منابعهِ ، والتربع في رياضهِ وحلقهِ ، بين أيدي أهله وحملته من العلماء الأفاضل والأساتذة الأكابر ، الذين بذلوا الكثير في سبيل تعلمه وتعليمهِ .
وكان من ذلك قبولي بالدراسات العليا – الماجستير – في قسم الفقه وأصوله بكلية العلوم الإسلامية بجامعة الأنبار ، جزى الله القائمين عليها خير الجزاء .
وبعد أن أتممت السنة المنهجية لمرحلة الدراسةِ ، وقد أعان الله على اجتيازها بتوفيقِ منه وفضل .
كان عليّ بعد ذلك أن أشرع في إعداد الرسالة بعد اختيار موضوعها ورسم خطتها ، وبعد الاستشارة والاستخارة استقر الأمر على هذا الموضوع الذي أتقدم بـــــه هنا ، ألا وهــــــــــــو : ( إجماعــــــات ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري في بابي الطهارة والصلاة ، جمعاً ودراسة ) .
أهمية الموضوع وأسباب اختياره :ـ
تتلخص أهمية الموضوع وأسباب اختياره فيما يأتي :ـ
·مكانة الإجماع بين الأدلة الشرعية ، فهو من أقوى الأدلة التي تثبت بها الأحكام ، ودراسته دراسة لأحدٍ مصادر التشريع الإسلامي ، ولا يخفى ما في ذلك من أهمية .
·مسائل الإجماع وجزئياته متناثرة في بطون مصادر عديدة من كتب التراث الإسلامي ، ولمُّ ما تناثر من جزئياته يسهل الرجوع إليها عند الحاجة .
·معرفة مواطن الإجماع والعلم بها يُساعد في تجنب الشذوذ في مسائل الفقه , لاسيما في هذا الزمان الذي كُثرت فيه الآراء الغريبة والاجتهادات الضعيفة التي اعتمد فيها أصحابها على أقوال شاذة وغير معتبرة .
·نشر المسائل المجمع عليها يعطي الثقة التامة بهذا الدين ، ويؤلف قلوب المسلمين ، ويسد الباب على المتقولين ، ويحقق رفع الخلاف الذي هو مقصد شرعي .
·معرفة العلماء المعتبرين في الإجماع وغير المعتبرين من المسائل المهمة في نقل الإجماع ؛ لأن غير المعتبرين قد يغتر بخلافهم .
·إذا خفي النص في مسألةٍ ما على بعض الناس ، وقد عٌلم أن الإجماع لابد له من مستند ، فحينئذ يكتفى به في النقل والاستدلال .
·ما يثار من المناقشات والمجادلات حول فائدةِ الإجماع عند وجود نص من الكتاب والسنةِ .
·فيه خدمة لشرح صحيح البخاري الذي لا يكاد يخلو منه بيت طالب علم ، فضلاً عن عالم .
·إبراز مكانة ابن بطال – رحمه الله – العلمية وقيمة الإجماعات التي ينقلها ، وبيان مصادره فيها .
منهج البحث :ـ
منهجي في البحث يتمثل في الآتي :ـ
أولاً : كان بحثي مقتصراً على المسائل التي حكى فيها ابن بطال – رحمه الله – الإجماع ، ولم يصرح بنسبتها لأحد ممن سبقه أو عاصره ، في بابي الطهارة والصلاة من كتابه : ( شرح صحيح البخاري ) ، وسوف التزم في ترتيب المسائل الفقهية التي حكي الاجماع فيها مسلك الفقهاء في ترتيب كتب الفقه وأبوابه مبتدءاً بالطهارة ، ثم الصلاة ، وسوف لن ألتزم طريقة الإمام البخاري في تبويبه ، فقد يقدم اللاحق ويؤخر السابق .
ثانياً : عملي بالنسبة للمسألة الفقهية التي حكي الإجماع فيها ، سيكون عرضها وفق المنهج الآتي :ـ
·أجعل لكل مسألةِ ذكر ابن بطال الإجماع عليها عنواناً مناسباً .
·شرح وتوضيح المسألة بما يجعلها جليّة ، فقد يأتي نص الإجماع مجملاً أو فيه شيء من غموض يحتاج الى بيان ، وإذا كان نص الإجماع واضحاً إكتفيت به دون بيان .
