المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متى وُجد حكم الشَّريعة فاعلم أنَّه اليسر، لا متى وُجد اليسر فإنَّه حكم الشَّريعة للشيخ صالح بن عبدالله العصيمي حفظه الله



أهــل الحـديث
03-12-2012, 11:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


وهٰذا اليسر والسُّهولة هو بحسب وضع الشَّرع، لا باعتبار داعي الطَّبع، فإنَّ من النَّاس من صار ينسب يسرًا وسهولةً، ينسبها إلى الشَّريعة موردها عنده الطَّبع لا الشَّـرع، فتجد من النَّاس من يقع في الحرام ثمَّ إذا خوطب فيه يقول: الدِّين يسرٌ، والدِّين يسرٌ حقٌّ باعتبار وضع الشَّرع، أمَّا باعتبار داعي الطَّبع وما يميل إليه النَّاس فهذا باطلٌ، فإنَّ من النَّاس من ينتهك المحرَّمات ويقول: الدِّين يسرٌ والشَّريعة سمحةٌ، والشَّريعة سمحةٌ يسرٌ باعتبار الوضع الشَّرعيِّ، أي كما قُدِّر في أحكامها، لا بحسب ما تستدعيه الأهواء والآراء، سواءً ممَّا يميل إليه الحاكم أو المحكوم، فإنَّ الشَّريعة لا تخضع لأحدٍ، وإنَّما كلُّ أحدٍ يخضع للشَّـريعة، ولا سيادة لأحدٍ على الشَّريعة، بل السِّيادة كلُّها للشَّريعة، واليسر والسُّهولة والسَّماحة هو ما جاء في أحكام الشَّريعة.

أمَّا ما يدَّعيه النَّاس من الأحكام ثمَّ ينسبونها إلى الشَّرع ويقولون: الدِّين يسرٌ، فواقِعْ الحرام لأنَّ الدِّين يسرٌ، ووافِقْ على الحرام لأنَّ الدِّين يسرٌ، وارضَ بالحرام لأنَّ الدِّين يسرٌ، هٰذا كذبٌ على الشَّريعة، الشَّريعة يسرٌ بما بيَّن الشَّرع، أمَّا أنَّها يسرٌ بحسب ما يميل إليه فلانٌ أو فلانٌ أو ما يوافق النَّاس من الأحوال في أمورهم السِّياسيَّة أو الاقتصاديَّة أو الأخلاقيَّة أو العلميَّة أو الثَّقافيَّة أو الاجتماعيَّة فهٰذا انتهاكٌ لحرمة الشَّريعة، فإنَّما ينحصر اليسر والسُّهولة في الوضع الشَّرعيِّ للدِّين، أمَّا الوضع الطَّبعيُّ فهٰذا لا يحكم على الشَّريعة، فمن النَّاس من يحكم على الشَّريعة بطبعه باعتبار نشأته في إقليمٍ أو بلدٍ، فيجعل طبع النَّاس الَّذي ائتلفوا عليه وصاروا عليه في هذا البلد حاكمًا على الشَّـريعة ويقول: كُنْ كالنَّاس.

وإذا نظرت إلى هذه الدَّعوة: كُنْ كالنَّاس وجدت أنَّ الحامل عليها موافقة الطَّبع الَّذي نشأوا عليه في ذلك الإقليم أو البلد لا أنَّه باعتبار ما هم عليه من الدِّين الصَّحيح الَّذي جاء في القرآن والسُّنَّة.

فينبغي أن يُعلَّم النَّاس فهمَ أنَّ الدِّين يسرٌ باعتبار الوضع الشَّرعيِّ لا باعتبار الوضع الطَّبعيِّ وما يُستجدُّ للنَّاس من الآراء والأهواء، ويُنبَّهون إلى ذلك ويُرشَدون إليه، أنَّ الميزان الَّذي يتبيَّن به اليسر من عدمه أن هٰذا موكولٌ إلى الشَّرع وأنَّ خلافه ليس يسرًا.

فالَّذي يلبس ثوبه تنطُّعًا إلى ركبته يُقال له الدِّين يسرٌ ولم يأت بهذا، والَّذي يسحب ثوبه خلفه يُقال له الدِّين يسرٌ ولم يجئ بهذا، وليس الدِّين يسرًا أنَّه يسحب ثوبه كما أنَّ الآخر يرفعه وينسبه إلى الشَّـريعة، إلى ركبته، كلاهما واقعٌ في الطَّرفين بين الغلوِّ والجفاء.

وأمَّا اليسر هو حكم الشَّريعة، متى وُجد حكم الشَّريعة فاعلم أنَّه اليسر، لا متى وُجد اليسر فإنَّه حكم الشَّريعة، وبعض النَّاس إذا كان في بلدٍ يتعامل بالرِّبا وجاءه مالٌ يأخذه ويقول: الدِّين يسرٌ، لا! الدِّين يسرٌ مع حكم الشَّريعة، والشَّريعة حرَّمت عليك الرِّبا سواءٌ في السُّعوديَّة أو وأنت في أمريكا، فالحكم الشَّـرعيُّ لا يتغيَّر ولا يتبدَّل.