المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التفقه على مذهب الشافعي



أهــل الحـديث
04-12-2012, 10:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



التفقه على مذهب الشافعي

فهد عبد الله الحبيشي




من الملاحظ أن كثيرًا ممن يريدون طلب العلم والتفقه على مذهب الإمام الشافعي يجهلون منهجية وسُلَّم التعلم الذي يوصلهم إلى مبتغاهم، فيجهلون بماذا وكيف يبدؤون، فتضيع الأوقات على كثيرين وهم -بعدُ- لَمَّا يشموا رائحة الفقه.

ومن العجائب أني رأيت كُتَيِّـبًا لأحدهم يضع فيه منهجًا لطلب العلم ويذكر في المذهب الشافعي أن يبدأ الطالب بقراءة متن أبي شجاع، ثم شرح الحصني عليه، ثم حاشية البيجوري، ثم مغني المحتاج!

إن هذا الكاتب -بفعلته هذه- يجني على العلم وأهله جناية عظمى، إذا ما حُِمل ما قاله هذا المسكين محمل الجد، كما لا يدري هذا الكاتب أنه أعرب عن جهله، وإن تعجب فعجب أن يلقبه أصحابه بالشيخ، ولكن إذا لم تستح؛ فاصنع ما شئت.

ولهذا رأيت -لزامًا- أن أبيِّن -بعون الله- المنهج الذي ينبغي السير والالتزام به لمريد التفقه على مذهب الإمام الشافعي، وأشدد على ضرورة المضي وفقه وعدم تجاوزه، وهو كما يلي:

أ****- الفقه:
1- متن سفينة النجا.
2- متن أبي شجاع، والمسمى بمتن الغاية والتقريب.
3- شرح ابن قاسم على متن أبي شجاع.
4- تحرير تنقيح اللباب، لزكريا الأنصاري.
5- تحفة الطلاب شرح تنقيح اللباب، لزكريا الأنصاري.
6- عمدة السالك وعدة الناسك.
7- منهاج الطالبين.
8- شروح المنهاج، ويبدأ بأحد الشرحين: النهاية أو التحفة، بيد أني أفضل النهاية لسهولة عبارته مقارنة مع التحفة، ثم يُثَنِّي بالتحفة، ثم المغني، ثم ليطالع حواشي المتأخرين؛ فإن فيها علمًا جمَّا، وأشهر هذه الحواشي وأروعها:
1- حاشية البيجوري على ابن قاسم.
2- حاشية الشرقاوي على التحفة لزكريا.
3- حاشية تحفة الحبيب على الإقناع، للبجيرمي.
4- حاشية البجيرمي على شرح المنهج.
5- حاشية الجمل على شرح المنهج.

ب****- الأصول:
1- الورقات بشرح المحلي.
2- لب الأصول لزكريا.
3- غاية الوصول شرح لب الأصول لزكريا.
4- متن جمع الجوامع.
5- شرح المحلي على جمع الجوامع.

ج****- القواعد الفقهية:
1- القواعد الفقهية، لعبد الله بن سعيد.
2- شرح منظومة القواعد الفقهية للجرهزي.
3- شرح المنظومة ذاتها للأهدل.
4- الأشباه والنظائر للسيوطي.

ثم ليطالع كتب تخريج الفروع على الأصول وهما كتابان: أحدهما للزنجاني، والآخر للأسنوي والذي سماه التمهيد.

وهذه الكتب قد اختارها وسار عليها فقهاء الشافعية وجعلوها منهجًا مقررًا لطالب العلم، والمطالع لها يجدها واضحة سهلة الترتيب والتبويب والحفظ، بل إن بعضها مما لا نظير له في كتب المذهب بل ولا خارجه؛ كمتني أبي شجاع والتحرير، ولو تعرضت لميزات كل كتاب لطال المقام؛ ولهذا أكتفي بالكلام على كتاب المنهاج والذي أفردت له المبحث التالي.