·أذكر بعد ذلك نص ابن بطال في حكايته للإجماع ، مع توثيقه بالجزء والصفحة .
·ثم بعد ذلك أقوم بتوثيق الإجماع ، وذكر من وافقه عليه من العلماء السابقين له ومن جاء بعده من مختلف العصور مرتبين على حسب وفياتهم ، مع ذكر نص كل إمام مع التوثيق من المصادر .
·أذكر مستند الإجماع في تلك المسألة إن استطعت إلى ذلك سبيلا ، وقد حرصت قدر الإمكان أن يكون المستند نصاً شرعياً من نصوص الكتاب والسنةِ ، مع بيان ما يلزم من أوجه الدلالة والتوضيح .
·إذا كان في المسألة خلاف ينقض دعوى الإجماع ، عندها أذكر الخلاف في المسألةِ معدداً أقوال الفقهاء إن وجدت هناك أقوال ، مع ذكر دليل كل قول ووجهِ دلالتهِ ، مبيناً القول الراجح في المسألة مع بيان سبب الترجيح ، وإذا كان شاذاً حكمت عليه بالشذوذ .
·في نهاية كل مسألة أذكر خلاصة لها ، مبيناً النتيجة التي خرجت بها من ذلك الإجماع وعلى ضوء ما سبق في النقطة السابقة ، مع ملاحظة أن الخلاصة هي غير الترجيح الذي سبق ، وضرورتها تكمن في أنه قد يكون هناك خلاف ، لكن ليس بالضرورة أن يكون الإجماع غير صحيح ؛ لأنه قد يكون الخلاف في جزئيات المسألة وليس في أصلها لكن أقتضى المقام أن نحقق الخلاف فيها ، وسيأتي مثل هذا النوع في طيات هذا البحث ، أو قد يكون الخلاف شاذاً ، وهكذا .
ثالثاً : أقوم بعزو الآيات القرآنية إلى سورها .
رابعاً : أقوم بتخريج الأحاديث الشريفة والآثار ، وذلك بالإحالة على مصدر الحديث أو الأثر مع ذكر الكتب والأبواب وترقيمها بحسب مصادرها مع رقم الجزء والصفحة ، فإن كان الحديث في الصحيحين ، أو في أحدهما اكتفيت بتخريجه منهما أو من أحدهما ، وإن كان خارج الصحيحين ، فإن كان الحديث مشهوراً ومقطوعا بصحته , إكتفيت بتخريجه من مصدر واحدٍ خشية أن أثقل الهوامش بما لا طائل تحته ، وإلا خرجته من أكثر من مصدر مع ذكر ما قاله أهل العلم في درجة الحديث .
خامساً : اعتمدت في بحثي هذا على أمهات المصادر والمراجع الأصلية ، من كتب الفقه المختلفـــــــــة ، وكتب الحديث وشروحـــــــــه ، إضافة إلى الكتب المؤلفة في الإجماعات .
سادساً : أترجم للأعلام غير المشهورين بإيجاز .
سابعاً : عرفت ببعض المصطلحات ، والكلمات الغريبة .
ثامناً : وضعت فهارس علمية في خاتمة البحث للآيات والأحاديث والأعلام , مرتبة ترتيباً أبجدياً يسهل الرجوع إلى مواطن ورودها في هذه الرسالة ، وفهرساً للمصادر والمراجع ، وأخيراً فهرساً للموضوعات .
خطة البحث :ـ
يشتمل البحث على مقدمة ، وتمهيد ، وثلاثة فصول ، وخاتمة ، وفهارس ، وهي على النحو الآتي :ـ
المقدمة : وتحتوي على بيان أهمية الموضوع ، وأسباب اختياره ، ثم منهج البحث وخطته .
التمهيد : ويشتمل على التعريف بابن بطال وبمفردات العنوان ، وفيه أربعة مباحث :ـ
المبحث الأول : التعريف بابن بطال ، وفيه أربعة مطالب :ـ
المطلب الأول : اسمه ونسبه ولقبه وولادته .
المطلب الثاني : مكانته العلمية وثناء العلماء عليه .
المطلب الثالث : شيوخه وتلاميذه .
