المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ][ خطبة الجمعة بـ عنوان " غدر اليهود " ][



خــــالـــــد
17-02-2006, 09:57 AM
الخطبة الأولى


الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وعدَ بالنصر من ينصره بإقامة دينه وإعلاء قوله وجعل لذلك النصر أسبابا ليشمر إليها من أراده من خلقه ( وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* )الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)(الحج:40-41) وأشهدُ أن لا اله ألا الله وحده لا شريك له؛ له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوثُ رحمةً للعالمين وقدوةً للعاملين وحجةً على من أرسله الله إليهم أجمعين صلى الله عليه وعلى آله واصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يومِ الدين وسلم تسليما..



أما بعد..

أيها المسلمون فلقد سمعتم قول الله عز وجل )وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* )الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)(الحج:40-41) فإذا سعي الناس بعد النصر في هذه الأمور أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهو عن المنكر كان نصرهم نصرا في محله كانوا مستحقين للنصر أما إذا كانوا بعد النصر على خلاف ذلك فأضاعوا الصلاة ومنعوا الزكاة واستهانوا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بل قاموا ضد من يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر فإن هذا النصر لن يكون في محله ولكنه واستدراج من الله عز وجل لعقوبة تكون أشد وأنكى مما قبلها أيها المسلمون إنه يجب علينا بعد أن من الله علينا بإطفاء الفتنة ولم تتأثر بلادنا بها كما تأثر بها كثير من البلاد إن الواجب علينا بعد ذلك أن نرجع إلى الله عز وجل أن نقيم الصلاة وأن نؤتي الزكاة وأن نأمر بالمعروف وأن ننهي عن المنكر وأن نساعد الدعاة بقدر ما نستطيع لأن الله عز وجل يقول في كتابه : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104) أمر الله هذه الأمة أن يكون منها من هذه صفقاتهم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وهذا الخطاب موجه لجميع المسلمين أيها المسلمون أن يقيموا منهم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون إن الواجب علينا أن نكون جميعا دعاة إلى الخير دعاة إلى الله هادين لعباد الله إلى شريعة الله عز وجل إننا علينا جميعا إن نكون آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر بقدر ما نستطيع فإن لم يكن ذلك فلا أقل من أن نساعد الداعين إلى الله وأن نساعد الآمرين بالمعروف و الناهين عن المنكر لنكون بذلك أمة ؛ أمة ممتثلة لأمر الله عز وجل مستحقة للنصر فيما مضي مستحقة للنصر فيما يستقبل أما إذا أعرضنا عن هذا الأمر الإلهي (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (آل عمران:104) فإننا جديرون بأن يحل بنا عذاب أشد من الأول وانكي واعظم اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممتثلين لأمرك قائمين بالدعوة إليك آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر مساعدين من يقوم بذلك لأن الذين يقومون بذلك ممثلون للأمة كافة قائمون بفرض كفاية على الأقل أيها المسلمون إن علينا أيضا أن نحذر من أعدائنا من اليهود والنصارى فإن اليهود والنصارى بعضهم أولياء بعض فإن اليهود والنصارى بعضهم أولياء بعض يتناصرون فيما بينهم على دين الإسلام (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (الصف:8) أيها المسلمون أن اليهود أمة خائنة غدارة منذ كانت في أول هذه الأمة وإلى أن تقوم القيامة وإذا كان النصارى أولياء لهم فإنهم سيكونون مثلهم أيها المسلمون في هذا الشهر شهر شوال من السنةِ الخامسةِ من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة إحدى قبائلِ اليهود التي كانت تسكنُ المدينة أبان هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليها وهم ثلاثُ طوائف بنو قينقاع وبنو النضيرِ وبنو قريظة قدمت هذه القبائل اليهودية من الشامِ إلى المدينةَ لأن المدينة هي البلدة التي ينطبق عليها وصفُ مُهاجَرَ النبي صلى الله عليه وسلم الذي كانوا يجدونَ صفتهِ في التوراة على التي أنزلت على موسى نبيهم صلى الله عليه وسلم فسكنوا المدينة انتظارا لهذا النبي ليتبعوا لأنهم) الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)(لأعراف: من الآية157) ولكنهم انتقضت عزائمهم وتغيرت أحوالهم حينما جدَ الجِد وبعثَ النبي صلى الله عليه وسلم لأنه بعث من بني إسماعيل ولم يبعث من بني إسرائيل وهم يعلمون ذلك ويعرفونه كما يعرفون أبنائهم ولكن لما وقع الأمر أصابهم الحسد فلم يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم إلا القليل منهم مثل عبد الله بن سلام رضي الله عنه، ولما قَدِمَ النبي صلى الله عليه وسلم المدينة عقدَ معهم عهد أمان (ألا يحاربهم ولا يخرجهم من ديارهم وأن ينصروه إن دهمهم عدوٌ بالمدينة ولا يعينوا عليه أحدا) ولكن اليهود وهم أهل الغدر والخيانة نكثوا ذلك العهد خيانة وحسداً فقد نقضت كل قبيلة عهدها إثر كلِ غزوة كبيرة يغزوها النبي صلى الله عليه وسلم فإثر غزوة بدر وهي في السنة الثانية من الهجرة أظهر بنو قينقاع العدواة والبغضاء للمسلمين واعتدوا على امرأة من الأنصار فدعى النبي صلى الله عليه وسلم كبارهم وحذرهم من عاقبة الغدر والخيانةِ والبغي ولكن ردوا عليه ابشع رد فقالوا ( لا يغرنك من قومكَ ما لقيت يعنون قريشا في بدر فإنهم قوم ليسوا بأهل حرب يعنون قريشا ولو لقيتنا لعلمت أننا نحن الناس ) وكانت هذه القبيلة حلفاءَ للخزرج فقام عبادة بن الصامت الخزرجى رضى الله عنه فتبرأ من حلفهم ولايةً لله ورسوله وعداءً لأعداء الله ورسوله لأنه مؤمن بالله ورسوله وكل من آمن بالله ورسوله فسوف يتبرأ من أعداء الله ورسوله أما عبد الله بن أبي الخزرجى رأس المنافقين فإنه لنفاقه وكفره باطناً تشبثَ بمحالفة هؤلاء اليهود ودافعَ عنهم وقال إني أخشى الدوائر فأبطنَ اليهود الشر وتحصنوا بحصونهم فحاصرهمُ النبي صلى الله عليه وسلم بضعَ عشرة ليلة حتى نزلوا على حكمة فهمَّ بقتلهم ولكن استقر الأمر بعد ذلك على أن يجلوا من المدينة بأنفسهم وذريتهم ونسائهم ويَدعُوا أموالهم غنيمةً للمسلمين فجلوا إلى أذر عات في الشام وكان ذلك في ذي القعدة سنة اثنتين من الهجرة ، وإثر غزوة أحد نكث بنو النضير العهد وكانت غزوة أحد في السنة الثالثة من الهجرة في شوال فنكثت بنو النضير العهد الذي بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم فبينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسواقهم مع بعض أصحابه تآمروا على قتله وقال بعضهم لبعض إنكم لن تجدوا هذا الرجلَ على مثل حالهِ هذه فانتدب أحدهم إلى أن يصعد على إحدى سطوح بيوتهم فيلقى على النبي صلى الله عليه وسلم صخرةً من فوقها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم الخبر من الله عز وجل فرجع فورا إلى المدينة وأرسل إلى اليهود يخبرهم بنكثهم العهد ويأمرهم بالخروج من جوارهِ وبلده فتهيأ القوم للرحيل لعلمهم بما جرى لإخوانهم بني قينقاع ولكن المنافقين الذين نافقوا بعثوا إليهم يحرضونهم على البقاء ويعدونهم بالنُصرة ويقولون (لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ) فاغتر اليهود بهذا الوعد من أهل النفاق ومتى صدقَ الوعد أهل النفاق ؟ وقد قال الله عنهم (ِوَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ*لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) (الحشر11-12) اغتر اليهود بهذا الوعد الكاذب الذي شهد الله تعالى بكذبه فلم ينصاعوا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالرحيل فبقوا في مساكنهم فتهيأ النبي صلى الله عليه وسلم لقتالهم وحصارهم في ديارهم فقذفَ الله في قلوبهم الرعب فطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يكفَ عن دمائهم ويجليهم على أن لهم ما حملت إبلهم من الأموال إلا السلاح فأجابهم إلى ذلك فخرجوا من بيوتهم بعد أن اخربوها حسداً للمسلمين أن يسكنها أحد منهم من بعدهم (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)(الحشر: من الآية2) ثم تفرقوا فمنهم من ذهبَ إلى الشام ومنهم من إستوطن خيبر ومازال ألمُ هذه النكبة في قلوبهم حتى ذهب جمعٌ من أشرافهم إلى مشركي العربِ من قريش وغيرهم يحرضونهم على حرب النبي صلى الله عليه وسلم ويعدونهم النصرة فتألفت فتألبت الأحزاب من قريش وغيرهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتمعوا لقتاله في نحو عشرةِ آلاف مقاتل حتى حاصروا المدينة في شوال سنة خمس من الهجرة وانتهز حُيى بن اخطب وهو من رؤساء بني النضير هذه الفرصة واتصل ببنى قريظة الذين في المدينة من اليهود وحَسّنَ لهم نقضُ العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ومازال بهم حتى أجابوه إلى ذلك فنقضوا العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم وهم آخر القبائل في المدينة من اليهود الناقضينَ معاهدة النبي صلى الله عليه وسلم فلما هزمَ الله الأحزاب ورجعَوا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفي الله المؤمنين القتال بما أرسل على عدوهم من الجنود والريح العظيمة الباردة التي زلزلت بهم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ووضع السلاح فأتاه جبريل فقال قد وضعت السلاح والله ما وضعناه فاخرج إليهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى أين فأشار جبريل إلى بنو قريظة فانتدب النبي صلى الله عليه وسلم وندبَ أصحابه للخروج إلى بني قريظة فخرجوا وحاصروا اليهود نحو خمسٍ وعشرينَ ليلة فطلبوا اليهود من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزلوا على ما نزل عليه إخوانهم من بني النضير من الجلاء بالأموال وترك السلاح فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وكانت بنو قريظة حلفاء للاوس فجاءَ حلفاؤهم من الأوسِ إلى النبي صلى الله عليه وسلم يكلمونه فيهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (أفلا ترضون على أن ينزلوا على حكم رجلٍ منكم قالوا: بلى فقال: النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إلى سعدُ بن معاذ وكان سعد ابن معاذ رضي الله عنه نه سيد الأوس وقد أصيب في أكحله في غزوة الأحزاب فضربَ النبي صلى الله عليه وسلم عليه خيمةً في المسجد ليعوده من قريب وقد قال سعد رضى الله عنه حين سمعَ نقض العهد من بنى قريظة ( اللهم لا تخرج نفسي حتى تُغرَ عيني من بنى قريظة) فجيء بسعد من خيمته في المسجد راكباً على حمار فلما نزل عند النبي صلى الله عليه وسلم قال له قال له النبي صلى الله عليه وسلم اُحكم فيهم يا سعد فالتفت إليهم سعد فقال لهم عليكم عهد الله وميثاقه إن الحكمُ إلا ما حكمت ُ؟ قالوا نعم فالتقت إلى الجهة التي فيها رسول صلى الله عليه وسلم وهو غاضٌ طرفهُ إجلالا لرسول الله صلي الله عليه وسلم فقال وعلى من هاهنا فقالوا نعم فقال رضي الله عنه : (أحكم أن تقتلَ الرجال وتسبى النساءُ والذرية وتقسم الأموال) أيها المسلمون انظروا إلي هذا الحكم من الرجل الذي كان حليفا لهؤلاء اليهود لم تأخذه في الله لومه لائم وقد أجاب الله دعوته فأقر عينه ببني قريظة أقر عينه بذلك حتى صار هو الحكم فيهم فرضي الله عنه وأرضاه رضي الله عنه وعن أمثاله الذين لا تأخذهم في الله لومه لائم قال رضي الله عنه : (أحكم أن تقتلَ الرجال وتسبى النساءُ والذرية وتقسم الأموال) فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة) يعنى سبع سماوات وبهذا تحققت دعوة سعد رضى الله عنه حيث جعله الله الحكم في بني قريظة وبهذا الحكم العدل الموافق لحكم الله قتل المقاتلون منهم وكانوا ما بين سبعمائة إلى ثمانمائة رجل وسبيت النساء والذرية أيها المسلمون هذه قصة وقعت لليهود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو إمام هذه الأمة ومع ذلك لم يتأخروا عن غدره والخيانة به وهم أهل غدرٍ وخيانة وما زال اليهود أيها المسلمون أهل غدر وخيانة وبهت وكذب لا يؤمن مكرهم ولا يوثق عهدهم ولقد شهد عليهم عبد الله بن سلام رضى الله عنه وكان من أحبارهم شهد عليهم حين اسلم انهم قوم بهت ، أيها المسلمون انه لا يمكن أن ننتصر عليهم ولا أن ننتصر على غيرهم من النصارى والمنافقين إلا بالتمسك بدين الله ظاهرا وباطنا عقيدة وعملا قولا وفعلا توبة إلى الله توبة مبنية على الإخلاص وعلى الرجوع إلى الله عز وجل رجوعا حقيقيا فاتقوا الله عباد الله اتقوا الله وأطيعوا الله ورسوله وكونوا مع الصادقين واعلموا إنكم إنما حييتم لتعبدوا الله عز وجل ثم لتموتوا ثم لتجزون بأعمالكم والله ما خلد أحد في هذه الدنيا كما قال الله عز وجل : (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ) (الانبياء:34) فماذا تنتظرون أيها المسلمون ماذا تنتظرون بالتوبة والرجوع إلى الله وإصلاح العمل بعد أن أزال الله عليكم غمة شديدة كان البعض منكم لا ينام إلا قلقا فاحمدوا الله واشكروه وارجعوا إلى ربكم أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة آمرو بالمعروف أنهوا عن المنكر أعينوا من قام بذلك أعينوه أعانة معنوية وإعانة حسية بقدر ما تستطيعون ولقد ساء ني جدا إن بعض الناس لا يقومون مع الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر إذا هم قاموا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بل إن بعض الناس كما بلغني ولا سيما من أهل السوق يكونون ضدهم ويلفقوا عليهم الدعاوى الباطلة فليتقي الله هؤلاء قبل أن تحل بهم عقوبة الله عز وجل وليعلموا أن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته فليتقوا الله إن كانوا مؤمنين اللهم إنا نسألك أن تعيننا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فإستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضي وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الحمد في الآخرة والأولي وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المجتبى وخليله المصطفي صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليما كثيرا


