المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدستور المصري الجديد ... وقفة !



أهــل الحـديث
06-12-2012, 12:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الدستور المصري الجديد ... وقفة !

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين ..
وبعد/
فهذه كلمات سطرتها وأحرف حبّرتها في تجربة الاسلاميين الحديثة في صياغة دستور للبلاد المصرية -حرسها الله-.

وكلامي سيكون مركزا بعون الله على نقاط العلاقة بين الدستور المذكور والشريعة الاسلامية توافقا وتعارضا ، دون ما يتعلق بالتنظيمات الادارية وغيرها مما لم يتعرض له الشرع بنفي ولا اثبات..

أتعامل مع النص الدستوري كنص مجرد ، بعيدا عن حال كُتابه أو محرريه ، وما لهم وما عليهم ، وما هم مضطرون اليه او معذورون فيه او العكس ..

ونبدأ الكلام بعون الله فنقول :

المتأمل الناظر لمسودة الدستور المصري الجديد يلمح ايجابيات لا تنكر .. وان كان في بعضها ابهام أو اجمال.. الا ان مجرد تضمينها دستورا من دساتير بلادنا العربية يعتبر لدى البعض "انجازا".

من هذه الايجابيات:
- المادة 2 والتي تنص : "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع".
- المادة 4 والتي جاء فيها: "يؤخذ راي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية".
- المادة 44 : تُحظر الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة.
- المادة 219: مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، فى مذاهب أهل السنة والجماعة..

لكن مما يثير الارتياب ، ويطرح علامات الاستفهام، هو ما يلمسه المتامل في الدستور من أن المادة (2 ، 219) .. لا تعدو كونها حبرا على ورق في كثير من الاحيان .. (ما لم تفعل) وتنفذ .. ودون ذلك عقبات منها :
1/ ضعف حال الامة عموما والاسلاميين خصوصا وتسلط اعداء الداخل والخارج.
2/ غياب رؤية واضحة وقوة سلطانية حاكمة تنفذ ذلك وفق الشريعة .
3/ ندرة وجود قضاة يقومون بتطبيق احكام الشريعة على الناس ، وقلة من يعرف احكامها .. اذ اغلب اولئك القضاة هم انفسهم من يحكم ويتحاكم الى القوانين الوضعية المخالفة للشريعة صراحة منذ عقود.
4/ والاهم من ذلك كله ؛ ان هذا الدستور الذي يحتوي هذه المواد هو ذات الدستور الذي ينص على مخالفة الشريعة في مكان آخر..

ولا تعنينا النقاط الثلاثة الاولى .. بقدر ما تعنينا في هذا المقام النقطة الرابعة .. لان كلامنا منصب على نقد النص كنص يتحاكم اليه فيما بعد..

تنص المادة الثانية : "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع".
وتفسرها المادة 219 : "مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، فى مذاهب أهل السنة والجماعة..".

وعليه فان مقتضاهما عدم مخالفة الكتاب والسنة ، ومواضع الاجماع والقواعد المعتبرة عند اهل السنة ..

بينما نجد في ذات الدستور -مثالا لا حصرا -:

- ماده 1/ جمهورية مصر... نظامها ديموقراطي ..!

- مادة 5 / توضح معنى المادة الاولى فتنص : "السيادة للشعب يمارسها ويحميها"..
وهي عبارة لا يخفى على مطلع ما بها من اشكالات، خاصة ان ديننا ينص على ان السيادة لدين الله وشرعه .. ولو اختار اكثر الشعب العلمانية او ارتد عن اسلامه.. وهي مادة تشرعن كل راي للاغلبية .. فهل تامنون يوما يصوت الشعب فيه للعلمانيين وللعلمانية .. كما حدث ويحدث في عدة دول اسلامية وعربية..

- مادة 6/ "..لا يجوز قيام حزب سياسى على أساس التفرقة بين المواطنين؛ بسبب... الدين".

- مادة 7/ "الدفاع عن الوطن وحماية أرضه، شرف وواجب مقدس. والتجنيد إجبارى.." كلمة "مقدس" ! والاجبار على التجنيد لا يخفى بطلانه ومخالفته الشريعة .. وانه لا يصح الا عند استنفار الامام..

- مادة 34/ "الحرية الشخصية حق طبيعى؛ وهى مصونة لا تمس." عبارة براقة ..لكنها في الدساتير الديموقراطية يقصد بها الحرية المطلقة للفرد ليمارس كل ما يريد ... فيدخل عادة في الدساتير العالمية العربية والغربية والشرقية تحت الحرية الشخصية كل ما يحلو للفرد ممارسته .. من علاقات محرمة وشرب ما يريد واكل ما يريد ويعامل المعاملات التي يريد ... !!
وهذه المادة ستكون مانعا لاحقا من تطبيق اي حد للخمر او الزنا او ردع للربا او ما شابه.. لانها حرية شخصية ..

- مادة 43/ "حرية الاعتقاد مصونة.. وتكفل الدولة حرية ممارسة الشعائر الدينية واقامة دور العبادة للأديان السماوية؛ وذلك على النحو الذى ينظمه القانون" .
اطلاق كلمة "الاديان السماوية" لا يخفى ما فيه بحسب قصد قائله!

والسماح ببناء دور العبادة لليهود والنصارى في عموم الديار المصرية او اكثرها امر مخالف للشريعة بقواعدها العامة وقد الف كتب في حرمة ذلك بل هدم كثير منها من قبل علماء من جميع المذاهب .. ..
وماذا عن الممارسة ... !!! الممارسة العلنية واظهار الصلبان والاوثان .. يسمح بها الدستور وهي تخالف الشريعة قطعا..
كما ان عبارة "حرية الاعتقاد مصونة" فضفاضة تفتح باب احتمال حرية الردة .. وكل اعتقاد كفري من فرق تنتسب الى الاسلام..!!

- المادة 46 -48 / لا تتعرض لضبط الفن بل فتح ابواب الفنون على مصراعية متضمن في فحوى المادة ... خاصة في بلد "الفن العربي" مصر..!!!!

- المادة 48/ "والرقابة على ما تنشره وسائل الإعلام محظورة" .. اظن ان اعلاما كاغلب الاعلام المصري هذه المادة تعني له الحرية التي يمارسها بكل فساد وافساد !!!!

- المواد المتعلقة برئيس الجمهورية المصرية لا تتطرق الى اشتراط ان يكون مسلما ...برغم كثيرة الشروط المذكورة من كونه مصريا ، مصري الابوين ...الخ.. ولا يخفى ما في هذا من مخالفة الشريعة .. ولا يستبعد تسليط الاقليات على الحكم في المستقبل كما فعل ويفعل في بعض البلدان..

- المادة 149/ "لرئيس الجمهورية العفو عن العقوبة أو تخفيفها.." وتعميم هكذا حكم مخالف للشريعة فالعقوبات الشرعية كالحدود ليس من حق الرئيس ولا غيره العفو عنها ...!! مما يطرح تساؤلات ..

- ليس هناك اي مادة تمنع ما يخالف الشريعة .. خاصة في المعاملات المالية وغيرها..

وغير ذلك من مواد مبهمة .. لا تحق حقا وتبطل باطلا ... هذا ما اردت ايراده لفتا لانظار الغيورين المتحمسين حماسا محمودا لتطبيق الشريعة .. واقامة دين الله في ارضه..

اترك لكم هذه الكلمات .. ليرى الناظر ويتامل قبل ان يقدم على فعل يندم عليه ويتحسر..

والله تعالى اعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
والحمد لله رب العالمين ....