جواهر عبدالله
06-02-2006, 03:13 AM
http://www.uplod.yaglby.com/files/Sulieman1-1139198417.gif
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نزلت سورة يوسف بين عام الحزن وبين العقبة الأولى .. وعدد آياتها [ 111 ] آية
تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم حتى لا ييأس
فيوسف مر بأحوال عجيبة وفتن .. واحدة من هذه الفتن .. كم ظل بسببها أمم !!
لم تمر على يوسف محنةُُ واحدة .. بل محنُُ متتالية ومتعددة .. مختلفة .. وفي النهاية المُلكـ
فكأن دلالتها : يا محمد ، ما تُلاقيه من بلاء وشدة أنت وأصحابكـ ستكون نهايته كنهاية البلاء الذي مر به يوسف ..
والآن ، الأمة دخلت مرحلة عظيمة جداً لا تزال في بدايتها
بعض النفوس دخلها شيء من اليأس ، والاستعجال
وسورة يوسف كما كانت فأل وعلاج لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فهي كذلكـ لنا أمل وفأل ، وحسن ظن بالله تعالى ..
وسأسرد لكم بإذن الله في كل مرة آية أو آيتين من سورة يوسف ، مع ذكر الأحداث ، والفوائد والإعجاز الأسلوبي فيها .. لنخرج في النهاية بفوائد جمة وعظيمة .. ومعرفة تامة لأحداث قصة يوسف التي أشكلت على الكثير .. والآن مع الآيات الأولى من السورة :
http://membres.lycos.fr/saad4351/pic/laceframebar.jpg
" الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ "
http://membres.lycos.fr/saad4351/pic/laceframebar.jpg
لماذا سمي العقل عقلاً ؟
لأنه يعقل صاحبه عن التصرفات التي لا تنبغي
وما أحوج الأمة الآن إلى فهم دلالة العقل وآثاره .. الذي ميز الله به بين الإنسان والحيوان
العقل نحتاجه دائماً ، وبالصفة الخاصة في هذا الزمن
لأننا نرى تصرفات حقيقةً تفتقر إلى العقل ، ونرى استعجال
تركيب منطقي وعقلي لمواجهة المشكلات :
العاطفة ، العقل ، الشرع
ليس بينهما تعارض إطلاقاً
الجسم الذي يفقد العاطفة أشبه ما يكون متبلد !
العاطفة تخضع للعقل ، والعقل يخضع للشرع
العاطفة مهمة ، والعقل لا يُستغنى عنه ، والشرع هو الأساس
إذا واجهكـ أمر عاطفي أعده إلى العقل
وهل إذا دلني عقلي إلى شيء أُنفذ ؟
لا ..
بل أعده إلى الشرع .
مثال عملي :
قبل نزول آية الملاعنة ، الرجل الذي يرى الرجل مع زوجته ..
قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ( إن دخل أحدكم على أهله ووجد ما يريبه أشهد أربعاً ) ، فقام سعد بن معاذ متأثراً فقال : يا رسول الله : أأدخل على أهلي فأجد ما يريبني، أنتظر حتى أشهد أربعاً لا والذي بعثك بالحق !! إن رأيت ما يريبني في أهلي لأطيحن بالرأس عن الجسد ولأضربن بالسيف غير مصفح وليفعل الله بي بعد ذلكـ ما يشاء ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( أتعجبون من غيرة سعد !! والله لأنا أغير منه ، والله أغير مني ... الحديث )
بعض العلماء يستدل بهذا الحديث أنه ثناء على سعد
والحقيقة هذا نقص في الفهم ، ونقص في العلم
لا شكـ أن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى عليه في أنه غيور .. ولا شكـ أن سعد أهلُ للثناء
لكن النبي صلى الله عليه وسلم هنا أعطى ملحق
نعم ، هو غيور .. لكنه أخطأ في هذا الموضع
فالرسول صلى الله عليه وسلم هو المُبلغ عن الله ، والرسول أغيّر من سعد ، والله أغيّر من الرسول ، وهو الذي أمر بهذا .
فغيرة سعد في هذا الموضع خطأ .
يقول ابن تيمية : هذا الحديث فيه تنبيه مع غيرة سعد ، لكن في هذا الموضع لا .
هنا إلتزام الشرع في هذه الحالة ، لا العاطفة ، ولا العقل
فالشرع يقول : لا ، لا يقتله .
