المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [ نَفْثَةُ مَصْدُورٍ ]



أهــل الحـديث
10-11-2012, 01:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بئسَ الصاحبُ أنتَ عندما ترى أخاك محزوناً كئيباً كسيفَ البالِ فَتَغُضَّ الطرفَ عنه كأنَّك لم تَرَ شيئاً ؛ لزعمكَ أنَّ ما أهمَّه قد يكونُ أمرٌ تافهٌ . بئسَ الصاحبُ أنتَ عندما يُأَمِّلُ أخوك فيك أملاً ويظنُّ فيك ظنًّا فتخيّبُ أَمَلَهُ ولا تحقّق ظنّه . بئسَ الصاحبُ أنتَ إذا ظَنَنْتَ يوماً أَنَّ الأفضلَ لنا حتى نكونَ أصحاباً أوفياءَ ألا نجلسَ في مكان واحد سَوِيّاً ؛ وما علمتَ أن الأُخُوّةَ إنما تدومُ مع البُعْدِ إذا كان اضطراريًّا ، بل تزيد حينها. أما إذا كان اختياريًّا ، وكان كلٌّ يختار البعد حتى لا يحدُث ما يعكِّرُ الصفوَ أثناءَ اللقاء - فهو في الحقيقة اختيارٌ للفراق بدون أن تشعر ، وستبدي لك الأيامُ حينها أنّك خُدِعْتَ وأنَّ الشيطانَ قد أَعْمَلَ فيكُمَا حِيلَتَهُ وفرَّقَكُمَا بعد طُولِ وِصَالٍ ؛ وحينها لا تقدرُ على العودة إلى الوصال ، وإن قَدَرْتَ على ذلك – ولن تَقْدِرَ – فإني أضمنُ لك ألا تكونَ العلاقةُ حينها كما كانتْ أيامَ الصفاءِ ، بل غايةُ ما تكون اتصالٌ صُوري من كلا الطرفين إرضاءً لنفسٍ عَلِمَتْ عِلْمَ يقينٍ أنها خُدِعَتْ ووقعتْ في مصيدةٍ من مصائدِ الشيطان وَتَرَكَتِ الصديقَ الذي لها بدون عذرٍ أَوْ مبرّرٍ؛ اللهم إلا خديعةُ نفسٍ لمْ تعلمْ حقوقَ الأُخوّة، ولم تعلم أّنّ الأخ الذي يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه - في هذا الوقت - أعزّ مِنَ الكبريت الأحمر؛ فَظَنّتْ مُخْطِئةً أنها إنْ تَرَكَتْ واحداً فَسُرْعَانَ ما تَجِدُ غيرَه ؛ وهذا مما أَمْلاهُ لَهَا شيطانُها ، وَظَنّتْ أيضاً أَنَّ العيبَ الذي أَبْصَرَتْهُ مِنْ صديقِها عَيْبٌ لا يمكنُ لها التغاضِي عنه . وهيهات فَمَنْ لَكَ بِأَخيكَ كُلِّهِ ؟!! ولكنَّكَ جعلتَ عيبي لديكَ القَشَّةَ التي قصمتْ ظهرَ البعير ، ووالله إنَّ هذا الذي اطلعتَ عليه مني لا يعدُّ عيباً مقارنةٍ بما ستره الله عليّ ، فلماذا تَتَعَنَّى ؟!! فلا يكنْ صديقُكَ كطعامك ؛ لا تَقْرَبْهُ إلا إِذَا وضعتَ عليه المتبّلات والمشهّيات ؛ فإنّ الصديقَ لا يؤكلُ إلا منْ لئيمِ الطبعِ . وإنما صديقُكَ مثلُ ثوبِكَ يسترُ عورتَكَ، ويقيك الحَرَّ والقَرَّ ، ويكونُ لك زينةً بين الناس ؛ فَحَاذِرْ عليه أَنْ يَتَمَزَّق ، وتعاهدْهُ بالتنظيفِ إذا اتسخ ، ولا تخلعْهُ عنك ؛ فلربما لا تَلْقَى ثوباً آخر يَسَعُكَ فتعيشَ عارياً ، وربما وَجَدْتَهُ شفّافاً فيكسوكَ زوراً وأنتَ عَارٍ حقيقةً، فَتَمَسّكْ بالذي لا يصف ولا يَشِفّ وإن كان فيه بعض الاتساخ .


والسلام ،،،