المطلب الرابع : مذهبه الفقهي ومصنفاته ووفاته .
المبحث الثاني : عصر ابن بطال ، وفيه ثلاثة مطالب :ـ
المطلب الأول : الحالة السياسية .
المطلب الثاني : الحالة الاجتماعية .
المطلب الثالث : الحالة العلمية .
المبحث الثالث : منهج ابن بطال في إجماعاته ، وفيه ثلاثة مطالب :ـ
المطلب الأول : مصادر ابن بطال في إجماعاته .
المطلب الثاني : الألفاظ والعبارات التي استعملها ابن بطال في حكايته للإجماع ، مرتبة حسب القوة في الدلالة على الإجماع ، مع بيان ما يمكن بيانه منها .
المطلب الثالث : مكانة إجماعات ابن بطال عند العلماء .
المبحث الرابع : الإجماع ، وفيه أربعة مطالب :ـ
المطلب الأول : تعريف الإجماع لغةً واصطلاحاً .
المطلب الثاني : مكانة الإجماع بين مصادر التشريع الإسلامي
المطلب الثالث : مستند الإجماع .
المطلب الرابع : مسائل تتعلق بالإجماع لها صلة بالبحث ، وفيه مسألتان :ـ
المسألة الأولى : مخالفة الواحد في انعقاد الإجماع .
المسألة الثانية : هل نفي العلم بالخلاف يُعد إجماعاً .
الفصل الأول : إجماعات ابن بطال في الطهارة ، وفيه ثمانية مباحث وتحت كل مبحث مطالب :ـ
المبحث الأول : إجماعات ابن بطال في أحكام المياه .
المبحث الثاني : إجماعات ابن بطال في فروض الوضوء وصفته .
المبحث الثالث : إجماعات ابن بطال في نواقض الوضوء .
المبحث الرابع : إجماعات ابن بطال في أحكام الغسل .
المبحث الخامس : إجماعات ابن بطال في أحكام التيمم .
المبحث السادس : إجماعات ابن بطال في المسح على الخفين .
المبحث السابع : إجماعات ابن بطال في النجاسات وإزالتها .
المبحث الثامن : إجماعات ابن بطال في أحكام الحيض .
الفصل الثاني : إجماعات ابن بطال في الصلاة ، وفيه ثلاثة عشر مبحثاً ، وتحت كل مبحث مطالب ، وأحياناً تحت بعض المطالب مسائل .
المبحث الأول : إجماعات ابن بطال في فرض الصلاةِ وما يتعلق به .
المبحث الثاني : إجماعات ابن بطال في الأذان .
المبحث الثالث : إجماعات ابن بطال في شروط الصلاة .
المبحث الرابع : إجماعات ابن بطال في صفة الصلاة .
المبحث الخامس : إجماعات ابن بطال في مبطلات الصلاة .
المبحث السادس : إجماعات ابن بطال في سجود السهو وما يتعلق به .
المبحث السابع : إجماعات ابن بطال في صلاة الجماعة وما يتعلق بها
المبحث الثامن : إجماعات ابن بطال في أحكام الإمامة .
المبحث التاسع : إجماعات ابن بطال في صلاة الجمعة .
المبحث العاشر : إجماعات ابن بطال في صلاة أهل الأعذار .
المبحث الحادي عشر : إجماعات ابن بطال في صلاة العيدين .
المبحث الثاني عشر : إجماعات ابن بطال في صلاة الاستسقاء .
المبحث الثالث عشر : إجماعات ابن بطال في صلاة الكسوف .
الخاتمة : وتحتوي على أهم نتائج البحث مع بعض التوصيات .
المصادر :
ومستخلص الرسالة باللغة الانكليزية .
هذا وإني لأحمد الله تبارك وتعالى حمداً يوافي نعمه ، ويكافئ مزيده ، وأشكره على ما منَّ به من منن ، وما أنعم به عليَّ من نعم لا سبيل إلى إحصائها ، فكيف بشكرها ، ومن ذلك إكرامه إياي بإتمام هذا البحث الذي أسأله سبحانه أن يجعله خالصاً لوجه الكريم ، فما كان من صوابٍ فهو من الله وحده ، وما كان من خطأٍ فمني ومن الشيطان ، وأستغفر الله منه ، وإني راجع عنه .