وجاء بعد ذلكـ آية الملاعنة ، والحكم فيها أنه لا يقتل زوجته
والذين اعتمدوا على عقولهم بعيداً عن الشرع انحرفوا ، كالمعتزلة
فالعقل يكمُل بمؤثرات ، وينقص بمؤثرات
وقيل بلوغ تمام العقل في سن الأربعين
فالتجارب والعلم تُكمل العقل ، والصحبة تؤثر في العقل
إذاً العقل يخضع لمؤثرات إما إيجابية أو سلبية
والقصة التي يذكرها الله في قصة يوسف مما يُكمل العقل
" لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ "
أي سنذكر لكم هذه القصة لإكمال بناء عقولكم .
http://membres.lycos.fr/saad4351/pic/laceframebar.jpg
الإعجاز البياني :
في أول هذه السورة ، يصف الله تعالى القرآن بـ " الكتاب المبين"
والمبين لغة من : أبان ، أي أظهر وأوضح . ضدها أخفى وستر ووصف القرآن في مطلع سورة يوسف بـ " المبين " أمر في غاية الدّقة ومنتهى البلاغة .
في علم البلاغة هنالكـ ما يسميه البلاغيون ( براعة الاستهلال )
وهو أن يذكر الإنسان في أوّل كلامه ما يشير إلى غرضه من الكلام ليكون ابتداء كلامه دالاً على انتهائه .
وقد جاء وصف الكتاب بـ " المبين " في مطلع سورة يوسف إشارة إلى أن قصة يوسف ( موضوع السورة ) تقوم على مبدأ الإبانة ، والإظهار، والكشف .
وهذا معناه وجود أمر خفيٍّ غير ظاهر ولا مكشوف سيزول عنه ستار الغموض ليبدو ويُستحضر من التغييب ليكون حاضراً بادياً للعيان .
وسنعرض أحداث قصة يوسف عليه السلام بإذن الله في مراحلها المختلفة ومواقفها المتباينة
حتى نتبيّن قضية ( الإخفاء والإبانة ) التي يقوم عليها البناء القصصي في سورة يوسف عليه السلام
والتي أشارت إليها ، في براعة ودقة ، كلمة " المبين " .
http://membres.lycos.fr/saad4351/pic/laceframebar.jpg
وفي المرة القادمة بإذن الله لنا وقفة مع آية :
" نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ "
* جزى الله الأستاذ سليمان الفردوس الأعلى من الجنة على تصاميمه .
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نزلت سورة يوسف بين عام الحزن وبين العقبة الأولى .. وعدد آياتها [ 111 ] آية
تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم حتى لا ييأس
فيوسف مر بأحوال عجيبة وفتن .. واحدة من هذه الفتن .. كم ظل بسببها أمم !!
لم تمر على يوسف محنةُُ واحدة .. بل محنُُ متتالية ومتعددة .. مختلفة .. وفي النهاية المُلكـ
فكأن دلالتها : يا محمد ، ما تُلاقيه من بلاء وشدة أنت وأصحابكـ ستكون نهايته كنهاية البلاء الذي مر به يوسف ..
والآن ، الأمة دخلت مرحلة عظيمة جداً لا تزال في بدايتها
بعض النفوس دخلها شيء من اليأس ، والاستعجال
وسورة يوسف كما كانت فأل وعلاج لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فهي كذلكـ لنا أمل وفأل ، وحسن ظن بالله تعالى ..
وسأسرد لكم بإذن الله في كل مرة آية أو آيتين من سورة يوسف ، مع ذكر الأحداث ، والفوائد والإعجاز الأسلوبي فيها .. لنخرج في النهاية بفوائد جمة وعظيمة .. ومعرفة تامة لأحداث قصة يوسف التي أشكلت على الكثير .. والآن مع الآيات الأولى من السورة :
http://membres.lycos.fr/saad4351/pic/laceframebar.jpg
" الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ "
http://membres.lycos.fr/saad4351/pic/laceframebar.jpg
لماذا سمي العقل عقلاً ؟
لأنه يعقل صاحبه عن التصرفات التي لا تنبغي
وما أحوج الأمة الآن إلى فهم دلالة العقل وآثاره .. الذي ميز الله به بين الإنسان والحيوان
العقل نحتاجه دائماً ، وبالصفة الخاصة في هذا الزمن
لأننا نرى تصرفات حقيقةً تفتقر إلى العقل ، ونرى استعجال
تركيب منطقي وعقلي لمواجهة المشكلات :
العاطفة ، العقل ، الشرع
ليس بينهما تعارض إطلاقاً
الجسم الذي يفقد العاطفة أشبه ما يكون متبلد !