الخطبة الثانية


أيها المسلمون اتقوا الله تعالى اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة وها هنا نوعين من أنواع الظلم يستعمله كثير من الناس أما النوع الأول فهو المماطلة فهو المطالبة بحقوق الناس بها فإن بعض الناس يماطلون من لهم الحق فلا يبادرون بالوفاء مع أنهم أغنياء حال ليس بمؤجل حرام عليهم لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (مطل الغني ظلم ) وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الظلم ظلمات يوم القيامة ويا عجبا لهؤلاء؛ لهؤلاء الذين يماطلون بغير حق عجبا لهم أيظن هؤلاء أنهم لن يوفوا إذا ماطلوا ؟ كلا إنهم سيوفون ولا بد إذا فما الذي يجعلهم يماطلون بالحقوق ما داموا سيوفونها كاملة سواء تأخروا أم لا إنهم إذا ماطلوا بذلك فإنما يزدادون إثما ومعصية ويزدادون ظلما يوم القيامة كما قال صلى الله عليه وسلم إن كل ساعة تمر بهم بل كل دقيقة بكل كل لحظة لا يزدادون بها إلا إثما وظلما فعليهم أن يتقوا الله عز وجل وان يبادروا بقضاء حقوق الناس ولا يماطلوا بها مع وجوبها أما النوع الثاني فهو اعتداء الكفلاء على مكفوليهم الفقراء الذين جاءوا من بلادهم وتركوا أوطانهم وأهليهم وديارهم من أجل لغمة العيش ومع هذا فإن بعض الكفلاء يماطلونهم بحقوقهم ويؤذونهم ويشدون عليهم ويستأجرونهم لعمل ثم يستعملونهم في غيره مما هو أشق منه وهذا حرام عليهم ولا يحل لهم وليتقي الله هؤلاء وليعرفوا أنهم لو كانوا في منزلة هؤلاء المكفولين لرأوا أن من الظلم الفادح أن يماطل كفيلهم بحقوقهم فليتقوا الله عز وجل وليؤدوا حقوق العمال إليهم على الوجه الذي عقدوا معهم عليه ولا يخلفوه فيخالفوا نظام الدولة وإن بعض الناس يتفق معهم على العقد الذي سمحت به الدولة ثم إذا جاءوا إلى البلاد عقد معهم عقدا آخر مخالفا لما يقتضيه النظام وهذا حرام عليهم لأن الواجب على الإنسان إذا واجه الحكومة بعقد أن يجري ما بينه وبين العمال على الوجه الذي واجه الحكومة به ولا يحل له أن يغير منه شيئا إلا بعد إذن الحكومة في ذلك وبشرط آخر وهو أن يكون التغيير موافقا للشرع ومن المخالفات التي تخالف الشرع أن بعض الناس يأتي بعمال ثم يدعهم يعملون مع الناس ويشترط عليهم شيئا معين كل شهر فيقول مثلا إذهب وأتني كل شهر بخمسمائة بثلاثمائة بأقل من ذلك أو أكثر وهذا حرام لا يحل لان وهذا العامل ربما لا يكسب شيئا في هذا الشهر وربما لا يكسب مقدار ما فرضه عليه الكفيل وربما يكسب شيئا كثيرا فهو من الميسر والغرر الذي حرمته الشريعة الإسلامية فاتقوا الله عباد الله اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة إنكم الآن تستطيعون بسلطتكم أن تفعلوا ما تمليه أهوائكم عليه ولكنكم يوم القيامة لا تسطيعون أن تفروا من عدل الله عز وجل فإن الله سبحانه وتعالى يقضي للمظلوم من الظالم يوم القيامة بالأخذ من حسنات الظالم حتى تفني وإذا فنيت أخذ من سيئات المظلومين فطرح عليه ثم طرح في النار فاتقوا الله عباد الله لا