المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (المالئون للعام الهجري بالبدع) للشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العنقري حفظه الله



أهــل الحـديث
17-11-2012, 12:41 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


المالئون للعام الهجري بالبدع



الناظر في حال الناس اليوم يرى بشاعة ما انتشر فيهم من البدع التي لا أصل لها في دين الله .
وقد ربط كثير من مروّجي هذه البدع بدعَهم بمكان أو زمان خصُّوه بخاصية لم ينزل الله بها من سلطان , مما جعل هذه البدع تترسخ عند حلول مناسبتها الزمانية أو الحلول بمواضعها المكانية .
وقد عظم أهل البدع أماكنهم المحدَثة بأنواع من التعظيم المتفاوت في شدته , بدءاً من التمسح المجرد , رجاء حصول البَرَكة المزعومة للمكان , وانتهاءً بالشرك الصريح الذي صُرفت معه العبادة لتلك الأماكن , بدعوى وجود (سِرٍّ) مُعيَّن فيها , تستجيب لأجله لمن طاف بها أو ذبح أو نذر لها .
ووصل الحال بالمُبْطلين من مروّجي الشرك بتلك الأماكن أن صنَّفوا كتباَ في (حج المشاهد) حيث جعلوا قبور مَن يُعظِّمونهم تُحجّ كما يُحجّ البيت العتيق .
وكما تنتشر في الناس البدعُ المكانية فإن البدع الزمانية تنتشر فيهم أيضا , وتُصحَب بجملة من الممارسات التي تبدأ مع أول يوم في العام الهجري , حيث تقام الاحتفالات ببدء العام , مروراً بالضلالات والسخافات التي يمارسها الشيعة في العاشر من المحرم , بإظهار النياحة وقبيح الأقوال والأفعال , بدعوى الحزن على قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما .
ويقابل الشيعة في بدعهم المربوطة بعاشوراء , بدعة النواصب , المظهرين الفرحَ والسرور في عاشوراء , جاعلين ذلك اليوم عيدًا .
وقل مثل هذا في البدع المحدَثة في شهر صفر , حيث جعله أهل الجهالة شهر التشاؤم الذي لا يجترئون أن يقيموا فيه زواجاً , لأنه شهر شؤم بزعمهم , مع ما وطَّنوا عليه أنفسهم من الاستعداد التام لكل بلية فيه .
وهكذا شهر ربيع الأول , يقيم كثيرون فيه احتفالا اخترعوه بمولد النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الثاني عشر , جاعلين ذلك عيداً سنوياً , أسموه (عيد المولد النبوي)!
وهكذا أشهر أخرى , كرجب وما أحدثوا فيه من البدع التي لا أصل , باختراع العبادات الرجبية التي خصوا بها هذا الشهر , مما لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم, ومما أحدثوا فيه بدعة الاحتفال بالإسراء والمعراج الذي يقيمون لأجله احتفالات , كتلك الاحتفالات بالمولد النبوي .
وهكذا يسترسلون في بدعهم الزمانية المتوالية ـ وهي كثيرة جدّا ـ حتى يصلوا إلى آخر العام , ليجعلوا فيه جملة من الممارسات التي أحدثوها , بدعوى رفع عمل ذلك العام في آخر يوم منه , ولذلك تكثر المطالبة بالصفح عن الأخطاء ومراجعة الحسابات قبل طي صحيفة العام , مع أن هذا مما لا أصل له ولم يرد في النصوص ما يدل على ما زعموه , والأعمال تعرض على الله كل يوم إثنين وخميس كما روى مسلم في صحيحه (2565) ولم يرد في النصوص مايدل على تخصيص آخر العام بعمل , فإن المؤمن في مسيره إلى الله مربوط بأعمالٍ شُرع له التقرب بها دون تخصيص بيوم أو شهر , إلا مادل الدليل الصحيح على تخصيصه , والواجب تقوى الله والكف عن إحداث هذه البدع التي ملئ بها العام من أول يوم فيه إلى آخر يوم , مما تسبب في إشغال الناس عن السنن الثابتة التي ينبغي بأهل الإسلام أن يعتنوا بها وأن يحيوها , فقد مات شيء كثير من السنن الثابتة بمزاحمة هذه البدع لها , وفق ما بينه ابن عباس رضي الله عنهما بقوله : "ما يأتي على الناس عام إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا سُنّة حتى تحيى البدع وتموت السنن" رواه اللالكائي 125
ولو لم يكن في إحداث هذه البدع من المفاسد إلا هذا لكان كافيا في بيان خبثها وقبيح آثارها , فكيف وقد تضمنت البدع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم من الضلالة الموصلة إلى النار , مع ما أدت إليه من توهين الأمة وجعلها فِرَقا متناحرة بعد أن كانت جماعة واحدة متآلفة , مستهدية بهدي نبيها صلى الله عليه وسلم مجانبة للبدع والضلالات , فجمع الله شملها ووحَّد صفَّها .
فعلى أهل العلم أن تتظافر جهودهم لإعادة هذه الأمة إلى ما كانت عليه زمن سلفها , وذلك يستدعي دوام التنبيه على مواضع الخلل المنتشر في الأمة , وبخاصة ذلك الخلل العقدي البشع الذي لن يقوم للأمة قائمة حتى تتعافى منه .
وعلى إخواننا و أخواتنا مرتادي هذه الشبكة أن يحرصوا قدر المستطاع على نشر كلام أهل العلم في أمتهم , فإن الدعوة إلى الله كما تكون على يد أهل العلم , فإن غيرهم من عموم المسلمين قادر على الإسهام في الدعوة إلى الله , بنشر كلام أهل العلم المنضبطين على السنة المجانبين للبدعة . ومَن وُفّق لنشر هذا العلم فإن له بإذن الله جزيل الثواب , سواء أعَمِل الناس بما نشر فيهم أو لا , لأن مَن انتفع بما نُشِر وعمل به فأمر الثواب فيه ظاهر , حيث نفعَه الله بجهد أخيه فهداه الله بما وصل إليه من الحق , ومن لم يعمل فإن ثواب إقامة الحجة عليه لن يفوت بحمد الله , لأن قطع العذر وإقامة الحجة مطلب شرعي , وهو من أعظم الأعمال الصالحة , والله لم يكلفنا بهداية قلوب الناس , ولكنه كلفنا بالإبلاغ , فعلينا أن تعلو هممنا وأن نسعى إلى تسخير هذه الشبكة بما يملأ الموازين غدا بالحسنات , وذلك حاصل لمن وفقه الله لإخلاص نيته ونشر الحق والتحذير من الباطل , جعلنا الله جميعا من دعاة الحق , الذابين عن السنة , الداحضين للبدعة , مخلصين لله القصد , وما توفيقنا إلا بالله تعالى وحده .

http://www.al-angarie.com/news-35.html