المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخوف من البشر سبيل الإنهزام



أهــل الحـديث
04-11-2012, 08:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




الخوف من البشر سبيل الإنهزام
بسم الله الرحمن الرحيم


أيها المسلم.. إعلم أن الذي يثبت في المعركة ليسوا ضخام الأجسام والأقدام إن الذي يثبّت الأقدام في اللقاء والخطوب هي القلوب ، القلوب المؤمنة الصادقة التي امتلأت بحب الله وامتلأت شوقاً إلى لقاءه فهذه القلوب هي التي تصنع الأبطال وتحيا بها الأجيال هذي القلوب هي التي صنعت لنا المواقف وهي التي صنعت لنا التاريخ ....فتاريخنا ...مواقفنا.....يوم بدر يوم قال سعد بن معاذ سيد الأوس لرسول الله ((فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلف منا واحد وما نكره أن نلقى عدونا غدا إنا لصبر عند الحرب صدق عند اللقاء ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله))
تاريخنا يوم وقف ابو بكر يوم الردة قائلاً (فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي(صفحة العنق) أو لينفذن الله أمره )،

ومثلها كثير مواقف صنعها الرجال الذين لا يهابون المنايا ولا تهدّ من عزيمتهم رزايا يخشاهم العدو على بعد شهر يخرج أحدهم فيهجم على العدو لوحده وآخر يُرمى خلف حصن العدو بكمال عقله ورشده لله درهم من رجال أبرار ومجاهدين أحرار ((من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ))

الضّاربون الهامَ في رَهَج الوغى والسُّمْرُ تُلطخ بالنّجيع وتُخضَبُ
والهاجمون على المنيّة دارَها وقلوبُهم كالصَّخر لا تتهيَّبُ



وقال ابن الحباب الأغلبي



... ومن عجب أن السيوف لديهم ... تحيض دماءا والسيوف ذكور
وأعجب من ذا أنها في اكفهم ... تأجج نارا والأكف بحور

أخي المسلم فمن هذا الذي تخافه ؟ ومن هذا الذي تخشاه ؟ أليس هو الذي لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعا أوَليس هو الذي حوله وقوته من عند الله وبيد الله ألسنا القائلين (لا حول ولا قوة إلا بالله ) أليس هو الذي ناصيته بيد الله يتصرف فيه كيف يشاء ((ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم))

أليس هو الذي قال الله فيه ((وما تشاءون إلا أن يشاء الله)) فهذا الذي تخافه وتخشاه !، حتى يضرك ويؤذيك فإن أمامه عقبات وعقبات شروط وموانع حتى يتم له ما يريد إذ ليس هناك سبب مستقل بالتأثير لوحده في هذا الملكوت المخلوق ولو استجمع الشروط كلها وانتفت موانعه فالأمر متعلق بمشيئة الله ، فما شاء الله كان ولو لم يشأ الناس وما لم يشأ الله لم يكن ولو شاء الناس . وأن الشيء الوحيد المستقل بالتأثير لوحده في هذا الكون هي مشيئة من يقول للشيء كن فيكون.
وفي هذا كفاية لأن لا يُخاف إلا الله ولا يرجى إلا هو. فمن مُليء قلبه خوفاً من أن يناله مكروه أو عذاب فنكص على عقبيه فأبعده الله ومن ناله عذاب فنكص وارتد ولم يستحضر عذاب الله فأبعده الله.
( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ)(العنكبوت: من الآية10)
يقول ابن كثير((يقول تعالى مخبرا عن صفات قوم من المكذبين الذين يدعون الإيمان بألسنتهم ولم يثبت الإيمان في قلوبهم بأنهم إذا جاءتهم محنة وفتنة في الدنيا اعتقدوا أن هذا من نقمة الله تعالى بهم فارتدوا عن الإسلام ....قال ابن عباس يعني فتنته أن يرتد عن دينه إذا أوذي في الله.))التفسير ج3/ص406
ويقول السعدي (( أن من الناس فريقا لا صبر لهم على المحن ولا ثبات لهم على بعض الزلازل فقال ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله بضرب أو أخذ مال أو تعيير ليرتد عن دينه وليراجع الباطل جعل فتنة الناس كعذاب الله أي يجعلها صادة له عن الإيمان والثبات عليه كما أن العذاب صاد عما هو سببه )) تفسير السعدي ج1/ص627
قال تعالى((ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وأن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ))

وهذا بخلاف المؤمن، يقول ابن القيم (( أن المؤمن إذا أوذي في الله فإنه محمول عنه بحسب طاعته وإخلاصه ووجود حقائق الإيمان في قلبه حتى يحمل عنه من الأذى ما لو كان شيء منه على غيره لعجز عن حمله وهذا من دفع الله عن عبده المؤمن فإنه يدفع عنه كثيرا من البلاء وإذا كان لا بد له من شيء منه دفع عنه ثقله ومؤنته ومشقته وتبعته )) إغاثة اللهفان ج2/ص188
بعث القائد المسلم قتيبة بن مسلم الباهلي رسله إلى ملك الصين ليقولوا له إما أن تُسلم فتَسلم وإلا فالحرب وأن تعضكم السيوف فكان من جواب ملك الصين أن قال لرسل قتيبة ((انصرفوا إلى صاحبكم يعني قتيبة وقولوا له ينصرف راجعا عن بلادي فإني قد عرفت حرصه وقلة أصحابه وإلا بعثت إليكم من يهلككم عن آخركم فقال له هبيرة (أمير الرسل) تقول لقتيبة هذا فكيف يكون قليل الأصحاب من أول خيله في بلادك وآخرها في منابت الزيتون وكيف يكون حريصا من خلف الدنيا قادرا عليها وغزاك في بلادك وأما تخويفك إيانا بالقتل فإنا نعلم أن لنا أجلا إذا حضر فأكرمها عندنا القتل فلسنا نكرهه ولا نخافه فقال الملك بعد أن سمع هذا الكلام وقوة اللهجة والجنان : فما الذي يرضي صاحبكم فقال قد حلف أنه لا ينصرف حتى يطأ أرضك ويختم ملوكك ويجبي الجزية من بلادك فقال أنا أبر يمينه وأخرجه منها أرسل إليه بتراب من أرضى وأربع غلمان من ابناء الملوك وأرسل إليه ذهبا كثيرا وحريرا وثيابا صينية لا تقوّم ولا يُدرى قدرها ثم جرت لهم معه مقاولات كثيرة ثم اتفق الحال على أن بعث صحافا من ذهب متسعة فيها تراب من أرضه ليطأه قتيبة وبعث بجماعة من أولاده وأولاد الملوك ليختم رقابهم وبعث بمال جزيل ليبر بيمين قتيبة وقيل أنه بعث أربعمائة من أولاده وأولاد الملوك فلما انتهى إلى قتيبة ما أرسله ملك الصين قبل ذلك منه ))