المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا تراجعت مكانة المسلمين ؟!



أهــل الحـديث
04-12-2012, 04:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

هذه مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي ( حفظه الله) وهي بعنوان "لماذا تراجعت مكانة المسلمين ؟!"، نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بها.



لماذا تراجعت مكانة المسلمين ؟!



الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد وعلى آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
لقد أخرج الله جل جلاله من آمن برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم،وتمسك بأوامره وابتعد عن نواهيه من الظلام الدامس إلى النور الساطع،ومن الذل والمهانة إلى العزة والمكانة،قال أمير المؤمنين عمر الفاروق-رضي الله عنه-:"إنا كنا أذلَّ قوم،فأعزنا الله بالإسلام،فمهما نطلبُ العزةَ بغير ما أعزَّنا الله به أذَلَّنا الله".رواه الحاكم في المستدرك(1/130)وصححه الشيخ الألباني-رحمه الله-في السلسلة الصحيحة(51).
فبسبب تمسكهم بدينهم وتعلقهم بهدي نبيهم صلى الله عليه وسلم،رفع الله شأنهم وأعلى مكانتهم،وتوالت عليهم الفتوحات وازدادت الانتصارات،وهابهم أعداء الدين من الكفار والمنافقين.
لكن مع مرور الأعوام وانقضاء خير القرون، بدأ الضعف والهوان يدخل على المسلمين مع كثرة أعدادهم،وتوسع بلدانهم،وبالأخص في عصرنا الحاضر!،وذلك بسبب البعد عن الدين،وما نتج عن ذلك من ظهور البدع والمحدثات،وانتشار المحرمات وازدياد المنكرات،والله المستعان.
فما حصل هذا التبدل،وما وجد هذا التغير إلا بسبب تغير الأنفس وتوجهها إلى المعصية بعد أن كانت مقبلة على الطاعة،
قال الله تعالى:(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)[الرعد:11].
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي –رحمه الله-:"بين تعالى في هذه الآية الكريمة:أنه لا يغير ما بقوم من النعمة والعافية حتى يغيروا ما بأنفسهم من طاعة الله جل وعلا ،والمعنى:أنه لا يسلب قوماً نعمة أنعمها عليهم،حتى يغيروا ما كانوا عليه من الطاعة والعمل الصالح".أضواء البيان(2/237)
لقد ترك كثير من المسلمين اليوم أيها الأحبة وللأسف تطبيق تعاليم الإسلام،وأعرضوا عن تعلُّمها،وزهدوا فيها،فانتشر بينهم الجهل وحلت المعتقدات الباطلة،فأفسدتهم وأبعدتهم عن المنهج القويم والصراط المستقيم الذي جاء به سيد ولد آدم أجمعين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم،ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الكريم.
فأصبح بعضهم بدل أن يحمد الله تعالى أن من عليه وجعله مسلما،ويسعى جاهدا لتحقيق تعاليم دينه الحنيف،وينشرها بين الناس،تراه معجبا ومتأثرا بحضارة الغرب المزيفة،التي زينوها لهم بالباطل،وزخرفوها بالمنكر من الأقوال والأفعال، ليؤثروا على بعض ضعاف النفوس من المسلمين!،والله المستعان.
وبسبب الجهل بتعاليم الإسلام،والتأثر بفكر الغرب الهدام،ضُيعت أكثر الواجبات،ومن ذلك الصلوات،وارتكبت المحرمات واتبعت الشهوات،وتُعلق بالدنيا ونُسي هاذم اللذات،فكانت نتيجة ذلك،تَسلط أعداء الدين من الكفار والمنافقين على المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم:" يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كما تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِهَا"، فقال قائل:ومن قلة نحن يومئذ؟!فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ،وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ!وَلَيَنْزَعَنَّ الله من صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ الله في قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ"،فقال قائل يا رسول الله وما الْوَهْنُ؟ قال:"حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ".رواه أبو داود(4297)من حديث ثوبان-رضي الله عنه-وصححه الشيخ الألباني-رحمه الله-.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"وحيث ظهر الكفار فإنما ذاك لذنوب المسلمين التي أوجبت نقص إيمانهم، ثم إذا تابوا بتكميل إيمانهم،نصرهم الله كما قال تعالى:(ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)[آل عمران :139] وقال تعالى:(أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم) [آل عمران :165]". الجواب الصحيح(6/450)
فبالله عليكم أيها الكرام،كيف ينصرنا القوي العلاَّم؟!و يَهابنا أعداء الإسلام؟!وهذه البدع والمعاصي بيننا تُرتكب جهارا ونهارا!ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قال الإمام ابن القيم –رحمه الله-:"فمن نَقص إيمانه نقص نصيبه من النصر والتأييد،ولهذا إذا أصيب العبد بمصيبة في نفسه أو ماله أو بإدالة عدوه عليه،فإنما هي بذنوبه،إما بترك واجب أو فعل محرم، وهو من نقص إيمانه".إغاثة اللهفان(2/182)
فعلينا إذا أردنا النصر والتمكين على أعداء الدين،والنجاح و الفلاح في الدنيا و الآخرة بإذن الله،أن نرجع لتحكيم ديننا الحنيف في أمورنا كلها،ونأمر بالطاعات وننهى عن المنكرات،قاصدين بذلك وجه رب البريات،قال تعالى:(يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)[ محمد :7].
قال الشيخ السعدي –رحمه الله-:"هذا أمر منه تعالى للمؤمنين،أن ينصروا الله بالقيام بدينه،والدعوة إليه،وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله،فإنهم إذا فعلوا ذلك،نصرهم الله وثبت أقدامهم،أي:يربط على قلوبهم بالصبر والطمأنينة والثبات، ويصبر أجسادهم على ذلك،ويعينهم على أعدائهم،فهذا وعد من كريم صادق الوعد،أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه،وييسر له أسباب النصر من الثبات وغيره".تفسير السعدي(ص785)
قال الشيخ ابن باز –رحمه الله-:"فالله جل وعلا جعل للنصر أسبابا وجعل للخذلان أسبابا، فالواجب على أهل الإيمان في جهادهم وفي سائر شئونهم أن يأخذوا بأسباب النصر ويستمسكوا بها في كل مكان في المسجد وفي البيت وفي الطريق وفي لقاء الأعداء وفي جميع الأحوال.
فعلى المؤمنين أن يلتزموا بأمر الله،وأن ينصحوا لله ولعباده،وأن يحذروا المعاصي التي هي من أسباب الخذلان،ومن المعاصي التفريط في أسباب النصر:الأسباب الحسية التي جعلها الله أسبابا لا بد منها،كما أنه لا بد من الأسباب الدينية،فالتفريط في هذا أو هذا سبب الخذلان".مجموع الفتاوى(18/383)
فالله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يرد المسلمين إلى دينهم القويم وسنة نبيهم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، ويثبتهم على ذلك،ويَصرف عنهم كيد أعداء الدين من الكفار والمنافقين،فهو سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أبو عبد الله حمزة النايلي