المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علّم نفسك يا دكتور .... للكاتب / صالح الطريقي



الاهلي الراقي
30-11-2012, 07:50 PM
قبل 25 عاما تقريبا ابان كنت في نادي الأهلي لاعبا مازالت ذاكرتي تحتفظ بصورة للدكتور عبدالرزاق أبو داود حين كان نائبا للرئيس بالنادي، وكانت الصورة أو المشهد “إصدار أوامر لرجل الأمن بأن يطرد ناشئا كان يرتدي “فنيلة” عليها شعار النادي المنافس”، وكأنه يرسل إشارات بأنه لا مجال للمندسين وإن كانوا أطفالا، مع أن التعامل بحب مع ذاك الطفل ربما يدفعه للانتماء للنادي وبالتأكيد سيرتدي شعار نائب الرئيس حتى لا يصبح مندسا.

تلك الصورة كانت صادمة وصارخة، ومع هذا يمكن لك تبريرها إن عرفت أن تخصصه يتداخل مع العلوم الإنسانية “السياسة”، وأنه في أحايين كثيرة تفرض الجماهير المتعصبة على الزعيم أن يكون متطرفا مثلها، أو هو ـ أي الزعيم ـ يستغل موقفا ما ليثبت ولاءه إذ يقدم نفسه متطرفا كباقي المتعصبين، لتهتف له الجماهير بصفته زعيمها.

هذه الصورة القديمة والمدفونة تحت ركام صور كثيرة، استحضرتها الذاكرة بالأمس القريب، وأنا أتابع غضب الدكتور بعد مباراة الأهلي والاتفاق، وهو يطل من نافذة التلفزيون إذ وضع شريط تحت اسمه “محلل فني”، فيما أفكاره التي يقدمها متسقة ومتناغمة مع أي عاشق ومتعصب غاضب من هزيمة فريقه، فيطالب هذا المتعصب بإقالة مدرب الفريق “التشيكي ياروليم” الذي أكتشف أنه مفلس، بعد أن كان قبل أسابيع يصفه بالداهية والخبير والعبقري الذي أخرج المنافس من بطولة آسيا.

هو أيضا ـ أي المتعصب ـ وبعد أن يحمل المسؤولية كاملة لمدرب فريقه، يصب جام غضبه على اللاعبين أيضا، قبل أن يطالب من الإدارة بإحداث زلزال وتغييرات كبيرة في اللاعبين.

هو كذلك وبسبب غضبه يهاجم كل شيء فنيا وإداريا وربما لو أخطأ الحكم لما سلم منه أيضا، فقضية المتعصب هنا ليست الإصلاح بقدر ما هي محاولة لقذف كل غضبه ليهدأ.

بين الصورة القديمة والصورة الجديدة للدكتور “عبدالرزاق”، مازلت حائرا في تفسيري، وهل الدكتور ما هو إلا متعصب يشبه باقي متعصبي الأندية، أم هو وبصفته أحد زعماء النادي يستغل الموقف، فالجماهير غاضبة بعد الهزيمة، وتريد من يفرغ غضبها بأن يردد ما تقوله في لحظات الغضب تلك، ليهتفوا له “ينصر دينك”؟

ولكن ماذا عن طلابه في الجامعة، وكيف يمكن له أن يعلمهم بأن القرارات الخاصة أو العملية أو السياسية إن صدرت في لحظات الغضب ستكون كوارثية على أسرته ـ مهنته ـ دولته، وأن على الإنسان ألا يبت بأي قضية مهما كان حجمها وهو تحت تأثير انفعالاته النفسية؟

ألن يتمتم تلاميذه فيما بينهم: علم نفسك يا دكتور؟