تغرنكم الحياة الدنيا لا يغرنكم بالله الغرور لا تغرنكم هذه السعة لا تغرنكم هذه الصحة لا يغرنكم هذا الأمن فإن كل شيء سوف يزول ولا يبقي إلا العمل الصالح أسأل الله تعالى أن يرزقكيني تقواه ظاهرا وباطنا واعلموا أيها المسلمون أن خير الحديث كتابُ الله وخير الهدى هديُ محمداً صلى الله عليه وسلم وشرَ الأمور محدثاتها وكلُ محدثةٌ في دينِ الله بدعةٍ وكلُ بدعةٍ ضلالة وكل ضلالةٍ في النار فعليكم بالجماعة عليكم بالجماعة عليكم بالجماعة أتدرون ما هي الجماعة ؛ الجماعة أن تجتمعوا على دين الله ولا تتفرقوا فيه أن تكونوا كلكم دعاة للخير آمرون بالمعروف ناهين عن المنكر يكمل بعضكم بعضا ويصف بعضكم لأخيه عيبه حتى يزيله فإن المؤمن مرآة أخيه هذه هي الجماعة الاجتماع على دين الله وعدم التفرق فيه ومن ذلك الاجتماع على أشرف العبادات بعد الشهادتين وهي الصلاةِ الاجتماع عليها في المساجد فإن صلاة الجماعة في المساجد فريضة قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار ) عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ؛ شذ في النار واعلموا أن الله أمركمُ بأمر بدأه بنفسه فقال جل من قائلٍ عليما )إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) فأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم يعظم الله لكم بها أجرا فإن من صلي عليه مرة واحدة صلي الله عليه بها عشرا اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطناً اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جناتِ النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرض عن خلفائه الراشدين وعن زوجاته أمهات المؤمنين وعن الصحابه أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرض عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا ربَ العالمين اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم من كان من ولاة أمور المسلمين مستقيما على شرعك ناصحا لعبادك سائرا فيهم بما يرضيك فأيده في ذلك وثبته وانصره على من ناوأه يا رب العالمين ومن كان من ولاة أمور المسلمين على غير ذلك فأهده إلى الحق أو أبدلهم بخير منه يا رب العالمين اللهم أصلح لولاة أمور المسلمين بطانتهم اللهم أصلح لولاة أمور المسلمين بطانتهم اللهم هيئ لهم بطانة صالحة تدلهم على الخير وتحثهم عليه وتبين لهم الشر وتحذرهم منه يا رب العالمين اللهم ابعد عن ولاة أمور المسلمين كل بطانة سوء اللهم ابعد عن ولاة أمور المسلمين كل بطانة سوء يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم والفوز بالجنة والنجاة من النار يا رب العالمين اللهم اجعلنا أمة قائمة بأمرك مستعينة بك يا رب العالمين اللهم وفقنا لما تحب وترضي ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم ،يقول الله تعالى : (وَالْعَصْرِ*إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ*إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر:1-3) .