العاطفة تخضع للعقل ، والعقل يخضع للشرع
العاطفة مهمة ، والعقل لا يُستغنى عنه ، والشرع هو الأساس
إذا واجهكـ أمر عاطفي أعده إلى العقل
وهل إذا دلني عقلي إلى شيء أُنفذ ؟
لا ..
بل أعده إلى الشرع .
مثال عملي :
قبل نزول آية الملاعنة ، الرجل الذي يرى الرجل مع زوجته ..
قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ( إن دخل أحدكم على أهله ووجد ما يريبه أشهد أربعاً ) ، فقام سعد بن معاذ متأثراً فقال : يا رسول الله : أأدخل على أهلي فأجد ما يريبني، أنتظر حتى أشهد أربعاً لا والذي بعثك بالحق !! إن رأيت ما يريبني في أهلي لأطيحن بالرأس عن الجسد ولأضربن بالسيف غير مصفح وليفعل الله بي بعد ذلكـ ما يشاء ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( أتعجبون من غيرة سعد !! والله لأنا أغير منه ، والله أغير مني ... الحديث )
بعض العلماء يستدل بهذا الحديث أنه ثناء على سعد
والحقيقة هذا نقص في الفهم ، ونقص في العلم
لا شكـ أن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى عليه في أنه غيور .. ولا شكـ أن سعد أهلُ للثناء
لكن النبي صلى الله عليه وسلم هنا أعطى ملحق
نعم ، هو غيور .. لكنه أخطأ في هذا الموضع
فالرسول صلى الله عليه وسلم هو المُبلغ عن الله ، والرسول أغيّر من سعد ، والله أغيّر من الرسول ، وهو الذي أمر بهذا .
فغيرة سعد في هذا الموضع خطأ .
يقول ابن تيمية : هذا الحديث فيه تنبيه مع غيرة سعد ، لكن في هذا الموضع لا .
هنا إلتزام الشرع في هذه الحالة ، لا العاطفة ، ولا العقل
فالشرع يقول : لا ، لا يقتله .
وجاء بعد ذلكـ آية الملاعنة ، والحكم فيها أنه لا يقتل زوجته
والذين اعتمدوا على عقولهم بعيداً عن الشرع انحرفوا ، كالمعتزلة
فالعقل يكمُل بمؤثرات ، وينقص بمؤثرات
وقيل بلوغ تمام العقل في سن الأربعين
فالتجارب والعلم تُكمل العقل ، والصحبة تؤثر في العقل
إذاً العقل يخضع لمؤثرات إما إيجابية أو سلبية
والقصة التي يذكرها الله في قصة يوسف مما يُكمل العقل
" لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ "
أي سنذكر لكم هذه القصة لإكمال بناء عقولكم .
http://membres.lycos.fr/saad4351/pic/laceframebar.jpg
الإعجاز البياني :
في أول هذه السورة ، يصف الله تعالى القرآن بـ " الكتاب المبين"
والمبين لغة من : أبان ، أي أظهر وأوضح . ضدها أخفى وستر ووصف القرآن في مطلع سورة يوسف بـ " المبين " أمر في غاية الدّقة ومنتهى البلاغة .
في علم البلاغة هنالكـ ما يسميه البلاغيون ( براعة الاستهلال )
وهو أن يذكر الإنسان في أوّل كلامه ما يشير إلى غرضه من الكلام ليكون ابتداء كلامه دالاً على انتهائه .
وقد جاء وصف الكتاب بـ " المبين " في مطلع سورة يوسف إشارة إلى أن قصة يوسف ( موضوع السورة ) تقوم على مبدأ الإبانة ، والإظهار، والكشف .
وهذا معناه وجود أمر خفيٍّ غير ظاهر ولا مكشوف سيزول عنه ستار الغموض ليبدو ويُستحضر من التغييب ليكون حاضراً بادياً للعيان .
وسنعرض أحداث قصة يوسف عليه السلام بإذن الله في مراحلها المختلفة ومواقفها المتباينة
حتى نتبيّن قضية ( الإخفاء والإبانة ) التي يقوم عليها البناء القصصي في سورة يوسف عليه السلام
والتي أشارت إليها ، في براعة ودقة ، كلمة " المبين " .
http://membres.lycos.fr/saad4351/pic/laceframebar.jpg
وفي المرة القادمة بإذن الله لنا وقفة مع آية :
" نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ "
* جزى الله الأستاذ سليمان الفردوس الأعلى من الجنة على تصاميمه .