المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سبب الخذﻻن



أهــل الحـديث
31-10-2012, 05:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


أسباب الخذﻻن
سبب الخذﻻن عدم صﻻحية المحل وأهليته وقبوله للنعمة بحيث لو وافته النعم لقال هذا لي ، وإنما أوتيته ﻷني أهله ومستحقه ، كما قال تعالى : : (( قال إنما أوتيته على علم عندي )) ، أي على علم علمه الله عندي أستحق به ذلك وأستوجبه وأستأهله .
قال الفراء : إي على فضل عندي أني كنت أهله ومستحقا له إذ أعطيته .
وقال مقاتل : يقول على خير علمه الله عندي .
وذكر عبد الله بن الحارث بن نوفل بن سليمان بن داود ( النبي) فيما أوتي من الملك ، ثم قرأ قوله تعالى :((هذا من فضل ربي ليبلوني أشكر أم أكفر )) ولم يقل هذا من كرامتي ثم ذكر قارون وقوله (( إنما أوتيته على علم عندي )) يعني أن سليمان رأى ما أوتيه من فضل الله عليه ومنته وأنه ابتلي به ف ( شكره ) ، وقارون رأى ذلك من نفسه واستحقاقه . وكذلك قوله سبحانه: (( ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليلن هذا لي )) أي أنا أهله وحقيق به فاختصاصي به كا ختصاص المالك بملكه .
والمؤمن يرى ذلك ملكا لربه ، وفضﻻ منه من به على عبده من غير استحقاق منه ، يل صدقة تصدق بها على عبده ، وله أن ﻻ يتصدق بها . فلو منعه إياها لم يكن قد منعه شيئا هو.له يستحقه عليه . فإذ لم يشهد ذلك ، رأى فيه أهﻻ ومستحقا ، فأعجبته نفسه ، وطغت بالنعمة ، وعلت بها ، واستطالت على غيرها ، فكان حظها منها الفرح والفخر ، كما قال تعالى :)) ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤوس كفور ، ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور )) فذمه باليأس والكفر عند الإمتحان والإبتﻻء ، وبالفرح والفخر عند الابتﻻء بالنعماء . واستبدل بحمد الله وشكره والثناء عليه إذ كشف عنه البﻻء قوله : ذهب السيئات عني ، ولو أنه قال أذهب الله السيئات عني ، ولو أنه قال : أذهب الله السيئات عني برحمة ومنه لما ذم على ذلك ، بل كان محمودا عليه ، ولكنه غفل عن المنعم بكشفها ونسب الذهاب إليها وفرح وافتخر .
فإذا هلم الله سبحانه هذا من قلب ا عبد ، فذلك من أعظم أسباب خذﻻنه وتخلبه عنه ؛ فإن محله ﻻ تناسبه النعمة المطلقة التامة ، كما قال تعالى :(( إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين ﻻ يعقلون ، ولو علم الله فيهم خيرا ﻷسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون )) ،؛ فأخبر سبحانه أن محلهم غير قابل لنعمته ، ومع عدم القبول ﻹيهم مانع آخر يمنع وصوله إليهم ، وهو توليهم وإعراضهم إذا عرفوها وتحققوها .
ومما ينبغي أن يعلم أن أسباب الخذﻻن مع بقاء النفي على ما خلقت عليه في الأصل وإخمالها وتخليتها ، فأسباب الخذﻻن منها وفيها ، وأسباب التوفيق من جعل الله سبحانه لها قابلة للنعمة .
فأسباب التوفيق منه ، ومن فضله ، وهو الخالق لهذه وهذه ، كما خلق أجزاء الأرض : هذه قابلة للنبات ، وهذه غير قابلة له ؛ وخلق الشجر : هذه تقبل الثمر الثمرة ، وهذه ﻻ تقبلها ؛ وخلق النحلة قابلة ﻷن يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه ، والزنبور غير قابل لذلك . وخلق الأرواح الطيبة قابلة لذكره وشكره وحجته وإجﻻله وتعظيمه وتوحيده ونصيحة عباده ، وخلق الأرواح الخبيثة غير قابلة لذلك
بل ضده ، وهو الحكيم العليم .
هذا نقلته من كﻻم الشيخ ابن القيم الجوزية في كتابه الفوائد