أخوكم/خالد

(* الوفـاء طبعي *)
17-02-2006, 11:32 AM
جزاك الله خيرآآ أخوي خالد
على الجهود المبذوله من قبلك

خــــالـــــد
17-02-2006, 01:35 PM
الوفاء طبعي
.
.

الله يعطيك العافية على مرورك

والله يكتب أجرك لـ حضوركـ هنــا

لا عدمنــاك




أخوكـ/خالد

أُمنية
17-02-2006, 02:39 PM
جزاك الله الف الف خير
وجعله الله في موازين حسناتك

خــــالـــــد
17-02-2006, 05:39 PM
أمنية

.
.

الله يجزاك خير أختي

ولا حرمنا الله تواصلك

شاكر لك ومقدر لك

تحيتي



أخوكـ/خالد

مشاعر حالمه
17-02-2006, 07:56 PM
خالـــد...


ماشالله عليك ...


مجهود رائع جداً ..عساك قوي اخوي ..


تحيتي لك / مشاعر حالمه ...

خــــالـــــد
17-02-2006, 09:06 PM
مشاعر حالمة

.
.

الله يعطيك العافية على الحضور الكريم

ولا تحرمينا تواجدك الثريّ ..

دمتِ




أخوكـ/خالد

خــــالـــــد
17-02-2006, 09:08 PM
مشاعر حالمة

.
.

الله يعطيك العافية على الحضور الكريم

ولا تحرمينا تواجدك الثريّ ..

دمتِ




أخوكـ/خالد

الدكتور عبدالله آل سفر
18-02-2006, 01:49 PM
خالد



يعطيك الف عافيه



الله يجعل ما تقوم به نافع لك يوم الحساب

(*)~سدوومة~(*)
18-02-2006, 04:30 PM
جزاكــ الله خير اخوي الكريم

خــــــــــــــــالد

وبارك الله فيكــ خطبه رائعه ...

وجعل ما نقلته لنا في موازيين اعمالك

تقبل خالص شكري لك

خــــالـــــد
19-02-2006, 05:33 AM
أبو ريماس
.
.

حياك الله أخوي

وشكراً لك ولـ تواصلك الكريم ..

لا عدمنا طلاتك الجميلة




أخوكـ/خالد

خــــالـــــد
19-02-2006, 05:34 AM
سدوومـة
.
.

الله يعطيك العافية أختي ..

وجزاك الله خير على حضورك

لا تحرمينا مرورك الراائع كـ عادتك

دمتِ في رعاية الله




أخوكـ/خالد

راعي الونة
19-02-2006, 03:05 PM
أخي الكريم / خـــالد

خطبةٌ رائعة

وموضوعٌ مهم

بارك الله فيك

وجزاك الله الخير العظيم

س / من هو الخطيب ؟

س / وأين هي الخطبة ؟

خــــالـــــد
19-02-2006, 03:10 PM
راعي الونة
.
.

الله يعطيكـ العافية أخوي الغااالي

وأتمنى أن تكون الفائدة عمّت على الجميع

شاكر لك حضورك

الخطبة أخذتها من موقع الشيخ بن عثيمين




أخوكـ/خالد

خيال مآتا
20-02-2006, 03:10 PM
يعطيك العافية

ويجعله ربي في موازين حسناتكـ

خــــالـــــد
20-02-2006, 08:50 PM
خيال مآتـا

.
.

الله يعطيكـ العافية أختي

حضورك يشرفني

وردك يسعدني

لا عدمناك



أخوكـ/خالد