ولكن أريد أن أنبه هنا على أمور:
الأول: هناك بعض الكتب التي يمكن أن تزاد في المنهج السابق إن اتسع وقت المتفقه وكان في فسحة من الزمن، وهي: كفاية الأخيار، والزبد بشرح مواهب الصمد، ويمكن أن يدرسا بعد شرح التحرير، وفتح الوهاب، ويدرس بعد المنهاج وقبل الشروح.

الثاني: يظن البعض أن كل ما في الكتب السابقة معتمد في المذهب، وأسارع بالقول بأن هذا الظن خطأ؛ لأنه ما من كتاب إلا ويحتوي على مسائل ضعيفة بما في ذلك المنهاج والتي سيأتي الكلام عليه، وكذلك شروحه: كالتحفة والنهاية؛ ولهذا يجب التنبه إلى ما يقوله المشايخ والشراح والمحشون.

الثالث: لا يظن مَن قرأ هذه الكتب أنه قد تبحر في المذهب وبلغ رتبة الإمامة فيه، وكل من ظن في نفسه ذلك علمنا أنه لم يعرف بعد الدراسة المذهبية وأخطأ في دعواه، نبه على هذا النووي وغيره.

المنهاج وشروحه:
يعتبر المنهاج أهم كتب الشافعي في العصور المتأخرة، فعليه مدار التدريس والفتوى، وتكمن أهمية الكتاب فيما يلي:
1- أن مؤلفه هو الإمام النووي.
2- أنه اختصار لجهود فقهاء الشافعية طوال ستة قرون.
3- ما حواه من كثرة المسائل؛ إذ بلغت حوالي سبعين ألف مسألة.
4- سهولة عبارته ووضوحها، فهو لم يعقد كتابه تعقيد المتأخرين، بل إنه من الجلاء بحيث يستطيع العالم قراءته وفهمه دون شروح.
5- كونه حوى المعتمد في المذهب.
ورغم أنه مختصر في المذهب الشافعي إلا أنه من الكتب التي لا ينبغي أن تخلو مكتبة طالب علم منه؛ قال أحدهم:


حوى في الشرح منهاج النواوي***بتصحيح الشريعة والفتاوي

كتاب لا يعادله كتاب***يزيد على رواية كل راوي

روى سبعين ألفًا باختصار***وكم من كامنات في الفحاوي

فحسبك درسه في كل حين***فهو يكفيك عن بحر وحاوي



هذا، وقد اعتنى بهذا المختصر جمع من علماء الشافعية، فشرحه تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي ولم يكمله، بل وصل إلى الطلاق، وسماه (الابتهاج) وتوفي سنة ست وخمسين وسبع مئة، وأكمله ابنه بهاء الدين أحمد، المتوفى سنة ثلاث وسبعين وسبع مئة، وشرحه محمد بن علي العلياني، المتوفى سنة خمسين وسبع مئة، والشيخ جمال الدين محمد بن أحمد المحلي، المتوفى سنة أربع وستين وثمان مئة، وكذلك شهاب الدين أحمد بن حمدان الأذرعي له شرحان؛ أحدهما: القوت، وقد اختصره شمس الدين محمد بن محمد بن محمد الغزي، المتوفى سنة ثمان وثمان مئة، وشرحه كذلك مجد الدين أبو بكر بن إسماعيل الزنكلوني، المتوفى سنة أربعين وسبع مئة، ولم يطوله، وشرحه أيضًا سراج الدين عمر بن علي بن الملقن الشافعي، المتوفى سنة أربع وثمان مئة، وسماه (الإشارات)، وله (تحفة المنهاج) و(البلغة) على أبوابه في جزء، وله جامع الجوامع نحو ثلاثين مجلدًا احترق غالبه، وله عمدة المحتاج في نحو ثلاث مجلدات، وكذلك (العجالة) في مجلد، وله (لغاته) في مجلد وهو المسمى بـ (الإشارات) وتصحيحه في مجلد أيضًا، كذا في ضوء السخاوي.

