تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إن الذنوب تنقضي لذتها،وتبقى تبعتها!



أهــل الحـديث
04-11-2012, 06:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


أيها الأحبة هذه مقالة جديدة بعنوان "إن الذنوب تنقضي لذتها وتبقى تبعتها! " لشيخنا أبي عبد الله حمزة النائلي (حفظه الله) ، نسأل الله أن ينفعني وإياكم بها
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الذنوب تنقضي لذتها،وتبقى تبعتها!
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين ، نبينا محمد و على آله، و صحبه أجمعين.
أما بعد :
إن الله جل جلاله أمر العباد بطاعته ونهاهم عن معصيته،لأن في ارتكاب المعاصي تعدي على حدوده و تجرأ على محارمه سبحانه وإفساد في الأرض بعد إصلاحها،وقد نهانا جل وعلا عن ذلك فقال:(ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها)[ الأعراف :56]
قال الإمام البغوي –رحمه الله- : " أي لا تفسدوا فيها بالمعاصي، والدعاء إلى غير طاعة الله، بعد إصلاح الله إياها ببعث الرسل وبيان الشريعة والدعاء إلى طاعة الله". تفسير البغوي ( 2 / 166)
لكن كثيرا من الخلق لم يمتثلوا أمره ولم يجتنبوا نهيه فعصوه سبحانه، فاقترفوا السيئات وجاهروا بالمحرمات وأفسدوا في البر والبحر و الجو بالمنكرات ، قال تعالى: (ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ) [الروم :41]
أولم يدرك هؤلاء ! أن المعاصي كانت سببا في إهلاك من كان قبلهم ، وتدمير بيوتهم بالقذف والخسف و الغرق!
قال تعالى: (فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) [ العنكبوت :40]
مع أن هؤلاء قد منحهم الله بسطة في الجسم وقوة في البدن! إلا أنهم بدَّلوا ذلك كفرا وجحدا بأنعم الله جل جلاله، وكذبوا بالرسل واستهزءوا برسالاتهم! واحتقروا واستنقصوا من آمن بهم واتبع هديهم!؛ فأذاقهم الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يعملون؛ فقوم عاد مثلا قالوا: من أشد منا قوة؟! فأهلكهم الله تعالى: (بريح صرصر عاتية (6)سخرها عليهم سبع ليل وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية )[الحاقة: 6 - 7] ، و ثمود بعدهم ،كانوا ينحتون من الجبال بيوتاً فارهين فأهلكهم الله بالصيحة (فأصبحوا في ديارهم جاثمين)[هود: 67]
فما بالنا ونحن أضعف منهم قوة ، و أقل بطشاً، لا نخشى أن يُصيبنا ما أصابهم؟!والله المستعان .
أيها الأحبة إن للمعاصي و الذنوب عقوبات عاجلة و آجلة تحل بصحابها و العياذ بالله، إذا لم يبادر بالتوبة إلى الله و الرجوع عنها ، يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله- : ( أن المعصية سبب لهوان العبد على ربه وسقوطه من عينه، قال الحسن البصري: "هانوا عليه فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم"،وإذا هان العبد على الله لم يكرمه أحد كما قال الله تعالى (ومن يهن الله فماله من مكرم )[ الحج :18]، وإن عظمهم الناس في الظاهر لحاجتهم إليهم، أو خوفا من شرهم، فهم في قلوبهم أحقر شيء وأهونه، ومنها أن العبد لا يزال يرتكب الذنب حتى يهون عليه ويصغر في قلبه، وذلك علامة الهلاك فإن الذنب كلما صغر في عين العبد عظم عند الله، وقد ذكر البخاري (5949) في صحيحه عن ابن مسعود –رضي الله عنه- قال:"إن المؤمن يري ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا فطار "...، ومنها أن المعصية تورث الذل ولا بد فان العز كل العز في طاعة الله تعالى قال تعالى (من كان يريد العزة فلله العزة جميعا) [فاطر :10] أي : فليطلبها بطاعة الله فإنه لا يجدها إلا بطاعة الله...". الجواب الكافي (ص 38)
أيها الكرام إن مما يُحزن كل مؤمن محب للطاعات وغيور على انتهاك حرمات رب الأرض و السماوات، أن يرى تضييع كثير من المسلمين لما افترض عليهم من عبادات و بالأخص الصلوات!، وأن يشاهد الربا و الغش بينهم في كثير من المعاملات!،وأن يرى بعض النساء المسلمات تركن حجابهن الشرعي و الحشمة،وأصبحن كاسيات عاريات،يزاحمن الرجال
في الأسواق و الطرقات!، وأن يرى شباب ونساء المسلمين بدل أن يتبعوا هدي نبي رحمة صلى الله عليه وسلم ونساءه أمهات المؤمنين الطاهرات يقلدوا الكفار و الممثلين و الممثلات !، و أن تُصبح أصوات المعازف مرتفعة في البيوت و السيارات بدل كلام رب البريات !
فبالله عليكم كيف يَهابنا أعداء الدين؟! وكيف ننتصر عليهم ؟! وهذه المعاصي ترتكب جهارا ونهارا بين المسلمين! ولا حول ولا قوة إلا بالله رب العالمين.
فعلينا إذا أردنا النصر والتمكين التوبة و الرجوع إلى رب العالمين وأن نطيعه و لا نعصيه و نمتثل أوامره ونبتعد عن نواهيه، ونأمر بالطاعات و ننهى عن المنكرات ، قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) [ محمد :7]
قال الشيخ السعدي –رحمه الله- :" هذا أمر منه تعالى للمؤمنين، أن ينصروا الله بالقيام بدينه،والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله ، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبت أقدامهم، أي : يربط على قلوبهم بالصبر والطمأنينة والثبات،ويصبر أجسادهم على ذلك ، ويعينهم على أعدائهم ، فهذا وعد من كريم صادق الوعد ، أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه، وييسر له أسباب النصر من الثبات وغيره ".تفسير السعدي (ص 785)
فما أحوجنا أيها الكرام لملء قلوبنا بالخوف من الله جل جلاله، فالقلب ما دام مستشعرا روح الخوف من الله فإنه يظل عامرا بالإيمان و اليقين مبتعدا عن الكبر و العجب و الرياء و الحسد وسائر المعاصي و المنكرات
فالله أسأل بأسمائه الحسنى و صفاته العليا أن يردَّنا و المسلمين إلى دينه، ويُوفقنا لاتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويُجنبنا البدع و المعاصي وسائر الشرور ، فهو سبحانه ولي ذلك و القادر عليه .
وصلِّ اللهم و سلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أبو عبد الله حمزة النايلي