وأفرد الشيخ سراج الدين عمر بن محمد اليمني، المتوفى سنة سبع وثمانين وثمان مئة، زوائد العمدة، والعجالة لابن الملقن، وسمي الأول (تقريب المحتاج إلى زوائد شرح ابن الملقن على المنهاج)، والثاني (الصفادة في فوائد العجالة).

كما شرحه أحمد بن العماد الأفقهسي، وله عليه عدة شروح، بعضها لم يكمل، وشرحه جمال الدين الأسنوي، وبلغ فيه إلى المساقاة سماه (الفروق)، وصنف (زيادات على المنهاج)، وأكمل الشيخ بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي المتوفى سنة أربع وسبعين وسبع مئة ذلك الشرح، وشرحه سراج الدين عمر بن رسلان البلقيني، وسماه (تصحيح المنهاج) أكمل من الربع الأخير، ووصل إلى ربع النكاح، وتوفي سنة خمس وثمان مئة.

وشرحه الشيخ شرف الدين بن عثمان المقري شرحًا مبسوطًا في نحو عشر مجلدات، ومتوسطًا، وصغيرًا في نحو مجلدين، وتوفي سنة تسع وتسعين وسبع مئة، والشيخ بدر الدين محمد بن محمد المعروف بابن رضي الدين الغزي، له شرحان: أحدهما سماه (ابتهاج المحتاج)، وشرحه الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، وسماه (درة التاج في إعراب مشكل المنهاج)، وتوفي سنة أحد عشر وتسع مئة، ونظمه أيضًا وسماه (الابتهاج)، وشرحه الشيخ زكريا الأنصاري.

وشرحه تقي الدين أبو بكر بن محمد الحصني، المتوفى سنة تسع وثمانين وثمان مئة، وشرحه الشيخ إبراهيم المأموني المكي، وهو من المتأخرين، وممن شرحه الشيخ كمال الدين بن موسى الدميري، المتوفى سنة ثمان وثمان مئة، وسماه (النجم الوهاج) ولخصه من شرح السبكي والأسنوي وغيرهما.

ولكاتب هذه الرسالة شرح مختصر على المنهاج بيَّن فيه معانيه بشكل عصري، مع بيان الضوابط والقواعد والقيود والشروط المهمة والضرورية، مع التنبيه على المسائل الضعيفة، إضافة إلى ذكر بعض النوازل العصرية وتنزيلها على قواعد المذهب وتخريجها على فروعه، يسر الله إتمامه.

والشروح الأربعة السابق ذكرها: التحفة والنهاية والمغني والمحلي، هي معتمد المتأخرين.

أمهات المنهاج:
لقد اختصر النووي كتابه (المنهاج) من كتاب المحرر للرافعي، ثم اختلف علماء الشافعية في المحرر؛ هل هو كتاب أم مختصر من غيره؟ فذهب البعض كابن حجر في التحفة إلى أنه كتاب مستقل؛ حيث قال ما لفظه: وتسميته -أي المحرر- مختصرًا لقلة لفظه، لا لكونه ملخصًا من كتاب بعينه. ومثله في شرح البكري على المنهاج.

في حين ذهب آخرون كالبجيرمي إلى أنه مختصر من غيره؛ حيث قال في حاشيته على شرح المنهج: إن المحرر مختصر من الوجيز، وهو كتاب للغزالي مطبوع. وهذا الرأي هو الصحيح؛ لأنك لو قارنت بينهما لوجدتهما متشابهين بدرجة كبيرة ترتيبًا وعبارةً، مما يجعلك تقطع بأن الوجيز أصل للمنهاج.

ثم إن المحرر مختصر من الوسيط، المختصر من البسيط، المختصر من نهاية المطلب لإمام الحرمين، وكل من الوجيز والوسيط والبسيط للغزالي.


فهد عبد الله الحبيشي